تلعب دبي دوراً محورياً في سوق تأجير الطائرات التجارية بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، الذي يشهد حالياً نمواً ملحوظاً، ويُتوقع أن يرتفع حجم السوق من 19.5 مليار دولار في عام 2022 إلى 29.2 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 5.6 %، بحسب تقرير نشرته «رسيرتش اند مارك».

وتقدم دبي خدمات تأجير متخصصة، تلبي الطلب المتزايد على الطائرات في المنطقة، من خلال مجموعة من الشركات، التي تحتضنها مثل شركة «دبي لصناعات الطيران» Dubai Aerospace Enterprise (DAE)، التي ترسخ مكانتها لاعباً مهماً في صناعة الطيران، وتعد واحدة من أبرز شركات تأجير الطائرات في المنطقة، وتأتي في المركز الثامن عالمياً من حيث القيمة بنحو 18 مليار دولار، وفي المركز التاسع عالمياً من حيث حجم الأسطول، الذي يصل إلى 489 طائرة بحسب بيانات صدرت مؤخراً، كما تشمل قائمة الشركات الكبرى، التي تعمل في سوق تأجير الطائرات في الشرق الأوسط وأفريقيا، نوفوس كابيتال للطيران «Novus Aviation Capital» وشركة ألافكو لتأجير وتمويل الطائرات «Alafco Aviation Lease and Finance Co»، وتشمل قائمة الشركات الكبرى التي تعمل في سوق تأجير الطائرات في الشرق الأوسط وأفريقيا أيضاً كلاً من أفيليز، وشركة إيه بي إل، وصحارى أفريكان أفييشن، وفير أفييشن، وجلوبال أفييشن أوبريشنز، وآسيا أيرو ليسنغ.

وأشار تقرير لـ«كي بي أم جي» إلى أن هناك مجموعة من العوامل التي تسهم في تعزيز مكانة دبي في قطاع تأجير الطائرات التجارية على مستوى المنطقة والعالم، منها أن دبي توفر بنية تحتية متطورة، بما في ذلك مطار دبي الدولي، ومطار آل مكتوم الدولي، مما يعزز من جاذبيتها للشركات العالمية في هذا القطاع، كما تعد دبي مركزاً للابتكار التكنولوجي في صناعة الطيران، حيث يتم تنفيذ العديد من المشاريع الرائدة، التي تركز على تحسين الكفاءة التشغيلية، وتقليل تكاليف التشغيل لشركات الطيران من خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة.

ويسهم موقع دبي الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا وأفريقيا في جعلها مركزاً مثالياً لشركات الطيران والتأجير، التي تسعى إلى الوصول إلى الأسواق الناشئة، حيث يمكن لشركات التأجير، التي تتخذ من دبي مقراً لها تقديم خدماتها لشركات الطيران في هذه المناطق بسهولة، مما يعزز من فرص النمو والتوسع في المستقبل، كما تستضيف دبي العديد من الفعاليات السنوية في مجال الطيران، مثل معرض دبي للطيران، الذي يعد من أكبر الأحداث في صناعة الطيران على مستوى العالم، حيث تجمع هذه الفعاليات بين كبار اللاعبين في السوق، مما يوفر فرصاً كبيرة للتواصل التجاري وتبادل المعرفة والابتكارات.

التجارة الإلكترونية

وتشهد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا زيادة ملحوظة في الطلب على الشحن الجوي لا سيما مع نمو أنشطة التجارة الإلكترونية، ولتلبية هذا الطلب المتزايد تلجأ شركات الطيران مثل «طيران الإمارات»، «الخطوط الجوية القطرية»، و«الاتحاد للطيران» إلى تأجير الطائرات لإدارة أساطيلها بكفاءة. على سبيل المثال في 2023 استأجرت الإمارات للشحن الجوي، طائرتي بوينج 747-400F، ما وفر لها طاقة شحن إضافية وقدرة على الاستجابة الفورية للطلب المرتفع من العملاء.

وفقاً لإحصاءات الاتحاد الدولي للنقل الجوي شهدت شركات الطيران في الشرق الأوسط زيادة في الحركة الجوية بنسبة 43.1 % في مارس 2023، بينما شهدت أفريقيا زيادة بنسبة 71.7 % خلال نفس الفترة. مع هذا النمو في الحركة الجوية تواجه شركات الطيران حاجة متزايدة إلى أساطيل أكبر، للتعامل مع حركة النقل المتزايدة لا سيما مع وجود صعوبة كبيرة في استلام طائرات جديده من المصنعين، لذلك تلجأ الشركات إلى تأجير الطائرات من شركات التأجير لتقليل تكاليف التشغيل.

وخلال الفترة الحالية يشهد قطاع الطيران نمواً كبيراً مقارنة مع مستويات 2019، وتظهر البيانات أن الطلب على تأجير الطائرات لم يكن أبداً أعلى مما هو عليه الآن. وبحسب مارك داناشي، نائب الرئيس الأول في آسيا أيرو ليسنغ: «كان حوالي ثلث سعة شركات الطيران مؤجرة سابقاً، والآن أصبح هذا الرقم يصل إلى 50 %. حتى الشركات التي كانت تفضل شراء الطائرات بدأت تستخدم التأجير كقناة تمويلية مهمة لتعديل أساطيلها».

وشهدت معدلات الإيجار ارتفاعاً ملحوظاً من أدنى مستوياتها في عام 2020 إلى أعلى مستوياتها في عام 2023. ويشير إيدي بينياك، رئيس التحليلات والاستشارات في إيشكا، إلى أن مخزون الطائرات المتاحة للإيجار ليس كبيراً كما يظن البعض، مما يدفع الأسعار للارتفاع»، وتنافس العديد من شركات الطيران على الطائرات المتاحة يمنح الملاك سلطة أكبر في التحكم بشروط الإيجار.

أقسام التأجير

ويشهد سوق تأجير الطائرات في الشرق الأوسط وأفريقيا نمواً مستمراً، متأثراً بتوسع شركات الطيران والطلب المتزايد على حلول التأجير المرنة في المنطقة، وينقسم سوق تأجير الطائرات في الشرق الأوسط وأفريقيا إلى ثلاثة أنواع رئيسية تتمثل في التأجير الجاف، والذي يعني أن تقوم الشركة المالكة للطائرة بتوفير الطائرة بدون طاقم أو خدمات، مما يمنح المستأجر حرية أكبر في إدارة العمليات، أما النوع الثاني فهو التأجير الرطب، والذي يتضمن توفير الطائرة مع طاقمها الكامل، إلى جانب خدمات الصيانة والتأمين، في حين أن النوع الثالث هو التأجير شبه الرطب، وهو مزيج بين التأجير الجاف والرطب، حيث توفر الطائرة مع بعض الخدمات ولكن ليس جميعها.

وتشمل قائمة الشركات الكبرى التي تعمل في سوق تأجير الطائرات في الشرق الأوسط وأفريقيا كلاً من أفيليز، وشركة إيه بي إل، ونوفوس أفييشن كابيتال، وشركة دبي لصناعات الطيران، وشركة ألافكو لتأجير وتمويل الطائرات، وصحارى أفريكان أفييشن، وفير أفييشن، وجلوبال أفييشن أوبريشنز، و آسيا أيرو ليسنغ.

عوامل

ويشهد سوق تأجير الطائرات التجارية نمواً متسارعاً نتيجة لتعدد العوامل المحفزة لهذا الاتجاه، من أبرزها تزايد الطلب على السفر الجوي، خاصة في الأسواق الناشئة، حيث تشهد تلك المناطق نمواً اقتصادياً وارتفاعاً في عدد المسافرين، الأمر الذي يتطلب من شركات الطيران توسيع أساطيلها بسرعة لتلبية الطلب المتزايد، مما يجعل استئجار الطائرات خياراً مثالياً، كما أن التأجير يوفر لشركات الطيران مرونة تشغيلية عالية، حيث يمكنها تلبية احتياجات موسمية أو تشغيل خطوط جديدة دون الالتزام بشراء طائرات بتكاليف باهظة، مما يخفف من المخاطر المالية، ويتيح للشركات الحفاظ على سيولة مالية لتوجيهها نحو استثمارات أخرى.

ويؤدي التركيز المتزايد على تحسين الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف إلى زيادة الاعتماد على استئجار الطائرات الحديثة ذات الكفاءة العالية في استهلاك الوقود. وهذه الطائرات تساعد الشركات في تقليل تكاليف التشغيل والامتثال للمعايير البيئية المتزايدة الصرامة.