خلال ورشة تسويق مهمة للبروفيسور الشهير فيليب كاتلر، في أواخر العام 2009، كشف كاتلر في تلك الورشة عن أفضل وسائل التسويق التي ستلائم المرحلة الجديدة من التحديات المعاصرة ولغاية العام 2020.
ويعد فيليب كاتلر الأب المعاصر للتسويق، وتدرّس كتبه للطلبة في كبرى الجامعات العالمية وفي مختلف المراحل التعليمية، فهو مرجعية مهمة في عالم التسويق المعاصر، ولذلك تؤخذ وصاياه في الأغلب على محمل الجد.
وشرح كاتلر الفترات الزمنية التي مر بها التسويق قبل قرن من الزمان، أي منذ بدايته إلى أن وصل إلى ما وصل إليه في الوقت المعاصر. ثم قسم كاتلر هذه الفترات الزمنية إلى ثلاث مراحل، حيث أطلق على المرحلة الأولى اسم التسويق 1.0، ثم شرح كيف تطور التسويق ليصل للمرحلة الثانية وأسماها 2.0، وقال إن المرحلة الثالثة هي التسويق 3.0، الذي يبدأ من العام 2009 إلى 2020. وهذه المرحلة الأخيرة هي المستقبل في التسويق، كما قال البروفيسور كاتلر، وبها تكمن التحديات التسويقية والأساليب الجديدة للتسويق، فهي المنقذ لأزمات اقتصادية مقبلة لغاية العام 2020.
لن أسلط الضوء على تلك المراحل التسويقية رغم أهميتها، لأن الحديث عنها طويل، ولكنني سأتحدث هنا عن جزئية واحدة فقط في المرحلة التي أسماها البروفيسور كاتلر التسويق 3.0، وهي المرحلة الزمنية التي نعيشها حالياً. هذه الجزئية تحديداً هي أخذ رأي المستهلك في الأسعار وإشراكه في تسعير المنتج، وهي جزئية كفيلة بإعادة التفكير في التسعير ومستقبل العلاقة بين التاجر وبضاعته من جهة، وعملائه من جهة أخرى.
وعلى الأرجح، لن يناسب هذا التوجه، الذي يطرحه البروفيسور كاتلر، الكثيرين، وخصوصاً في منطقتنا العربية، ولكن للبروفيسور وجهة نظر مستقبلية يراهن عليها، فمن سيطبقها أولاً؟ نحن العرب في أوضاع اقتصادية ليست هي الأفضل، وبالتالي يصبح التطبيق أولوية للخروج منها، ويصبح الانتظار لمعرفة نتائج تطبيق هذا التوجه أمراً مهماً. ولابد من أخذ زمام المبادرة والريادة، إذ للرائد أفضليتان: أفضلية خوض التجربة بغض النظر عن نتائجها، وأفضلية نجاح التجربة. وبينما ينتظر المنتظرون نتيجة تجارب الرواد ليحددوا موقفهم لاحقاً، قد يكون الوضع تأخر، و«طارت الطيور بأرزاقها».
هذا التوجه وإن اعتبرناه ثورة في التسويق، قد لا يقبله السوق ذو العقلية المحافظة، إلا أنه جدير بالتفكير والدراسة، وهو في واقع الأمر عودة لأسلوب قديم لدى التجار التقليديين، لأنه نوع من أنواع المساومة في السعر (أو كما نطلق عليه في الإمارات المكاسر)، فهل سيتم إشراك المستهلك في تسعير البضائع والمنتجات؟ وهل سيعتمد «المكاسر» بوصفها أفضل وسيلة لإرضاء البائع والمشتري؟ وهل سيقبل كبار التجار بهذا؟