توفير السلع الأساسية مثل الأرز والدقيق وبمخزونات كبيرة تعد من قضايا الأمن الاقتصادي لدولة الإمارات التي تتصاعد أهميتها لاسيما مع طبيعة البيئة الصحراوية للدولة التي تحول دون زراعة محاصيل رئيسية.

وتضخ حالياً شركات إماراتية عشرات المليارات من الدراهم في مشاريع زراعية في 60 دولة في قارات العالم بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي للإمارات من السلع الأساسية، وتبوؤها مكانة الريادة في إعادة تصدير هذه السلع إلى دول المنطقة وتحقيق عوائد مالية مجزية.

وتنتشر الاستثمارات الزراعية الإماراتية في الخارج عبر تأسيس شركات أو الاستحواذ على حصص من شركات أو تملك وتأجير مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، وتتخصص في زراعة الحبوب والدقيق والأعلاف والفواكه والخضراوات حيث تضخ الشركات الإماراتية عشرات المليارات من الدراهم في مشاريع زراعية في 60 دولة في قارات العالم.

وتبرز شركتا الظاهرة وجنان الإماراتيتان كأكبر الشركات الزراعية المستثمرة في الخارج بسبب ضخامة استثماراتهما التي تصل لنحو 15 مليار درهم (4 مليارات دولار) وانتشارهما الواسع حيث تتواجد شركة الظاهرة في 30 دولة وتسوق منتجاتها في 60 دولة بينما تتواجد شركة جنان في 15 دولة وتسوق منتجاتها في أكثر من 40 دولة، وتتنوع منتجات الشركتين بين الحبوب والفواكه والأعلاف.

وتستهدف الاستثمارات الإماراتية الزراعية في الخارج تنفيذ استراتيجية دولة الإمارات للأمن الغذائي والتي تقوم على محورين أولهما ضمان الاكتفاء الذاتي واستدامة توريد السلع الأساسية، والحفاظ على الموارد المائية المحدودة، وثانيهما أن تكون الإمارات هي المركز الرئيسي لإعادة تصدير السلع الأساسية لدول المنطقة.

قراران

استراتيجية الإمارات للأمن الغذائي أبصرت النور ودخلت مشاريعها حيز التنفيذ بعد 2008 وهو العام الذي خلت فيه أسواق الإمارات لأول مرة منذ عقود من الأرز البسمتي (الباكستاني والهندي) والذي يعد الوجبة اليومية للمواطنين والمقيمين، جراء قرارين أصدرتهما الحكومتان الباكستانية والهندية بعدم تصدير الأرز البسمتي لحاجة أسواقهما المحلية له.

هذه الواقعة كانت جرس إنذار كبير وفاتحة خير أيضاً كما يؤكد خليفة العلي، العضو المنتدب لمركز الأمن الغذائي في أبوظبي المنسق العام بين الاستثمارات الزراعية في الخارج، حيث ضاعفت الحكومة والقطاع الخاص اهتمامهما بالاستثمار الزراعي في الخارج، على اعتبار أن الإمارات دولة ليست زراعية، كما أن الطبيعة الصحراوية لدولة الإمارات وندرة الأمطار تحولان دون زراعة سلع أساسية مثل الأرز والقمح وعلف الحيوانات.

مساحات

وأوضح خليفة العلي أنه في غضون سنوات قليلة أصبح لدى الإمارات شركات زراعية عملاقة تزرع وتسوق منتجاتها في أكثر من 60 دولة في قارات العالم ولديها مساحات شاسعة مزروعة في عدد من الدول مثل مصر والسودان وأثيوبيا وناميبيا وجنوب أفريقيا وإسبانيا وصربيا وإيرلندا والولايات المتحدة، وصوامع كبيرة لتخزين السلع الغذائية في الإمارات وخارجها، أبرزها صومعة الفجيرة التي تعد أكبر صومعة في المنطقة بطاقة استيعابية 300 ألف طن.

إضافة إلى صومعة للسكر في جبل علي تعد الأكبر على مستوى العالم بطاقة مليون طن، ولدى الإمارات صوامع خارجية في عدد من الدول أبرزها اليونان ومصر، الأمر الذي مكن الإمارات من إعادة تصدير 70% من كمية السلع الغذائية الأساسية المستوردة إلى دول المنطقة، والرؤية المستقبلية لمركز الأمن الغذائي أن تصبح الإمارات هي المركز الرئيسي للسلع الأساسية في المنطقة.

8 مليارات

وتعد شركة الظاهرة الزراعية أكبر الشركات الإماراتية المستثمرة في الخارج، حيث تنتشر استثماراتها في 28 دولة عبر 30 شركة متخصصة في الأغذية والفواكه والأعلاف باستثمارات تزيد على 8 مليارات درهم، وتمتلك وتدير قاعدة كبيرة من الأصول تشمل أراضي زراعية تمتد على مساحة 200 ألف فدان و8 مصانع لكبس الأعلاف وإنتاجها و4 مصانع لضرب الأرز في باكستان والهند وأبو ظبي ومصنع لطحن الدقيق في اليونان، وتنتج مليوني طن متري من الأعلاف ومليون طن من الحبوب وتسوق منتجاتها في 54 دولة وتصل مبيعاتها إلى مليار دولار سنوياً.

ويوضح خديم عبد الله الدرعي نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الظاهرة أن الشركة تطبق استراتيجية فعالة للاستثمار الأجنبي، على تنويع استثماراتها وإحداث توازن بينها في نصفي الكرة الأرضية، حيث تمتلك شركة الظاهرة اي سي اكس العالمية المورد الأول للأعلاف في الولايات المتحدة، كما أسست الظاهرة شركة الظاهرة جنوب أفريقيا، كما استحوذت على عدة شركات في أسبانيا، وأسست «الظاهرة فاجافي» التي تعد اليوم أكبر شركة منتجة للأعلاف في إسبانيا، وتجلت هذه الاستراتيجية في سلسلة من عمليات الاستحواذ والشراكة مع منتجي الأغذية والأعلاف حول العالم.

استحواذ

ويشير إلى أن مشاريع الشركة الزراعية والاستثمارية تنتشر حالياً في 5 قارات وتتركز على زراعة الحبوب، خاصة القمح والذرة، إضافة إلى الأعلاف والفواكه، وتتوسع حالياً في أستراليا وصربيا ورومانيا، كما استحوذت مؤخراً على 30 ألف فدان في عدة ولايات بالساحل الغربي للولايات المتحدة (ولايات كاليفورنيا وواشنطن وأريزونا) بقيمة 120 مليون دولار، وتقوم حالياً بزراعتها بالحبوب والفواكه.

كما تتواجد الشركة في مصر من خلال مشاريع زراعية في مناطق توشكى وشرق العوينات والصالحية والنوبارية، وستضاعف الشركة استثماراتها الزراعية في السودان بعد رفع الحظر الدولي عليها، كما أسست الشركة مؤخراً شركة برأسمال 5 مليارات ريال بالتعاون مع الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني «سالك»، للاستثمار الزراعي في رومانيا وصربيا ومنطقة البحر الأسود التي تتميز بمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة إضافة إلى الظروف المناخية الجيدة، وتوافر المياه، فضلاً عن التشريعات المحفزة للاستثمار وقربها من منطقة الخليج.

تصنيع

ولفت خديم الدرعي إلى أن أنشطة الشركة شملت أيضاً التصنيع الزراعي، فأسست 5 مصانع للأزر البسمتي والقمح في اليونان والهند وباكستان وأبوظبي، وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمصانع الأرز التابعة للشركة 650 ألف طن سنوياً، ولدى الشركة مصانع للتغليف والتعبئة في مصر.

وتركز شركة جنان الإماراتية على الاستثمار الزراعي بقوة في السودان عبر شركتها أمطار التي تملك 60% من أسهمها بينما تملك الحكومة السودانية النسبة المتبقية، ونجحت الشركة في زراعة 130 ألف فدان في الولاية الشمالية بالسودان بنظام «أمطار للري المرن»، ويقلل النظام الجديد كمية المياه المستخدمة لإنتاج الطن من المحاصيل بنسبة 40% مقارنة بأنظمة الري التقليدية.

ويؤكد محمد الفلاسي الرئيس التنفيذي لشركة جنان على أن الشركة تستثمر في 15 دولة عبر شركات مثل شركة أميتزا جنان في الولايات المتحدة وفينزو جنان الإسبانية إلا أنها تعطي الأولوية في استثماراتها الحالية للسودان ولمصر ولدينا إجراءات تنفيذية لتنفيذ مشروع زراعة 221 مليون نخلة في شمال السودان تدر عوائد بقيمة 25 مليار دولار على عدة مراحل.