على الرغم من أن شركات التأمين تعمل في مجال إدارة المخاطر، إلا أن بعض التهديدات تثير لها الكثير من القلق بشكل خاص. على سبيل المثال تشكل الهجمات الإلكترونية خطراً كبيراً، حيث قارنها وارن بافيت، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بيركشير هاثاواي، بـ«سم الفئران» نظراً لإمكانية انتشار تأثيرها المتفاقم نتيجة حادث واحد.

والتكلفة العالمية لمثل هذه الجرائم آخذة في الارتفاع، حيث يتوقع المسؤولون الأمريكيون تجاوزها 23 تريليون دولار بحلول عام 2027، وهو ما يفوق بكثير حجم سوق التأمين السيبراني، الذي يعد أصغر بنحو 800 مرة.

وترى شركات التأمين أن الحكومات هي الوحيدة القادرة على سد هذه الفجوة الواسعة، لكن هذه المسألة تنطوي على مفارقات عدة. وتعد شركة «زيوريخ» للتأمين وشركة «مارش ماكلينان» للوساطة أحدث الجهات الداعية إلى التدخل الحكومي، مستشهدين بسوابق ترتبط بمخاطر الطاقة النووية والكوارث الطبيعية والإرهاب.

وتقول رابطة جنيف، وهي رابطة عالمية لشركات التأمين، إن الدعم الحكومي قد يشجع شركات التأمين وشركات إعادة التأمين إلى توسيع نطاق تغطيتها وقدرتها، ومن شأن هذه الخطوة أن تزيد القدرة على التكيف من خلال إلزام شركات التأمين بفرض ضوابط صارمة على حاملي وثائق التأمين، وهذا قد يخلق حلقة إيجابية، مما يقلل من احتمالية الحاجة إلى التدخل الحكومي، لكن قد تكون هناك عواقب غير متوقعة، فمعرفة أن الحكومة ستغطي التكاليف قد يؤدي ذلك إلى زيادة الهجمات، خاصة الهجمات المدعومة من الدول.

وثمة جانب آخر للقلق يتمثل في أن ذلك قد يعيق تقدم سوق التأمين السيبراني الناشئة، لكنها سريعة النمو، كما أن شبكة أمان حكومية سيئة التصميم قد تعيق الابتكارات، مثل سندات الكوارث السيبرانية، التي تم إصدارها العام الماضي.

وتحديد العتبة التي من شأنها أن تفتح الباب للدعم الحكومي مسألة يكتنفها الكثير بالصعوبات. ويعتقد بعض الخبراء أن الحكومات التي تعاني من نقص السيولة قد تجد نفسها في مآزق ليست في الحسبان.

ويقول باتريك تيرنان، رئيس الأسواق في «لويدز أوف لندن»: إن قطاع التأمين بحاجة إلى المزيد من النمذجة وتثقيف العملاء قبل المطالبة بمساعدة الحكومات، مستشهداً بمصادر استخباراتية أشارت إلى أنه يمكن منع تسع من كل عشر هجمات سيبرانية عبر استخدام أفضل لممارسات الأمن السيبراني.

وفي ضوء ضعف الضوابط داخل العديد من الشركات يمكن لشبكة أمان حكومية أن تخلق خطراً أخلاقياً واضحاً. وقد يثبط هذا الشركات عن تحسين الإجراءات الحمائية ضد الهجمات السيبرانية. وذكر دانييل وودز، المحاضر في الأمن السيبراني بجامعة إدنبرة، أنه ليس من المعقول مطالبة دافعي الضرائب بدعم الشركات، التي لا تطبق معايير الحماية السيبرانية الأساسية.

بموازاة ذلك هناك ما يستدعي تدخل الحكومات لسد الفجوة الناجمة عن الاستثناءات المتعلقة بالحرب والبنية الأساسية في سياسات التأمين، لكن تبقى الحكومات محقة في ترددها بشأن إصدار شيكات على بياض. وكما هي الحال الآن هناك أدلة محدودة على ضرورة وجود شبكة أمان واسعة النطاق، لذا قد يتطلب الأمر حدوث هجوم سيبراني كارثي حقيقي لتغيير هذا الرأي.