توقع خبراء مختصون ومسؤولون تنفيذيون بوكالات سيارات، تحسن ونمو تدريجي في مبيعات سوق السيارات بالدولة خلال العام الجاري 2019، لا سيما بعدما نجح السوق في استيعاب آثار ضريبة القيمة المضافة التي جرى تطبيقها في مطلع العام الماضي بواقع 5%.
وقال الخبراء والمسؤولون، الذين استطلع «البيان الاقتصادي» آراءهم، إن النمو المقدر في سوق السيارات بالإمارات خلال العامين الجاري والمقبل يأتي بدعم رئيسي من عوامل رئيسية عدة في مقدمتها العروض المستمرة التي يقدمها وكلاء السيارات، وقرب معرض «إكسبو 2020 دبي» الذي يدعم زيادة الطلب، فضلاً عن قوة الاقتصاد الوطني ونمو القطاعات الأخرى، وهو ما يعزز الإقبال على شراء السيارات.
وأضاف هؤلاء أن شركات ووكلاء السيارات عمدوا منذ بدء تطبيق الضريبة إلى تحفيز المبيعات من خلال تحمل الضريبة وإبقاء أسعار السيارات ثابتة من دون تغيير إلى جانب تقديم عروض تشمل تمديد فترات الضمان وعقود الصيانة المجانية والتأمين والتسجيل المجاني، وهو ما أسهم بشكل كبير في استقرار السوق رغم كل التحديات المحيطة، مشيرين إلى أن معظم السيارات خضعت لتغييرات كاملة وتحسينات شاملة في العام الماضي، فيما يتواصل التركيز خلال العام الجاري على تعزيز تجربة العملاء، وزيادة الخيارات من أجل تحقيق مستوى أعلى من نمو المبيعات، والمتوقع أن تظهر بوادره اعتباراً من النصف الثاني من 2019.
وأشاروا إلى أن قطاع السيارات في الدولة يشهد حالياً عوامل تغيير جديدة تتمثل في ظهور التقنيات الجديدة مثل المحركات الهجينة والكهربائية بالإضافة إلى التقنيات الذكية للسيارات، وهي فرصة كبيرة للشركات التي لديها مصنعين يقومون بطرح هذه الخيارات مما يتيح للموزعين تصحيح أوضاعهم لزيادة المبيعات.
حزم التسهيلات
توقع عرفان تانسل الرئيس التنفيذي لشركة «المسعود للسيارات»، نمواً طفيفاً في حجم مبيعات السيارات في الدولة خلال العام الجاري، مشيراً إلى أن السوق تأثر بشكل طفيف بعد تطبيق ضريبة القيمة المٌضافة بواقع 5% اعتباراً من مطلع العام الماضي لكن سُرعان ما عادت معدلات البيع والشراء إلى ما كانت عليه.
وأوضح تانسل أن قطاع السيارات يشهد نمواً تدريجياً بعد تطبيق قانون ضريبة القيمة المُضافة، والذي لم يؤثر بشكل سلبي على عمليات الشراء والبيع في السوق، مشيراً إلى أن كل العوامل والمبادرات المبتكرة في الإمارات ستعزز من المكانة الريادية التي تحظى بها الدولة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تستحوذ على المرتبة الثانية من حيث عدد السيارات على الطرق في دول الخليج.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «المسعود للسيارات»، إن محفظة الشركة من المتوقع أن تواصل تحقيق نمو ملحوظ خلال الفترة المٌقبلة، تماشياً مع التشريعات والسياسات التي انتهجتها الحكومة أخيراً، الأمر الذي سينعكس على تدفق المزيد من الاستثمارات في سوق السيارات بالدولة، فضلاً عن إطلاق حزمة من التسهيلات التي تتضمن تسجيل السيارات وتعزيز سبل الشراكة بين الوكلاء والمتعاملين وشركات التأمين العاملة في قطاع السيارات.
وأشار عرفان إلى قيام الشركة خلال الفترة الماضية بإطلاق العديد من العروض على العديد من العلامات التجارية التي لديها وكالة حصرية مثل «نيسان» و«رينو» و«إنفينيتي»، وتمثلت العروض في شراء السيارات بأقساط شهرية منخفضة إلى جانب التأمين وخدمات الصيانة مجاناً، فضلاً عن تقديم خصومات نقدية على سيارات أخرى.
تباطؤ نسبي
من جانبه، قال محمد إقبال اليوسف نائب رئيس شركة «اليوسف موتورز»، إن قطاع السيارات الجديدة في الدولة شهد تباطؤاً نسبياً في بداية العام الماضي بعد البدء بتطبيق قانون القيمة المضافة، ولكن تأثيراتها كانت وقتية وتركزت تداعياتها على سيارات الركوب خلال الأشهر الأولى من العام، لكن المبيعات شهدت نمواً خلال النصف الثاني من 2018 لا سيما مع تلاشي التأثير الوقتي للضريبة.
وأضاف إقبال إن قطاع السيارات في المجمل يمر منذ عام 2015 عندما وصل للذروة بدورته الاقتصادية والتي قد تصل إلى 10 سنوات، حيث شهد السوق تباطؤاً متدرجاً بمعدل 10% سنوياً، ولكن بشكل عام فإن سوق السيارات في الإمارات في وضع جيد جداً.
وأوضح اليوسف أن بوادر الانتعاش في السوق ستبدأ في الظهور اعتباراً من النصف الثاني من العام الجاري، حيث إن تباطؤ السوق لشراء السيارات الجديدة قد ينتج عنه نمو في قطع الغيار والطلب على الصيانة مما يرفع من مستوى الطلب بشكل عام، ويساعد الموزعين على رفع مبيعاتهم، مشيراً إلى أنه للاستفادة من حركة السوق بشكل أفضل يتوجب التركيز على الموديلات التي عليها طلب أكبر أو نمو في الطلب مثل موديلات ال كروس أوفر الصغيرة، والتي تقع بين السيارات السياحية وسيارات الدفع الرباعي.
وقال نائب رئيس شركة «اليوسف موتورز»، إن وصول المبيعات لأرقام قياسية خلال السنوات القليلة الماضية دفع الموزعين لتوسيع وجودهم عبر معارض أكثر أو أكبر مما نتج عنه زيادة كبيرة في التكاليف ورفع المنافسة بين الموزعين لمستويات جديدة.
وعندما تباطأ الطلب شكل ضغوطاً على الموزعين لزيادة الدعاية وتقديم العروض المغرية، حتى يتمكنوا من الوصول لأرقام المبيعات المطلوبة وتغطية مصاريفهم، مشيراً إلى أن أهم هذه التحديات هي الموازنة ما بين فترات تقلب وتغير السوق حتى لا يكون الموزع عرضة لضغوط الكلفة المرتفعة.
وأوضح اليوسف أن تباطؤ الدورة التي يمر بها قطاع السيارات وصل خلال العام الماضي لفترة شبه استقرار وكان النمو في بعض الموديلات المحددة والسيارات ذات التقنيات الجديدة مثل السيارات الهجينة والكهربائية، ومن ناحية أخرى كان النمو للسيارات ذات المنشأ الصيني، والتي رفعت مبيعاتها من خلال تقديم موديلات اقتصادية عملية مع ضمان طويل وصل إلى 6 سنوات.
زيادة الخيارات
من جهته، قال غسان ناصر مدير «هيونداي» و«جينيسيس» في مؤسسة جمعة الماجد، إن سوق السيارات يشهد انخفاضاً منذ العام 2016، حيث تشير التقديرات إلى أن حجم الانخفاض وصل إلى ما نسبته 10% في العام 2018، كما أثرت عمليات الشراء العالية قبل تطبيق ضريبة القيمة المضافة خلال الربع الأخير من العام 2017 على مبيعات العام 2018، ووقع التأثير الأكبر على شريحة الموديلات الفاخرة.
وتوقع ناصر أن يشهد السوق استقراراً إيجابياً خلال العام الجديد 2019، وأن يشهد تحسناً في العام الذي يليه 2020 بالتزامن مع إطلاق معرض إكسبو 2020، مشيراً إلى أن مؤسسة جمعة الماجد توفر 13 موديلاً ضمن تشكيلة سيارات هيونداي، الأمر الذي يساعد على تلبية احتياجات مختلف شرائح العملاء من سيارات السيدان والموديلات الرياضية ومتعددة الاستخدامات حيث تشتمل التشكيلة ذاتها أيضاً على موديلين هجينين وسيارة كهربائية واحدة.
وقال ناصر إن معظم السيارات خضعت لتغييرات كاملة اشتملت على تحسينات كثيرة في العام 2018 وينصب تركيزنا على تعزيز تجربة العملاء، وزيادة الخيارات التي نوفرها لهم من أجل تحقيق مستوى أعلى من النمو في المبيعات، والاستحواذ على حصة سوقية أعلى في العام 2019.
وعن أبرز التحديات التي تواجه القطاع والمشترين بشكل عام، قال غسان ناصر إن الحصول على الموافقات لمنح التمويل والقروض على السيارات لفترات طويلة يعد من أبرز التحديات، مشيراً إلى أنه في حال اتباع القطاع المصرفي إجراءات أسهل للحصول على موافقات القروض.
وتابع ناصر: شهدنا مستوى أفضل في مبيعات الجملة مقارنة بعمليات التجزئة للأفراد، حيث لوحظ زيادة في توجه البعض في التحول إلى الاستئجار.
وتم أيضاً تسجيل تحول في مبيعات سيارات الدفع الرباعي على نحو فاق سيارات الركاب في العقد الماضي، ويعني ذلك في نهاية المطاف تفوق مساهمة سيارات الدفع الرباعي في إجمالي حجم المبيعات عند مقارنتها مع سيارات الركاب بواقع 57% إلى 43% على التوالي في العام الماضي.
نمو تدريجي
من جانبه، قال أحمد ممدوح، خبير السيارات، إن سوق السيارات في الدولة يترقب نمواً تدريجياً في المبيعات خلال العام الجاري، خصوصاً بعدما تأثر بنحو طفيف خلال العام الماضي من جراء تطبيق ضريبة القيمة المضافة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن السوق استوعب الضريبة بشكل كامل والمستهلكين باتوا أكثر دراية بأهمية تطبيقها.
ونوه ممدوح إلى أن استمرار شركات ووكلاء السيارات في طرح عروض جديدة وخصومات على الأسعار سيسهم بشكل كبير في زيادة المبيعات خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في فترات المواسم والتي تشمل شهر رمضان وأشهر الصيف، إذ عادة ما تشهد تلك الفترة قفزة كبيرة في المبيعات تتخطى 10% في ظل الإقبال الكبير على المستهلكين لاقتناء سيارات جديدة بأسعار جيدة.
ولفت ممدوح إلى أن سوق السيارات الكهربائية في الإمارات يحظى بفرص نمو واعدة في ظل المبادرات الحكومية التي تشجع على استخدام السيارات الكهربائية، الأمر الذي جعلها محط أنظار المستثمرين الذين يرغبون في الاستفادة من هذا السوق والاستحواذ على حصة منه في ظل السياسات الحكومية التي تشجع على الاستثمار.
كانت الإمارات أعلنت عن إجراءات لتشجيع استخدام السيارات الكهربائية، ووضعت خطة تهدف إلى أن يصل عدد السيارات الكهربائية في شوارع الدولة إلى 42000 بحلول 2030 ولتحقيق هذا الهدف قدمت الحكومة أربعة حوافز لتشجع السكان على ركوب السيارات الكهربائية، تتضمن إمكان ركن السيارة بالمجان، والشحن بالمجان، بالإضافة إلى الإعفاء من الضرائب وتخفيض تكاليف التسجيل.
4.5 %
يرتفع إجمالي عدد السيارات التي يتم بيعها في السوق الإماراتي بنسبة 4.5% سنوياً ليصل إلى 267 ألف سيارة بحلول 2020 مقارنة بـ214 ألف سيارة في 2015 بحسب لشركة «ألبن كابيتال» حول صناعة السيارات في دول مجلس التعاون الخليجي، ورجح التقرير أن تواصل الإمارات والسعودية والكويت مجتمعة الاستحواذ على أكثر من 75% من أسطول سيارات الركاب في منطقة الخليج العربي بحلول عام 2020.