المسافرون يشكون غياب الطيران الاقتصادي

يؤكد كثير من المسافرين في الدولة، أن أسعار الطيران الاقتصادي لا تختلف عن الطيران التجاري، برغم أن «الاقتصادي» يخلو أو يكاد من الخدمات التي توفرها شركات الطيران التجاري.

ويشير كثير من المسافرين إلى السوق الأوروبي أو السوق الأميركي، حيث يلمس المسافر الفرق واضحاً في الأسعار بين الطيران منخفض التكلفة، وبين الطيران التجاري كامل الخدمات، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على المنافسة واستقطاب المسافرين، وفقاً لميزانية المسافر واحتياجاته.

لكن العاملين في القطاع يؤكدون بدورهم أن دولة الإمارات تعد واحدة من أكبر أسواق النقل الجوي على مستوى المنطقة والعالم، وهي تحافظ منذ سنوات على معدل نمو يزيد على 5 % في الطلب على المسافرين، أي أعلى من المعدل العالمي، وبالتالي، فإن حجم الطلب يبقى أعلى من المعروض، وهو ما يفسر تقارب الأسعار في كلا القطاعين، حتى وإن اختلفت المسميات.

ويؤكد عادل علي الرئيس التنفيذي لشركة العربية للطيران، أنه، وعلى الرغم من أن أسعار التذاكر قد تتقارب بين شركات الطيران الاقتصادي والتقليدي في بعض المواسم، إلا أنها بشكل عام، تبقى أرخص من غيرها. وفي الحقيقة، فإن ظهور شركات الطيران الاقتصادي كمنافس قوي لشركات الطيران التقليدي، دفع بهذه الأخيرة إلى مراجعة سياسات التسعير الخاصة بها، وجعلها أكثر مرونة، خاصة أن استهداف شركات الطيران الاقتصادي للكثير من المطارات الثانوية التي لا تغطيها شركات الطيران التقليدية في شبكة وجهاتها، قد منح قطاع الطيران الاقتصادي أفضلية في العديد من الأسواق.

اختلاف

وفي ما يتعلق باختلاف مفهوم الطيران الاقتصادي في أوروبا وأميركا عن المنطقة، قال عادل علي إن قطاع النقل الجوي في الإمارات والمنطقة، شهد خلال السنوات القليلة الماضية نمواً غير مسبوق، إذ تضم المنطقة عدداً من أكبر وأنجح شركات الطيران على مستوى العالم، وأسرعها نمواً. ويعود ذلك إلى جملة من العوامل، يتعلق بعضها بالسياسات المتبعة ضمن هذه الشركات، والمناخ الاقتصادي والاستثماري المشجع في المنطقة، والنمو المتواصل في قطاع السياحة والتجارة، وغيرها من العوامل التي ساعدت على بناء قطاع قوي وفعال، يعد من الأفضل على المستوى العالمي.

وأشار إلى أنه، وعلى عكس الأسواق الأوروبية والأميركية، والتي تعتبر مشبعة إلى حد ما، فقد أتى نشوء وتوسع قطاع الطيران الاقتصادي، ليلبي حاجة أساسية بالنسبة لقطاعات واسعة من العملاء في منطقة الشرق الأوسط. أما بالنسبة لشركات الطيران الاقتصادي في المنطقة، فهي مهيأة للنمو بقوة واستدامة خلال الفترة القادمة، ويشهد على ذلك أرقام النمو المدهشة التي سجلتها هذه الناقلات مؤخراً، سواء من حيث حجم الأسطول أو شبكة الوجهات.

وأشار إلى أنه على الرغم من كل ذلك النمو، هناك ما يناهز مليارين من الناس يعيشون في منطقة يبلغ قطرها أربع ساعات طيران، انطلاقاً من منطقة الخليج العربي، ولا شك أن هذه المنطقة الشاسعة، وهذا التعداد الهائل من البشر، يحمل في طياته الكثير من فرص النمو المستقبلية لشركات الطيران في المنطقة، على حد سواء، ويبقى الطلب قوياً على مدار العام.

أسعار الوقود

وحول أبرز العوامل التي تتحكم بسعر التذكرة في الطيران الاقتصادي، أشار الرئيس التنفيذي للعربية للطيران، إلى أن أسعار الوقود في العادة تمثل العبء الأكبر من التكاليف التي تقع على عاتق شركات الطيران، سواء التقليدية أو الاقتصادية. ولكن الانخفاض الحاد في أسعار النفط، يشكل عادة عبئاً على هامش الأرباح، بسبب التحديات الجمة التي يواجهها الاقتصاد المحلي والعالمي. وبما أن أسعار التذاكر تخضع بشكل رئيس لدينامية العرض والطلب في السوق، فإن ذلك يتيح لنا مرونة أكبر في توفير أفضل خيارات القيمة مقابل المال لعملائنا، مهما كانت ظروف أسواق النفط العالمية.

وعن حصة الطيران الاقتصادي في الدولة، ونسبة النمو، أكد أنه، ومع توسع الطيران الاقتصادي في مختلف الأسواق، وخلق أسواق جديدة كانت الناقلات التقليدية تعتبرها غير مجدية من الناحية التجارية. بدأت الناقلات الاقتصادية بالاستحواذ على حصة متنامية في السوق، في الوقت الذي أخذ فيه الكثير من المسافرين بالابتعاد تدريجياً عن السفر العالي التكلفة على الخطوط الجوية التقليدية، والتحول إلى السفر على متن الناقلات الاقتصادية، التي تقدم الخدمات التي يحتاجها المسافرون فقط، بتكلفة معقولة وكفاءة عالية. ونحن نرى أن هذا التوجه في السوق سيتواصل خلال السنوات القادمة.

عوامل السعر

ومن جهته، يشير حمد عبيد الله، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في فلاي دبي، إلى أن أسعار التذاكر تتأثر بموعد إجراء الحجز مقابل الموعد الفعلي للسفر، حيث يستفيد المسافرون الذين يحجزون مبكراً، وخاصة عبر المواقع الإلكترونية للشركات من أفضل الأسعار المتاحة.

وقال إن الطيران الاقتصادي الذي خدم أسواقاً لم تكن تتمتع بخدمات طيران مع دبي، يستفيد من ميزة العرض والطلب، كما أنها تعطي المسافرين على الدرجة السياحية حرية التحكم بنفقاتهم، مقابل الحصول على الخدمات التي يحتاجونها فقط، موضحاً أن هناك متغيرات عدة تدخل في أسعار التذاكر، منها أسعار الوقود وأسعار صرف العملات، وفلاي دبي تعمل في بيئة ذات تنافسية عالية، لذا، نحدد أسعارنا بناءً على العرض والطلب في السوق.

حكم السوق

ومن جهته، قال سعيد العابدي رئيس مجلس إدارة العابدي القابضة، إن معادلة العرض والطلب، هي العامل الرئيس الذي يحافظ على ثبات الأسعار، أو لنقل تقارب أسعار الطيران الاقتصادي مع التجاري، وخاصة في مواسم السفر، ونقصد بها هنا العطلات الرسمية والأعياد، حيث يزيد الطلب بشكل هائل يفوق العرض مرات، علماً بأن سوق الإمارات يبقى متحفظاً بالطلب على مدار العام، وإن كان حجم الطلب يختلف من فترة إلى أخرى.

وأضاف العابدي أن السوق ما زال يتمتع بجاذبية عالية، يمكنه امتصاص حجم الطلب الكبير، وهو سوق تنافسي، يستفيد من موقع الإمارات الاستراتيجي، التي تحولت إلى مركز طيران يربط الشرق بالغرب، ويعبر من مطاراتها يومياً آلاف المسافرين إلى وجهاتهم في أوروبا وآسيا وأميركا.

استمرار النمو

وأشار العابدي إلى أن هذه الحقائق تؤكدها الأرقام والبيانات العالمية الصادرة من المنظمات الدولية، التي تشير إلى استمرار النمو في النقل الجوي في مختلف دول المنطقة، وخاصة الخليجية منها، حيث تحولت مطارات مثل دبي وأبوظبي والدوحة، إلى مراكز عالمية للرحلات الطويلة ومسافري الترانزيت.

وأوضح أن الحقائق السالفة، تعزز من غياب أي فرق في الأسعار بين الطيران التجاري ونظيره الاقتصادي، بعكس أحوال السوق في الدول الأوروبية والأميركية، حيث الفرق بارز بين كلا القطاعين التجاري والاقتصادي.

وأكد العابدي أنه لن يكون هناك أي مشكلة في وجود شركات طيران أخرى في سوق الدولة، وخاصة في ظل تبني الإمارات لسياسة الأجواء المفتوحة، التي جلبت العديد من المزايا لشركات الطيران والمطارات في مختلف أنحاء الدولة، حيث نرى معدلات النمو السنوية المتسارعة.

وأشار العابدي إلى أن وقائع السوق دفعت شركات طيران في الدولة، ومنها فلاي دبي، إلى إدخال خدمات درجة رجال الأعمال، لأن السوق متوفر، والطلب جيد على هذه الخدمة، رغم أن الناقلة انطلقت كشركة طيران اقتصادي، وهذا يثبت أن سوق الدولة ما زال يتمتع بعوامل جذب كبيرة، من حيث الطلب على شرائح المسافرين المختلفة.

وقال إن تجربة دولة الإمارات مع الطيران، تكاد تختلف عن دول العالم، حيث أضافت ناقلات الدولة أبعاداً جديدة للخدمات، جعلت منها أنموذجاً في القطاع، والناظر اليوم إلى تجارب طيران الإمارات والاتحاد، يدرك هذه الحقيقة، ونقل معايير الخدمة إلى آفاق أرحب.

حصة

تشير تقارير عالمية، إلى أن حصة الطيران الاقتصادي في الإمارات تصل اليوم إلى نحو 18 % من سوق الطيران، وهي الأعلى في المنطقة.

وكان تقرير مركز آسيا الهادئ، قد أشار إلى أن حصة القطاع في المنطقة تصل إلى 13.5 %، وتتركز معظمها في ثلاثة أسواق رئيسة، وهي الإمارات ومصر والسعودية، حيث تبلغ في هذه الدول 18 و14 و13 % على التوالي.

ويقول التقرير إنه، ورغم الأحداث الإقليمية التي أجبرت بعض الشركات على الانسحاب، إلا أن الطيران الاقتصادي يواصل نموه بوتيرة متسارعة، كما تواصل الشركات تحقيق الأرباح، رغم التحديات الإقليمية والاقتصادية. وخلال عقد من الزمان، ارتفعت حصة الطيران الاقتصادي على الخطوط الدولية من صفر إلى 9.4 % و15.8 %، من نسبة المقاعد داخل منطقة الشرق الأوسط.

أسواق جديدة ووجهات غير مخدومة

يشير رياض الفيصل مدير عام أصايل للسفريات، إلى أن «اختفاء» أسعار الطيران الاقتصادي من السوق، يحكمه السوق نفسه، الذي يرتفع الطلب فيه إلى مستويات هائلة في فترات الصيف وفي الأعياد والعطل الرسمية، والتي لا تكاد تجد فيها مقعداً شاغراً على مختلف الوجهات، الأمر الذي يلغي تلقائياً الفرق بين الطيران الاقتصادي والتجاري من حيث الأسعار.

وأكد الفيصل أن ميزة الطيران الاقتصادي في الإمارات، أنه أوجد وجهات وخلق أسواقاً لم تكن مخدومة من قبل الطيران التجاري، وهو عامل زاد من الطلب على هذه الشركات، وهي أمثلة واضحة اليوم في الوجهات التي تسافر إليها كل من فلاي دبي والعربية، وخاصة في أسواق جديدة داخل المملكة العربية السعودية وروسيا، أي أنها تلبي احتياجات فعلية في السوق وطلب متنامٍ.

وقال إن كثيراً من المسافرين، وخاصة في مواسم السفر في الصيف والأعياد، مستعدون لدفع أي مبلغ للحصول على مقعد في تواريخ محددة، وهو أمر تحكمه هذه العطلات، إضافة إلى أن مستوى الخدمات على الطيران الاقتصادي داخل الدولة، يكاد يكون أعلى بكثير من شركات عديدة عاملة في الطيران التجاري من خارج الدولة، الأمر الذي يعزز من قوتها في السوق، واستمرار الطلب عليها، حتى في ظل الأسعار العالية.

وأكد أن لديه قابلية لامتصاص أي شركات طيران تعمل من وإلى الدولة، وخاصة في ظل سياسة الأجواء المفتوحة، ووجود تلك المشاريع الضخمة من المطارات، واستمرار جاذبية دولة الإمارات كوجهة تجارية وسياحية عالمية، بفضل الموقع الاستراتيجي ومناخ الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي الذي يجذب العديد من سياح الأعمال والترفيه، على حد سواء، ومن أسواق متنوعة في العالم.

وأشار إلى أن هذه المقومات والطلب الكبير على حركة المسافرين، ساهم بشكل فاعل في ثبات أسعار شركات الطيران الاقتصادي، في الوقت الذي تستمر فيه شركات الدولة في تعزيز أساطيلها بالطائرات الحديثة والخدمات العالية التي تستهوي شريحة واسعة من المسافرين، وهي تجربة تختلف عن تجارب الطيران الاقتصادي في دول أخرى في العالم.