يأتي يوم السياحة العربي، هذا العام والذي يصادف الخامس والعشرين من فبراير من كل عام، في ظل استمرار الظروف الاستثنائية التي فرضها الوباء العالمي «كوفيد-19»، مع بقاء بعض القيود المفروضة على الحركة والتنقل حول العالم، ما أثر سلباً على قطاع السياحة الذي تكبد خسائر هائلة منذ بداية العام الماضي، إلا أن الإمارات حققت نجاحاً مشهوداً على الرغم من تلك الظروف الاستثنائية.

تم اختيار هذا التاريخ في ذلك اليوم من كل عام للاحتفال بيوم السياحة العربي تكريماً لذكرى الرحالة العربي ابن بطوطة، واحتفاءً بتاريخ مولده بمدينة طنجة المغربية في مثل هذا اليوم من عام 1304 ميلادية والذي استغرقت رحلاته قرابة الثلاثة عقود معظم الدول العربية.

وفي نسخة 2021 من يوم السياحة العربي، وتحت شعار «التحول الرقمي نحو سياحة عربية آمنة»، سيتم الاحتفال في جميع أنحاء العالم العربي بهدف توفير حلول متطورة وتكنولوجية تساعد على تحقيق التعافي السريع من الجائحة.


حلول متطورة

وترى المنظمة العربية للسياحة، أن ما تعرضت له صناعة السياحة على مستوى العالم من تداعيات وخسائر جراء الجائحة، لن توقف جهود القائمين على هذه الصناعة الكبرى لإيجاد حلول متطورة وتكنولوجية تتناسب مع الواقع الذي فرض عليها تمكنها من التعافي سريعاً فور انتهاء الجائحة وتمكنها من مواجهة التحديات والمنافسات مع الأسواق العالمية بناءً على جودة الخدمات المقدمة ومدى تطورها، هادفة من ذلك زيادة الوعي حول أهمية صناعة السياحة وما تحققه من مردود اقتصادي واجتماعي وثقافي عربياً وعالمياً.

وبحسب المنظمة، فإن صناعة السياحة بالمستقبل القريب لن تقيم فقط بالكم وأعداد السائحين، بل ستقيم بالكيف حول ما قدم لهم من خدمات ومدى جودتها وتطورها تكنولوجياً مع الالتزام بالإجراءات الصحية التي يجب توفيرها عبر خدمات غير لمسية ،بداية من وصول السائح إلى بلد المضيف حتى استكمال كافة برامجه السياحية ومغادرته، تستدعى تضافر جهود القطاعين الحكومي والخاص بدءاً من ميناء الدخول والجمارك عبر توحيد البيانات البيومترية للمسافر وربطها عبر جواز سفره مع تذكرته، وعلى المستوى الخاص عبر المستثمر والعامل معاً سواء بالفنادق والمطاعم ووسائل الانتقال وكافة الخدمات التي يسعى السائح لاستخدامها أثناء رحلته.

وأكدت المنظمة أن التحول الرقمي أصبح هدفاً يتطلب من العالم العربي السعي نحو تحقيقه ،ليكون بمصاف الدول المتقدمة بهذه الصناعة ليحظى بما يستحقه من خلال العودة للسياحة الآمنة إليها سواء من الأسواق العربية أو الدولية.


إحصائيات

ووفق آخر إحصائيات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، يساهم التحول الرقمي في الطيران والسفر والسياحة إلى توليد قيمة مضافة لقطاع السياحة تصل إلى 305 مليارات دولار خلال الفترة من عام 2019 إلى 2025 ونقل ما قيمته 100 مليار دولار من القطاعات التقليدية إلى المنافسين الجدد، وتوليد فوائد غير مباشره بقيمة 700 مليار دولار من خلال التقليل من الأثر البيئي وتعزيز السلامة والأمن والتوفير في التكاليف والوقت بالنسبة إلى السياح.

وتوقعت منظمة السياحة العربية، أن يشهد قطاع السياحة انتقالاً انتقائياً للوظائف الحالية، ويقابله تدريجياً توفر فرص عمل جديدة تعتمد على مهارات العصر الرقمي الجديد داخل وخارج منظومة السفر، سواء على المستوى الحكومي ممثلا بالوزارات أو على مستوى القطاع الخاص ممثلا بالمستثمرين أو العاملين في هذه الصناعة الكبرى، حيث يتوقع أن يصل الإنفاق العالمي على تكنولوجيا المعلومات فيما يخص التحول الرقمي وحده إلى 7.5 تريليونات دولار خلال الفترة المقبلة.

 


الإمارات نموذجاً

وتقدم دولة الإمارات نفسها، كنموذج ناجح في قطاع السياحة إلى دول المنطقة والعالم أجمع، حيث أصبحت خلال فترة وجيزة وجهة سياحية عالمية استقطبت أكثر من 27 مليون زائر، وتزخر بالفرص خاصة في مجال السياحة الداخلية.

وتعتبر الإمارات ضمن الدول التي يتمتع قطاع السياحة لديها بمرونة عالية ،تتيح له سرعة العودة إلى سابق وضعه الذي كان عليه قبل تفشي جائحة «كوفيد-19» وما ترتب عليها من تداعيات.

وتمكنت الدولة من مواجهة تداعيات الجائحة على السياحة، عبر مجموعة من الإجراءات والمبادرات التي نفذتها لدعم وتسريع تعافي ونمو القطاع السياحي، ومن أبرزها المبادرات السياحية ضمن الخطة الاقتصادية للتعافي والنهوض، والتي ركزت على دعم المنشآت السياحية وتسهيل التمويل خاصة للشركات السياحية الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، وتعليق الرسوم السياحية والبلدية لقطاعي السياحة والترفيه، ودعم العاملين في القطاع السياحي، إلى جانب إقامة ممرات آمنة للسفر مع الدول الشريكة، وتطوير السياحة الوطنية وخدماتها من خلال زيادة توظيف الابتكار والتكنولوجيا والتطبيقات الرقمية.

 


جهود مكثفة

كما ساهمت جهود الدولة المكثفة لدعم السياحة الداخلية، والتي من بينها استراتيجية السياحة الداخلية، والهوية السياحية الموحدة الجديدة، في الترويج للإمارات وتعزيز مكانتها كوجهة سياحية رائدة ومستدامة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

وتدعم استراتيجية السياحة الداخلية تحقيق الاقتصاد المتنوع القائم على الابتكار واستشراف الفرص في مختلف القطاعات الصاعدة، وتعزز مصادر الدخل، وتدعم تفعيل الموارد الاقتصادية، وتوفر فرص عمل جديدة ضمن القطاع السياحي، حتى الوصول إلى قائمة أفضل 10 وجهات سياحية عالمية والمركز الأول عالمياً كأفضل هوية سياحية ترويجية بحلول 2030.

ويمثل إطلاق الهوية السياحية الموحدة خطوة هامة لترسيخ مكانة الإمارات على خارطة السياحة الدولية والإقليمية، ويشكل في الوقت ذاته مظلة جامعة تشجع الاستثمار السياحي ونقلة نوعية من شأنها ترسيخ وتعزيز مكانة الإمارات بوجهاتها السبع مقصداً سياحياً عالمياً واحداً متكاملاً وذا طابع مميز وفريد، ما يعزز مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي والبالغة 11.9 % عام 2019 لرفعها حتى 15% ومضاعفة أرقام السياح الداخليين حتى مرتين خلال العقد المقبل.

كما أطلقت الإمارات حملة «أجمل شتاء في العالم»، وهي أول حملة موحدة للسياحة الداخلية على مستوى الدولة، في الفترة من 12 ديسمبر 2020 وحتى نهاية يناير 2021، بمشاركة كل الهيئات السياحية في الدولة والتي جذبت 950 ألف سائح داخلي ونحو مليار درهم خلال شهر واحد.

 


تنافسية السياحة

تؤكد تقارير التنافسية العالمية، تفوق الإمارات إقليمياً وعالمياً في العديد من المؤشرات منها أولوية قطاع السياحة لدى الحكومة، واستدامة التنمية في قطاع السياحة والسفر ومؤشر التسويق وجذب الزائرين.

ووفقاً لمؤشرات تقارير التنافسية العالمية عام 2019، تصدّرت الإمارات دول الشرق الأوسط وأفريقيا وجاءت في المرتبة الأولى ضمن تقرير تنافسية السفر والسياحة الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، وضم 144 دولة، واحتلت المركز 33 عالمياً فيما تبوأت الدولة المرتبة الرابعة عالمياً في بنية النقل الجوي التحتية، بفضل جودة البنية التحتية للنقل الجوي (المرتبة السابعة)، والقدرة العالية لخطوط الطيران (المرتبة الخامسة) ووجود العديد من شركات الطيران (20).

كما حلّت الإمارات في المرتبة 22 عالمياً في البنية التحتية لخدمات السياح بفضل كثافة الفنادق الجيدة والمدركات العالية لجودة البنية التحتية للسياحة.

وبحسب بيانات مجلس السياحة والسفر العالمي، ساهم قطاع السياحة في الإمارات للعام 2019 في توفير 745 ألف وظيفة، واستقبال أكثر من 32 مليون نزيل بنسبة إشغال فندقي بلغت 73%.

وصنف البنك الدولي الإمارات ضمن الدول الأكثر تنافسية في قطاع السياحة على مستوى العالم، موضحاً في تقريره عن إعادة بناء التنافسية في قطاع السياحة العالمي بعد الجائحة أن الإمارات من أكثر دول العالم اهتماماً بقطاع السياحة وحرصاً على ازدهاره وخاصة أن القطاع يساهم بنسبة ليست بالقليلة في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات حيث تتراوح النسبة بين 10و20% سنوياً.

وبحسب أحدث بيانات صادرة عن صندوق النقد العربي، فإن مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات تمثل 14%، بينما يبلغ على مستوى الدول العربية 11.4%، خلال 2019، وتستحوذ الإمارات على نحو 18.5% من ناتج قطاع السياحة عربياً وتحتل المركز الثاني بعد السعودية نظراً للسياحة الدينية، وتقدر مساهمة قطاع السياحة في السعودية 25.3% من إجمالي ناتج القطاع عربياً.

وبحسب صندوق النقد العربي، فإن ناتج قطاع السياحة عربياً ارتفع إلى 313.6 مليار دولار في 2019، مقابل 281.5 مليار دولار في 2018، بزيادة 2.2%، وسجل ناتج القطاع أعلى مستوى له في السعودية بقيمة 79.5 مليار دولار في 2019، يليها الإمارات بقيمة 58.2 مليار دولار، ومصر 48.3 مليار دولار.


 

العمل المشترك

ودائماً ما تؤكد الإمارات التزامها، وبتوجيهات من قيادتها الرشيدة، بدعم العمل العربي المشترك لتنمية القطاع السياحي في المنطقة، وحرصها على تعزيز التعاون لوضع خريطة طريق مدروسة لتطوير السياحة العربية وفق رؤية مستدامة من خلال صياغة أطر جديدة وفعالة للعمل المشترك بهدف تسريع تعافي القطاع السياحي العربي.

ويمثل تنشيط وتشجيع السياحة العربية البينية أحد أهم مسارات التعاون المطلوبة بين دول المنطقة حالياً ومستقبلاً، باعتبارها مرحلة مهمة من مراحل الاستعادة الكاملة للنشاط السياحي في المنطقة مع التركيز على زيادة ثقة الزوار من خلال اتباع إجراءات صحة وسلامة معتمدة عالمياً لضمان بيئة آمنة للمواطنين والمقيمين والزوار والعاملين بالقطاع. كما سيكون لتوحيد الإجراءات والمعايير في قطاع السياحة والسفر أثر إيجابي مهم في سرعة تخفيف قيود السفر وتعزيز الحركة السياحية.