ديون المواطنين ... لا يصح إلا الصحيح

لا يخفى على أحد أهمية مبادرة رئيس الدولة، إلى مساعدة المواطنين بغية تسديد ديونهم ولكن يجب على المواطنين أيضاً أن يستقبلوا هذه المبادرة بنوع من المسؤولية.

هناك مستدين معسر وآخر ميسر، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فالذي عليه دين لكي يبني بركة سباحة في بيته أو يشتري سيارة فارهة، ليس بنفس حال المواطن المدين ليعالج ابنه، أو ليدفع مصاريف الجامعة لأبنائه.

ونقول بكل وعي لأنفسنا: إن من كان غير محتاج على الضرورة فليترك المجال لغيره من فئة المحتاجين على الحقيقة، وأيضاً من استفاد من صندوق الزواج والحاصلون على أرض منحة بأنواعها والحاصلون على برامج الإسكان الاتحادية والمحلية والذين عندهم وظيفتهم، فليفكروا في إخوانهم المواطنين الذين لم يحالفهم الحظ للحصول على هذه الامتيازات، فعلينا أن نترك الفرصة لهم.

والقرض لغة هو القطع، لأنه يقطع الدائن يقطع شيئاً من ماله ليعطيه للمقترض. أما عن أنواع الديون فيمكن تفنيدها حسب المصدر، ديون داخلية وديون خارجية، وحسب القانون ديون عامة وديون خاصة، وحسب المدة قروض قصيرة وأخرى طويلة الأجل، وحسب الاستعمال قروض استهلاكية وقروض استثمارية.

وميزة الدين أنه يساهم في تمويل العجز، وتمويل المشاريع والحاجات الشخصية، ومعالجة اختلال الدورة الاقتصادية من التضخم والإنتاج، وتساهم القروض في القضاء على البطالة اقتصادياً عن طريق إتاحة الاستثمارات لشريحة غير المقتدرين، والفرص الوظيفية التي توفرها هذه الوحدات الاقتصادية. أما أكبر مشكلات الديون متى دخل الفرد أو المؤسسة عالمها بغير تخطيط.

فلن يجد بوابة الخروج بنفس السهولة التي قد وجد بها بوابة الدخول إلى عالم الديون. الحلول الثلاثة المطروحة لحل مشاكل الديون هي جدولة الديون لإعادة الملاءة المالية للمواطن والثانية عن طريق تخفيض أسعار الفائدة على قروض المواطنين الشخصية والثالثة نظام الفائدة المتناقصة وعدم الاستقطاع مقدماً.

طبعاً هذه الحلول المتعارف عليها وفق القنوات الاقتصادية والممارسات الطبيعية. وتجدر الإشارة إلى أهمية إضافة اقتراح تصفية ديون المواطنين المتعثرين، الذي يمكن إضافته إلى الحلول السابقة ليس كموضوع بل كنظام بوضع آلية لها، فإذا تعثر المواطن وظهر أنه دفع أصل الدين فعلى البنك تصفية الدين واعتبار الأرباح خسارة، وحال عدم دفع مبالغ تغطي أصل الدين تتم مساعدته بشطب فوائد الدين ومساعدته بدفع أصل الدين حال تعثره عن السداد.

البنوك عليها دور توعوي وليس التربح فقط، وتحقيق الأرباح المستهدفة كل سنة مالية. فلا يمكن ترك سلاح الديون بدون حسيب وإن كان طرفا التعاقد هما المسؤولين حقيقة عن الوضع الذي أدى إلى وصول الحال بشكل ظاهرة تستوجب العلاج.

لكن كما تأثرت حياة هؤلاء المواطنين يجب أن تتأثر أرباح هذه البنوك وألا تسدد الدولة لها أرباحهم، حتى تكون البنوك مستقبلاً أكثر حرصاً وأقل توسعاً في عملية الإقراض، فهناك العديد من الممارسات لا يسمع بها في الغرب بسبب وجود نظام ورقابة محكمة على الكثير من الأعمال اليومية، لكن بنوك الشرق الأوسط ليس عليها هذا النوع من الرقيب العتيد والنظام المنيع حتى يكبح جماح شراهة الأرباح لديها. ختاماً ليس البنوك وحدها مسؤولة وهي محور اقتصادي قائم مقام شرايين الجسم لكن لا يصح إلا الصحيح.

الأكثر مشاركة