تُعزز أسعار الخدمات في دبي من تنافسية الإمارة في القطاعات الحيوية وأهمها الاستثمارات العقارية والسياحة والتجزئة، والدليل أن دبي تعتبر ثاني أهم وجهة تسوق في العالم 2015 بحسب تقرير المجموعة الاستشارية العالمية «سي بي آر إي»، كما أنها ضمن قائمة أكبر 10 وجهات عالمياً في جاذبية الاستثمار العقاري (مؤسسة نايت فرانك العقارية العالمية)، بالإضافة إلى أنها خامس أهم وجهة سياحية في العالم (مجلس السفر العالمي).

العقارات

زادت تنافسية السوق العقاري في دبي لتزاحم أسواق عواصم دولية عريقة وشهيرة على عرش المرتبة الأولى في جذب الأثرياء والميسورين وأصبحت حلما يراود مئات الملايين في العالم. فأسعار عقاراتها وتنوعها ورسوم تملكها وقيم إيجاراتها رغم ما يرميها البعض بتهمة (الغلاء) إلا أنها (الأرخص) على مستوى 110 دول طبقاً لبيانات منظمات عالمية وبيانات رسمية.

وتبرز عوامل عدة في تسريع صدارة دبي عقارياً على مستوى العالم فسوقها العقاري مستفيد من حزمة مكاسب وتسهيلات وإعفاءات أقرتها السلطات العليا في مقدمتها غياب الضرائب على العقار وعلى عائداته فضلا عن حرية انتقال رأس المال وسهولة ممارسة الأعمال.

رسوم

ويقول سلطان بطي بن مجرن مدير عام دائرة أراضي وأملاك دبي ان دبي باتت مدينة عالمية على خلفية الإنفاق الحكومي السخي في تطوير البنية التحتية وتشجيع الاستثمار في الامارة، وأثمر ذلك زيادة في قيمة العقار بأضعاف ما كان عليه قبل 10 سنوات و20 سنة وحصد الملاك عوائد غير مسبوقة على مستوى العالم.

وأوضح أن ترتيب دولة الامارات يأتي أولا في تقرير ممارسة الاعمال على صعيد قلة تحصيل الرسوم فضلاً عن الرسوم التي تتقاضاها دائرة الاراضي تعد الأقل على مستوى 110 دول يعيش سكانها بدخل مقارب لنظيره في دولة الإمارات فضلاً عن شهرتها بكونها حاضنة لأقوى الأسواق العقارية الدولية.

وشرح بن مجرن بالأرقام أن الرسوم العقارية (التي تفرضها بعض تلك الدول تحت بند الضرائب) وهي الأعلى مقابل 4 % تطبقها دبي وهي بريطانيا ما بين 4-7-15% وماليزيا 5- 10% وفرنسا 6 % واليابان 5.8 % ودول الشرق الاوسط وشمال افريقيا 6.9 % والهند 7.3 % وباكستان 7.8%.

أسعار البيع

أسعار الوحدات السكنية في دبي هي الأرخص حول العالم، ولو ضربنا مثالا على أغلى سعر قدم - وحدة قياس - في دبي وليكن في منطقة عند برج خليفة والذي يبلغ نحو 700 دولار، سيظهر أن هذا السعر يعادل نصف سعر عقار في بغداد أو في بيروت، وهو أيضا 30 % أقل من أسعار اسطنبول، و50 % أقل من بومباي، ورُبع سعر سنغافورة وعُشر سعر لندن، والتي يصل فيها سعر القدم في المناطق الراقية نحو 10 آلاف دولار.

وبحسبة بسيطة، إذا قمنا بقياس سعر فيلا ضمن أي مشروع عقاري في دبي وستكون المفاجأة بأن سعر القدم المربع فيها أقل بنحو 300 دولار مقارنة بأي عقار مماثل في أي ضاحية من ضواحي لندن مع ملاحظة أن المبلغ سيتضاعف مرات عديدة في مركز المدينة.

السياحة

تعتبر دبي حالياً خامس أكبر وجهة سياحية عالمياً، وقد ترتقي إلى المركز الرابع في قائمة العام الحالي بعدما وصل عدد سياحها العام الماضي إلى ما يفوق 13.2 مليون زائر. كما يعتبر منتجها الفندقي الأفخم عالمياً، فعدد الفنادق 5 نجوم في دبي يفوق 85 فندقاً، هذا دون ذكر أن خدمة فندق فئة 3 نجوم في دبي تضاهي خدمة 5 نجوم في باريس أو لندن. وهذا ما يعزز تنافسية دبي السياحية ويجعلها المرشح الأول للتربع على عرش الوجهات السياحية العالمية خلال السنوات القليلة المقبلة، كيف لا وهي حققت أعلى معدل نمو في سياحها خلال 2014 بـ8.2 % مقابل 2.7 % لباريس و 2.3 % لندن و3.8 % لنيويورك.

احتلت دبي المركز الـ27 عالمياً ضمن قائمة تكلفة السياحة التي أعدتها صحيفة التلغراف اللندنية استناداً على أرقام مجلس السفر والسياحة العالمي، حيث قارنت الصحيفة التكلفة التي يدفعها السائح في يوم عادي تضمنت سعر الفندق ورحلة تاكسي واحدة ووجبتي غداء وعشاء، حيت استثنت الصحيفة أية مصروفات أخرى تتعلق بالتسوق أو الهدايا أو زيارة المعالم السياحية الأخرى. وحلت مدينة أوسلو المركز الاول في قائمة أغلى المدن عالمياً بالنسبة للسياح، حيث بلغت التكلفة التي يدفعها السائح خلال يوم واحد 381.3 جنيها إسترلينيا، متبوعة بزيوريخ بـ343.2 جنيهاً، ثم ستوكهولم بـ342.25 جنيهاً، فنيويورك بـ338.3، تلتها باريس بـ335، في حين حلت سيدني الأسترالية بـ301.8 جنيه ثم لندن بـ295.97، ثم كوبنهاغن بـ290.9 ثم كانكون المكسيكية بـ289.2، في حين جاءت مدينة بونتاكانا في جمهورية الدومينيكان بـ285.6 جنيها إسترلينيا. أما دبي التي تعتبر خامس أشهر وجهة سياحية في العالم (وقد تتقدم نحو المركز الرابع خلال العام الجاري) فبلغت التكلفة التي يدفعها السائح خلال يوم واحد نحو 150.31 جنيهاً استرلينياً حلت بها في المركز 27 عالمياً.

مقارنة فنادق

وإذا ما أردنا مقارنة المدن الرئيسية في العالم، من وجهة نظر السائح، فالإقامة في فندق 5 نجوم في قلب دبي خلال موسم الذروة سيتراوح السعر ما بين 500 إلى 800 دولار، في حين أن الإقامة بفندق 5 نجوم في شارع بيكاديلي في لندن ما بين 100 إلى 1300 دولاراً، أما باريس فإن الإقامة بفندق 5 نجوم في قلب عاصمة الأنوار باريس (شارع الشانزيليزيه) لن يقل عن 1500 إلى 2000 يورو (يمكن التحقق من الأسعار عن طريق موقع booking.com).

أما الأرقام الحكومية فإن متوسط سعر الفندق في دبي بلغ العام الماضي 657 درهما (دائرة السياحة)، أما في باريس فبلغ 300 يورو (1255 درهما) حسب هيئة السياحة الفرنسية، في حين بلغ في لندن 282 جنيها استرلينيا ما يعادل 1625 درهما (وزارة السياحة البريطانية).

وسائل النقل

أما في ما يخص وسائل النقل العامة، فرحلة واحدة من برج إيفيل نحو شارع الشانزيليزيه (24 دقيقة لو اخترت المشي) تكلف بالتاكسي 20 يورو (83 درهماً)، بينما في لندن رحلة تاكسي من منطقة البرلمان (برج البيغ بين)، نحو جسر لندن (41 دقيقة لو اخترت المشي) تكلف السائح 15 جنيها (86 درهماً)، في حين أن سعر رحلة التاكسي من جبل علي التي تعتبر آخر دبي جنوباً نحو منطقة ديرة نهاية دبي شمالاً (9 ساعات و3 دقائق مشيا)، تكلف السائح 100 درهم. أما إذا اخترت المترو فالحد الأقصى لتذكرة واحدة في مترو دبي تبلغ 10 دراهم (كل الخطوط)، بينما تبلغ في باريس 16.6 يورو أو ما يعادل 69 درهماً (كل الخطوط ما عدا المطار) وفي لندن نحو 11.7 جنيها (67 درهماً).

الحكومة غير راضية!

ورغم أن متوسط سعر الإقامة في فنادق دبي التي تعد خامس أكبر وجهة سياحية في العالم يبلغ 657 درهماً، وهو أقل بـ47 % مقارنة بباريس و60 % بلندن، إلا أن الجهات الحكومية غير راضية عن هذا الرقم وتعتبره عالياً، حيث قال هلال سعيد المري، المدير العام لدائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي، أسعار الفنادق معقولة وجاذبة للسياح، والدليل أن الإمارة تشهد نمواً في سياحها سنوياً بنسب قوية تعد الأعلى عالمياً، لكننا نود أن تكون أسعار فنادقنا أرخص لتلائم جميع الفئات الاجتماعية، لا نستطيع التدخل لخفض الأسعار، لأننا نؤمن بسياسة الاقتصاد الحر، لكننا نعمل على تخفيض الأسعار بشكل غير مباشر من خلال الزيادة في عدد الغرف الفندقية ما يساهم في رفع التنافسية وخفض الأسعار، كما نعمل أيضا على تقديم حوافز للمستثمرين من أجل بناء فنادق من فئتي 3 و4 نجوم.

قائمة المعيشة

أزاحت العاصمة النرويجية أوسلو نظيرتها اليابانية طوكيو عن صدارة قائمة أغلى المدن في تكلفة المعيشة عالمياً خلال العام الجاري، حيث تراجعت طوكيو إلى المركز الثاني بعد أن تربعت على عرش القائمة منذ 1991 إلى غاية العام الماضي. وذلك حسب تقرير وحدة الإيكونيميست إنتليجنس، التي بنت تصنيفها استناداً على بيانات صادرة عن البنك الدولي. وجاءت أوساكا اليابانية في المركز الثالث، متبوعة بالعاصمة الفرنسية باريس، ثم العاصمة الدنماركية كوبنهاغن. كما حلت عاصمة بريطانيا لندن المركز السادس متبوعة بكل من زيوريخ (سويسرا) وجنيف (النمسا) وهيلسنكي (فنلندا) وريكيافيك (أيسلندا) في المراكز التالية.

عروض التجزئة في الإمارة لمختلف فئات المتسوقين

تتميز دبي بتنوع عروض التجزئة عبر مختلف مراكز التسوق التي تزخر بها، مما يوفر خيارات واسعة أمام مختلف الشرائح المادية للسياح والتي تناسب ميزانية كل منهم، وتشير التقارير الدولية المتخصصة إلى أن الإمارة تواصل ترسيخ جاذبيتها لكبرى علامات التجزئة خاصة بعد أن حافظت على مكانتها كثاني أكثر وجهات التسوق أهمية على المستوى العالمي بحسب تقرير شركة سي بي آر إي الصادر مؤخراً.

اهتمام حكومي

وأكد محمد عبد الرحيم الفهيم، الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات باريس غاليري أن قطاع تجارة التجزئة ضمن جميع تخصصاته، يلقى اهتماماً كبيراً من قبل الحكومة ما دعاها لتقديم العديد من التسهيلات والمبادرات التي ساهمت بشكل فاعل في استقطاب الشركات الضخمة وكبار المستثمرين ورواد الأعمال، كما أن ارتفاع معدل دخل الفرد ونمو القطاع السياحي هما من العوامل الأخرى التي ساهمت في الارتقاء بقطاع التجارة بالتجزئة، إضافة إلى استمرار حركة التطور والعمران التي تشهدها البنية التحتية وتطور قطاع الطيران والسفر، ولفت إلى أن نجاح دبي والإمارات في تعزيز مكانتها بين دول الخليج العربي والمنطقة والعالم كوجهة أساسية للزوار أو للوافدين القادمين بغية العمل والإقامة، دعا إلى مزيد من الثقة لدى المستهلكين والمستثمرين على حد سواء.

ارتباط وثيق

وأوضح الفهيم أن قطاع التجزئة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقطاع السياحة، بحيث يؤثر نمو وازدهار كل قطاع على الآخر بشكل مباشر، وإذا نظرنا إلى تعداد السياح القادمين إلى دبي والدولة عام 2014 نرى نسبة زيادة قدرها 8%، حيث وصل عدد السياح القادمين إلى دبي وحدها 13 مليون سائح، هذه الأرقام تتحدث بكل وضوح عن حجم نمو قطاع التجزئة خلال عام 2014.

وأضاف، شهد 2014 نمواً واسعاً في أداء مراكز التسوق، في ضوء ارتفاع ثقة المستهلك بآفاق الاقتصاد المحلي وارتفاع الإنفاق الاستهلاكي. وحافظت دبي في 2014 على موقعها العالمي بالمرتبة الثانية بين أهم وجهات تجارة التجزئة للسنة الثالثة على التوالي، حيث تتصدر مع مدينة لندن هذه القائمة بفارق كبير عن نيويورك وموسكو وشانغهاي. وهناك دراسات تشير إلى أن حجم تجارة التجزئة في دبي سيصل إلى 150 مليار درهم بحلول نهاية العام، إذ ستبلغ نسبة نمو مبيعات القطاع خلال العام ما يقارب 20%.

وأشار الفهيم أن تكاليف التشغيل ضمن قطاع التجزئة قد زادت لكن بنسب محدودة جدياً لا تمثل أي إشكالية، فهي بالتالي لا تفرض أي تحد يثير القلق.

مكانة متميزة

من جانبه قال ديفيد ماك آدام الرئيس التنفيذي لمجلس الشرق الأوسط لمراكز التسوق ان قطاع التجزئة في دبي نجح في الاستحواذ على مكانة متميزة مقارنة مع أهم أسواق التجزئة العالمية الأخرى، حيث تسجل أسواق التجزئة في الإمارة مستويات نمو تفوق المعدلات التي تحققها أي مدينة أخرى في العالم. وأوضح أن القطاع يساهم في توظيف 23 % من اليد العاملة في الإمارة مقارنة مع 11 % في أهم مراكز التجزئة الدولية، كما تصل مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لدبي إلى 29 %.

ولفت ماكادام إلى أن هوامش الأرباح والأسعار في القطاع تختلف من منتج لآخر ومن متجر لآخر، وهي ظاهرة عالمية وليست محصورة بدبي فقط، مشيراً إلى أن هوامش الأرباح التي تحققها شركات التجزئة العاملة في الإمارة تواكب المعدلات العالمية.