يحتفل «برج خليفة»، ناطحة السحاب الشامخة في سماء دبي، اليوم بمرور عقد كامل على افتتاحه في 4 يناير 2010، وهو يعتبر أهم تحفة هندسية، ويقع في منطقة وسط المدينة ويتمتع بإطلالة رائعة على أكبر مركز تسوق في العالم، وهو دبي مول.

فضلاً عن إطلالته المباشرة على نافورة دبي مول وأوبرا دبي. ويجسد برج خليفة فولاذية الإرادة البشرية متزيناً باسم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.

ويعد برج خليفة من أهم معالم الإمارات، فقد أصبح قبلة سياحية مهمة ومزاراً يومياً للسياح لزيارة شرفته الشهيرة ومشاهدة كامل المدينة، أو للاستمتاع بأجمل اللوحات والألوان التي يعكسها البرج كل ليلة، والتي تتبدل وتتغير مع تغير الأيام والمناسبات.

وحمل البرج الأعلى في العالم اسم «خليفة» ليلة افتتاحه بقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إن القمم العالية تبنى بالهمم العالية، وأن أسماء الكبار لا بد أن تقترن بأعلى قمة عرفها البشر، معلناً سموه حينها إطلاق اسم برج خليفة على أعلى ناطحة سحاب على وجه الأرض، ترتفع 828 متراً.

وبلغت تكلفة البرج قرابة 6 مليارات درهم ( 1.5 مليار دولار ) وبدأ العمل في إنشائه في يناير 2004، وجرى افتتاحه في 4 يناير 2010، وروعي في التصميم محاكاة زهرة صحراوية محلية واسمها زهرة زنبق العنكبوت.

كما اعتمد في التصميم المتطاول على أبنية المآذن المرتفعة، واستخدم في بناء البرج 330 ألف متر مكعب من الخرسانة، و39 طناً مترياً من الحديد الصلب، و26 ألف لوح زجاجي لتغطية واجهة البرج.

وعمل في البرج في أوقات الذروة أكثر من 12 ألف عامل، و300 مهندس مختص من أكثر من 120 دولة حول العالم، واستغرق بناؤه 22 مليون ساعة عمل.

وبلغت مساحة المنطقة المخصّصة للسكن في البرج نحو 171 ألف متر مربع، في حين بلغت مساحة مكاتب العمل نحو 278 ألف متر مربع.

كما يضم فندق أرماني دبي الشهير، ومطعم اتموسفير، كما يحتوي على العديد من مرافق العناية الصحّية، وأربعة أحواض للسباحة، وشرفتي مراقبة، ليُعتبر بذلك مبنىً شاملاً متعدد الاستعمالات.

أرقى كيلومتر مربع

ويشكل برج خليفة عماد مشروع وسط برج خليفة الضخم الذي يمتد على مساحة 500 فدان ويعرف على نطاق واسع بأنه أرقى كيلومتر مربع على سطح الأرض، وقد انطلقت أعمال الحفر في برج خليفة خلال فترة وجيزة من إطلاقه، وشارك في إنجازه أكثر من 100 شركة مقاولات واستشارات من مختلف أنحاء العالم.

ويقوم البرج على قاعدة أسمنتية كبيرة مدعومة بدورها بركائز أسمنتية قوية نفذت باستخدام أكثر من 45 ألف متر مكعب (59.1 مليون قدم مكعبة) من الأسمنت، يصل وزنها إلى أكثر من 110 آلاف طن، مع 192 ركيزة تم وضعها على عمق أكثر من 50 متراً (164 قدماً).

وحطم برج خليفة رقماً قياسياً في كمية الأسمنت المستخدمة، والتي وصلت إلى 330 ألف متر مكعب (6.11 مليون قدم مكعبة)، إضافة إلى 39 ألف طن متري من الفولاذ الصلب، وانطلق برج خليفة صعوداً بسرعة لافتة، حيث تم إنجاز بناء أول 100 طابق خلال 1093 يوماً فقط منذ انطلاق أعمال الحفر.

وفي نوفمبر 2007 تم ضخ الأسمنت المسلح إلى ارتفاع 601 متر (1978 قدماً)، ليحطم برج خليفة بذلك الرقم القياسي السابق الذي كان مسجلاً باسم برج تايبيه 101.

وبدأت أعمال الإكساءات الخارجية في مايو 2007 وتم الانتهاء منها في سبتمبر 2009 بمشاركة نحو 400 مهندس وخبير تقني.

وفي المرحلة الأولى، كان يجري تركيب 20 إلى 30 لوحاً في اليوم، ولتصل في المراحل الأخيرة إلى نحو 175 لوحاً يومياً، كما سجل برج خليفة رقماً قياسياً لأعلى ألواح الألمنيوم والزجاج التي يتم تركيبها ضمن أي مبنى في العالم، وذلك على ارتفاع 512 متراً.

وبلغ عدد ألواح الإكساء المستخدمة في الواجهة الخارجية لبرج خليفة 348.24 لوحاً بمساحة تصل إلى 190.132 متراً مربعاً، وتتميز هذه الألواح بكونها مصممة للحد من انبعاث الحرارة وخفض استهلاك الطاقة.

وتمثل السارية التلسكوبية تتويجاً لقمة برج خليفة، وتتألف من أكثر من 4 آلاف طن من الفولاذ الهيكلي، وتعتبر السارية جزءاً رئيسياً من التصميم العام للبرج، وتضم أيضاً العديد من معدات الاتصالات.

مجتمع متكامل

ويبلغ إجمالي المساحة المبنية في برج خليفة، نحو 6 ملايين قدم مربعة، ويضم نحو مليوني قدم مربعة من المساحات المخصصة للوحدات السكنية، وأكثر من 300 ألف قدم مربعة من المكاتب الفاخرة، إضافة إلى احتضانه لفندق أرماني دبي وأرماني للشقق الفندقية.

ويضم برج خليفة 57 مصعداً و8 سلالم متحركة وهي جميعها بخدمة المقيمين في البرج من سكان وموظفين وزوار، كما يضم البرج أيضاً 4 أحواض للسباحة.

إضافة إلى نادي السيجار وردهة اجتماعية خاصة للسكان ومرافق للياقة البدنية ومطعم أتموسفير الفاخر.

بالإضافة إلى ذلك، توفر منصة المراقبة قمة البرج، برج خليفة الكائنة في الطابق، 124 إطلالة رائعة على مدينة دبي بزاوية 360 درجة، وهي مفتوحة للجميع.

ومن قلب الصحراء العربية، يشمخ برج خليفة، أطول ناطحة سحاب في العالم، عالياً في سماء دبي ليضيف إلى أمجادها الكبيرة تحفة معمارية باعتباره أول مدينة عمودية متكاملة في العالم، ويتجلى فيه تناغم الإبداع الهندسي والعناية بالتفاصيل والقيمة الجمالية الاستثنائية.

ويبلغ إجمالي المساحة المبنية في برج خليفة 67.5 ملايين قدم مربعة، ويضم البرج 85.1 مليون قدم مربعة من المساحات المخصصة للوحدات السكنية، و300 ألف قدم مربعة من المكاتب الفاخرة.

إضافة إلى المنطقة التي تحتضن فندق أرماني دبي وأرماني للشقق الفندقية.

ويضم برج خليفة العديد من المرافق الترفيهية الفاخرة ومنها 4 أحواض للسباحة إضافة إلى النوادي الاجتماعية والمكتبة الخاصة وردهة اجتماعية حصرية للسكان وشقق فندقية ومرافق للياقة البدنية ومطعم أتموسفير الفاخر، أعلى مطعم في العالم ويقع في الطابق 122.

ويضم فندق أرماني دبي العديد من المرافق التي تعتبر الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، بما في ذلك نادي أرماني بريفيه الاجتماعي العصري.

وأول منتجعات أرماني سبا الصحية ضمن أي فندق في العالم، ويمتد المركز على مساحة 12 ألف قدم مربعة، ويتيح للضيوف إمكانية التمتع بالعديد من البرامج العلاجية المتميزة، ومعدات اللياقة البدنية وحوض السباحة في الهواء الطلق.

إضافة إلى متجر أرماني دولسي للشوكولاته والحلويات، وأرماني فلوري للأزهار، وأرماني غاليريا. كما يضم مجمع البرج مبنى المكاتب الملحق المؤلف من 12 طابقاً، والنادي، مركز اللياقة البدنية المؤلف من 4 طوابق، وأرماني بافيليون، الوجهة الترفيهية الخارجية التي تطل على بحيرة برج خليفة ودبي فاونتن، أطول النوافير الاستعراضية في العالم.

30 مليون زائر

وأصبحت قمة برج خليفة في دبي وجهة سياحية قائمة بذاتها، بعد أن استقطبت أعلى ناطحة في العالم بين 2010 و2019 قرابة 30 مليون زائر أغلبهم من السياح. وارتفع عدد زوار منصة قمة برج خليفة في الطابق 124 بأعلى ناطحة سحاب في العالم بنسبة 13 % أخيراً.

ويشكّل السياح الأجانب الذين ارتقوا لمشاهدة دبي من أعلى البرج، أكثر من 50 % من إجمالي الزوار. ويضمّ برج خليفة منصّتي مراقبة، هما «آت ذا توب» في الطابقين 124 و125، و«آت ذا توب سكاي» التي تقع في الطابق 148، أي على ارتفاع 555 متراً.

وتنبض العلامة التجارية المميزة لبرج خليفة بفكرة لامعة، وتنطوي على رسالة على لسان البرج نفسه مفادها: «أشمخ برأسي عالياً نحو السماء وأضرب بجذوري في أعماق الرمال..

من الصحراء ولدت لأعانق السحاب.. أنا وهج المدينة، ملتقى الفن بالهندسة، وفي أدق ثناياي حرفية تلهم النفس، بوتقة جمعت مفاهيم للجمال تحاكي الخيال، تجسيد لما تراءى لحضارات شتى.. أنا الفخر ثمرة إنجاز هائل يتحدى المألوف ويعلو فوق المتوقع؛ أنا منبع الإبداع منبر الأحلام موطن النخبة..

أنا قطب ثالث يخطف أبصار كل زائر، ليُحفر في ذاكرته كلوحة سرمدية، قلب ينبض بأسواق من ألف لون ولون، ومطاعم تنقلك إلى عوالم ذوق لم تعهدها، ومرافق ترفيهية ما هي إلا البداية.. أنا روح المدينة والناس فيها.. معيار جديد للطموح اللامتناهي.. حلم دبي المتحقق والمتألق.. من المستقبل أتيت.. أختزل اللحظة فأخلدها للأجيال القادمة».

أسرار في البناء تكشفها « البيان » الاقتصادي للمرة الأولى

كشفت مصادر «البيان الاقتصادي» عن 7 أسرار في عملية تشييد برج خليفة نستعرضها فيما يلي:

الحركة

حفّز البرج فكرة الوصول بالمصعد إلى درجته القصوى لكي يقوم لاحقاً بإيصال الناس بعد أن قام بنقل العمال. ففي البرج هناك أكثر من 160 طابقاً. سيتوجب على مصاعد (أوتيس) نقل 35 ألف شخص، لذا فإن دخول وخروج عدد سكان مدينة صغيرة من هذا المبنى كان قمة التحدي، وللتعامل مع هذه الأعداد، فقد جرى تركيب 57 مصعداً و8 سلالم كهربائية.

مواد البناء وتقنياتها

البناء الفولاذي دفع بناطحات السحاب قدماً، وكان هذا جيل جديد من المباني، لكن هيكل برج خليفة يدمج بين أفضل ما عرفه عالما الفولاذ والحجر.

فقد تم استعمال أكثر من 33 ألف طن من الفولاذ لكن بطريقة ذكية جداً. يقع الفولاذ ضمن أو داخل كتل من الخرسانة «الكونكريت» هذا العمود الهيكلي الكونكريتي المقوى تم إكساؤه بستارة فائقة التقنية من الزجاج والفولاذ.

الحرارة

جرى التعامل مع حرارة الصيف باستخدام زجاج متنوع وعاكس. فزجاج برج خليفة بواجهتين واجهة خارجية وأخرى داخلية. الواجهة الخارجية تعكس ضوء الشمس المباشر اليومي وتصل للشقة أو المكتب.. الجزء الخارجي مغطى بطبقة رقيقة من المعادن.

السرعة

كانت الرافعة المفضلة في بناء البرج هي رافعة الكنغارو، فالقائمون على بناء هذا المشروع انتقلوا بقضية الأجزاء مسبقة الصنع إلى مستوى جديد. مفتاح السرعة هنا هي تكنولوجيا جديدة يطلق عليها اسم التشكيل القافز.. هذه العملية بدأت من الجزء السفلي في المبنى.

الريح

الهيكل الخارجي هو أفضل وسيلة اخترعت لمقاومة الرياح، حتى في سرعة رياح تبلغ 90 كم في الساعة، وللمقارنة فإن الطابق الأعلى في برج ويليس في شيكاغو (برج سيرز سابقاً) سيتحرك لنحو 15 سم.

وبالطبع فإن ارتفاع برج خليفة ضعف ارتفاع برج ويليس. وفي هذا الارتفاع الشاهق، فإن مقاومة الرياح بهيكل خارجي جامد ليس جيداً بما يكفي للحيلولة دون شعور المقيمين في الطوابق العلوية بدوار البحر هناك فإن المهندسين المعماريين تحولوا إلى تقنيات الديناميكا الهوائية المتقدمة.

الزلازل

يمكن للبرج أن يقاوم زلازل تصل قوتها لسبع درجات على مقياس ريختر لأنه يمتلك هيكلاً خرسانياً مهولاً. لكن المهندسين واجهوا مشكلة مختلفة، فتشييد مبنى عملاق بهذا الطول على رمال الصحراء يتطلب تدابير خاصة. في حالة برج خليفة، الصخور ضحلة لكنها صخور ضعيفة جداً كما أنها قابلة للكسر، لذا لا يمكن أن تحمل الكثير من الوزن.

بالتالي ذهب المشروع 50 متراً عمقاً في الصخور للوصول إلى صخور كافية لدعم هذا الهيكل. الصخور تحت لببرج هشّة ومشبعة بالمياه الجوفية، وأي فجوة كبيرة ستتغلغل في تلك الحفر مباشرة. لمنع حصول هذا، فإن المهندسين عبأوا ثقوب الحفر بطين فسكوزي من البوليمر التي تدفع المياه الجوفية وشظايا الصخور إلى حافة ثقب الحفر لإبقائها مفتوحة.

السلامة والإخلاء

مع ارتفاع البرج إلى 828 متراً سيكون السؤال: كيف سيخرج الناس خلال الطوارئ؟ الجواب، يضم البرج 9 غرف خاصة. وهناك غرف ملاجئ مصنوعة من طبقات من الخرسانة المسلحة والمانعة للحرائق والأغطية المضادة للنيران.

جدران هذه الغرف تتحمل حرارة النيران لمدة ساعتين. كل غرفة من تلك الغرف لديها ما يكفيها من الهواء الذي يضخ عبر أنابيب مقاومة للحريق. فضلاً عن أبواب مغلقة مضادة للنيران وهي ما تمنع الدخان من التسرب لتلك الأبواب.