أكدت القاضية الدكتورة حمدة عبدالله السويدي، رئيسة دائرة الإفلاس في المحكمة التجارية بدبي، أن الإمارة نجحت في اجتياز التحديات التي واجهت القطاع التجاري فيها، لا سيما إثر الأزمة التي تسببت بها جائحة «كورونا» عالمياً، وحافظت على المسار الصحيح والمتوازن للشركات، وحمت نسبة كبيرة منها من الوقوع في الإفلاس.

وقالت في حوار مع «البيان»: إن الإجراءات التي طبقتها المحكمة التجارية في دبي، بموجب قانون الإفلاس الاتحادي وتعديلاته، وحرصها على تصميم خطط التنظيم المالي للشركات التجارية المتعثرة، قد خففت من حدة التداعيات الاقتصادية التي فرضتها الجائحة، وأسهمت في إبقاء الشركات التجارية على مسارها الصحيح.

وأضافت: نظراً لأهمية تلك الشركات، وللحفاظ على اقتصاد الإمارة والحركة التجارية نحاول جاهدين في كل القرارات والأحكام إعادة هيكلة النشاطات، ورفض طلبات الإفلاس إذا لم تكتمل شروطه الشكلية.

وأوصت القاضية حمدة السويدي بإنشاء جهة رقابية ترفع لها البيانات المالية للشركات على نحو شهري لتدارك الخسائر، وإسعاف النشاط والحفاظ عليه قبل بلوغه مرحلة التعثر.

وعرفت الإفلاس بأنه «نظام خاص بالتجار وكل من يمارس التجارة سواء كان فرداً أو شركة، ويهدف إلى التنظيم المالي أو تصفية الأموال وتوزيعها على الدائنين».

حلول

وكشفت عن نجاح دائرة الإفلاس في إيجاد الحلول المناسبة والنافعة لأكثر عن 93 % من الشركات التي تقدمت لها بطلبات إفلاس العام الماضي، من خلال التنظيم المالي لها، والتجار المتقدمين بطلب الإفلاس، واقتراح حلول بديلة منها على سبيل المثال التسويات الودية من خلال طلب الصلح الواقي، وبيع النشاط قائماً، وإعادة الهيكلة.

وقالت القاضية حمدة: يمكن القول بكل ثقة إن دبي لم تتأثر كثيراً بالأزمة المالية، التي فرضتها جائحة كورونا على الكيانات التجارية والاقتصادية، وتسببت في تعثرها عن الوفاء بالتزاماتها وسداد ديونها، وكان حالها أفضل من الكثير من الدول التي تأثرت بالفعل، ثم إن حالات الإفلاس بالنسبة للشركات التجارية في الإمارة تحت السيطرة، وما زالت تسير على مسارها الآمن، لأن الجهة القضائية، ممثلة بدائرة الإفلاس في المحكمة التجارية في دبي، تنفذ الإجراءات الواردة في قانون الإفلاس على أكمل وجه، وتتابع بشخصيتها القضائية جميع الملفات والطلبات، وتستعين بالخبراء الماليين المتخصصين في هذا المجال، للقيام بأعمال الإدارة والتنظيم المالي.

وأضافت: دبي تتصدر عالمياً من النواحي الاقتصادية والتجارية والسياحية، وإذا لم تتم معالجة طلبات الإفلاس بشكل صحيح وقانوني، فإنها ستتأثر سلباً بهذه الطلبات، كما أن المحكمة التجارية تمكنت بإجراءاتها وطريقة تنفيذها لقانون الإفلاس من تعزيز ثقة المستثمرين بالاستثمار والتجارة في دبي، لأن ما يشغل بال هؤلاء المستثمرين هو التنفيذ الأمثل للقانون، وهذا ما يميز دبي عن غيرها.

وأوضحت أن دقة الأحكام الصادرة عن الدائرة وصلت إلى

95.5 %، وهي نسبة كبيرة قياساً بعدد الطلبات والتظلمات.

إجراء وقائي

وتحدثت الدكتورة حمدة السويدي عن طلب الصلح الواقي من الإفلاس، وهو إجراء وقائي، يقدم من المدين دون غيره، بهدف مساعدته على الوصول إلى تسويات مع دائنيه بمقتضى خطة تقيه من الإفلاس تحت إشراف المحكمة، وبمساعدة أمين صلح. وأوضحت أنه يشترط لقبول الطلب ألا يكون المدين متوقفاً عن دفع ديونه المستحقة لمدة تزيد على ثلاثين يوم عمل متتالية نتيجة اضطراب مركزه المالي، أو في حالة ذمة مالية مدينة.

وأضافت: الناظر إلى نصوص القانون يلاحظ أنه قانون إجرائي يتجه في أغلب نصوصه نحو علاج الكيان التجاري وتسوية ديونه، واكتفى بإجراء وقائي واحد وهو الصلح الواقي من الإفلاس والذي لا يقدم بطبيعة الحال إلا من المدين نفسه إذا ارتأى ذلك، وعليه فإن الحاجة تقتضي إنشاء جهة رقابية، ترفع لها البيانات المالية على نحو شهري لتدارك الخسائر، وإسعاف النشاط والحفاظ عليه قبل تعثره.

طلب الافتتاح

أما بخصوص قبول طلب افتتاح إجراءات الإفلاس، فقد قالت الدكتورة حمدة السويدي إنه لكي يتم قبول الطلب لا بد وأن يكون المدين قد امتنع عن سداد ديونه لمدة تزيد على ثلاثين يوم عمل متتالية بسبب اضطراب مركزه المالي، ومن جهة أخرى حصر المشرع الإماراتي الجهات المخولة بتقديم الطلب وهي: المدين، الدائن، الجهة الرقابية، التي يتبع له الكيان التجاري، وأخيراً النيابة العامة بوصفها الأمينة على المجتمع.

وأوضحت أن أغلبية الكيانات التجارية التي أشهرت إفلاسها تكون في العادة قد تعرضت لخسائر مالية متتالية وتفكك مجلس إدارتها والقائمون عليها وأغلقت مقراتها وفاقت التزاماتها وديونها مجموع أصولها وأصبحت هي والعدم سواء، ومن ثم يصبح مسار الإفلاس لا بديل له.

وأضافت: في حال قبول المحكمة طلب افتتاح إجراءات الإفلاس فإنها تصدر قرارها بنشره في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار، إحداهما باللغة العربية، والأخرى باللغة الانجليزية، لكي يتقدم الدائنون بمديونياتهم قبل أن يتم فحصها وبيان مدى استحقاقها، وإعداد سجل بأسماء الدائنين ومديونياتهم.

إعادة الهيكلة

أما عن إعادة الهيكلة، فقد أكدت أن هذا الإجراء له من الأهمية والوجاهة الشيء الكثير، انطلاقاً من طبيعة أثره المنعكس بصفة مباشرة على النشاط الاقتصادي، شريطة أن يكون الكيان التجاري المطلوب إعادة هيكلته قابلاً للاستمرار وإعادة التنظيم، بالإضافة إلى قبول الدائنين، الذين يملكون أكثر من ثلثي مجموع الديون لإعادة الهيكلة، والأهم هو إجراء مفاوضات مناسبة وفاعلة تتسم بالنزاهة والشفافية وحسن النية حول إعادة الهيكلة، لضمان تحقيق المنافع المرجوة من استخدام إعادة الهيكلة لإنفاذ الكيان التجاري المتعثر بنجاح.