بكين تأمل أن توفّر واشنطن الظروف اللازمة لمحادثات التجارة

«وول ستريت» تنتعش بتصريحات صينية إيجابية

مستثمرو وول ستريت أقل قلقاً من الحرب التجارية بعد التصريحات الصينية | رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

ارتفعت الأسواق العالمية أمس بعدما بدت الصين أكثر تفاؤلاً إزاء التوصل إلى حل للنزاع التجاري القائم منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة، مما هدأ مخاوف المستثمرين من خطر حدوث ركود.

ففي وول ستريت، فتحت الأسهم الأمريكية على ارتفاع كبير، حيث زاد مؤشر داو جونز الصناعي 289 نقطة بما يعادل 1.1% ليصل إلى 26325 نقطة، وصعد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 34 نقطة أو 1.2% مسجلاً 2922 نقطة، وتقدم مؤشر ناسداك المجمع 117 نقطة أو 1.49% إلى 7976 نقطة.

وكانت وزارة التجارة الصينية قد قالت إن بكين وواشنطن تبحثان الجولة التالية من مباحثات التجارة المباشرة المقررة في سبتمبر، لكن الآمال في تحقيق تقدم تتوقف على ما إذا كان بمقدور الولايات المتحدة توفير الظروف الملائمة.

تصعيد متبادل

وفي أحدث تصعيد متبادل للحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة الماضي رسوماً إضافية 5% على سلع صينية بنحو 550 مليار دولار. جاء ذلك بعد ساعات من إعلان بكين فرض رسوم انتقامية على منتجات أمريكية بقيمة 75 مليار دولار.

وقال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية قاو فنغ للصحافيين إن بلاده تأمل في أن تلغي الولايات المتحدة الرسوم الإضافية المزمعة لتجنب التصعيد في الحرب التجارية. وتابع قائلاً: «أهم شيء الآن هو توفير الظروف اللازمة كي يواصل الطرفان المفاوضات».

وأكد قاو مجدداً أن لدى الصين إجراءات انتقامية «وفيرة» إذا تحركت واشنطن في نهاية المطاف لفرض الرسوم المزمعة، لكنها مستعدة لحل المسألة بهدوء. وقال: «نأمل أن تتخذ واشنطن إجراءات صادقة وملموسة».

الاقتصاد الأمريكي

من جانب آخر، خفضت وزارة التجارة الأمريكية تقديراتها لنمو اقتصاد الولايات المتحدة بشكل طفيف إلى 2%، لكنها أكدت أنه نمو ثابت بالمقارنة ببداية العام. وبالوتيرة السنوية، سجل إجمالي الناتج الداخلي للولايات المتحدة زيادة نسبتها 2% من أبريل إلى يونيو في تقديرات تتطابق مع توقعات المحللين، مقابل 2.1% في التقديرات السابقة.

وتؤكد هذه النسبة تباطؤاً واضحاً بالمقارنة بالنمو في الفصل الأول من العام. لكن هذا النمو يبقى معززاً نسبياً خصوصاً بسبب حيوية المستهلك الأمريكي.

وفي الواقع رفعت الوزارة تقديراتها لزيادة نفقات الاستهلاك المحرك التقليدي للاقتصاد الأمريكي، بنسبة 4.7%، في أفضل أداء منذ خمس سنوات. وقد استحوذ المستهلكون على مزيد من السلع الدائمة من السيارات إلى الأجهزة الكهربائية المنزلية. وقد ارتفعت هذه المبيعات بنسبة 8.8% وهو أمر لم يحدث منذ خمس سنوات.

وهذا ما سمح بتعويض الأنباء السيئة المتعلقة باستثمارات الشركات (تراجعت 0.8%)، وخصوصاً التجارة التي تعاني بشكل واضح من تأثير المواجهة مع الصين.

وشهدت الصادرات الأمريكية تراجعاً أكبر مما ورد في التقديرات السابقة (-5.8%) ما كلف نمو إجمالي الناتج الداخلي 0.7%. أما الواردات فبقيت على حالها تقريباً (+0.1%).

استقرار أوروبي

واستقرت الأسهم الأوروبية بعد تراجعها مع عزوف المستثمرين عن الأصول عالية المخاطر جراء المخاوف من حدوث ركود عالمي وأثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد قرر تعليق البرلمان لأكثر من شهر قبل الانسحاب، في خطوة ستحد من الوقت المتاح أمام المعارضين لعرقلة الخروج دون اتفاق وتزيد احتمالات مواجهة جونسون تصويتاً على سحب الثقة في حكومته.

غير أن نزول الجنيه الاسترليني ساهم في دعم مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني الذي ارتفع 0.14%، وتفوق في أدائه على مؤشر ستوكس 600 الأوروبي الذي استقر. وهوى سهم مجموعة مايكرو فوكس البريطانية لتكنولوجيا المعلومات 24% بعدما أصدرت الشركة تحذيراً بشأن الأرباح، وعزت ذلك إلى انخفاض إنفاق العملاء.

نزول ياباني

وتراجع مؤشر نيكي الياباني مبدداً انتعاشه في أوائل التعاملات بقيادة وول ستريت في ظل استمرار المخاوف من تضرر الاقتصاد العالمي جراء الصراعات التجارية والمخاطر السياسية.

وأغلق المؤشر القياسي الجلسة منخفضاً 0.09% إلى 20460.93 نقطة، بعدما ارتفع 0.15% في الجلسة السابقة. وكان المؤشر قد زاد نحو 0.2% في بداية التعاملات بعدما حققت جميع مؤشرات الأسهم الرئيسية الأمريكية مكاسب الليلة قبل الماضية.

غير أن مكاسب نيكي تبددت بفعل المخاوف من تصعيد جديد للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتطورات الأخيرة المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بما يشير إلى اضطرابات جديدة تنتظر أسواق المال.

وارتفع 127 سهماً على نيكي، مقابل انخفاض 87 سهماً. وكانت شركة ركروت هولدنجز لخدمات التوظيف أكبر الخاسرين بالنسبة المئوية، إذ هبط سهمها 4.8% بعدما أعلنت الشركة عن خطط لبيع ما يقرب من 7.16% من أسهمها القائمة عبر طرح ثانوي.

أما أكبر الرابحين بالنسبة المئوية فكان سهم راكوتين الذي صعد 2.4%، ثم سهم تايسي بنسبة 2.3% وسهم نيبون سويسان كايشا بنسبة 2.2%.

وارتفع سهم سوزوكي موتور 1.5% بدعم من إعلان شركة صناعة السيارات عن تحالف مع تويوتا موتور. وأغلق سهم تويوتا دون تغير يذكر. وستدفع تويوتا نحو 96 مليار ين (910.90 ملايين دولار) مقابل حصة نسبتها 4.94% في سوزوكي. وتراجع مؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.01% إلى 1490.17 نقطة.

صعود الذهب

وارتفعت أسعار الذهب مع تأثر الشهية للمخاطرة بمخاوف الركود. وسجل السعر الفوري للذهب 0.3% إلى 1542.77 دولاراً للأوقية (الأونصة). وصعدت عقود الذهب الأمريكية الآجلة 0.2% إلى 1552.70 دولاراً للأوقية.

وقال نيكولاس فرابل، المدير العام في ايه.بي.سي بوليون، «الذهب يستمد القوة من الانطباع بأن المواقف التجارية تزداد تصلباً، وأن الصين من المرجح أن تصبح أقل مرونة بعد الطريقة التي غير بها الرئيس ترامب مواقفه وتصريحاته على مدار الأيام القليلة الماضية».

وزادت الفضة 1.2% في المعاملات الفورية إلى 18.56 دولاراً للأوقية، مسجلة أعلى مستوياتها منذ أبريل 2017.

وتقدم البلاتين 1.5% إلى 913.86 دولاراً، في حين زاد البلاديوم 1.1% إلى 1485.71 دولاراً للأوقية.

عملات

صعد الين متجهاً نحو تسجيل أكبر زيادة شهرية له منذ مايو. وقالت إستر ماريا رايخلت، محللة الصرف الأجنبي في كومرتس بنك: «لا يزال المستثمرون قلقين إزاء الحرب التجارية ولا يوجد تفاؤل يذكر بأننا سنرى تقدماً كبيراً في المفاوضات». وارتفع الين 0.2% إلى 105.83 ينات للدولار. ومن المنتظر أن يسجل زيادة 2.5% على مدار الشهر، مما يجعله متجهاً لتحقيق أكبر زيادة شهرية في ثلاثة أشهر.

وتراجعت العملة البريطانية 0.25% إلى 1.2183 دولار، لتقترب من أدنى مستوى لشهر يناير 2017 المسجل عند أقل من 1.2015 دولار.

وتراجع السعر الفوري لليوان في الصين قليلاً، مواصلاً خسائره للجلسة الحادية عشرة على التوالي، لكن تحديد سعر قطع أقوى من المتوقع من البنك المركزي ساعد في منع مزيد من الخسائر. ومقابل سلة من العملات، ظل مؤشر الدولار ثابتاً عند حوالي 98.190.

Email