أكّدت إيفا بيرنيك، الرئيسة التنفيذية لشركة الأقمار الصناعية الفرنسية «يوتلسات»، ضرورة استكشاف فرص إقامة شراكات صناعية وتجارية لتمويل الجيل القادم من أقمار «وان ويب» الصناعية ذات النطاق العريض، وذلك في حال عدم التوصل إلى اتفاق بشأن شبكة الاتصالات الأوروبية المزمع إنشاؤها عبر الأقمار الصناعية.

وفي مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز على هامش مؤتمر «أسبوع الأعمال العالمي للفضاء»، كشفت بيرنيك أنها ستناقش مع مجلس الإدارة في الأسابيع القادمة البدائل الممكنة لترقية شبكة «وان ويب» ذات المدار الأرضي المنخفض، مؤكدة على إدراك العديد من الجهات للحاجة إلى توسيع القدرات في هذا المدار.

وأوضحت أن الشراكات المحتملة قد تشمل مشغلين آخرين أو إقليميين يسعون إلى قدرات إقليمية محدودة، أو شركاء في سلاسل القيمة. وأضافت أن بعض الشركاء المحتملين قد يفضلون «جوانب القدرات السيادية» كوسيلة لتمويل النفقات الرأسمالية.

وجاءت تصريحات بيرنيك في ظل تردد استفسارات حول مستقبل خطط أوروبا لتطوير الشبكات الفضائية ذات النطاق العريض في المدار الأرضي المنخفض؛ حيث يمكن نقل البيانات على نحو أسرع من المدار الجغرافي الثابت التقليدي.

ويهدف مشروع إيريس 2 «IRIS²» التابع للاتحاد الأوروبي إلى توفير اتصالات آمنة وذات سيادة داخل الكتلة، والتنافس مع «ستارلينك» التابعة لإيلون ماسك ومبادرة «بروجكت كوبر» المقترحة من أمازون.

إلا أن المشروع واجه تأخيرات كبيرة منذ الإعلان عنه في عام 2022، وسط خلافات بشأن ارتفاع التكاليف. وقامت كل من شركتي «إيرباص» و«تاليس» بتقليص أدوارهما ضمن اتحاد مقدمي العروض بسبب مخاوف تتعلق بتقاسم المخاطر.

وخلال الأسبوع الماضي، استقال المفوض المسؤول عن السوق الموحدة، تييري بريتون، من منصبه على نحو مفاجئ، بعد أن كان أبرز مؤيدي المشروع في المفوضية الأوروبية.

وفي بداية سبتمبر، قدمت شركة يوتلسات وشركاؤها في الاتحاد، «إس إي إس» و«هيسباسات»، عرضها النهائي للمفوضية. ورغم أن بيرنيك أعربت عن ثقتها حيال تقدم المشروع، إلا أنها حذرت من «انخراط العديد من الأطراف. لذلك، لا نتحكم وحدنا في أي جدول زمني».

وأكّدت أن مشروع «IRIS²» «مهم لكيفية تمويل مستقبلنا»، موضحةً أن عدم الفوز بالعقد يعني أن تطوير شبكة الجيل القادم القادرة على منافسة «ستارلينك» سيستغرق وقتاً أطول بكثير. وقالت: «يمكننا تمويل تطوير الجيل الثاني بمفردنا»، لكنها أشارت إلى أن ذلك سيتطلب «منهجية تدريجية على مدى سنوات».

ولا تتمتع «يوتلسات» برفاهية الانتظار لسنوات لتحديث شبكة «وان ويب»، والتي استحوذت عليها قبل عام واحد فقط.

وتعتمد «وان ويب» على تكنولوجيا الأقمار الصناعية القديمة ولا تمتلك قدرات «ستارلينك» أو «كوبر»، إذ تهيمن «ستارلينك» على سوق خدمات النطاق العريض في المدار الأرضي المنخفض عبر شبكة أكثر تطوراً تضم أكثر من 6 آلاف قمر صناعي، ما يمثل أكثر من 60% من جميع المركبات الفضائية النشطة في المدار، وأغلبية بيانات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية عالمياً.

وابتداءً من العام المقبل، ستطلق «كوبر» شبكة النطاق العريض الخاصة بها في مدار أرضي منخفض تضم أكثر من 3 آلاف قمر صناعي. وفي الوقت نفسه، تخطط الصين لتطوير شبكات ضخمة ذات نطاق عريض في المدار الأرضي المنخفض. في حين تمتلك «وان ويب» 630 قمراً صناعياً على ارتفاع 1200 كيلومتر فوق الأرض.

وستتطلب ترقية النظام ليكون قادراً على منافسة خصومه تمويلاً يُقدر بنحو 4 مليارات دولار، وهو مبلغ قد تجد «يوتلسات» صعوبة في توفيره؛ فالشركة مثقلة بالديون، حيث يبلغ صافي الدين 4 أضعاف أرباحها قبل الفائدة والضرائب والإهلاك واستهلاك الدين.

وفي وقت سابق من هذا العام، اضطرت «يوتلسات» إلى خفض توقعاتها للإيرادات لعامي 2024 و2025، بسبب عدم اليقين إزاء مستقبل «وان ويب». وفي أغسطس، أعلنت «يوتلسات» أن إيرادات «وان ويب» لم تتجاوز نصف الهدف المتوقع أثناء عملية الاستحواذ.

وقالت بيرنيك إن شبكة الأقمار الصناعية تأثرت بسبب تنفيذ البنية التحتية الأرضية بشكل أبطأ من المتوقع. لكنها ظلت واثقة من استمرار الطلب على خدمات «يوتلسات» و«وان ويب» المشتركة، التي تضم أسطولاً من الأقمار الصناعية في المدار الجغرافي الثابت وفي المدار الأرضي المنخفض.

وأوضحت أن «يوتلسات» تستفيد «إلى حد كبير» من كونها البديل الوحيد الحالي لـ «ستارلينك». وأضافت: «الكثير من عملائنا يسألون عن كيفية مساعدتنا لأنهم يريدون بديلاً». ورغم إقرارها بأن دخول «كوبر» للسوق قد يعرض تلك الميزة للخطر، ذكرت بيرنيك أن الشركة لا يزال لديها دور تلعبه في السوق.

وأضافت: «من المرجح أن تضم السوق أربعة لاعبين، إن لم يكن خمسة، وعادة في أغلب أسواق الاتصال يوجد ثلاثة لاعبين على الأقل، إن لم يكن أربعة.. لكن عندما تنظر إلى الوراء، من سيصبح اللاعب الرابع؟ لست متأكدة من وجود الكثير من المرشحين».

ومع ذلك، تقر بيرنيك، التي انخفضت أسهم شركتها بنحو 60% منذ الاستحواذ على «وان ويب»، بأن المستثمرين ما زالوا غير مقتنعين. وقالت: «إذا قمت بتقييم سعر السهم، سيتضح أنني لم أفز بتلك المعركة بعد، ونحتاج إلى إقناعهم من خلال التنفيذ».