تقف الإمارات في طليعة دول العالم بدعمها الواسع للجهود الدولية الرامية لمحاربة جائحة «كوفيد 19»، عبر ضمان إيصال اللقاحات إلى مئات الملايين حول العالم، رغم التحديات اللوجستية الكبيرة التي تواجه عملية نقل اللقاح والمحافظة على فعاليته، ما يمثل فصلاً جديداً من فصول الخير الإماراتي الذي لا ينقطع معتمداً على قوة اقتصادها والإرادة السياسية لدى قيادتها، ما جعلها قوة خير عظمى، كما يجب أن يكون الخير، نافعاً ومتكاملاً ومستداماً، ثابتاً في جوهره متغيراً وفق احتياجات العالم.
وتمتلك الإمارات، وهي أكبر مزود للمساعدات في مكافحة «كوفيد-19» في المنطقة والعالم، من المزايا اللوجستية والبنى التحتية القوية ما يؤهلها لتصبح مركزاً رئيسياً لتخزين وتوزيع اللقاح عالمياً، من خلال تلقّي كميات كبيرة من جرعات اللقاح وتخزينها، ومن ثمّ توزيعها إلى أي نقطة على كوكب الأرض في غضون يومين على أقصى تقدير.
ومنذ اليوم الأول لبدء «مهمة القرن» العالمية الهادفة إلى الإيصال الآمن للقاحات «كوفيد-19»، وضعت الإمارات، وهي أحد عمالقة الخدمات اللوجستية والمستودعات العالمية، كامل بنيتها التحتية المتطورة وخلاصة خبرتها اللوجستية الواسعة، في خدمة الحرب العالمية على الوباء، وذلك بالتزامن مع الارتفاع المتوقع في الطلب على الخدمات اللوجستية المخصصة لنقل اللقاحات، ما شكل عامل قوة في دعم الشبكة اللوجستية العالمية للتوزيع الآمن والسريع.
ويمثل التحرك الإماراتي السريع خطوة جديدة سبقتها خطوات أخرى منذ بدء تفشي الجائحة عالمياً عبر تقديم المساعدات الإنسانية، وتوفير جميع الاحتياجات العاجلة خصوصاً جانب المجال الطبي، الذي يحظى بالأولوية حالياً، لترسي الدولة التي تعتبر الأكثر عطاءً في العالم، نهجاً متميزاً وأسلوباً متفرداً في تعزيز أوجه العمل الخيري والإنساني محققة نقلة نوعية في تحسين مجالات العون الإغاثي عبر إسهاماتها للمستضعفين والمنكوبين في العالم والتي تعتبر امتداداً لإيمان الدولة وقيادتها الرشيدة، بأهمية العطاء وقوة الخير، وتأصيل ينابيع الإنسانية في ظل الأزمات.
أطنان الخير
وقدمت الإمارات دعماً لأكثر من 128 دولة حول العالم في معركتها ضد الوباء، ومساعدات تجاوزت 1742 طناً من المواد الطبية والغذائية بهدف دعم وتعزيز جهود العاملين في المستشفيات للتصدي للوباء واحتوائه في العالم، عبر إطلاق جسر جوي تضمن 182 طائرة لنقل المساعدات وتوفير خط للإمدادات الصحية والإنسانية، شكلت شريانًا لحياة المجتمعات الهشة التي تعاني من الآثار المدمرة للجائحة في كل أنحاء العالم.
ودعمت تلك المساعدات 1.7 مليون عامل في الخطوط الأمامية لمحاربة الفيروس، وفق أحدث تقرير لوزارة الخارجية الإماراتية عن الجهود العالمية التي تبذلها الدولة لمكافحة الجائحة. وتضمن الدعم أيضاً تقديم 10 ملايين دولار مساعدات لمنظمة الصحة العالمية، إلى جانب إقامة 3 مستشفيات ميدانية في السودان وغينيا - كوناكري والأردن.
حجر الأساس
وتشكل البنية التحتية المتطورة والأذرع اللوجستية الممتدة عالمياً براً وبحراً وجواً، حجر الأساس في نجاح الدولة لمواجهة تداعيات الجائحة التي أثرت على العالم أجمع وألقت بثقلها على حركة التجارة والشحن دولياً، كما أسهم تنوع الشركاء التجاريين وأسواق الواردات والصادرات وارتباطها الواسع ضمن شبكة النقل والشحن العالمية في ترسيخ مكانة الإمارات كمركز ثقل تجاري ولوجستي حيوي للعالم أجمع.
وعزفت أذرع الإمارات اللوجستية سيمفونية التلاحم والتكامل فيما بينها، حيث تغطي كافة سلاسل الإمداد والنقل، ومع كفاءة عالية في التعامل مع جميع السلع والمنتجات في كافة الظروف، ابتداءً من الطيران والموانئ، وصولاً إلى المناطق الحرة، والتي لعبت جميعها دوراً حاسماً في محاصرة تداعيات الجائحة، ليس محلياً فحسب، بل على الصعيدين الإقليمي والدولي، إذ ساهمت في استمرار تدفق الإمدادات الغذائية والدوائية إلى الأسواق المحلية والعالمية رغم كل التحديات.
أذرع لوجستية
وتغطي أذرع الإمارات اللوجستية، والتي من بينها مجموعة الإمارات، والاتحاد للطيران، وذراعا الشحن التابعان ،الإمارات للشحن الجوي، والاتحاد للشحن، إلى جانب موانئ دبي العالمية وموانئ أبوظبي، كافة سلاسل الإمداد والنقل مع كفاءة عالية في التعامل مع جميع السلع والمنتجات في كافة الظروف، ولعبت جميعها دوراً حاسماً في محاصرة تداعيات الجائحة، ليس على الصعيد المحلي فحسب، بل على الصعيد الدولي، إذ أسهمت في استمرار تدفق الإمدادات الغذائية والدوائية إلى الأسواق المحلية والعالمية رغم كل التحديات.
وشكّلت الجائحة فرصة لإثبات فائدة وقوة الأذرع اللوجستية الجوية والبحرية للدولة، والتي شكلت جسراً جوياً وشرياناً حيوياً، ضمن استمرارية الإمدادات للعديد من الأسواق العالمية، في ظل تباطؤ سلاسل التوريد بالنسبة لهذه الأسواق، إلى جانب الجهود التي بذلتها في إعادة رعايا بعض الدول إلى أوطانهم، وإنقاذ رعايا دول تقطعت بهم السبل في مناطق مختلفة حول العالم، وإعادتهم إلى أوطانهم سالمين.
وأكدت تلك الأذرع بما لا يدع مجالاً للشك خلال فترة الإغلاق وقيود السفر التي فرضت بسبب الجائحة، التزامها بدعم الجهود الحكومية لضمان تدفق انسياب حركة السلع والبضائع عبر الإمارات إلى مختلف دول العالم. وبقيت الشحنات الجوية والبحرية شريكاً حيوياً في نقل الأدوية والمعدات الطبية والمواد سريعة التلف والسلع الثمينة والبريد وقطع الغيار والأدوات الإلكترونية إلى المناطق المتضررة.
أكبر مرفق
ويعد مركز لقاحات الإمارات للشحن الجوي في مطار آل مكتوم الدولي بدبي أكبر مرفق جوي في العالم مخصص للقاحات «كوفيد-19»، ما يتيح لناقلات الشحن الجوي نقل اللقاحات من مواقع التصنيع المختلفة، وتخزين الشحنات وإعدادها للتوزيع الإقليمي والعالمي.
كما تتكامل تلك القوى الاقتصادية مع وجود المدينة العالميّة للخدمات الإنسانية أكبر تجمّع في العالم لمنظّمات وجهات العمل الإنسانيّ انطلاقاً من مقرها في دبي، والتي تقوم بالعديد من مهام الشحن الإنسانية، وهي أيضاً شريك رئيس في مبادرة نقل اللقاحات، وتسخّر خبراتها الواسعة في مجال الخدمات اللوجستية الإنسانية لنقل مواد الإغاثة، مثل الأغذية والأدوية في الأسواق ذات البنية التحتية المحدودة، إلى جانب مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية، المؤسسة الخيرية التي خلدت بصمة الخير والعطاء في مختلف أرجاء المعمورة، بمقرها الرئيسي في أبوظبي.
تحالفات دولية
وتستفيد التحالفات الدولية لتوزيع اللقاح من المزايا النسبية التي توفرها الإمارات، ومنها الانتشار العالمي لطيران الإمارات والاتحاد للطيران والقدرات اللوجستية المتميزة لموانئ دبي العالمية والكفاءة التشغيلية وقدرات المناولة العالية لمطارات دبي، والإمكانات المتطورة التي تتمتع بها المدينة العالمية للخدمات الإنسانية، والتي تعد المركز المحوري لانطلاق عمليات المنظمات والهيئات الدولية المعنية بأعمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية في المنطقة، إضافة إلى الاستفادة من العمل مع مجموعة أوسع من الجهات ذات العلاقة، بما في ذلك شركات تصنيع الأدوية ووكلاء الشحن والوكالات الحكومية والكيانات الأخرى لنقل اللقاحات، من أجل ضمان أعلى مستويات النجاح لهذه المبادرة ذات التأثير الإيجابي الكبير على الصعيد العالمي. وأدى الطلب الواسع من دول الشرق الأوسط وأفريقيا على اللقاحات عبر الإمارات لقرار إنشاء منشأة لإنتاج اللقاحات في أبوظبي بالتعاون مع شركة «سينوفارم» لتلبية الطلب العالمي المتزايد على اللقاحات.
مبادرة عالمية
وفي هذا الشأن، أطلقت دبي مؤخراً مبادرة عالمية جديدة كجزء من الجهود الكبيرة التي تبذلها الإمارات لدعم الجهود العالمية في محاربة الوباء، حيث حشدت من خلالها خبرات وقدرات كل من: «طيران الإمارات» و«موانئ دبي العالمية» ومطارات دبي والمدينة العالمية للخدمات الإنسانية، لنقل وتخزين وتسريع توزيع اللقاحات حول العالم، مع التركيز بشكل خاص على البلدان النامية، التي تضرر سكانها بشدة من الوباء وتواجه تحديات في نقل وتوزيع المستحضرات الطبية.
ويأتي تحرك دبي السريع دعماً لمبادرة «كوفاكس»، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية وجهودها الرامية إلى التوزيع العادل لنحو ملياري جرعة من اللقاحات في العام الحالي.
ائتلاف الأمل
ويعمل «ائتلاف الأمل» الذي تقوده أبوظبي وتم الإعلان عنه في يناير الماضي، على التنسيق لتخزين وتوزيع اللقاحات لضمان وصولها بأمان إلى مئات الملايين حول العالم. وأصبح اليوم من خلال التعاون مع شركات شحن عالمية، قادراً على تلبية احتياجات الدول والمنظمات غير الحكومية والعديد من الشركات الدوائية من جميع أنحاء العالم. ويشمل الشركاء الأوليين للائتلاف «الاتحاد للشحن» و«موانئ أبوظبي». ومؤخراً أعلن الائتلاف، وهو شراكة بين القطاعين العام والخاص تهدف إلى الإشراف على تنسيق عملية التوزيع الآمن لمليارات الجرعات من اللقاح حول العالم، عن انضمام كل من «بولوريه للخدمات اللوجستية»، و«سيفا لوجيستيكس»، و«دي بي شنكر للشحن»، و«دي إتش إل»، و«فيديكس إكسبريس»، و«ميكو للخدمات اللوجستية»، و«آر إس إيه غلوبال»، و«يو بي إس»، إلى قائمة شركاء الائتلاف من شركات الشحن الرائدة العالمية للمساعدة في تجاوز التحديات اللوجستية المتعددة.
أكبر مانح
وتحتل الإمارات، واحة الخير المستدام، المرتبة الأولى عالمياً كأكبر مانح للمساعدات الإنمائية الرسمية بمقياس دخلها القومي، بحسب أحدث بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وبلغت المساعدات الإماراتية 19.3 مليار درهم ووصلت لأكثر من 147 دولة، وحافظت للعام الخامس على التوالي على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية قياساً لدخلها القومي بنسبة 1.31% وبما يقترب من ضعف النسبة العالمية المطلوبة 0.7% التي حددتها الأمم المتحدة كمقياس عالمي لقياس جهود الدول المانحة.
اقتصاد قوي
تتمتع الإمارات باقتصاد قوي وتقدم نفسها نموذجاً للاستقرار الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط مع تبنيها تحولات سريعة من شأنها زيادة نمو الاقتصاد الوطني. ومؤخراً انضم معهد التمويل الدولي إلى صندوق النقد الدولي في الإجماع على تعافي اقتصاد الإمارات سريعاً من تبعات الجائحة، خاصة وأن التأثيرات الصحية للفيروس في الدولة كانت محدودة بفضل التدابير الاحترازية الناجعة، بما في ذلك الاختبارات والمتابعة الصحية الناجحة للإصابات في المستشفيات. ويتوقع المعهد أن يتعافى اقتصاد الإمارات خلال 2021 بمعدل 2.3%، وسيحظى هذا التعافي بدعم من التعافي الجزئي في الطلب المحلي والزيادة في حجم الصادرات.