قال جمال صالح، المدير العام لاتحاد مصارف الإمارات: إن نجاح تجربة التحول الرقمي في البنوك هي خير دليل على النهج المستقبلي للجهات الرقابية، التي وضعت الأطر المناسبة لإطلاق ونجاح هذه المصارف، مشيراً إلى أن عملية التحول الرقمي تضع في صدارة أولوياتها الحفاظ على سلامة الجهاز المصرفي، وأمن المعلومات.

وأكّد صالح في تصريحات خاصة لـ«البيان» أن نجاح خدمات الصيرفة الرقمية وريادة تجربة المصارف الرقمية بشكل كامل في الإمارات هي إحدى أهم ثمار الاستثمارات التي ضختها البنوك بهدف تطوير بنيتها التحتية التقنية خلال السنوات الماضية.

وأضاف أنه عندما تعرض العالم لجائحة كوفيد 19، كانت جاهزية القطاع المصرفي والمالي في دولة الإمارات من أهم العوامل التي أسهمت في تمكين الدولة والمواطنين والمقيمين من مجابهة تداعيات الجائحة بصورة نالت إشادة العالم، كما شجعت الكثير من العملاء على تبني حلول الصيرفة الرقمية.

وأضاف صالح: «أدرك القطاع المصرفي والمالي أهمية التحول الرقمي في فترة مبكرة، إذ كان رائداً في تبني وتطوير الحلول الرقمية التي أسهمت في تعزيز تجربة العملاء منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وهو ما انعكس على التطور الكبير الذي شهدته الخدمات المصرفية في دولة الإمارات خلال العقود الماضية، كما أسهم في تمكين القطاع من لعب دور حيوي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية».

وكان تقرير صادر عن مكتب الذكاء الاصطناعي في حكومة الإمارات، بالشراكة مع شركة «إيكونوميست إمباكت» و«جوجل»، بعنوان «مستقبل الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، كشف أن قطاع الخدمات المالية والبنوك كان العام الماضي الأكثر إنفاقاً على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بنسبة 25% من إجمالي استثمارات الذكاء الاصطناعي في المنطقة، أي نحو 28.3 مليار دولار. وعالمياً، يتوقع أن يسجل إنفاق قطاع الخدمات المصرفية والاستثمارية على تقنية المعلومات نمواً بمعدّل 6.1% خلال العام 2022 ليصل إلى 623 مليار دولار.

أولويات التحول

وأفاد بأن عملية التحول الرقمي تضع في صدارة أولوياتها الحفاظ على سلامة الجهاز المصرفي، وأمن المعلومات، وذلك بالإشراف المباشر للمصرف المركزي لدولة الإمارات، الذي يتميز بنهجه الاستباقي ورؤيته المستقبلية في وضع الأطر الملائمة للتعامل مع التطورات التكنولوجية من أجل توفير أفضل الخدمات للعملاء في بيئة مصرفية آمنة وموثوقة. وأضاف صالح: مع زيادة وتيرة التحول الرقمي في السنوات الأخيرة، كانت دولة الإمارات سبَاقة، كعادتها، في إطلاق أول استراتيجية للذكاء الاصطناعي في العام 2017. كذلك، قام المصرف المركزي بإطلاق استراتيجيته 2023 - 2026، والتي من أهم أهدافها تمتين البنية التحتية لقطاع مالي ومصرفي مبتكر وقوي، ودعم صياغة مستقبل التكنولوجيا المالية في دولة الإمارات.

الذكاء الاصطناعي

وتشير العديد من التقارير العالمية، مثل تقريري جوجل وإيكونوميست إنتلجينس، التي تناولت التأثير الاقتصادي لهذه التقنيات، إلى أن القيمة المضافة لاستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وحدها، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقدر بـ320 مليار دولار بحلول عام 2030، وهو ما يعد نتيجة لخفض التكاليف عبر أتمتة العمليات وتحسين الخدمات والمنتجات في مختلف القطاعات. كذلك، فإن النمو السنوي لمساهمة الذكاء الاصطناعي في اقتصادات المنطقة يتوقع أن يتراوح من 20 إلى 34%.

وأضاف صالح: في هذا الجانب أيضاً، تؤكد هذه التقارير تصدر القطاع المصرفي والمالي في دولة الإمارات دول المنطقة في معدل النمو، فيما يتوقع أن تصل القيمة المضافة لمساهمة الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات إلى 120 مليار دولار (نحو 440 مليار درهم) بحلول العام 2030.

وحول فوائد توظيف الذكاء الاصطناعي في البنوك، قال صالح: «يعمل توظيف الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيات المتطورة بشكل عام، على تحسين إدارة المخاطر وإدارة التكاليف، وتعزيز الفاعلية، حيث يسهم في تقديم حلول تقنية للأعمال ومكافحة الاحتيال، وحماية الخصوصية».

ثمار الاستثمارات

وحول مدى نجاح بنوك الإمارات في حصد ثمار الاستثمارات التي تم ضخها في التحول الرقمي خلال السنوات العشر الماضية، قال صالح: «لا يمكن إغفال الاستفادة الكبيرة التي حققتها المصارف العاملة في دولة الإمارات، وما زالت تحققها، من الاستثمارات في التحول الرقمي، وهي المسيرة التي بدأت منذ سنوات طويلة، ويأتي على رأس هذه المكاسب تحسين خدمة العملاء عبر ابتكار الحلول التي من شأنها تلبية احتياجات السوق المتغيرة، ففي الوقت الحالي يمكن للأفراد والمؤسسات القيام بالخدمات المصرفية والمالية عبر الأجهزة الذكية، وفي بيئة آمنة وموثوقة.

الشركات الصغيرة والمتوسطة

وأشار صالح إلى مبادرة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي يضعها اتحاد مصارف الإمارات ضمن أبرز أولوياته كونها تلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد الوطني من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير الوظائف. ويحرص الاتحاد، تحت إشراف من المصرف المركزي لدولة الإمارات، وبالتعاون مع البنوك الأعضاء، على تشجيع ريادة الأعمال وتوفير بيئة تمويلية تناسب متطلبات هذا القطاع الحيوي، وسنقوم بالكشف عن مبادرات مهمة في هذا السياق استكمالاً لما قمنا به في السنوات الماضية من خلال إطلاق مجموعة من المبادرات المخصّصة التي يوفّرها الاتحاد لكافة الشركات الصغيرة والمتوسّطة عبر منصّة إلكترونيّة واحدة (www.uaebf.ae/‏‏‏‏‏SME).

تأثير أسعار الفائدة

قال جمال صالح إن القطاع المصرفي والمالي يعمل ضمن إطار واسع، ويتأثر بالمتغيرات المختلفة في الاقتصاد. ولفت إلى أن رفع أسعار الفائدة في الفترة الأخيرة يأتي للتأثير على معدلات التضخم التي تشهد ارتفاعاً كبيراً، مضيفاً إنه إذا واصلت أسعار الفائدة ارتفاعها يمكن أن يؤثر ذلك بشكل محدود على رغبة بعض العملاء في الاقتراض. وأضاف: بشكل عام، فإن اقتصاد الإمارات يشهد نمواً جيداً، مدعوماً بارتفاع أسعار النفط العالمية وحيوية القطاعات غير النفطية والأسواق المالية، كما يتوقع أن تحقق البنوك الوطنية معدلات نمو جيدة.