إرث التاريخ والفن السابع

وادي رم.. سحر الصحراء وجار القمر

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأ ترويج هذه المنطقة سياحياً من أواخر الثمانينات، بعد أن صور بها فيلم «لورنس العرب» في الستينات. والآن أصبحت السياحة مصدر دخل العديد من السكان الذين يعملون بها كأدلاء أو في غيرها من الأعمال.

وتسوق وزارة السياحة الأردنية وادي رم على أنه جزء من مثلث السياحة الذهبي الذي يشمل وادي رم والبتراء والعقبة. وتشمل النشاطات السياحية في هذه المنطقة التخييم وجولات سياحية بين الجبال على ظهور الخيل والإبل أو باستخدام سيارات الدفع الرباعي. وأيضاً تشمل تسلق الجبال. ويمكن للزائر المبيت في المخيمات التي تقدم وجبات الطعام والخدمات الأخرى.

ويسمى أيضاً وادي القمر نظراً لتشابه تضاريسه مع تضاريس القمر، وهو واد سياحي يقع في منطقة حسمى في جنوب الأردن، على بعد 70 كيلومتراً شمالي مدينة العقبة الساحلية. ووادي رم هو الاسم الدارج والمستخدم في الإعلام لكل المنطقة. مع أن أغلب المواقع والمخيمات السياحية توجد خارج قرية رم.

يمتاز بوجود الجبال الشاهقة نسبياً فيه، ففيه أعلى القمم الجبلية في جنوب بلاد الشام وهما: جبل أم الدامي وجبل رام. الطريق الرئيسي إلى وادي رم وقرية رم الصغيرة ينحدر شرقاً من الطريق الصحراوي عند نحو خمسة كيلومترات إلى الجنوب من مدينة القويرة وخمسة وعشرين كيلومتراً إلى الشمال من العقبة.

ومن هناك يمتد الطريق بطول يصل إلى نحو 35 كيلومتراً عبر الصحراء وينتهي حتى وادي رم. يعتبر وادي رم من أكثر المناطق السياحية في الأردن التي يأتي إليها السياح من جميع أنحاء العالم، نظراً للطبيعية في الموقع والتي لم يصنعها أي إنسان وإنما هي من فعل الطبيعة على الرغم من وجود نقوش ثمودية وإسلامية.

تكثر في منطقة وادي رم المخيمات السياحية التي تحل محل الفنادق، كونه محمية طبيعية لا يسمح ببناء فنادق فيها.

جغرافية وادي رم

وادي رم هو جزء من منطقة حسمى. وهذه المنطقة تتميز بوجود جبال صخرية عالية متناثرة في سهل رملي واسع.

وحسمى هو الاسم الشائع عند سكان البادية لكل المنطقة، وتمتد منطقة حسمى بشكل مستطيل من جنوب مرتفعات الشراة ورأس النقب في الأردن إلى جنوب غرب تبوك في السعودية. جبال هذه المنطقة هي جبال من الصخر الرملي التي أخذت شكلها المميز بسبب العوامل الطبيعية من حت وتعرية في العصور القديمة.

تاريخ وادي رم

في الماضي السحيق وفي فترة أواخر العصر الجليدي (قبل 10000 سنة) تظهر البحوث الميدانية في منطقة وادي رم وجود تجمعات سكانية، حيث كانت المنطقة كثيفة الأشجار وتتلقى كميات كبيرة من الأمطار وكان مظهرها في تلك الفترة بعيداً جداً عن طبيعتها الصحراوية الحالية. ووجود كميات كبيرة من المياه الجوفية في هذه المنطقة هو بسبب كثافة الأمطار في تلك الفترة من التاريخ.

يعتقد أن أول من وثق عن وادي رم في التاريخ هو الجغرافي الروماني تولمي Ptolemy في كتابه (الجغرافيا) وذكره باسم «أراموا» Aramaua، ويعتقد أن هذه المنطقة هي التي ذكرها القرآن الكريم باسم «إرم» في قوله تعالى: {ألمْ ترَ كيفَ فعلَ ربُكَ بعاد، إرمَ ذاتِ العماد، التي لم يُخْلَقْ مثلُها في البلاد}، وإن كان هذا موضوعاً خلافياً لوجود منطقة أخرى في اليمن باسم «إرم» أيضاً.

على أية حال فالبحوث الاستكشافية في منطقة رم أظهرت وجود نشاط سكاني في هذه المنطقة في الفترة ما بين 600 إلى 800 قبل الميلاد، وكانت تطلق على هذه المنطقة اسم «أرام» أو «إرَم» Iram.

وأظهرت البحوث أيضاً أن هذه المنطقة كان مشهورة لكثرة ينابيعها وكثرة حيوانات الصيد بها. أما العرب فقد سكنوا هذه المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ وظهرت لهم كتابات في فترة العرب الأنباط الذين تركوا الكثير من النقوش والمعابد التي تعود إلى القرن الرابع للميلاد. وكانت منطقة وادي رم خصوصاً ومنطقة حسمى عموماً ممراً للقوافل العربية القادمة من الجزيرة واليمن إلى بلاد الشام.

 

بحيرة فان في برلين.. شاهد تاريخي ومحطة للاسترخاء

تختلف المنطقة المحيطة ببحيرة «فان» البرلينية كلياً عن بقية أجزاء العاصمة الألمانية في نواحٍ كثيرة، فهي هادئة وفاخرة، كما أنها تعد من الشواهد المهمة على أحداث تاريخية مرت بها العاصمة برلين.

تقع بحيرة فان الكبيرة جنوب غرب العاصمة برلين، ولكنها ليست الأكبر بين بحيرات العاصمة، إذ تُعتبر بحيرة موغيل الواقعة شرقاً الأكبر. كانت بحيرة فان ذات أهمية كبيرة لقاطني برلين الغربية بشكل خاص قبل عام 1989، عام توحيد شطري ألمانيا، لكنها أصبحت بعد الوحدة مركزاً للإبحار الشراعي لكافة سكان العاصمة.

من له هواية الإبحار يمكنه استعارة ما يحتاج إليه من حظائر الزوارق المنتشرة على شاطئي البحيرة غرباً وشرقاً: كزوارق الكانو والمراكب ثنائية الهيكل والزوارق التي تعمل بالطاقة الشمسية. بيد أن البحيرة تزدحم بالمصطافين حالما يتحسن الطقس، وعندها يتوجب على المرء أثناء الإبحار تفادي الاصطدام بالزوارق الأخرى، وذلك يتطلب مهارة خاصة.

بحر بديل أثناء الحرب الباردة

خلال عقود الحرب الباردة كانت البحيرة بمثابة بحر بديل للجزء الغربي من برلين المحاطة بالجدار الذي قسم شطري المدينة. والأماكن المخصصة للسباحة عند شاطئها كانت المكان المُفضل، الذي يقبل عليه سكانها أيام الصيف الحارة.

لكن عصر ازدهار البحيرة يعود إلى مطلع ثلاثينات القرن الماضي، إذ قدِم إليها آنذاك أكثر من مليون زائر، بينما يُقدر اليوم عدد الراغبين في السباحة فيها بحدود 200 ألف على الأقل سنوياً. ومهما كانت الظروف لن يعاني المرء من العزلة، عندما يقوم بنزهة بسيطة عند شاطئ بحيرة فان بأبنيته قديمة الطراز.

روعة الماضي الزاخر بالأحداث

على الجهة الأخرى من البحيرة، وإلى جانب اتحاد الرياضة المائية، تقوم بعض منازل برلين الضخمة، شاهدة على كثير من الأحداث التاريخية. الرسام الألماني ماكس ليبرمان قضى أشهر الصيف ابتداء من عام 1910 في فيلته، حيث أنجز أكثر من مائتي لوحة.

وكانت حديقة هذه الفيلا الموضوع المشترك بين جميع هذه اللوحات. تحولت هذه الفيلا بحدائقها إلى مُتحف.

الشارع المار على المتحف، والذي تتوزع على جانبيه منازل فخمة، يجتاز مستعمرة آلزين، وهي مستوطنة أُسِست عام 1863، ويقوم فيها عدد كبير من المنازل الصيفية الفارهة التي أنفق الكثير من المال على تشييدها خلال السنوات الأولى للإمبراطورية الألمانية.

ويُعتبر هذا الشارع أيضاً شاهداً على حقبة تاريخية شديدة الظلام، إذ جُردت أرملة الرسام ليبرمان عام 1940 من أملاكها، لكنها انتحرت بعد ثلاثة أعوام، عندما أراد النازيون نقلها إلى معتقل تيريزين.

على بعد مئات الأمتار من فيلا ليبرمان، تقوم فيلا مارلير، التي التقى فيها قادة النازية عام 1942 لتنظيم ما يُسمى الحل النهائي للمشكلة اليهودية، وقد دخل هذا الاجتماع التاريخ لاحقاً باسم «اجتماع بحيرة فان». وفي هذا المنزل أيضاً يوجد مُتحف.

أسد فلينزبورغ

في نهاية الشارع يتربع أسد مدينة فلينزبورغ على عرشه، وهو نسخة مصنوعة من الزنك لتمثال انتزعه البروسيون من الدانماركيين أثناء الحرب على شليسفيغ-هولشتاين عام 1864 ووضعوه هنا كرمز للانتصار.

تمتد المستعمرة في الغابات، ويبدأ طريق بمحاذاة الشاطئ بطول 7.5 كلم، مروراً بجزيرة الطواويس، حيث التقى ذات مرة ملك بروسيا فريدريش فيلهلم الثاني عشيقته

. أما الطبق التقليدي الذي تقدمه مطاعم بحيرة فان هو سمك تساندر الطازج من مياه هافل الجارية، والذي يُجهز مع دُهن الخنزير، إذ يُقدم سواء في مطاعم الوجبات السريعة التابعة لجمعيات الإبحار الشراعي، أو في الفنادق الكبيرة الموجودة في منطقة البحيرة.

إذا كانت برلين- كما قال عمدتها كلاوس فوفيرايت ذات مرة: «فقيرة لكنها جذابة»، فإن بحيرة فان هي نقيض برلين، فهي مكان الترف الثابت والاسترخاء.

 

Email