في لفتة إنسانية تنم عن نهج تتبناه الإمارة في التعامل مع المبدعين ممن كانت لهم إسهامات في تطوير قطاع الطيران، كرمت دبي نورمان وليام تيرنبول، وهو أحد رواد الطيران في دبي، والذي توفي في الثاني من يونيو الماضي. وكان للفقيد إسهامات كبيرة في قطاع الطيران منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي.

وقال سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني، رئيس مؤسسة مطارات دبي، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لمجموعة طيران الإمارات، في فعالية نظمها محمد عبد الله أهلي، المدير العام لهيئة دبي للطيران المدني، بهدف تكريم ذكرى الراحل تيرنبول: «كان نورمان تيرنبول شخصية ملهمة وفعالة بصناعة الطيران في دبي، وسوف نتذكر دائماً مساهماته المتميزة والفاعلة». وقام سموه بمنح شهادة تكريم لذكرى الراحل، إلى حفيده ريتشارد غيب.

من جانبه، قال محمد عبد الله أهلي، المدير العام لهيئة دبي للطيران المدني: «كان نورمان تيرنبول شخصاً استثنائياً في نزاهته، وقد ألهمني كما ألهم الكثيرين على بذل المزيد لتطوير معارفنا في مجال الطيران المدني، حيث إنه تفانى في خدمة دائرة الطيران المدني، وأسهم دون كلل في تطوير صناعة الطيران بدبي».

أول زيارة

ولد تيرنبول في مدينة نيوكاسل في المملكة المتحدة عام 1921، وحط رحاله أول مرة في الإمارات عام 1957، حيث تذكر ذلك لاحقاً عندما قال: «وأنا في طريقي إلى الشارقة، نزلت على الشريط الرملي في أبوظبي، وفي ذلك الوقت لم يكن لدبي مطار، حيث كان يتوجب علينا لزيارة دبي استخدام مسارات رملية وسيارات الدفع الرباعي».

وفي عام 1962، تم تعيينه مديراً للمشاريع في مؤسسة «إنترناشونال ايراديو ليميتد» بمطار أبوظبي، وانتقل بعد ذلك ليصبح مديراً لهذه المؤسسة بمطار الشارقة عام 1968، وطوال هذه الفترة، شجع تيرنبول طموحات دبي الرامية لامتلاك منشآتها الخاصة لمراقبة الحركة الجوية، والتي حققتها دبي عام 1967.

ويذكر تيرنبول رغبة حاكم دبي، آنذاك، المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، الرامية لتطوير إمارته، حيث تم تأسيس دائرة الطيران المدني وتولى تيرنبول مهامه مديراً للمطار، حيث أصبح من أهم المشاريع لديه بأن يجعل دبي مركزاً للطيران بالخليج العربي.

وفي أوائل سبعينيات القرن الماضي، كانت دبي تطمح بأن تكون على الخارطة العالمية، مما اعتبر هذا الأمر للكثيرين أمراً مستحيلاً، إلا أن الإحصاءات أكدت غير ذلك، حيث استقبل مطار دبي الدولي لغاية عام 2019 تقريباً ما مجموعه مليار مسافر، بالإضافة إلى السمعة الطيبة والتي يتمتع بها المطار.

تقدير كبير

بدوره، قال تيم كلارك، الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات: «كان نورمان رجلاً بمعنى الكلمة، ومساهمته في النمو المذهل لمطار دبي موضع تقدير كبير».

فيما قال غيث الغيث، الرئيس التنفيذي لشركة فلاي دبي: «كان نورمان تيرنبول رائدأ في قطاع الطيران بدولة الإمارات، حيث ساهم في نجاح هذه الصناعة. وسيفتقده مجتمع الطيران في دبي بشكل كبير». ويُعتبر تيرنبول أحد الشخصيات التي ساهمت في النمو المذهل لمطار دبي الدولي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كما لعب دوراً رئيساً في تأسيس سوق دبي الحرة، وكان له الدور الكبير كحلقة وصل بين مطار شانون في آيرلندا ومطار دبي، ما أدى إلى تشكيل فريق للإشراف على افتتاح عمليات السوق الحرة.

وكان كولم ماكلوغلين، النائب التنفيذي لرئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لسوق دبي الحرة حالياً، أحد تلك المجموعة في سوق دبي. وقال ماكلوغلين: «عند قدومي للمرة الأولى إلى دبي، قابلني نورمان في المطار. وكان بالنسبة لي بمثابة مستشار في العديد من المجالات، مثل استشارات التوظيف، والإجراءات البروتوكولية. وقد بقينا أصدقاء على مر السنين».

ومضى تيرنبول بعد ذلك وافتتح مدرسة الإمارات للطيران في 1989، وكان فخوراً باسترجاع ذكرى كونه أحد المسافرين على الرحلة التدشينية لطيران الإمارات، التي كانت وليدة أفكار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي تطورت وأصبحت علامة تجارية عالمية. إلا أن مساهمته الكبرى أتت عند إنشاء مطار دبي الدولي، والذي يعتبر اليوم المطار الأكثر ازدحاماً في العالم للمسافرين الدوليين.

وقد اتخذ تيرنبول من الإمارات موطناً له لأكثر من ستة عقود حتى وفاته. وقال حفيده ريتشارد غيب: «كان جدي يعبّر على الدوام عن تقديره وافتخاره بما تشهده إمارة دبي من نمو مذهل وما حققه مطار دبي الدولي من مكانة عالمية».