سادت حالة من القلق أمس الاسواق العالمية بضغط النزاع التجاري بين الصين وأميركا، بعد ان دخلت الرسوم الجمركية الأميركية على منتجات صينية، حيز التنفيذ فعلياً «منتصف ليلة أمس بتوقيت واشنطن».
فيما يضغط الرئيس دونالد ترامب على الزناد لإطلاق شرارة الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. ومن جانبها تعهدت الصين بالرد «فوراً».
بينما حذر خبراء من أن الإجراءات الانتقامية بين البلدين، ستشكل هزة للاقتصاد العالمي، وتضرب النظام التجاري العالمي في الصميم. في حين لوحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بالاستعداد للتفاوض بشأن خفض الرسوم الجمركية، في ظل الخلاف القائم مع الولايات المتحدة الأميركية.
وستفرض الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 25 % على أكثر من 800 صنف من البضائع الصينية، تبلغ قيمتها نحو 34 مليار دولار، فيما حذرت من أن المزيد قادم في حال تصاعدت الحرب التجارية.
كان ترامب هدد بتصعيد النزاع التجاري بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 450 مليار دولار، إذا ردت الصين، وهز النزاع، الأسواق المالية، بما فيها الأسهم والعملات وتجارة السلع العالمية من فول الصويا إلى الفحم.
وتدرس الولايات المتحدة حالياً، إضافة حزمة ثانية تضم 284 منتجاً بقيمة 16 مليار دولار.
ومن المتوقع أن ترد الصين فور دخول الرسوم الأميركية حيز التنفيذ، عبر فرض رسوم على منتجات بنفس القيمة تقريباً، لكن مع تركيز أكبر على المنتجات الزراعية، التي لها حساسية سياسية.
تحذيرات صينية
وحذرت الصين أمس، من أن الولايات المتحدة «تفتح النار» على العالم برسومها الجمركية التي تهدد بفرضها، وقالت إنها سترد فور دخول الإجراءات الأميركية حيز التطبيق، في إطار تشديد بكين لهجتها في نزاعها التجاري المرير مع واشنطن.
وكانت الصين قالت إنها لن «تطلق الرصاصة الأولى»، لكن الجمارك الصينية، أوضحت أمس، أن الرسوم الجمركية الصينية على سلع أميركية، ستطبق فور بدء تطبيق الرسوم الأميركية على السلع الصينية. وحذر المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية، قاو فنغ، في مؤتمر صحافي أسبوعي، من أن الرسوم الأميركية المزمعة، ستضر سلاسل الإمداد العالمية، التي تشمل الشركات الأجنبية في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.
وقال قاو «إذا طبقت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية، فإنها ستفرض في الواقع رسوماً على شركات من جميع البلدان، بما فيها الشركات الصينية والأميركية».
وأضاف «الإجراءات الأميركية تهاجم بشكل أساسي سلاسل الإمداد والقيمة العالمية. ببساطة، تفتح الولايات المتحدة النار على العالم بأسره، بما في ذلك هي نفسها». وتابع «لن ترضخ الصين للتهديدات والابتزاز، ولن تتراجع عن عزمها الدفاع عن التجارة العالمية، والنظام المتعدد الأطراف».
ورداً على سؤال عما إذا كانت هناك «إجراءات نوعية» ستستهدف الشركات الأميركية في الصين، في إطار حرب تجارية، قال قاو، إن الحكومة ستحمي الحقوق القانونية لجميع الشركات الأجنبية العاملة بالبلاد.
وقال «سنواصل تقييم الأثر المحتمل للحرب التجارية التي بدأتها الولايات المتحدة على الشركات، وسنساعد هذه الشركات في تخفيف الصدمات المحتملة».
وتخطط الصين لفرض رسوم جمركية على مئات السلع الأميركية، تستهدف بعض أهم الصادرات الأميركية، ومنها فول الصويا والسرغوم والقطن، ما يهدد المزارعين الأميركيين في الولايات التي دعمت ترامب، مثل تكساس وأيوا.
وأشار قاو إلى أنه ضمن قائمة المنتجات البالغة قيمتها 34 مليار دولار، والمدرجة على القائمة الأميركية، هناك بضائع بقيمة نحو 20 مليار دولار، أي ما يعادل ثلثي المنتجات المدرجة، من صنع شركات استثمارية أجنبية، تمثل الشركات الأميركية «قسماً مهماً» منها.
وفي أحدث مؤشر على تأثير الرسوم في التجارة، غيرت سفينة تحمل فحماً أميركياً وجهتها من الصين إلى سنغافورة، أول من أمس.
لكن فريق ترامب لم يأبه كثيراً لهذه التحذيرات، حيث وصفها وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، بأنها «سابقة لأوانها، وربما حتى غير دقيقة».
وقال ترامب في تغريدة خلال الأسبوع، إن الاقتصاد «لربما في أفضل حالاته»، حتى «قبل تعديل بعض أسوأ الاتفاقيات التجارية، وأكثرها إجحافاً، التي تبرمها أي دولة على الإطلاق».
وتحت شعار «أميركا أولاً»، استهدف ترامب كذلك شركاء تجاريين تقليديين آخرين للولايات المتحدة، على غرار الاتحاد الأوروبي واليابان والمكسيك، وحتى كندا.
مفاوضات أوروبية
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، بالعاصمة برلين، بعد مباحثات مع رئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان، إن هناك حاجة لموقف أوروبي مشترك، بشأن التفاوض على الرسوم الجمركية في قطاع السيارات مثلاً.
وأضافت المستشارة الألمانية قائلة: «ومن ثم، فإن المفاوضات بشأن الرسوم الجمركية، تعني تخفيض الرسوم، الأمر الذي سأكون على استعداد له، بحيث لا يمكننا القيام به مع الولايات المتحدة فقط».
وكيلا يتم مخالفة قواعد منظمة التجارة العالمية، شددت ميركل على ضرورة أن يحدث ذلك مع كل الدول التي تشترك مع أوروبا في تجارة السيارات.
صندوق النقد
وبدورها، حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، من الدخول في دوامة الإجراءات الانتقامية، مشيرة إلى أنها لن تخلق سوى «خاسرين من الطرفين».
وحذر خبراء اقتصاد على مدى أشهر، من الضرر المحتمل على الاقتصاد الأميركي والعالمي، على حد سواء، من تطبيق سياسات تجارية عدائية وحمائية، مشيرين إلى أن ذلك قد يرفع الأسعار، ويحدث هزة في سلاسل الإمداد العالمية.
مخاطر عالمية
وحذرت منظمة التجارة العالمية، أول من أمس، من أن الحواجز التجارية التي أقامتها اقتصادات كبرى، قد تعرض التعافي الاقتصادي العالمي للخطر، وأن آثار هذه الحواجز بدأت تظهر بالفعل.
وزادت التوترات، بعدما منعت محكمة صينية مؤقتاً، شركة مايكرون تكنولوجي الأميركية، من بيع منتجاتها من أشباه الموصلات في أكبر سوق عالمية للرقائق، بدعوى انتهاك براءات الاختراع الخاصة بشركة يونايتد مايكروإلكترونيكس كورب التايوانية.
وقال مصدر صناعي أميركي «هناك احتمال بنسبة 99 %، لبدء فرض الرسوم الجمركية اليوم الجمعة».
وأضاف المصدر «بصراحة، لا أعلم ما الخطوة التي قد تقدم عليها الصين الآن، وتحول دون فرض الولايات المتحدة للرسوم»، مشيراً إلى أنه لا توجد دلائل على أن هناك تواصلاً حقيقياً بين الحكومتين في الوقت الراهن، قد يؤدي إلى إلغاء فرض الرسوم.
وصرح دبلوماسي غربي كبير لرويترز، بأنه لا توجد مؤشرات على إجراء أي محادثات في الوقت الراهن بين البلدين، ولا حتى عبر قنوات سرية.
400
حذرت الجهات المصنعة، من أنه سيتم فقدان الكثير من الوظائف في الشركات المنتجة للسيارات وقطعها، والمعدات، وغيرها من المنتجات التي تعتمد على المكونات المستوردة، ورجحت دراسة، خسارة ما يقرب من 400 ألف وظيفة في الولايات المتحدة.
وقالت غرفة التجارة الأميركية إلى أن الرسوم الانتقامية، باتت تؤثر في صادرات أميركية بقيمة 75 مليار دولار، وتهدد الوظائف. عواصم ـ وكالات