أطلقت مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إحدى مؤسسات دائرة التنمية الاقتصادية أمس تقرير حالة الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي، الأول من نوعه على مستوى المنطقة، والذي أظهر أن 51% من الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي تقوم بتصدير المنتجات أو الخدمات للدول الأخرى وتحقق جزءا من عائداتها من الأسواق الإقليمية والدولية، وذلك مقارنة بـ44% في الاتحاد الأوروبي و18% في نيوزيلندا، وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنة بالدول المتقدمة، مما يعكس تفوقها دولياً من حيث التوجه للعالمية والتصدير.

كما أظهر التقرير أن هناك نسبة كبيرة من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، أي ما يعادل 60% من المشاريع الصغيرة والمتوسطة المصدرة، لديها نسبة تزيد عن 20% كعائدات من المبيعات في الأسواق الدولية.

من المنظور الخاص بالقطاعات، فإن المشاريع الصغيرة والمتوسطة العاملة في التجارة هي الأكثر توجها إلى التصدير مقارنة بالمشاريع العاملة في الصناعة والخدمات، حيث أشار 68% من المشاريع العاملة في التجارة إلى أن لديها عائدات من الأسواق/ العملاء الدوليين، مقارنة بـ53% و37% في المشاريع العاملة في الصناعة والخدمات على التوالي.

أبعاد متعددة

ويهدف التقرير إلى تقديم رؤية عامة متعددة الأبعاد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في دبي، كما يقدم صورة كاملة حول أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة فيه، ومدى مساهمتها في الناتج المحلي لإمارة دبي، فضلاً عن الخصائص التي تتمتع بها.

واعتمد التقرير الذي أعدته المؤسسة على مقابلة نخبة من الخبراء إضافة إلى تحليل البيانات المالية لأكثر من 300 شركة صغيرة ومتوسطة، إلى جانب استبانة تفصيلية شاركت فيها 500 شركة صغيرة ومتوسطة من مختلف القطاعات.

مساهمة اقتصادية

ووفقاً للتقرير، تشكل المشاريع متناهية الصغر 72% من إجمالي الأعمال في دبي، تتبعها الشركات الصغيرة بمعدل 18% ومن ثم المتوسطة بنسبة 5% من إجمالي الأعمال. وفيما يتعلق بتقسيم الشركات تبعا للقطاعات، فإن قطاع التجارة يمتلك 57% من المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دبي، يتبعه قطاع الخدمات بمعدل 35%، ثم الصناعة بنحو 8%.

وتساهم المشاريع المتوسطة بنحو 17% في إجمالي القيمة المضافة لاقتصاد دبي تليها المشاريع الصغيرة بمعدل 14% ومن ثم المشاريع متناهية الصغر بحوالي 8% من إجمالي القيمة المضافة لإمارة دبي.

وفيما يتعلق بالإسهامات المتعلقة بالقطاعات، تبلغ حصة قطاع التجارة نسبة 47% من القيمة الكلية المضافة بواسطة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بينما تبلغ الحصة حوالي 41% وتقدر حصة قطاع الصناعة بحوالي 13%.

التوظيف

وبالنسبة للمساهمة في توظيف القوى العاملة، فقد بينت الدراسة أن الشركات متناهية الصغر تعد مسؤولة تقريبا عن 14.6% من إجمالي قوة العمل في دبي، بينما توظف الشركات الصغيرة حوالي 16.4% والشركات المتوسطة حوالي 11%.

ويشكل قطاع الخدمات أغلبية قوة العمل الإجمالية الموظفة في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دبي بنسبة (51%)، يليها قطاع التجارة بنسبة (33%). وتقدر مساهمة قطاع الصناعة بحوالي 16% من إجمالي العمالة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

دبي الرقم واحد

وبهذه المناسبة، قال سامي القمزي، مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية بدبي: "نحن فخورون بقيام مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة بإعداد هذا التقرير الشامل والمفصل للوضع الاقتصادي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في دبي، ومقارنتها مع الاقتصاديات الأخرى.

وسوف تسهم هذه الحقائق في وضع الاستراتيجيات والمبادرات المناسبة للسنوات المقبلة، بحيث تجعل من دبي المدينة رقم واحد في العالم لتأسيس ونمو وتوسع المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتصبح شركات عالمية".

وأضاف القمزي: "تعكس نتائج التقرير قوة وحيوية اقتصاد الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي، ودعمها لاقتصاد الإمارات ككل.

وفي الوقت الذي يستمر فيه قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تنمية اقتصاد الامارة، نجد أن هناك العديد من نقاط القوة في القطاع بإمارة دبي بشكل عام، ولا تزال هنالك مجالات عديدة للتحسين، حيث ستكون نتائج هذه الدراسة أساساً لوضع الاستراتيجيات التي ستعزز من مكانة الشركات الصغيرة والمتوسطة وتسهم في تبني مبادئ الحوكمة الرشيدة ورفع مستوى الحصول على التمويل وتطوير العمليات التشغيلية في الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي".

فرص تمويلية

ومن جانبه، دعا عبدالباسط الجناحي، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة البنك المركزي إلى دفع المصارف في الدولة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بمعدلات أكبر، حيث تصل حصتها من محفظة تمويل المصارف في الإمارات إلى 4% فقط، لافتاً إلى أن قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة يوفر فرصاً تمويلية بقيمة 6 مليارات درهم للقطاع المصرفي.

وأضاف تعليقاً على إطلاق التقرير: "يسعدنا إطلاق تقرير حالة الشركات الصغيرة والمتوسطة، الذي يعد ثمرة جهود فريق عمل المؤسسة خلال العامين الماضيين، وتعتبر نتائجه بمثابة المدخلات للخطة الاستراتيجية للمؤسسة للسنوات الخمس القادمة والتي سيتم إطلاقها في بداية العام 2014، والتي تركز على تعزيز بيئة عمل المشاريع الصغيرة والمتوسطة لدعم دورة حياة الشركات من التأسيس إلى العالمية، وجعل دبي المكان الأمثل لبدء ونمو واستثمار وتوسع الشركات الصغيرة والمتوسطة لتصبح شركات رائدة عالمية".

وأضاف الجناحي: "يعتبر التقرير مرجعاً وذا أهمية كبيرة لعدد من الهيئات العامة والخاصة، التي تعنى بقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في إمارة دبي، والتي تشمل كلاً من البنوك والمؤسسات المالية وشركات الاستشارات والتدريب، والشركات التي تقدم خدمات وحلول تكنولوجيا المعلومات، وشركات المحاسبة والهيئات الصناعية وغيرها، حيث يوفر التقرير كافة المعلومات والحقائق حول خصائص الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي، والتي يمكن بناء المؤشرات عليها".

ودعا الجناحي كافة الجهات المعنية لتوحيد الجهود ودعم المؤسسة، حيث إن التقرير يظهر امتلاك الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي أفضل الفرص للدخول بنماذج اعمال تتميز بالديناميكية والابتكار، فضلا عن البيئة المحيطة بها، والتي توفر كافة الأدوات اللازمة للتطوير والتوسع في قاعدة الأعمال لبلوغ مستوى الشركات العالمية.

مؤشرات وأرقام

وأظهر التقرير أن معدل إنتاجية العمالة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة يبلغ حوالي (149,641) درهما للعامل وهو أقل من معدل إنتاجية الشركات الكبرى والتي تبلغ حوالي (164,233) درهما للعامل.

وتتميز الشركات المتوسطة بأعلى معدلات الإنتاجية والتي تصل إلى (244,785) درهما للعامل، تليها الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر والتي تقدر بـ138.958 درهما و91.080 درهما للعامل على التوالي.

وتعكس المقارنة الدولية في التقرير أن إنتاجية قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دبي أقل بالمقارنة مع الاقتصاديات المتقدمة مثل سنغافورة (391.816 درهما للعامل) وكوريا الجنوبية (214.787 درهما للعامل)، واستطرد الجناحي قائلاً: الأسباب الرئيسية لانخفاض مستويات الإنتاجية في المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دبي هي قلة تركيز الشركات على الابتكار، وإعادة هندسة العمليات لتحسين الكفاءة، ومحدودية تركيز الشركات على التدريب والتنمية وصقل مهارات الموظفين بسبب الطبيعة المؤقتة لقوة العمل، إضافة لقلة تبني الشركات لأنظمة تقنية المعلومات المتطورة (مثل نظم إدارة موارد الشركات ونظم إدارة علاقات العملاء).

الحوكمة والابتكار

ذكر التقرير أن تبني الشركات الصغيرة والمتوسطة للتكنولوجيا في تطوير عملياتها وخدماتها لا يزال محدوداً، وأن عليها تحسين الحوكمة والشفافية المالية إذا كانت تطمح للعمل في الأسواق العالمية، وجذب المستثمرين والتعاون التجاري المشترك، وأن تركز على تطوير قدرات الموارد البشرية من خلال توظيف ومكافأة المواهب الصحيحة.

 

خدمات الأعمال تتصدر القطاعات في صافي الأرباح

 

أظهر تحليل الربحية في التقرير أن هوامش صافي الربح للمشاريع المتوسطة والصغيرة في خدمات الأعمال الأعلى ضمن قطاع الخدمات وباقي القطاعات الأخرى وهي التجارة والصناعة، حيث يتراوح هامش صافي الربح لخدمات الأعمال بين 10-22%، فيما تحقق الخدمات المهنية هامش صافي ربح بين 8- 20%، أما متعهدو الرحلات ووكلاء السفر فلديهم أقل الهوامش بين جميع القطاعات (هامش صافي الربح يتراوح بين 2-8%).

وبالتالي هناك حاجة عند وكالات السفر ومتعهدي الرحلات لزيادة نسبتهم (من خلال أنظمة الحجز على الإنترنت وعبر استهداف قطاع السفر المشترك) و/أو عرض خدمات ذات قيمة مضافة أعلى (عروض رحلات متخصصة، مثل الرحلات العلاجية والرحلات الرياضية، إلخ).

وعلى الرغم من أن أعمال المطاعم والخدمة لديها هوامش إجمالي ربح عالية (تتراوح بين 50 60%)، فإن الهوامش تتناقص بشكل كبير عند المستوى التشغيلي بسبب النسبة العالية من التكاليف غير المباشرة (هوامش الربح التشغيلي تتراوح بين 12- 18% وهامش صافي الربح يتراوح بين 10 15%). وبالتالي فإن المطاعم التي يمكنها إدارة تكاليفها التشغيلية بكفاءة من المحتمل أن تحقق هوامش صافية أعلى مقارنة بمؤشر الصناعة الذي يبلغ 10 15%.

وأظهر التقرير اختلاف نسبة هامش صافي الربح في الأقسام الفرعية للتجارة، مع تصنيفها طبقا لمستويات المنتجات، وتكون هوامش صافي الربح هي الأعلى في حالة المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في تجارة مواد البناء (نسبة هامش ربح تتراوح بين 10 14%).

وعلى العكس، فإن المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في تجارة الجملة الخاصة بالمجوهرات والأحجار النفيسة لديها أقل الهوامش (نسبة هامش صافي الربح تتراوح بين 2 7%) وعلى الرغم من أن أعمال التجارة في الآلات والمعدات لديها أعلى هوامش إجمالي الربح (تتراوح بين 30 40%)، فإن هذه الهوامش تتناقص بشكل بارز على المستوى التشغيلي بسبب هيكل نفقات الأجور العالي في هذه الأعمال (تتراوح نسبة هوامش الربح التشغيلي بين 10 15%) ونسبة هامش صافي الربح بين 6 12%).

وتتراوح هوامش إجمالي الربح للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطاع الصناعة في دبي بين 30 40% من عائداتها. وتتراوح هوامش الربح التشغيلي وصافي الربح في المشاريع الصناعية بين 10 20% و7 18% على التوالي.

ويظهر التقرير أن 70% من المشاريع الصغيرة والمتوسطة تتوقع نموا عاليا أو متوسطا في الطلب على سلعها أو خدماتها على المدى المتوسط. وأشار ما يقارب 45% من الشركات في الدراسة إلى أن استخدامها للطاقات والقدرات أعلى من 75%.

ويلاحظ أن استغلال الطاقات والقدرات وكذلك توقعات التوسع هي الأعلى بين المشاريع الصغيرة والمتوسطة العاملة في الصناعة. تميل المشاريع الصغيرة والمتوسطة العاملة في التجارة إلى أن يكون لديها هيكل تكلفة ثابتة منخفض؛ 46% من هذه الشركات أشارت إلى أن حصة تكلفة النفقات غير المباشرة الثابتة كجزء من تكلفتها الكلية تتراوح بين 0 30%.

 

المصارف تمول 23 % فقط من مشاريع القطاع

أظهر التقرير محدودية وفرة التمويل الخارجي للبدء بالأعمال في دبي. ويتضح هذا في واقع أن أغلبية 80% المشاركين في التقرير أشاروا إلى أن المال الشخصي والمدخرات هما المصدر الأساسي للتمويل عند البدء بأعمالهم في دبي.

وتوفر التمويل المصرفي للنمو والعمليات التشغيلية محدود أيضا، حيث أشار 23% فقط من المشاركين في الدراسة إلى تمكنهم من الحصول على التمويل المصرفي في السنوات الخمس الأخيرة.

والسبب الرئيسي الذي أشارت إليه الشركات والذي يدفعهم لطلب الدين الخارجي من البنوك هو الوفاء بمتطلبات رأس المال العامل لديهم (كما أوضح 59% من المشاركين في التقرير). وأشارت نسبة 37% من الشركات إلى أنها حصلت على قروض لأجل للتوسع في رأس المال / الاستثمار في أعمالها، وذكر حوالي 4% أنهم تمكنوا من الحصول على مزيج من التمويل قصير الأجل وطويل الأجل.

وهذا ينعكس على المستوى العام، حيث حصل 10% فقط من المشاريع الصغيرة والمتوسطة (بمعنى أن 41% من نسبة 23% من المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي حصلت على التمويل) استطاعت الحصول على تمويل طويل الأجل للاستثمار في رأس المال في شركاتهم.

ويمكن أن نجد متطلبات التمويل طويل الأجل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في نطاق يتراوح بين مليون و5 ملايين درهم إماراتي، أما متطلبات التمويل قصير الأجل فتصل بشكل أساسي إلى مليون درهم في السنة. ويمكن أن يكون هذا في صورة قروض قصيرة الأجل، ائتمان متجدد، أو تسهيلات تمويل تجارية.

من وجهة نظر متعلقة بالقطاعات، فإن الحصول على التمويل البنكي هو الأعلى لدى المشاريع الصغيرة والمتوسطة العاملة في التجارة، ومن منظور حجم الشركات فهو يسود بشكل أكبر بين الشركات متوسطة الحجم.

 

ملخص النتائج

 

أظهر تقرير حالة الشركات الصغيرة والمتوسطة، أن الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي تتفوق على نظيراتها في مختلف أنحاء العالم من حيث التوجه للعالمية والتصدير، ويعتبر أداؤها مقبولا في نواحي تبني تقنية المعلومات وتنمية الموارد البشرية والحصول على التمويل، ولكن يعتبر أداؤها متدنياً من حيث الابتكار والحوكمة والقدرة على التوسع.