شركات الاستحواذ الجديدة ذات الأغراض الخاصة تستعيد التوازن

يصطف المستثمرون والمصرفيون لجمع مليارات الدولارات لشركات الاستحواذ الجديدة ذات الأغراض الخاصة، في تحدٍ لتوقعات زوال هذه الفئة من الأصول، بعد سلسلة من الفضائح والقيود التنظيمية الصارمة.

وتجمع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، والتي اشتهرت باسم «شركات الشيكات على بياض»، الأموال من خلال طرح عام أولي قبل البحث عن شركة للاستحواذ عليها. ووفقاً لشركة «ديالوجيك» شهدت عمليات جمع الأموال تحسناً بطيئاً هذا العام، حيث ارتفعت بنحو 20% خلال عام 2023، لتصل إلى 3.1 مليارات دولار، ويتوقع الخبراء باكتساب النشاط زخماً.

ومنذ بداية يونيو تقدمت أكثر من 20 شركة استحواذ ذات أغراض خاصة بطلبات للاكتتاب العام الأولى، مستهدفة جمع 4.3 مليارات دولار، وهذا على النقيض من جمع 1.8 مليار دولار فقط، خلال النصف الثاني بأكمله من عام 2023.

وقالت تينا باباس، المديرة التنفيذية لدى بنك «جيفريس»، التي تشرف على أعمال شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة داخل البنك: إن هناك تقبلاً قوياً من مستثمري الاكتتاب العام الأولي لهذه الشركات، وأعتقد أن الوقت مناسب لمؤسسي شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، خاصة تلك التي حققت نجاحاً مسبقاً. وأضافت: «قد لا نرى المستويات نفسها، التي شهدناها عام 2021، لكني أتوقع أن تتسارع وتيرة الاكتتابات العامة الأولية لهذه الشركات، خلال بقية العام الجاري والعام المقبل».

وخلال جائحة كورونا اكتسبت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة شعبية كبيرة، حيث شجع انخفاض سعر الفائدة، وارتفاع أسعار الأسهم على تغذية طلب المستثمرين، ودفع هذان السببان مئات الشركات الناشئة على الاندماج مع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة كوسيلة لطرح أسهمها للاكتتاب العام بسرعة، وبتكلفة أقل، مقارنة بالاكتتابات العامة الأولية التقليدية. ورغم ذلك انهارت عمليات جمع الأموال بعد عام 2021، بسبب مزيج من ارتفاع سعر الفائدة، وضعف أداء العديد من الشركات المندمجة.

ودفعت الطفرة والكساد اللاحق هيئة الأوراق المالية والبورصات لإعلان سلسلة من اللوائح الجديدة، رغم أن نسخة اللوائح النهائية خففت من بعض المقترحات محل الخلاف الأكبر.

ويؤكد المؤيدون أنه على الصناعة بذل جهود مضنية لكسب ثقة الشركات والمستثمرين المتشككين، لكنهم يعتقدون أنهم سيستفيدون من تراجع الاكتتابات العامة الأولية التقليدية، وبدء السوق في اكتساب زخم بعد تباطؤ طويل.

وقال جيمي فانغ، مدير العمليات لدى شركة «إكسبلورر أكويزيشنز»، وهي شركة راعية لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة: إن هناك أكثر من 1300 شركة يونيكورن (يزيد رأسمالها على مليار دولار)، وطريق الخروج مغلق (جمع الأموال من الاكتتابات العامة الأولية، أو عمليات الدمج والاستحواذ الاستراتيجية)، حتى في أشرس أسواق الاكتتابات العامة الأولية الخاصة بمجال التكنولوجيا، من غير المرجح رؤية أكثر من 150 طرحاً عاماً أولياً خلال عام واحد، فماذا سيحدث لبقية الشركات؟ أنا لا أقول إن شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة ستملأ الفجوة بالكامل، لكنها بالتأكيد قادرة على ملء جزء كبير منها.

وتخطط شركة «إكسبلورر» لجمع الأموال لشركة استحواذ ذات أغراض خاصة جديدة في الربع الرابع من عام 2024، أو الربع الأول من عام 2025. وعوضاً عن استهداف المؤسسين المعروفين الذين يستهدفون قطاعات عالية المضاربة، مثل سيارات الأجرة الطائرة وسياحة الفضاء، فإن أغلب الصفقات الجديدة يقودها جهات إصدار متكررة ومتخصصة تبحث عن شركات أكثر استقراراً، ولديها رغبة في طرح أسهمها للاكتتاب العام، لكنها قد تواجه صعوبة في إحداث تأثير داخل سوق متخمة بالمتنافسين.

وقال راج شاه، مدير محفظة لدى شركة «ستويك بوينت كابيتال مانجمنت»، إن إحياء الشركات الأقل جاذبية، التي تدرج أسهمها عبر شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، قد يخلق فرصة فريدة لعموم المستثمرين.

وأوضح أن هناك تريليونات الدولارات في شركات مدعومة من رأس المال الاستثماري، ورأس المال المغامر في طريقها لطرح أسهمها للاكتتاب العام، لكن لن تتمكن جميعها من تأمين مكان في المقدمة مع «غولدمان ساكس» أو «مورغان ستانلي»، ونتوقع أن تقوم العديد من الشركات عالية الجودة وصانعي الصفقات باستكشاف سبل أخرى للاكتتاب العام.

ورغم التفاؤل المتزايد يتخذ بعض مؤسسي شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، أو المعروفين بالرعاة، خطوات لتقليل المخاطر بعد تكبد الخسائر، خلال فترة الركود السابقة، ويرجع ذلك إلى أن الرعاة هم الذين يوفرون الاستثمار الأولي اللازم لتمويل عمليات شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة والتحضيرات اللازمة للبحث عن شركة مستهدفة. وفي المقابل يحصلون على حصة كبيرة من أسهم الشركة الجديدة بسعر مخفض للغاية كتعويض عن استثمارهم الأولي، ويمكن لهذه الحصة أن تحقق أرباحاً ضخمة إذا نجحت عملية الاندماج، لكن إذا فشلت الشركة ذات الأغراض الخاصة في العثور على شركة للاستحواذ عليها، يخسر الرعاة استثماراتهم بالكامل، بينما يستعيد مستثمرو الاكتتاب العام الأولي أموالهم مع الفائدة.

ومنذ مطلع عام 2022 تمت تصفية أكثر من 350 شركة استحواذ ذات غرض خاص دون إتمام صفقة، بحسب بيانات «سباك رسيرش». نتيجة لذلك تمت هيكلة العديد من الصفقات الأخيرة، بحيث يوفر المستثمرون من الخارج تمويلا لغالبية الاستثمارات الأولية للرعاة، مقابل حصة ضئيلة من أسهم المؤسسين.

وقد أثارت هذه الممارسة الجدل، حيث يخشى البعض أنها ستعزز فكرة أن مؤسسي شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة يسعون لتحقيق ربح سريع دون استثمار شخصي كاف. رغم ذلك زعم مصرفي مشارك في عدة صفقات من هذا النوع أنه من المنطقي تقاسم بعض المخاطر، وخلق توافق بين الرعاة ومستثمري الاكتتاب العام الأولي.

وأعرب فانغ عن أمله بأن تتمكن شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في النهاية من اتباع مسار مماثل للسندات «غير المرغوب فيها» في الأسواق المالية. وقال: «قد تحتاج شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة لتغيير اسمها إلى مصطلح أكثر جاذبة، حيث تم تغيير اسم السندات غير المرغوب فيها إلى سندات ذات عائد مرتفع في نهاية المطاف، وأصبحت عمليات الاستحواذ بالاستدانة إلى أسهم خاصة. وتبني مصطلح على هذا المنول من شأنه أن يغير النظرة من كونها شيئاً غير مرغوب فيه إلى شيء أكثر منطقية».