اتفق قادة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا الجمعة في قمة مصغرة في روما على تخصيص 1 % من الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي، أو ما يعادل 130 مليار يورو (156 مليار دولار)، لحفز النمو الاقتصادي والخروج بمنطقة اليورو من أزمة الديون وتوالي حزمات التقشف، غير أن القادة الأربعة اختلفوا بشأن ضرورة إصدار سندات أوروبية مشتركة وكيفية إطلاقها.
وقاومت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ضغوطا للموافقة على إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو أو السماح بمزيد من المرونة في استخدام صناديق الإنقاذ الأوروبية لكنها اتفقت مع زعماء فرنسا وإيطاليا واسبانيا على حزمة بقيمة 130 مليار يورو (156 مليار دولار) لتنشيط النمو.
وبعد قمة رباعية عقدت في قصر فيلا مداما في روما قال رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي إنه ينبغي أن يتبنى الاتحاد الأوروبي سلسلة من إجراءات تحفيز النمو تساوي نحو واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة في قمة تعقد الأسبوع المقبل.
لكن الزعماء الثلاثة لم يحققوا تقدما ملموسا في دفع ميركل التي تقود أقوى اقتصاد في أوروبا والمساهم الرئيسي في صناديق الإنقاذ الأوروبية للموافقة على إصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو أو استخدام موارد الإنقاذ الحالية بمرونة أكبر.
وقال مونتي في مؤتمر صحفي مشترك بعد المحادثات التي استمرت ساعة و40 دقيقة "لا يمكن أن تكون هناك جذور ثابتة للنمو إلا بالانضباط المالي. لكن الانضباط المالي لا يتحقق إلا بالنمو وخلق فرص العمل".
وتتضمن إجراءات النمو التي هي قيد الدراسة بالفعل في بروكسل زيادة رأسمال بنك الاستثمار الأوروبي وإعادة توجيه مخصصات إقليمية بالاتحاد الأوروبي لم يتم إنفاقها وإطلاق سندات مشروعات للمساهمة في تمويل برامج استثمارية عامة. لكن لم يعلن عن إجراءات جديدة الجمعة. ولم تذكر ميركل أي خطوة نحو إصدار سندات مشتركة لديون سابقة لمنطقة اليورو أو لاقتراض جديد.
وعبر الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند في ما يبدو عن قرب نفاد صبره على إحجام برلين قائلا إنه لا ينبغي أن يستغرق استحداث سندات اليورو المشتركة عشر سنوات. وقال إن هناك حاجة لمزيد من التضامن بين الدول الأعضاء قبل أن تتخلى عن مزيد من السيادة لصالح مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وأضاف في تحد مباشر للمستشارة الألمانية "أعتبر سندات اليورو خيارا... لكن ليس في عشرة أعوام.
"لا يمكن التخلي عن سيادة ما لم يتعزز التضامن". لكن الموقف الألماني يرى عكس ذلك إذ تقول ميركل إنه يتعين على دول منطقة اليورو السبع عشرة أن تسلم السيطرة على ميزانياتها الوطنية وسياساتها الاقتصادية إلى بروكسل قبل أن تدرس ألمانيا إصدار سندات مشتركة. وقالت "المسؤولية والسيطرة تسيران جنبا إلى جنب".
وأضافت على سبيل المثال أن معاهدات الاتحاد الأوروبي لا تسمح لصناديق إنقاذ منطقة اليورو بإقراض البنوك الاسبانية مباشرة لأن الدولة الاسبانية وحدها هي التي تستطيع فرض الشروط على هذه البنوك. ونظرا لتعارض التصريحات سيكون هناك كثير من العمل على كاهل الدبلوماسيين لإعداد خطة مقنعة لاتحاد مالي ومصرفي أكثر ترابطا في قمة للاتحاد الأوروبي كله تعقد يومي الخميس والجمعة المقبلين ووصفها مونتي بأنها لحظة فارقة في الأزمة.
ومن المتوقع أن تتضمن هذه الخطة خطوات أولى نحو اتحاد مصرفي يبدأ بتخويل البنك المركزي الأوروبي مسؤولية الرقابة على البنوك الكبيرة في منطقة اليورو.
وقد تراجعت قليلا تكاليف الإقراض الاسبانية بعد ارتفاعها إلى مستويات خطيرة بفعل آمال السوق في أخذ مبادرات خلال قمة بروكسل. وإذا ما فشلت القمة في التوصل لحلول فقد يدفع ذلك مدريد إلى طلب برنامج انقاذ سيادي في نهاية المطاف.
مجموعة ضيقة
وفي سياق متصل، قال وزير الاقتصاد الألماني فولفغانغ شويبله أمس إن برلين ستعمل ضمن مجموعة دول أوروبية لتطبيق ضريبة على التعاملات المالية، بعدما فشلت مساعي إيجاد توافق لتنفيذها على الصعيد الأوروبي كله، حيث تعارض بريطانيا ودول أخرى هذه الضريبة. وأضاف شويبله أن عشر دول تستعد للدخول في مسار تعاون للتوصل إلى اتفاق على الضريبة المذكورة.
وتقود الدولَ المؤيدة لفرض هذه الأخيرة كلٌ من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، ويتوقع محللون أن تفوق العائدات السنوية لهذه الضريبة 50 مليار يورو (63 مليار دولار)، غير أن حجم هذه العائدات يرتبط بعدد الدول التي ستطبق الضريبة.
مطالب فرنسية
قال مصدر دبلوماسي فرنسي إن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند يريد أن تتفق القمة الأوروبية التي تعقد الأسبوع المقبل على إجراءات أخرى بالإضافة إلى حزمة لتنشيط النمو قبل أن يوافق على التصديق على المعاهدة المالية للاتحاد. وأضاف المصدر أن أولوند الذي حظي بدعم زعماء ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا لاقتراحاته بشأن النمو خلال اجتماع عقد في روما الجمعة يريد اتفاقا واسعا في الاتحاد الأوروبي على التقدم نحو تكامل القطاعات المصرفية الأوروبية وإجراءات أخرى للاستقرار المالي.
وقال المصدر حين سئل إن كان اتفاق الاتحاد الأوروبي على استثمار واحد في المئة من ناتجه المحلي لتنشيط النمو سيكفي فرنسا لتصدق على معاهدة ضبط الميزانيات التي تم الاتفاق عليها في وقت سابق من العام "لا. سنحتاج المزيد. عنصر النمو أساسي لكن عنصر الاستقرار المالي أساسي أيضا".