قال الله سبحانه وتعالى: «ولئن شكرتم لأزيدنكم»، في جملة شرطية يقول أولها اشكر (كشرط)، لكي أزيدك، وأزيدك لكي تشكر، ومن ثم تشكر فأزيدك، وهكذا دواليك،. ما أجمله من وعد رباني أعطى للشكر غاية وأهمية لا تضاهيها أهمية، فقد بين الحق جل وعلى أن الشكر هو بوابة الزيادة، وبالتالي يكون الشكر هو أحد أسباب السعادة ولكن لا يدرك ذلك الكثيرون.
وإذا تطرقنا لجهات العمل، نجد كلمة «شكراً» غالباً ما تملك مفعول السحر لتحفيز الأفراد، كما تترك أثراً طيباً في نفس فريق العمل، دافعة إياه لعمل المزيد. وهنا نتساءل: هل ثقافة الشكر متواجدة في مؤسساتنا؟
لا يخفى على الباحث في هذا الأمر أن وجود ثقافة الشكر في المؤسسات يرتبط ارتباطاً وثيقاً بوجود الفهم الإداري السليم الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من خبرة إدارية قلما نراها إلا عند المحنكين إدارياً، لكن من هم هؤلاء المحنكون إدارياً وهل من السهولة بمكان أن نجدهم؟ سؤال أترك إجابته لكم، ولكن ما أريد قوله هنا: إن البعض يرتكب أكبر الأخطاء باعتقادهم أن الإدارة أمر سهل، وبالتالي لا يوليها أهمية كافية كبعض المجالات الأخرى! لكن هذا اعتقاد غير صحيح، إذ لو كانت الإدارة أمراً سهلاً لما درسها الدارسون وتخصصوا في دراستها على جميع المستويات الأكاديمية العليا، بل ويذهب البعض لإعادة الدراسة بعد خمس سنوات بعد التخرج لتجديد فهمهم في علم الإدارة المتجدد باستمرار،
فالإداري الناجح هو من يملك القدرة على إدارة الآخرين بنجاح وتسهيل مهامهم وتلبية طموحاتهم، سواء كانوا من الوظائف التخصصية، كالدكتور والمهندس والإعلامي والحرفي الماهر، أو أصحاب الوظائف الدنيا، كالخادم والمزارع وغيرهم.، ولذلك يرتبط مفهوم الإدارة السليم بعدة مفاهيم وممارسات مهمة لست بصددها في هذا المقال، لأن الحديث عنها بطول، ولكن الذي يعنينا هنا هو عن جزء بسيط ومؤثر من هذه المفاهيم الإدارية، ألا وهو الشكر عند وجوبه.
إذاً، وجود ثقافة الشكر أمر مهم وممارسة راقية، لكن لابد من التنويه ومن زاوية أخرى إلى أمر مهم آخر في ثقافة الشكر، ألا وهو معرفة نوع الشكر المطلوب وتوقيته، فالإداري الناجح هو الذي يستطيع القيام بتشخيص سليم للوضع لدى فريق العمل، وبالتالي معرفة الشكر المطلوب وتلبيته عند وجوبه، لكن تأتي الطامة الكبرى على يد الإداري غير المحنك والذي لا يعير الشكر أية أهمية، أو يخطئ في تشخيص الوضع لدى فريق عمله، معتقداً أن الشكر هو زيادة في الراتب في وضع يكون الموظف أحوج ما يكون فيه إلى مجرد كلمة «شكراً»، أو لمعاملة راقية وأمان وظيفي، وبيئة عمل ملائمة وليس فقط علاوة مادية أو ترقية.