ضخت البنوك العاملة في دولة الإمارات 29.9 مليار درهم في شرايين قطاع العقارات على مستوى الدولة خلال عام (من مارس 2018 مارس 2019 )، منها 15.6 مليار درهم خلال الربع الأول من العام الجاري.

وتكشف أحدث إحصاءات مصرف الإمارات المركزي عن أن البنوك زادت تمويلاتها لقطاع العقارات من 229.3 مليار درهم بنهاية مارس 2018 إلى 259.2 مليار درهم بنهاية مارس 2019 بزيادة قدرها 29.9 مليار درهم وبنسبة نمو 13%.

واستمرت وتيرة نمو التمويلات العقارية من جانب البنوك لإنشاء مساكن جديدة خلال العام الماضي، حيث ارتفعت تمويلات البنوك للقطاع العقاري بنهاية يونيو 2018 إلى 236.3 مليار درهم، ثم تواصل الارتفاع ليصل إلى 243.6 مليار درهم بنهاية ديسمبر الماضي لتستمر في الزيادة إلى 259.2 مليار درهم بنهاية مارس الماضي.

نمو متواصل

وتكشف الإحصاءات عن أن النمو المتواصل للقروض العقارية جاء في إطار النمو المتزايد للتمويلات التي توجهها البنوك لقطاعي العقارات والإنشاءات بصفة عامة، حيث ارتفع إجمالي تمويلات البنوك لقطاعي العقارات والإنشاءات من 300.5 مليار درهم بنهاية مارس 2018 إلى 323.4 مليار درهم بنهاية مارس الماضي بزيادة قدرها 22.9 مليار درهم وبنسبة نمو 7.6%. ويكشف النمو المتواصل للتمويلات العقارية على مستوى الدولة عن حيوية وقوة نشاط القطاع العقاري في الإمارات باعتباره من أكبر مجالات الاستثمار ربحاً ومأمونية، وما يزخر به من فرص استثمارية مجزية خاصة بعد إقرار حكومات محلية قوانين ونظم تسمح للوافدين الأجانب بالتملك الحر وتوفيرها أجواء الثقة والطمأنينة للمستثمرين الأجانب، فضلاً عن أن القطاع العقاري مازال هو أفضل مجالات الاستثمار لشريحة كبيرة من المواطنين توجه استثماراتها لهذا القطاع المربح والمأمون.

ويرى جاسم الصديقي العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـمجموعة أبوظبي المالية أن القطاع العقاري في الإمارات بخير وما زال يتصدر قنوات الاستثمار، سواء من جانب المواطنين أو المستثمرين الأجانب، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي ما زال يقوم بدوره في التمويل العقاري بشكل جيد، ومن المتوقع أن يتزايد دور البنوك في التمويل العقاري، خاصة بعد إقرار حكومات محلية مثل حكومة أبوظبي قوانين ونظماً جديدة تتيح للمقيمين التملك الحر.

وجهة مفضلة

ويؤكد الصديقي جاذبية الإمارات للاستثمار كأفضل وجهة استثمارية في المنطقة، مشيراً إلى أن ذلك يرجع إلى الحوافز الحكومية التي تم إقرارها العام الماضي في الإمارات إضافة أن المناخ الاستثماري صحي للغاية، كما أن الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية مستمرة في الإنفاق، ونما الإنفاق الحكومي بنسبة 17% خلال العام الجاري.

وأكد أنه لا خوف مطلقاً على القطاع العقاري في دولة الإمارات، مشيراً إلى أنه على المدى المتوسط والبعيد سترتد الأسعار نحو الارتفاع مرة أخرى، وهناك توقعات قوية بارتفاع الأسعار خلال السنوات القليلة المقبلة.

ترسيخ الطمأنينة

ويوضح الدكتور مبارك العامري الخبير العقاري رئيس لجنة العقارات بغرفة تجارة وصناعة أبوظبي أن غالبية المستثمرين المواطنين ما زالوا يعتقدون أن الاستثمار العقاري هو أفضل أنواع الاستثمارات على الإطلاق، كما أن البنوك تعتقد أن القروض العقارية هي أمن وأفضل القروض على الإطلاق في الوقت الحالي بسبب وجود الرهن العقاري لها، وبلا شك هناك نمو متواصل في الإقراض العقاري، وهذا النمو سيتواصل، خاصة مع صدور قوانين ولوائح من غالبية إمارات الدولة خاصة أبوظبي رسخت الثقة والطمأنينة في نفوس المستثمرين العقاريين سواءً أثناء عملية البناء والتشييد أو على صعيد الملكية، حيث تصدر دائرة البلديات في أبوظبي حالياً صكوك ملكية للمستثمرين العقاريين في المناطق التي تم السماح بالتملك فيها للأجانب.

تسليم المشاريع

ويلفت إلى أن كبريات الشركات العقارية تسابق الزمن لإنجاز مشاريعها لبيعها أو لتأجيرها، مشيراً إلى أن الزيادة في القروض العقارية خاصة خلال العام الماضي ترجع إلى قرب إنجاز تسليم مشاريع عقارية كبيرة عدة في أبوظبي ودبي بصفة خاصة لمستثمرين، الأمر الذي زاد الطلب على القروض العقارية، فضلاً عن أن هناك طلباً متزايداً في سوق الإمارات العقاري على شراء العقارات، خاصة في دبي وأبوظبي بسبب تراجع الأسعار بشكل جيد، إضافة إلى طرح شركات كبرى في أبوظبي ودبي مشاريع للإسكان المتوسط تبدأ وحداتها بأقل من نصف مليون درهم.

ويشدد مبارك العامري على أن حيوية القطاع العقاري في الإمارات خاصة دبي وأبوظبي ما زالت قائمة وتنمو بوتيرة جيدة، وهذا يرجع إلى زيادة النمو الاقتصادي للدولة بصفة عامة وبمتوسط نحو 3% وتحسن أسعار النفط إضافة إلى زيادة عدد سكان الإمارات.

عائد مرتفع

ويرى سامح مهتدي الرئيس التنفيذي لشركة بلوم القابضة أن العائد الاستثماري في قطاع العقارات في الإمارات ما زال الأعلى عالمياً، مشيراً إلى أنه يتراوح بين 9% إلى 11%، بينما في عواصم عالمية أخرى مثل لندن وواشنطن وباريس لا يزيد على 6%. وينوه إلى أن شركة بلوم القابضة تواصل تنفيذ مشاريعها في دبي وأبوظبي وستسلمها في مواعيدها المحددة، مشيراً إلى أن تنامي وزيادة المشاريع العقارية في الإمارات يعكس النمو الجيد للإقراض العقاري. ويؤكد سامح مهتدي أن التراجع المحدود في أسعار العقارات أو إيجاراتها لن يستمر طويلاً لأن الأوضاع الاقتصادية تتحسن، فضلاً عن أن حزم الحوافز الحكومية تؤتي ثمارها والسوق سيصحح نفسه وسينتعش، خاصة بعد صدور قرارات التملك الحر للمقيمين.

التملك الحر

ويتوقع خليفة سيف المحيربي رئيس مجلس إدارة شركة الخليج العربي للاستثمار أن تتزايد القرض العقارية خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية تشجع المقيمين على الاستثمار بقوة في القطاع العقاري، وبلا شك فإن قرار حكومة أبوظبي بالتملك الحر للمقيمين سيدفع المصارف الإسلامية لدخول نافذة الإقراض العقاري بقوة، خاصة وأن نظام المساطحة السابق لم يكن مقبولاً عند غالبية البنوك لإقراض عملائها باعتبار المشتري غير متملك بالكامل للعقار لكن بعد صدور القرارات الجديدة بالتملك الحر ستدخل المصارف الإسلامية حلبة سباق التمويلات العقارية.

تسهيلات ائتمانية

ويرى عمرو رضا مسلم الرئيس التنفيذي لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية والإدارية في أبوظبي أن القطاع العقاري في الإمارات قوي للغاية ولا يوجد مخاوف على الإطلاق من تراجعه بشكل كبير يؤدي إلى خسائر للمستثمرين، لافتاً إلى أن زيادة التمويلات العقارية مرتبطة بتنفيذ مشاريع كثيرة جديدة في غالبية الإمارات وغالبيتها مشاريع للإسكان المتوسط طرحتها الشركات العقارية الكبرى والبنوك توفر اليوم تسهيلات ائتمانية لتسريع بيع وحدات السكن المتوسط.

وأضاف أننا نرى حالياً تنافساً بين البنوك على تمويل شراء المساكن عكس ما كان سابقاً، مما سيدفع كبريات شركات التطوير العقاري لطرح وحدات سكنية متوسطة أخرى بأسعار جيدة، وسيستفيد الكل سواء البنك أو المستثمر أو المطور العقاري.

ويشدد على أن غالبية البنوك مطمئنة جداً اليوم بأن المقترضين سيسددون ما عليهم من قروض في المواعيد المحددة سلفاً، خاصة مع استقرار سوق العمل والتوظيف، ولا يوجد في الوقت الحالي أي مبرر للتشدد في الإقراض العقاري، كما أن المصرف المركزي يضع إجراءات كثيرة لعدم تأثر القطاع العقاري بأية أزمات وبما يضمن نموه بشكل صحي وآمن.

عائد

توقّع خبراء عقاريون وماليون أن تتزايد التمويلات العقارية خلال الفترة المقبلة، خاصة مع توسّع الإمارات في بناء مشاريع سكنية خاصة في أبوظبي ودبي لمواكبة الزيادة في عدد السكان مؤكدين أن العائد الاستثماري مازال قوياً، ويفوق العوائد الاستثمارية في غالبية الدول المتقدمة، حيث يتراوح بين 9% إلى 11% بينما يتراوح في مدن العالم الكبرى بين 6% إلى 3%.