هناك وجهات في العالم لا يسع المرء زيارتها إلا مرة واحدة في حياته. ولعل إقليم لابلاند في أقصى الشمال السويدي واحد من تلك الوجهات. فهذه المنطقة تضم في جنباتها كل ما هو مثير وغريب. فمساحتها تعادل مساحة البرتغال بينما عدد سكانها لا يتجاوز 200 ألف نسمة.
وبهذا، فهي تتميز بمساحاتها الشاسعة وأراضيها الخالية من البشر تقريباً، ما يجعلها نقطة جذب لمحبي المغامرات والباحثين عن الهدوء والسكينة. فأكبر مدنها وهي العاصمة لوليلا لا يتجاوز عدد سكانها 70 ألف نسمة.
كما أن فيها بحيرات وغابات عدة تكاد لا تعد ولا تحصى، وكل ذلك وسط خدمات ممتازة للسياح عبر عشرات الفنادق والنُزل ومئات الأكواخ الخشبية التقليدية السويدية المطلية باللون الأحمر والتي تحتوي على كل وسائل الراحة والرفاهية للزائر.
ولقرون مضت كانت لابلاند تغري المسافرين وتبهرهم بجغرافيتها السحرية وأصالة طابعها الثقافي: كالبيئة الاجتماعية لشعبها السامي الأصلي، وحيواناتها الغنية في تنوعها ومواردها الطبيعية اللامتناهية وشمسها التي تشرق في منتصف الليل.
وكان كل من الباحثين والسياح وحتى الذين كان يدفعهم فضولهم، يجدون طريقهم إلى ما يبدو أنه برية أوروبا الأخيرة حتى اصطلح على تسمية لابلاند بـ«ألاسكا الأوروبية» لشهرتها بالطبيعة العذراء والخلابة التي تأخذ الألباب والحيوانات البرية كالموظ وغزلان الرنة والدببة الشهباء.
وبوجود رحلة يومية لطيران الإمارات من دبي إلى العاصمة السويدية استوكهولم، من السهل جداً السفر إلى مطار لوليلا في لابلاند عبر مطار آرلاندا في استوكهولم في رحلة لا تستغرق أكثر من ساعة وربع، خاصةً أن السويد من دول الاتحاد الأوروبي التي رفعت شرط التأشيرة للمواطنين الإماراتيين.
وفي لوليلا، لا بد من التأكد من زيارة وسط المدينة والتبضع من متاجره بمختلف المنتجات والألبسة السويدية، وكذلك الميناء القريب من وسط المدينة المليء بالمطاعم التي تقدم الأكلات البحرية الطازجة. وتفخر المدينة بأنها موطن أول مركز تجاري داخلي في العالم وأول مقر خارجي لموقع «فيسبوك».
وتضم لوليلا فنادق من الطراز العالمي مثل «إيليت ستادس» و«كواليتي» و«كمفورت» و«كلاريون سينس» الذي يضم 154 غرفة وجناحاً من بينها غرف لذوي الاحتياجات الخاصة ويوفر مركزه الصحي في الطابق الثامن والمقهى في الطابق التاسع والأخير مشاهد جميلة للأفق والمياه تتلألأ من بعيد.
وعلى بعد 7 كيلومترات من لوليلا، يوجد موقع مدرج على قائمة منظمة «اليونيسكو» لحماية التراث العالمي منذ العام 1996 وهو قرية كنيسة غاميلستاد. وتتألف القرية من 424 من البيوت الخشبية الصغيرة القديمة والمطلية باللون الأحمر التقليدي والمنتشرة حول كنيسة «نيدرلوليلا» التي بنيت في القرن الخامس عشر.
وهي تمثل نموذجاً لا مثيل له للبيوت التي كانت تبنى في تلك الحقبة حول الكنائس لكي يبيت المتعبدون وزوار المناسبات الدينية الآتون من مناطق نائية فيها.
غونارسبين وستورفورشن
ولدى الوصول إلى لوليلا، بالإمكان استئجار سيارة والانطلاق مسافة نحو 15 كيلومتراً شمالاً إلى نهر «رون» في قرية غونارسبين الواقعة في مقاطعة نوربوتن، حيث عليك الاستعداد لتحدي منحدرات النهر والخروج سالماً من دون بلل عبر قيادة قارب طوف مطاطي ومواجهة تلك المنحدرات التي تتكون من ست درجات.
وعادة، ما تختار وكالات السياحة أو الشركات المتخصصة بتنظيم تلك الرحلات الدرجة من 1 حتى 3 للمبتدئين، على اعتبار أن الدرجات من 4 إلى 6 مخصصة للخبراء وخطرة جداً وقد تسبب إصابات مميتة إن لم يكن ربان القارب على دراية بتجنب المنحدرات والأمواج والمنزلقات والصخور.
ومع ذلك، يمكن توقع بعض البلل أو السقوط في الماء الذي لا يكون في العادة خطيراً بين الدرجة 1 و3. ومع أن الرحلة في تلك القوارب ترفع درجة الأدرنالين، إلا أنها أيضاً تتميز بالكثير من السكينة والجمال لكثرة الغابات والأشجار والمياه الساكنة التي ترافق الزائر وهو يجدف قاربه وسط الطبيعة الغناء والساحرة وجمالها الأخضر الذي يعانق شمس الصيف. وفيما تؤمن الشركات المنظمة لتلك الرحلات كافة المعدات الخاصة، فإنه من الأفضل جلب بعض المناشف والملابس البديلة في حالة الطوارئ.
وتدوم الرحلة بضع ساعات، تتخللها استراحة غداء في أحضان الطبيعة وأمام النهر السيار بشواء اللحم بالطريقة التقليدية المفضلة في لابلاند وهي الحطب. ويقوم الدليل والخبير بشوي اللحم والخضراوات على النار على حطب الأشجار فتنتشر رائحة حرق خشب شجرة القضبان الزكية، وتشعرك بالجوع حتى بعدما تنتهي من الأكل.
وفي غونارسبين، يمكن الاسترخاء بعد نشاط يوم من التجديف في فندق «سوربين» الذي يطل على بحيرة «فيتراسكيت»، وهو فندق صغير وفخم تديره عائلة في أجواء حميمية تتمازج مع أجواء الخصوصية والعزلة عن الضوضاء التي تطبع موقع الفندق.
وليست إطلالته على البحيرة الهادئة ما يجعله مكاناً مثالياً للإقامة فحسب، بل الغرف المصممة بالطريقة الاسكندنافية التي تستثمر المساحات بالشكل الأمثل والمزدانة بالخشب بحيث تبث فيها البرد في الصيف والدفء في الشتاء. وتقع جميع الغرف في الطابق الأرضي بشكلٍ منفصل عن المبنى الرئيسي على بعد بضعة أمتار فحسب.
وفي المبنى الرئيسي، بإمكانك تناول الفطور أو الغداء أو العشاء على يد طاه محترف ومعروف في المنطقة، وخاصة طبق سمك الشار اللذيذ. وسمك الشار هو من أنواع السلمون وموطنه الأصلي المياه الباردة من نصف الكرة الشمالي. ومن ثم، لا تفوت فرصة الجلوس والاسترخاء في بيت «الساونا» التابع للفندق بالمجان، والذي يولد حرارته عبر الخشب المحترق، أي من دون بخار، والغطس في مياه البحيرة الباردة بعدها، وهو الأسلوب الذي يؤكد سكان المنطقة نجاعته لمد الجسم والدورة الدموية بالمزيد من الصحة والنشاط.
ولا يتصاعد بخار الساونا من الأنابيب وإنما من دخان الخشب الموجود في الأتون، ما يجعلك تعيش ذروة الرفاهية المتماهية مع ترف الطبيعة.
وبعد قضاء ليلة في فندق «سوربين»، توجه إلى ستورفورشن نحو 38 كيلومتراً شمال غربي قرية ألفسبين لمشاهدة المنحدر المائي الهادر الذي يضخ مياهاً من نهر «بيته» بمعدل تدفق يبلغ ألف لتر في الثانية.
ويعتبر المنحدر من الأكبر في القارة الأوروبية كلها ويمتد لمسافة 5 كيلومترات، وتسمى المنطقة «أرض الشلالات» لكثرتها فيها. وباستطاعة الزائر أن يراقب المنحدر عن كثب وبأمان عبر ممر خشبي خاص بينما يمر إلى جانب زوار يستمتعون قربه بنسيم الصيف ويتناولون طعام الغداء المشوي بالحطب في نزهة لا يزيدها جمالاً إلا مناظر الغزلان تمر بقربك.
ويتيح فندق ستورفورشن الرحب الذي يحتوي مطعماً و«ساونا» ومسبحاً وقاعة مؤتمرات واسعة تتسع لـ300 شخص وتصلح لإقامة الأعراس، إطلالة لا تقارن على المنحدر المائي الشهير من غرفه الـ144 جميعها.
وبإمكانك تخيل النوم على السرير أو الاستلقاء على الأريكة في غرفتك والتمتع بصوت المياه الهدارة من بعيد تسمع بوضوح ومنظر الشلال المتدفق الذي يبعث الاسترخاء.
فندقان غريبان
وهناك في لابلاند فندقان باستطاعتك الإقامة فيهما، ليسا كأي فندق في العالم. بل يمكن القول إنه لا يمكن للمرء أن يزور لابلاند من دون الإقامة فيهما، حيث يعتبران بحد ذاتهما وجهة سياحية متكاملة.
والرفاهية والنظافة والفخامة هنا ليست السبب الوحيد الذي يدفع السياح إلى المجيء إلى هذين الفندقين، بل فرادة تصميمهما التي تجعل منهما تحفة معمارية بكل المقاييس. فبإمكانك اختبار حياة الطيور والإقامة في «فندق الشجرة» وهو فندق يتكون من 6 غرف كبيرة بنيت على الأشجار داخل الغابة في قرية هارادز في وادي نهر لوليلا على بعد 70 كيلومتراً من عاصمة لابلاند.
وهارادز قرية صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها 600 وهو ما يجعل من الفندق وجهةً ممتازة للباحثين عن الخصوصية والرفاهية في الوقت ذاته.
فعلى الرغم من أن الفندق بني فوق الأشجار على ارتفاع نحو 4 إلى 6 أمتار عن الأرض، إلا أن غرفه تحتوي على التجهيزات المتقدمة ويضم خدمة غرف ومطعماً في المبنى الرئيسي يقدم أطايب المأكولات السويدية التقليدية مثل لحوم غزلان الرنة وأسماك السلمون المطهوة بطريقة منزلية شهية.
ومن المبنى الرئيسي، توصلك سيارة إلى عشك أو كوخك أو غرفتك. وبإمكانك أيضاً الهبوط وسط الغابة بطائرة هيليكوبتر من مطار لوليلا في خدمة خمس نجوم تعانق الطبيعة بشكلٍ لا مثيل له. وللمزيد من المتعة، فإن الغرف الست مصممة بطريقة مختلفة من الخارج، وإن كان تصميمها من الداخل مستوحى من الغابة بطبيعة الحال بحيث يكسو حيطانها الخشب المقتطع من الغابة نفسها. فإحداها على شكل طبق فضائي مربوط بأسلاك معدنية بين الأشجار تضمن سلامة تامة للنزلاء وتجربة فريدة في نفس الوقت بحيث تجد نفسك تتأرجح بين الفينة والأخرى، وكأنك طائر يحلق بين الأشجار أو تقود مركبة فضائية فعلاً.
وهناك غرفة أخرى تسمى «اليعسوب» ومصممة على شكل الحشرة التي تحمل نفس الاسم. وأخرى على شكل عش عصافير، ورابعة زجاجية عاكسة متعة للناظر تجعله يشعر بأن الغرفة متداخلة مع الأشجار المحيطة بها، إضافة إلى خامسة على شكل مخروط أقرب إلى البلوط وسادسة اسمها «الكابين» أي الغرفة الخشبية.
وتتميز الأكواخ الستة برحابتها الكبيرة وقدرتها على استيعاب أربعة أشخاص في خصوصية تامة واحتوائها على أحدث أساليب الراحة وحمام وجهاز تلفزيون وخدمة إنترنت لاسلكي، كما أن «اليعسوب» تضم غرفتي نوم منفصلتان وزاوية للاجتماعات.
ويفتخر الزوجان كينت وبريتا ليندفال، مالكا الفندق، بحقيقة أنه يمكن لجميع ضيوف فندقهما الغريب أن يستمتعوا بمناظر مذهلة لوادي نهر لوليلا والسير وسط الغابة المليئة بالأشجار والاستسلام لسحر الطبيعة الجذابة. وكل ذلك يكسب «فندق الشجرة» المبني على شكل وحدات وسط الطبيعة الرائعة والمصمم بشكلٍ صديق للبيئة صفة خاصة.
فأنت تعيش داخل شجرة في أقدم الغابات، لكن الفندق جمع بين الرفاهية والطبيعة وغني بكل وسائل الراحة والرفاهية.
أما في قرية جوكاشارفي على مقربة من مدينة كيرونا شمالاً أكثر فأكثر، فستختبر الإقامة في «فندق الجليد» وهو أول وأكبر فندق جليدي في العالم والوحيد الذي يعاد بناؤه كل عام! فمنذ افتتاحه العام 1990، يُعاد بناء الفندق سنوياً باعتماد التصاميم المقدمة من فنانين عدّة وباستخدام كتل من الثلج مكونة من المياه التي جرى جمعها من نهر «تورنة».
ويتكون من ستين غرفة جليدية ويتضمن جناحاً فاخراً ومكتب استقبال جليدياً وكنيسة جليدية وباراً جليدياً يقدم مشروباته في كؤوس مثلجة وقاعة رئيسية تزيّنها ثريا بلورية جليدية. وتولَّى فريق من الخبراء أمر بناء الفندق بمساحة 5500 متر مربع، عبر خلط الثلج والجليد في قوالب معدنية ضخمة تزال بعد أن يصبح المزيج جاهزاً.
ويفتح الفندق أبوابه حتى الربيع ثم يترك ليذوب ويتدفق إلى نهر تورنة من حيث أتى. كما يقدّم الفندق أيضاً بعض النشاطات الشتويّة التي يمكنك الاستمتاع بها في المنطقة المحيطة به.
شعب السامي
وفي شمال السويد، يسكن شعب السامي، وهو الشعب الأصلي للدول الاسكندنافية. ويبلغ تعدادهم في السويد اليوم بضع عشرات من الآلاف. واستوطن شعب السامي لابلاند قبل نحو 12 ألف عام.
وعلى امتداد تاريخهم الطويل، استطاع الساميون ترويض غزلان الرنة وغيرها من الحيوانات على شكل مجموعات لتكون مصدر رزق لهم، وأخذوا يتنقلون بانتقالها قاطعين الجبال والأودية والأنهار في أرض لابلاند الشاسعة. كما طوروا ثقافتهم الخاصة ولغتهم المميزة، ما جعلهم قومية مستقلة لا تزال تعيش اليوم مفتخرة بتراثها ومعتزة بأرضها السخية.
بعد الانتهاء من زيارة «فندق الشجرة»، توجه إلى قرية فلاكابيرغ نحو 80 كيلومتراً من هارادز. وفي فلاكابيرغ، ستتاح لك الفرصة لزيارة عائلة لارس إريكسون وهو عجوز يتحدر من شعب السامي ويربي غزلان الرنة ويعتاش عليها.
وسيدعوك لارس لتناول برغر لحم غزلان الرنة في كوخه المتواضع والنظيف والمرتب والمجهز بأحدث وسائل الراحة، والذي حرص على محافظته على الطابع السامي، ويمكنك حتى المبيت في كوخك الخاص في مزرعته الكبيرة وسط غزلان الرنة التي تملأ المكان.
وسيحدثك عن غزلانه ومقتنياته التقليدية التي يصنعها من جلد وعظام الغزلان وهو يرتدي لباس الساميين التقليدي الملون والمزركش، بينما تتناول طبقاً شهياً من الحلويات المصنوعة من مربى التوت البري الطازج. واللافت أن لهذه الغزلان أصحاباً من الساميين حصراً يعرفونها من خلال ندبة يضعها مالكوها على آذانها، وهي مسجلة في وزارة الزراعة السويدية.
ولمزيد من الغوص في الثقافة السامية، ما عليك سوى قضاء بضعة أيام في بلدة يوكموك التي يمكن اعتبارها عاصمة الساميين، والتي تستضيف خلال شهر فبراير من كل عام سوق يوكموك، وهو سوق يعود تاريخه إلى أربعة قرون مضت.
ويمكنك خلال تلك الفترة حضور سباقات الرنّة ومشاهدة عروض الأزياء التقليديّة، إضافةً إلى تذوّق العديد من الأطباق المحليّة والتي تشمل تلك المصنوعة من لحم الرنّة والموظ. وقم كذلك بزيارة متحف «آيتي سامي» الذي يضم كافة المعروضات والتحف والشروح التي تقربك أكثر من فهم تلك الثقافة النادرة.
ومن ضمن تلك المعروضات، خيمة الساميين التقليدية التي يستطيع خمسة عشر شخصاً الجلوس بسهولة فيها حول نار الخشب التي يمتص دخانها فتحة في قمة الخيمة.
ومن يوكموك، توجه 100 كيلومتر غرباً إلى قرية أرينياركا المحطة ببحيرة «ساغات» والجبال والغابات، لتجد نفسك وسط الطبيعة العذراء التي لم يمسها الإنسان. وفي أرينياركا، اذهب إلى نُزلها الجبلي المسمى باسمها والذي يضم أكواخاً مرمية في الغابة تتسع للعائلات الكبيرة ويحتوي بعضها على غرفة «ساونا».
يستقبلك القائمون على الفندق بابتسامة عريضة. هنا، لا توجد بوابة رئيسة ولا أسوار ولا حراس أو بوّاب، بل كل شيء فيه يحاكي الطبيعة التي تحضنه. الأسرّة مريحة، والأثاث متواضع ونظيف.
قم بصيد السمك أو المشي وسط الغابات والجبال أو برحلة في القارب وسط ألوان المياه الكريستالية اللماعة كأنها فضة مصهورة.
عجائب الطبيعة
ويمكن إطلاق لقب «أرض عجائب الطبيعة» على لابلاند بكل سهولة. فتلك المنطقة تضم ظواهر طبيعية متناقضة ورائعة. فطوال فصل الصيف، عليك الاستعداد لـ22 ساعة من الشمس في ما يعرف «شمس منتصف الليل». وطوال فصل الشتاء، تنقلب الآية فلا تشرق الشمس إلا ساعتين.
ولك أن تتخيل محاولة النوم ليلاً بينما الشمس لا تزال في كبد السماء أو الخروج للغداء في الظهيرة والظلام الدامس يخيم. ولعل الظاهرة الطبيعية الأكثر شهرة «أضواء الشمال» أو الشفق القطبي، وهي مزيج من الألوان الخلابة التي تتشكل على القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية، تضفي البهجة على ناظرها ويشعر بأنه في حضرة عرض أضواء في السماء تتراوح بين اللون الأخضر والأحمر والبرتقالي والأزرق، وتتراقص وكأنها ستائر ضوئيّة.
وتأتي الظاهرة من تفاعل الرياح الشمسية مع المجال المغنطيسي للأرض وتشاهد في فصل الشتاء في المناطق البعيدة عن أضواء المدينة والمعتمة وتحتاج سماء صافية من الغيوم ويمكن مشاهدتها من أيّ مكان في لابلاند، إذا سمحت الظروف المناخيّة بذلك.
تمثل لابلاند بحق أرض عجائب الطبيعة والتوحد معها. فالبحيرات والغابات التي لا تعدو ولا تحصى، والحيوانات البرية التي تصادفها تمرح وتسرح على الطريق الإسفلتي غير آبهة بعبور السيارات، والمنحدرات المائية والجبلية التي لا تنتهي، تجعل من لابلاند وصفةً للراحة النفسية تستحق معها لقب «ألاسكا الأوروبية»، وآخر برية في أوروبا ستلاحظ معها أنك ستمشي في هذه الطرقات ساعات من دون أن ترى ظل إنسان.