انعقدت أول من أمس أعمال الاجتماع الوزاري للدورة الرابعة عشرة للجنة المشتركة بين الإمارات وجمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية في العاصمة الجزائر.

ترأس الاجتماع من جانب الدولة معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، ومن الجانب الجزائري عبد القادر المساهل وزير الشؤون الخارجية في الجزائر. وأثنى المنصوري على مخرجات أعمال اللجنة والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها بين البلدين في مختلف المجالات والتي تؤكد مدى حرص وجدية الجانبين في تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية مع تأكيد أهمية متابعة تنفيذ توصيات اللجنة وتوقيع أبرز الاتفاقيات الاقتصادية الداعمة للعلاقات الثنائية بين البلدين.

ضم وفد الدولة ممثلين عن مختلف الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية والشركات شبه الحكومية والخاصة في الإمارات. وأعرب المنصوري عن شكره وتقديره لعبد القادر المساهل وأعضاء وفد بلاده على حسن الضيافة والاستقبال للوفد الإماراتي، مشيراً إلى أن اجتماعات هذه اللجنة تشكل فرصة ثمينة لتنمية وتعزيز العلاقات الثنائية بين الإمارات والجزائر من خلال استكشاف فرص التعاون والخروج بالمقترحات العملية الهادفة إلى تعظيم الفرص وتجاوز التحديات.

عمق العلاقات

وأكد عمق العلاقات التي تربط الإمارات والجزائر والتي تمتد جذورها في التاريخ بسبب الروابط الثقافية المتينة التي تجمع الشعبين الإماراتي والجزائري والقائمة على الثقافة العربية الإسلامية الواحدة والتي ساهمت وما زالت تساهم في تشكيل رؤى وتطلعات شعوب المنطقة.

وأشار إلى العلاقات المتميزة بين قيادتي البلدين وما أسهمت به من تطور في العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، مستذكراً زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى الجزائر عام 1974 حيث اجتمع مع الرئيس الراحل هواري بومدين وتم افتتاح مقر البعثة الرسمية للإمارات بالجزائر في 7 أغسطس 1974.

تقارب المواقف

وأعرب عن ارتياح الإمارات لتقارب المواقف بين البلدين الشقيقين ضمن المنظومة العربية تجاه العديد من القضايا ومنها القضية الفلسطينية والليبية والسورية، متطلعاً إلى زيادة التنسيق بما يخدم القضايا والتحديات المطروحة على الساحة الإقليمية والدولية بشكل فعال وإيجابي.

وقال: في هذا العام - عام زايد - نستحضر القيم النبيلة والدبلوماسية الحكيمة لمؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، والتي ساهمت بشكل جوهري في إرساء وترسيخ دعائم العمل العربي المشترك القائم على التضامن والتعاون البناء والاحترام المتبادل والابتعاد عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهي المبادئ التي نحتاج إليها اليوم أكثر من أي وقت آخر، حيث نتطلع إلى ترسيخها مع أشقائنا من خلال تعزيز أواصر العمل المشترك وتسخير الأدوات الدبلوماسية والمنصات التفاعلية في خدمة المصالح المشتركة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية.

وعلى الصعيد الاقتصادي: شدد على ضرورة بذل المزيد من الجهود المشتركة من القطاعين الحكومي والخاص في البلدين للبناء على ما تم إنجازه خلال الأعوام الماضية وصولاً إلى تحقيق المستوى الأمثل من التبادلات التجارية والتدفقات الاستثمارية بين الجانبين وبما يعود بالنفع المشترك على اقتصاد البلدين.

موانئ

ودعا المصدرين والمستوردين الجزائريين لتعزيز الاستفادة من الموانئ والمرافق اللوجستية المتطورة في الإمارات كنقطة مثالية لانطلاق وتخزين ونقل البضائع بين الجزائر والأسواق الآسيوية، لافتاً إلى أن الإمارات تتبوأ المرتبة 11 من أصل 160 دولة في مؤشر الخدمات اللوجستية العالمي مما يؤشر على القيمة المضافة التي يمكن لسلاسل الواردات والصادرات الجزائرية تحقيقها من خلال الاستفادة من الموانئ الإماراتية والمناطق الحرة واللوجستية في تعزيز كفاءة النقل والتخزين وتوسيع شبكة المصدرين والموردين المحتملين في كل بقاع العالم.

استثمارات

وعلى الصعيد الاستثماري، أشاد بتجاوز قيمة الاستثمارات الإماراتية في الجزائر مستوى الـ10 مليارات دولار في عدد متنوع من القطاعات الاقتصادية، منوهاً إلى وجود فرص لمزيد من الاستثمارات الإماراتية الطامحة للاستفادة من الحجم الكبير للسوق الجزائرية والموقع الاستراتيجي للجزائر كبوابة للسوق الأوروبية والأفريقية، ومؤكداً ضرورة العمل لاستكشاف المزيد من الفرص والشراكات الاستثمارية إضافة إلى وضع الحلول العملية للتحديات التي تواجهها الاستثمارات القائمة.

ونوه بالشراكة الاستثمارية الإماراتية الجزائرية في قطاع الحديد والفولاذ والتي وصلت قيمتها إلى 1.5 مليار دولار وهو ما يتوقع أن يولد نحو 1600 وظيفة مباشرة وغيرها من الفرص غير المباشرة عبر مراحل الاستثمار والتشغيل المختلفة، مشيداً بالشراكة في قطاع الطاقة عبر شركة «سيبسا» المملوكة لشركتي مبادلة وسوناطراك الجزائرية بقيمة 1.2 مليار دولار إلى العام 2043 والتي تتضمن زيادة إنتاج البترول والغاز الجزائري خلال السنوات القادمة، حيث تشكل هذه الشراكات نموذجاً حافزاً للعمل المشترك بين قطاعي الأعمال في البلدين في مختلف القطاعات الاقتصادية المشتركة.

وحث معالي المهندس سلطان المنصوري المستثمرين الجزائريين على تعزيز استثماراتهم في الإمارات ومناطقها الحرة المختلفة والتي تشكل نقطة مثالية للولوج إلى أسواق المنطقة التي تناهز قيمتها السنوية 7.6 تريليونات دولار ويتجاوز عدد سكانها ملياري نسمة، حيث توفر الإمارات للمستثمرين بيئة استثمارية متطورة وبنية تحتية متقدمة مما يمكن أن يشكل حافزاً كبيراً للاستثمارات الجزائرية الهادفة إلى تحقيق التنوع الاقتصادي وتنويع الأسواق التصديرية المتاحة أمام منتجاتها باتجاه الأسواق الآسيوية.

ودعا جميع الأطراف المشاركة في اللجنة إلى بحث سبل تعزيز علاقات الطيران المدني بين الجانبين من خلال رفع وتيرة اللقاءات والمفاوضات الثنائية الهادفة إلى تبني سياسة الأجواء المفتوحة بين البلدين الشقيقين، إضافة إلى تسهيل متطلبات تأشيرات الدخول للجزائر والتي سيكون لها انعكاس مباشر على تدفق السياحة الإماراتية، ويتوقع أن يسهم جوهرياً في تحقيق خطة الحكومة الجزائرية الهادفة إلى مضاعفة عدد السياح المتدفقين للجزائر إلى 4.4 ملايين سائح بحلول العام 2027.كما دعا الجانب الجزائري لزيادة التنسيق المشترك ضمن المنظمات الدولية والمؤتمرات وغيرها من المحافل الدولية، معرباً عن شكره للجزائر على دعمها للإمارات في مختلف المنظمات والمحافل الدولية ومتعددة الأطراف.

مجالات جديدة

من جانبه، أكد عبد القادر المساهل أهمية الزيارة في تعزيز وتوطيد العلاقات الثنائية وفتح آفاق ومجالات جديدة للتعاون الاستراتيجي بين البلدين الشقيقين، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والاجتماعية والثقافية.

وقال إن هناك مجالات وفرصاً عديدة للتعاون بين البلدين، مؤكداً أهمية التعاون في مجالات الاستثمار وقطاع الطاقة والسياحة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والرياضة والثقافة والأغذية والزراعة وبما يعود بالمنفعة المشتركة على شعبي البلدين الشقيقين، ولافتاً إلى أن هذه الزيارة ستكون لها نتائج إيجابية مباشرة في توطيد ودعم التعاون الاستراتيجي بين البلدين الشقيقين في المستقبل.

توقيع

وقع معالي سلطان بن سعيد المنصوري وعبد القادر المساهل محضر الدورة الرابعة عشرة من اللجنة المشتركة بين الإمارات والجزائر.

كما وقع الجانبان مذكرة تفاهم في شأن التعاون في مجال المنشآت القاعدية ومشروع البرنامج التنفيذي لاتفاق التعاون في مجال الشؤون الدينية للإعلام 2019 - 2020 ومشروع البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي للإعلام 2018 - 2020 ومذكرة تفاهم للتعاون الفني بين هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس والمعهد الجزائري للتقييس.