شركات تأمين المنازل الأمريكية تعاني أسوأ خسائرها في قرن

عانت شركات التأمين على المنازل في الولايات المتحدة العام الماضي أسوأ خسارة في تحمل المخاطر خلال هذا القرن، حيث أدى مزيج سام من الكوارث الطبيعية والتضخم والنمو السكاني في المناطق المعرضة للخطر إلى وضع هذه السوق المالية الحيوية تحت ضغط مالي حاد.

وتكبدت الشركات التي تقدم بوالص التأمين لأصحاب المنازل خسارة صافية في عمليات التعويض بلغت 15.2 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لأرقام وكالة التصنيف «أيه إم بست» AM Best، وهو رقم قالت إنه الأسوأ منذ عام 2000 على الأقل وأكثر من ضعف خسائر العام السابق.

وتكشف الأرقام بوضوح أسباب هذه التعويضات التي أشعلت شرارة انسحاب شركات التأمين الأمريكية من المناطق المتضررة من الكوارث، إما بالخروج من الأسواق أو رفع الأسعار، ما أدى إلى أزمة في قدرة العديد من أصحاب المنازل على تحمل تكاليف تلك الكوارث.

وحدد التقرير ارتفاع عدد السكان في تلك المناطق الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية كعامل مهم، مستشهداً بأرقام التعداد التي كشفت أن 6 ولايات معرضة للطقس القاسي، بما في ذلك كاليفورنيا وتكساس، كانت مسؤولة عن نصف النمو السكاني في البلاد في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وقال روبرت جوردون، نائب الرئيس الأول للسياسات والبحوث والشؤون الدولية في جمعية التأمين على الممتلكات والحوادث الأمريكية، وهي هيئة تجارية: إن «الصناعة تواجه مطالب تغطية تتزايد بسرعة فيما قفزت خسائر التأمين بشكل كبير».

وأضاف «لا يتم بناء المزيد من المنازل في المناطق المعرضة لخطر الكوارث الطبيعية فحسب، بل إن تكلفة إصلاح وإعادة بناء هذه المنازل أصبحت أكثر ارتفاعاً بشكل متزايد، حيث أدى التضخم إلى زيادة تكلفة العمالة والمواد المستخدمة في البناء».

وكان العام الماضي هادئاً نسبياً بالنسبة للأعاصير، لكنه كان عاماً سيئاً بشكل خاص فيما يتعلق بالأمطار الغزيرة وغيرها من الأحداث المناخية المتطرفة التي اعتبرها قطاع التأمين «ثانوية»، والتي وصل عددها إلى 37 حدثاً منفصلاً على مستوى العالم، وخلفت خسائر في الممتلكات المؤمن عليها تزيد على مليار دولار، ومعظمها في الولايات المتحدة. ويزعم معظم خبراء التأمين أن الاحتباس الحراري العالمي يجعل العواصف والفيضانات وحرائق الغابات أكثر قسوة.

وقال سريدهار مانيم، المدير الأول لبحوث الصناعة والتحليلات في أيه إم بست، إن «التكرار المتزايد للخسائر الكبيرة الناجمة عن الطقس يشكل حالة كبيرة من عدم اليقين الذي يؤثر على كل من أسواق التأمين وإعادة التأمين».

ويظهر مقياس صافي الأرباح لدى أيه إم بست أقساط التأمين مطروحاً منها المطالبات والتكاليف وصافي إعادة التأمين. ويساهم هذا الصافي بشكل كبير في أرباح شركات التأمين إلى جانب عوائد الاستثمار.

ومن القيود المهمة الأخرى التي تواجه شركات التأمين في الولايات المتحدة اشتراط بعض الولايات مثل كاليفورنيا الحصول على موافقة على أسعار التأمين، وتأخر الحصول على هذه الموافقات. وفي المملكة المتحدة، حيث كانت المطالبات المتعلقة بأضرار الطقس هي الأعلى على الإطلاق العام الماضي، تمتعت شركات التأمين بحرية إعادة التسعير بسرعة لمواكبة التضخم.

وقال روبرت جوردون: «إذا لم تتمكن شركات التأمين من تسعير أعمالها بشكل مناسب في الوقت المناسب، فستتدهور الأسواق بسرعة». ودعا جميع أصحاب المصلحة إلى «العمل معاً» لوضع القطاع على أساس مستدام.

وقال مانيم من شركة أيه إم بست: إن الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة «وقعت بين المطرقة والسندان»، حيث تحاول أن تكون أكثر تساهلاً مع أسعار شركات التأمين لمنع خروج الشركات من السوق المحلية، لكن هذا يأتي على حساب زيادة الضغوط على الأسر.

وأضاف «إنهم يريدون جذب مزيد من شركات التأمين أو على الأقل الاحتفاظ بالسوق الحالية وخلق سوق صحية، لكن في الوقت نفسه يجب عليهم تحقيق التوازن ليمكن للمستهلكين تحمل التكاليف».

الأكثر مشاركة