انخفضت أسهم الشركات غير المرتبطة بالذكاء الاصطناعي على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بشكل طفيف هذا العام.
لكن داخل هذا السوق الجانبي الذي لا يعتمد على الذكاء الاصطناعي هناك قصص نجاح كبيرة، وأبرز هذه النجاحات هو الارتفاع الكبير الذي حققته أسهم شركات السلع الاستهلاكية الكبيرة والمستقرة هذا العام، أو ما يمكن وصفه بالأسهم الكبيرة المملة.
لم تتمكن جميع هذه الشركات من التفوق على الزيادة التي حققها مؤشر ستاندرد آند بورز 500 البالغة 16 % منذ بداية العام حتى الآن. لكن مقارنة بسوق مسطحة لا تتعلق بالذكاء الاصطناعي، فقد حقق البعض أداءً جيداً للغاية.
ويعد الأداء لافتاً بشكل خاص بالنظر إلى أن العديد من هذه الشركات لم تزد إيراداتها بقدر وتيرة التضخم في السنوات الأخيرة (كيمبرلي كلارك وألتريا)، ومن المتوقع أن تحقق ثلاث منها فقط (كوستكو، وول مارت، وكولجيت) نمواً في الأرباح من رقمين خلال العامين المقبلين.
والبحث عن الصفقات ليس هو الموضوع هنا، فقد بدأت كل من كوستكو ووول مارت وكولجيت وبروكتر آند غامبل وتشيرش آند دوايت العام بقيم سوقية أعلى بكثير من متوسط السوق، ويهتم المستثمرون كثيراً بالاستقرار غير الدوري للأسهم الأساسية عندما لا يتابعون قصص الذكاء الاصطناعي. فما هو تفسير ذلك إذن؟
ما يهم في النصف الأول، هو أنه عندما تكتب ألف كلمة عن التمويل كل يوم عمل، تصبح الأمور ضبابية بعض الشيء. وأشعر أحياناً كأنني كلود فريدريكس (الشاعر والكاتب الأمريكي) في مجال التمويل، إذ احتفظ بمذكرات لا نهاية لها حول أبرز الأحداث في يوم معين، وكلها مشكوك في أهميتها على المدى الطويل.
لكن خلال النشرات الإخبارية بالنصف الأول من العام، وجدت بعض الموضوعات تفرض نفسها بالفعل مراراً وتكراراً، وتشعر أنها ذات مغزى. ومنها بالضرورة: صعود فقاعة الذكاء الاصطناعي.
نعلم أن الذكاء الاصطناعي ونماذج اللغة الكبيرة ستكون تقنيات مهمة للغاية، لكن ما لا نعرفه هو كيف ستبدوا الأعمال التجارية المبنية حولها، وكيف ستتغير الديناميكيات التنافسية، ومن سيكونون الرابحين والخاسرين؟
وقد قررت السوق أن الأرباح ستكون مرتفعة وأن الفائزين الكبار في هذه الثورة التكنولوجية سيكونون الفائزين الكبار أنفسهم في الثورة الأخيرة (أبل وألفابت وأمازون وميتا ومايكروسوفت) إضافة إلى الشركة الرائدة حالياً في سوق رقائق وحدة معالجة الرسومات «إنفيديا».
ثمة منطق في ذلك، فهذه الشركات تتمتع بالقوة الاقتصادية وقاعدة العملاء والقدرة الحاسوبية التي تمكنها من منع المنافسين الناشئين من النجاح، ولكن أموراً ما قد تحدث.
وقد يكون العجز المالي وتدفقات رأس المال هما العاملان الرئيسيان وراء السوق الصاعدة لمدة طويلة. وعادة ما نعتقد أن قيمة سوق الأسهم مدفوعة في النهاية بوكلاء عقلانيين يقومون ببناء محافظ استثمارية مثالية لتخزين مدخراتهم فيه.
وكتفسير ثانٍ، فإننا غالباً ما نلجأ إلى السياسة النقدية، ولكن قد تكون الحقيقة هي أن الإنفاق بالاستدانة ورأس المال اليائس من دخول أمريكا (وغالباً ما يكون هذان الأمران وجهين لعملة واحدة) كانا أكبر محركين لكل من نمو الأرباح والتوسع في التقييمات.
وهناك الاستثنائية الأمريكية، فقد كانت التجارة الأكبر والأفضل في السنوات الخمس عشرة الماضية أو نحو ذلك هي شراء الأسهم الأمريكية والاحتفاظ بها، بغض النظر عن الأصول، فما الذي أدى إلى حدوث ذلك، وكم من الوقت يمكن أن يستمر؟
كذلك تعد بيانات الوظائف هي الأهم، إنها رفاهية أمريكية فريدة من نوعها، حيث نعاني وفرة في البيانات الاقتصادية، وليس ندرتها، لكن يكمن التحدي في تحديد ما يجب التركيز عليه وما يجب اعتباره حشواً. وعندما يتطلب الأمر بوصلة لتوجيهنا، وذلك بالنسبة للمهتمين بشكل أساسي بالأسواق، وبالتالي بأمور مثل الدورات الاقتصادية والركود، فإن هذه البوصلة هي سوق العمل.
ورغم صمود الاقتصاد الأمريكي في مواجهة السياسة النقدية الأكثر تشدداً، إلا أن هناك ألماً حقيقياً تعاني منه الأسر الأفقر والأكثر مديونية. وهذا أمر مهم على مستويات عدة.
فبالإضافة إلى عدم القدرة على تحمل تكاليف السكن الباهظة، فإنه يساعد في تفسير سبب بقاء ثقة المستهلكين منخفضة في ظل اقتصاد قوي بشكل عام، كما يشير إلى أن السياسة النقدية قد تؤثر سلباً على باقي قطاعات الاقتصاد في نهاية المطاف.
من ناحية أخرى، لا تزال العوائد المرتفعة لفئة الأصول الحالية، الائتمان الخاص، غير مفهومة جيداً. وعلى غرار الأسهم الخاصة، من المنطقي أن تحقق استثمارات الائتمان الخاص المدارة جيداً عوائد طويلة الأجل أعلى قليلاً من عوائد العامة، لأنها لا تخضع لتقلبات الأسواق العامة. لكن، هل يتم امتصاص هذه العوائد المرتفعة من خلال الرسوم المرتفعة؟ هل يمكنها الصمود في وجه تدفق الأصول الهائل إلى الصناعة؟
وهل سمحت الدورة الائتمانية الطويلة والمستقرة للصناديق المدارة بشكل أقل كفاءة بإخفاء المخاطر الكبيرة، ما يؤدي إلى توليد ما يمكن اعتباره عوائد «وهمية» ستختفي عند عودة مخاطر الائتمان؟ ما زال لدينا الكثير لنتعلمه.