اكتشف المستثمرون ذوو الحس التجاري المتوقد اتجاهاً جديداً واعداً وسط سوق السلع الفاخرة المتراجع، يتمثل في الإقبال المتزايد على العطور، فبعد أن كانت العطور قطاعاً راكداً في سوق مستحضرات التجميل قفزت إلى الصدارة كأول فئة تنتعش بعد التخلص من قيود الجائحة، وشهدت نمواً متسارعاً بنسبة مزدوجة منذ 2021، حيث بلغت مبيعات التجزئة العالمية 64.4 مليار دولار، وفقاً لتحليل «باركليز»، ما مثل زيادة تقارب 40% عن مستويات 2019.

ويبدو أن هذا الاتجاه عالمي، فقد تمكنت أوروبا الغارقة في العطور، والتي استحوذت على 28% من السوق في عام 2023 وفقاً لـ«يورو مونيتور»، من تحقيق نمو من رقمين في المبيعات سنوياً منذ الجائحة.

وفي الولايات المتحدة، حيث لا تعد العطور عادة يومية، فقد تضاعف حجم انتشارها، والأفضل من ذلك أن فئة العطور الأغلى تجاوزت مبيعات العطور الأرخص. ووفقاً لبيانات «سيركانا» نمت سوق العطور الفاخرة في الولايات المتحدة بنسبة 12% في عام 2023، مقارنة بنسبة 4% في السوق الشاملة للعطور.

وفي الوقت الحالي على الأقل تحقق سوق العطور 3 أهداف رئيسة متمثلة في الانتشار الواسع، وزيادة وتيرة الاستخدام، وهناك اتجاه واضح نحو التميز.

وثمة تحول ملموس يحدث، لكن العناصر التي تغذي طفرة العطور صعبة الفهم، فالقاعدة هي الاتجاه المتنامي نحو العناية الذاتية، الذي أثر بشكل عام في سوق التجميل، في حين يتخلى المستهلكون الأصغر سناً عن فكرة العطر «المميز» لصالح امتلاك واستخدام العديد من العطور المختلفة.

ويوضح إيان سيمبسون، محلل بيانات المستهلكين لدى باركليز، أن معدل الانتشار بين المستهلكين والأصغر، بعبارة أخرى جيل زد تضاعف 4 مرات في الولايات المتحدة، وإن كان ذلك النمو قد انطلق من قاعدة منخفضة للغاية، وهذا الأمر مهم للشركات، فـ«زيوت» العطور الفاخرة والعبوات الزجاجية الفخمة تعني أن إجمالي هوامش الربح أقل مقارنة بمنتجات الفخمة للعناية بالبشرة.

وعلى سبيل المثال تتمتع شركة «بويغ» الإسبانية، المتخصصة في صناعة العطور الفاخرة بهامش ربح 75%، بينما حققت العلامة التجارية الأسترالية لمستحضرات التجميل الفاخرة «إيسوب»، والتي اشترتها شركة لوريال هامشاً ضخماً بلغ 87.1% في عام 2022.

ومع ذلك لا يزال ثمة حضور كبير للمنتجات الفاخرة. ووفقاً لمولي وايلزيك من جيفيريز فإن نحو ثلثي مبيعات العطور تندرج ضمن فئة العطور الفاخرة، مقارنة بنحو الثلث في سوق مستحضرات التجميل ككل، وهذا يجعلها سوقاً جذابة.

وحتى الآن لا يوجد أي مؤشر على حدوث تباطؤ. ومع ذلك فإن الاتجاه نحو التميز له حدوده، كما يتضح من النكسات الأخيرة في صناعة مستحضرات التجميل. لذلك يستيقظ المستهلكون المهتمون بالأسعار يوماً ما ليدركوا حقيقة قيمة العطور باهظة الثمن. فرغم كل شيء لا تسهم العبوات الزجاجية الباهظة والحملات التسويقية الطموحة بالضرورة في تعزيز جوهر المنتج.