باتت الجودة والمعايير المرتبطة بها سلاحاً أساسياً تستخدمه الشركات في وجه المنافسة، حيث تساهم في تحسين أداء الشركة ومبيعاتها، وتعزيز كفاءة العمليات وتعزيز الإنتاجية بالإضافة إلى دورها الحيوي في تعزيز رضا العملاء والمستهلكين بحسب مديري الشركات الفائزة بجوائز التميز لقطاع الأعمال التي تنظمها سنوياً دائرة التنمية الاقتصادية في دبي.
تحديد الأهداف
وأكد سويدان سعيد جمعة النابوده، المدير التنفيذي لمجموعة النابوده للمشاريع أن تطبيق أفضل الممارسات ومعايير الجودة يضمن للشركات المختلفة تعريف الأهداف بشكل سليم ودقيق وتطبيقها وقياسها بشكل منتظم أيضاً، ولهذا الأمر أثر إيجابي على العملاء ومزودي الخدمات والموظفين الذين يبحثون دوماً عن دليل عملي على تطبيق الشركة لأفضل المعايير. كما أن وضع مؤشرات رئيسية للأداء خاصة بكل موظف وبكل إدارة وقسم سيساعد على قياس النتائج، فهذه المؤشرات ستعطي تصوراً واضحاً في أين ومتى ينبغي تغيير استراتيجيات العمل للتأقلم مع بيئة العمل المتغيرة.
وأكد أن مجموعة النابوده للمشاريع لا تحتسب تطبيق أفضل الممارسات ومعايير الجودة كتكلفة إضافية، مشيراً إلى أن التعامل مع تكلفة تطبيق أفضل الممارسات والمعايير ينبغي أن يتم باعتبارها أنها استثمار لتحسين طريقة أداء العمل، وفي ظل التنافس الكبير وانتشار التقنيات بشكل واسع إذا لم يتم تطبيق أفضل الممارسات سينعكس ذلك سلباً على أداء الشركات ومكانتها في السوق وسيؤدي حتماً إلى خروجها من دائرة المنافسة في نهاية المطاف.
وأشار النابوده إلى أن الشركات العالمية تبنت عدداً من معايير التميز والجودة مثل معيار (لين) و(سيكس سيغما) كمعايير ثابتة لا مجرد تطبيق مؤقت، وهذا المنهج يضمن إعطاء الأولوية للقيم الأساسية في العمل مثل خدمة العملاء وقيمة الشركاء وتحسين العمليات وتطوير القوى البشرية، ويدرك مجتمع الأعمال أهمية تطوير الإنتاجية المؤسسية ومعايير الجودة (مثل تقليص عيوب المنتج) بهدف الحفاظ على التنافسية وتلبية متطلبات السوق والعملاء.
تقليص التكلفة
من جانبه نوّه د. محمـود عبد العال، الرئيس التنفيذي لـ«آفاق الإسلامية للتمويل» بإمكانية تحسين أداء الشركات ومبيعاتها بصورة عامة من خلال تطبيق أفضل الممارسات ومعايير الجودة، حيث يساعد تبسيط الإجراءات في الشركة في تقليص التكلفة، كما أن ارتفاع مستوى الوعي بأهمية التميز والجودة لدى الموظفين، يعكس ارتفاعاً في مستوى وجودة خدمة العملاء، ما يزيد بالتالي من رضا المتعاملين مع الشركة.
واعتبر عبد العال أن مؤشر رضا المتعاملين من أهم معايير قياس الأداء في الشركة، إلى جانب النتائج المالية وغير المالية. حيث يقيس المؤشر مستوى الخدمة المقدمة للعملاء، وهو أمر في غاية الأهمية لسببين، الأول الحفاظ على العملاء الحاليين، والثاني استقطاب عملاء جدد. كما يدعم مؤشر رضا المتعاملين كذلك الحفاظ على السمعة الحسنة للشركة في أوساط قطاع الأعمال والمجتمع، وبالطبع فإن تطبيق تلك الممارسات يدعم ثقة الشركاء والمساهمين بفضل ما يرونه من التزام الشركة بتقديم منتجات وخدمات عالية الجودة.
وأضاف عبد العال: «كأي نشاط يصب في صالح الشركة، فإن هنالك تكلفة عند تطبيق أفضل الممارسات ومعايير الجودة، وذلك من حيث الحاجة إلى المصادر المالية والوقت والجهد الذي يتم بذله خلال تعّلم وتطبيق وتطوير تلك الممارسات. وبالنسبة لنا، فنحن ننظر إلى تطبيق معايير الجودة على أنها استثمار وليست تكلفة إضافية. حيث إن تطبيق تلك المعايير هو في صميم مهام ورؤية الشركة، علاوة على أن ما نجنيه بفضلها، يفوق تكلفتها بكثير».
ولفت الرئيس التنفيذي لـ«آفاق الإسلامية للتمويل» إلى أن الاتجاهات الرائدة حالياً تتجسد في التركيز على الابتكار والاستدامة التي باتت أمراً حيوياً بالنسبة للمؤسسات لتكون قادرة على التكيف والتفوق في الاقتصاد العالمي الذي بات يتغير بوتيرة متسارعة. وهنالك نمو في الحضور الإلكتروني في ظل توفر منصات عدة تدعم أنشطة الشركات على شبكة الإنترنت، خصوصاً في ظل ازدياد عدد المتعاملين على تلك المنصات، الأمر الذي يسلط الضوء بشكل أكبر على مستوى الخدمة في قطاع الخدمات بالتزامن مع النمو الكبير الذي يشهده هذا القطاع.
نجاح الأعمال
ومن جانبه أكد أحمد حسين بن عيسى الرئيس التنفيذي للقرية العالمية أن برنامج جائزة دبي للجودة في منفعة جميع الشركات التي تقوم بتطبيقه، حيث إن ممارسة وتطبيق أعلى معايير التميز العالمية من شأنها أن تساهم في نجاح مختلف الأعمال، وهو ما يميز إمارة دبي في المنطقة ويجعلها مركز جذب لأهم وأكبر المشاريع العالمية لما تقوم به حكومتها من حث على الالتزام وتطبيق لهذه المعايير والتي تضع المستهلك في مركز التخطيط لتكون المنتجات والخدمات سبباً في سعادتهم، وأضاف: «قمنا في القرية العالمية بتطبيق دراسات لجميع نقاط الاحتكاك مع الضيوف منذ وصولهم إلى مواقف القرية العالمية وطوال فترة تواجدهم فيها وحتى بعد مغادرتهم، والذي مكننا من القيام بالعديد من التحسينات على البنية التحتية للموقع مما يوفر أعلى معايير الراحة لهم، وينعكس إيجاباً على مؤشر سعادتهم وأعدادهم التي تزيد في كل موسم. ونحن فخورون بأن نكون من السباقين في تطبيقه على مستوى المنطقة تماشياً مع معايير برنامج دبي للجودة والذي نحصد من خلال تطبيقه العديد من النجاحات في أعمالنا».
وحول أي أعباء مالية قد يضيفها تطبيق معايير الجودة قال بن عيسى: «من الخطأ أن تظن بعض الشركات بأن تطبيق مثل هذه المعايير والممارسات يعتبر عبئاً مادياً أو يقوم بتعقيد الإجراءات، بل من المؤكّد أن ذلك يزيد من كفاءة نماذج الأعمال ويضمن لها نمواً ثابتاً والعمل في بيئة تنافسية سليمة تحقق المرابح والنجاح على المدى المتوسط والبعيد. وقد صب تطبيق هذه الممارسات في القرية العالمية على اهتماماتنا نحو رسم خطط إستراتيجية والعمل نحو رؤية ورسالة واضحة تعزز من تجربة الضيوف من دون الحاجة إلى زيادة الاستثمار أو تعقيد الإجراءات بل تسهيلها وجعلها أكثر كفاءة».
تسخّر الأعمال الناجحة عالمياً ممارسات وتطبيقات الجودة والتميّز في خدمتها كعوامل للتخطيط الإستراتيجي وكمبادئ عمل أساسية تساعدهم على توقع التحديات ووضع الخطط لتخطيها. وتلعب هذه التطبيقات دوراً مهماً في زيادة كفاءة الأعمال وزيادة إنتاجيتها مع إعطاء الفرص لتوسيعها والنمو خلالها بحسب بن عيسى الذي أضاف قائلاً: «تتجسد بعض أهم ممارسات التميّز في قطاع التسلية والترفيه والتي نحرص دائماً على تطبيقها في القرية العالمية في جعل الضيوف محور عملنا وسعادتهم على رأس قائمة أولوياتنا والعمل على كل ما هو جديد ومبتكر في سبيل تخطي توقعاتهم وكسب ولائهم. كما ونحرص دائماً على توفير بيئة عمل تحث على الابتكار بين فريق عمل القرية العالمية والسعي نحو الإبداع والتميّز في العمل لتوصيل أفضل التجارب للضيوف، وهو ما يتوجب على كل مؤسسة بأن تقوم بتطبيقه لضمان النجاح».
كفاءة العمليات
يساعد اعتماد أفضل الممارسات ومعايير الجودة الشركات على معالجة بعض التحديات الأكثر إلحاحاً ضمن منظومة الأعمال في يومنا هذا بحسب عبد الله قاسم، رئيس مجلس إدارة شركة «نتورك إنترناشيونال»، الذي أكد أن هذه العوامل تسهم في ضمان استمرارية وكفاءة العمليات التجارية، وبالتالي تعزيز الإنتاجية ومساعدة الشركات على الدخول في أسواق جديدة، وأضاف: «ينطبق هذا الأمر بشكل مباشر على الشركات السريعة النمو من قبيل شركة «نتورك إنترناشيونال». واليوم تتطلع شركتنا إلى الفرص الاستثمارية بشكل دائم وبما يتوافق مع استراتيجيتنا التوسعية والتنموية ويسهم في تعزيز قاعدة أعمالنا في الأسواق الناشئة الأخرى».
وحول قضية التكاليف الإضافية التي قد يفرضها تطبيق معايير الجودة قال قاسم: «ننظر إلى التكاليف المخصصة لضمان تطبيق أفضل الممارسات ومعايير الجودة على أنه استثمار يعود بالنفع على جميع أعمال الشركة، إذ أنها تسهم في تحقيق وفورات في التكاليف وتساعد في تحسين جودة العمليات. كما يؤدي اعتماد هذه المعايير إلى تعزيز رضا العملاء وتحسين الخدمات وزيادة المبيعات، فضلاً عن تحسين فرص دخول الشركات إلى أسواق استثمارية جديدة».
وأشار رئيس مجلس إدارة شركة «نتورك إنترناشيونال» إلى بروز العديد من التوجهات في مجال إدارة وتعزيز الجودة والتي من المتوقع أن يكون لها تأثير إيجابي على تعزيز المعايير المتبعة.
دبي سباقة في تبني أفضل الممارسات
رسخت دبي من أسبقيتها في تبني أفضل الممارسات، حيث أكد أحمد حسين بن عيسى الرئيس التنفيذي للقرية العالمية أن الإمارة لطالما كانت سبّاقة في تقديم أعلى معايير الجودة والتميّز والابتكار، موضحاً أن أحد أهم الأسباب وراء ذلك هو التعاون الدائم بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص والسعي الدائم لتقديم الأفضل الذي يحتذى به عالمياً، إذ توفر الإمارة بيئة أعمال خصبة ومريحة لمختلف الأعمال مما يعمل كعامل جذب لأضخم الشركات عالمياً مع العديد من التسهيلات.
وأضاف: «وفي ظل التماشي مع رؤية الإمارة، فإننا دائماً ما نرى القطاع الخاص يعمل بكل جهد نحو تحقيق التميّز وتطبيق أعلى وأجود المعايير عالمياً وفقاً للمجالات التي تمارسها والذي من شأنه أن يحقق النمو والنجاح. ونعمل في القرية العالمية بخطة إستراتيجية واضحة نقوم من خلالها بدراسة التحديات المستقبلية وتخطّيها وهو ما يساعدنا على النمو المستدام والتميّز في قطاع الثقافة والترفيه».
ومن جانبه أشار عبد الله قاسم، رئيس مجلس إدارة شركة «نتورك إنترناشيونال» إلى أن دول المنطقة قد أحرزت تقدماً كبيراً في السنوات الأخيرة في مجال اعتماد معايير الجودة والتميز في القطاع الخاص، وأسهم تركيز حكومات المنطقة على اعتماد معايير الجودة إلى حد كبير في تركيز جهود الشركات العاملة في المنطقة نحو جودة أنظمة الأعمال لديها. وتعتبر دولة الإمارات مثالاً يحتذى به في تشجيع قطاع الأعمال على التميّز واعتماد أفضل معايير الجودة على مستوى المنطقة. وتواصل جائزة دبي للجودة في عامها الـ 22 إلى ترسيخ اعتماد نموذج التميز لدى مؤسسات القطاعين العام والخاص في دبي، وتعتبر خريطة طريق للشركات ترسم لها خطوات تحقيق التميز عن طريق تبني أفضل الممارسات.
فيما لفت د. محمـود عبد العال، الرئيس التنفيذي لـ«آفاق الإسلامية للتمويل» إلى أن القطاع الخاص يدرك أهمية تطبيق تلك المعايير، خصوصاً مع زيادة وعي المستهلكين في وقتنا الحاضر حيال هذا الموضوع، وتوقع بأن يأخذ تحقيق التميز والجودة منحى تصاعدياً، وأضاف: «من الواضح أن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو أن تكون جيداً جداً بما تقوم به وأن تسعى دائماً إلى التطور. وتتجلى الأهمية التي يوليها القطاع الخاص للجودة والتميز بشكل أكثر وضوحاً هنا في دبي، وفي دولة الإمارات بشكل عام، خصوصاً في ظل المبادرات والدعم الحكومي في هذا الشأن، والذي يعتبر بحد ذاته فرصة عظيمة بالنسبة للشركات الجادة لتقوم بدورها برفع مستوى الخدمة وتطبيق معايير التميز والجودة».
من جانبه أكد سويدان سعيد جمعة النابوده، المدير التنفيذي لمجموع النابوده للمشاريع أن دائرة التنمية الاقتصادية في دبي تعمل بشكل فعّال على تعزيز معايير التميز في المنطقة، وتتم مراجعة المعايير بشكل مستمر وتحسينها لتتواءم مع المعايير العالمية لا بل وتتجاوزها في بعض الحالات، كما تسهم الدوائر الحكومية الأخرى في هذا الجانب من أجل تعزيز ثقافة التميز والجودة، ولا شك أن الدعم الذي يتلقاه مجتمع الأعمال لتعزيز التميز يضمن للشركات تحقيق الأرباح بشكل نظامي ومسؤول وتلبية طموحات الموظفين والعملاء والشركاء، ما يجعل من دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أفضل الأماكن للعمل في العالم.