أكد عبدالله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة، أن التعديلات الأخيرة التي أجرتها الحكومة على قانون الشركات التجارية، أتاحت للمستثمر الأجنبي التملك بنسبة 100% والاستثمار في كل القطاعات الاقتصادية باستثناء بعض الأنشطة ذات الأثر الاستراتيجي، مشيراً إلى أن مجلس الوزراء سيصدر قريباً لائحة بهذه القطاعات والمجالات واشتراطات العمل بها.

وأوضح أن إزالة شرط وكيل الخدمات للشركات الأجنبية التي ترغب بالعمل في الدولة والوارد في تعديلات قانون الشركات تم العمل به منذ أول أبريل الجاري، لافتاً إلى أن جميع الشركات المرخصة سابقاً يمكن توفيق أوضاعها وفقاً لتعديلات قانون الشركات التجارية.

جاء ذلك خلال فعاليات مجلس الشارقة الاقتصادي الرمضاني 2021، الذي نظمته هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) بالتعاون مع غرفة الشارقة، ومكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، تحت عنوان «دور استراتيجية الصناعة وقانون الشركات التجارية في تطوير منظومة الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسيته».

بيئة داعمة
واستعرض المجلس أهمية التشريعات والمبادرات التي أطلقتها الحكومة خلال الفترة الأخيرة، لتوفير بيئة داعمة للمستثمرين المحليين والدوليين، والمساهمة في تعزيز القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، حيث تم التطرق إلى أهم هذه المبادرات مثل الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، والتعديلات التي تجيز منح الجنسية والجواز الإماراتي للمستثمرين ورواد الأعمال وتعديلات قانون الشركات التجارية التي أتاحت لرواد الأعمال والمستثمرين الأجانب إمكانية تأسيس الشركات وتملكها دون الحاجة لاشتراط جنسية معينة مع إلغاء شرط توفر الوكيل المواطن إلى جانب مبادرات تتعلق باستحداث تصريح إقامة العمل الافتراضي والإقامة طويلة الأمد والإقامة الذهبية والتأشيرات السياحية متعددة الدخول لكل الجنسيات.

وشارك في المجلس كل من عبدالله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة، وعمر أحمد صوينع السويدي، وكيل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وأسامة أمير فضل الوكيل المساعد لقطاع المسرعات الصناعية في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ومروان بن جاسم السركال، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، وحسين المحمودي الرئيس التنفيذي لمجمّع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، والدكتور خالد عمر المدفع رئيس مدينة الشارقة للإعلام (شمس)، وفهد القرقاوي المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، ومحمد جمعة المشرخ، المدير التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، ونجلاء المدفع المدير التنفيذي لمركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، وعبد العزيز شطاف مساعد مدير عام غرفة الشارقة لقطاع خدمات الأعضاء، مدير مركز الشارقة لتنمية الصادرات، وأدار الجلسة أحمد المرزوقي.

العقول المبتكرة
وقال عبدالله آل صالح: «تمحورت التشريعات والقوانين التي صدرت أخيراً أو التي تعمل عليها الحكومة لإصدارها قريباً، حول رفع جاذبية الدولة للاستثمارات المحلية والأجنبية وتعزيز مستوى أداء الأعمال، بحيث تكون أكثر سهولة وقدرة على التطوير والتوسع، وهذه التشريعات ليست ارتجالية أو نابعة من أزمة بل جاءت ضمن رؤية ثاقبة وواضحة لمستقبل اقتصاد الدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار التحولات الإقليمية والعالمية، فهناك خطة واستراتيجية أسهمت فيها كل مؤسسات الدولة الاتحادية والمحلية لوضعها موضع التنفيذ، كما أخذت الخطة بعين الاعتبار آراء مختلف الشركاء الاستراتيجيين».

وشدد آل صالح على أن المستقبل سيعتمد بالدرجة الأولى على استقطاب العقول المبتكرة التي تعد المحرك الرئيس لمستقبل اقتصادات الدول، مشيراً إلى وجود مبادرات لاستقطاب المبتكرين والمخترعين والمبدعين وأصحاب المواهب من دول العالم إلى الدولة من خلال نظام متكامل سيعلن عنه تباعاً خلال الأشهر القريبة المقبلة.

برنامج القيمة
بدوره ذكر عمر أحمد صوينع السويدي، وكيل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة أن «مشروع 300 مليار درهم» التي أطلقت أخيراً، تهدف إلى زيادة تنافسية الصناعة المحلية وتعزيز مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار بحلول 2031، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة وإبراز الدولة كحاضنة لصناعات المستقبل، لافتاً إلى أن هذا المشروع ليس حكراً على وزارة الصناعة بل هو مشروع لكل الوزارات والهيئات الحكومية المحلية والاتحادية ومؤسسات القطاع الخاص.

وأضاف: «بدأنا بحوارات وورش عمل ولقاءات مع جميع شركائنا في الصناعة وحددنا التحديات التي تواجه القطاع الصناعي وكذلك التحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي والعالمي، وركزنا على مجموعة من القطاعات كأولوية وصنفناها ضمن 3 محاور، الأول يتعلق بالصناعات التي تمتلك فيها الدولة مزايا تنافسية مثل الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية والدوائية والدفاعية والثقيلة، والثاني يتعلق بصناعات الأمن الوطني مثل صناعات الأمن الغذائي والطبي، في حين يتضمن المحور الثالث صناعات المستقبل والتي تتعلق بالفضاء والطاقة المتجددة وغيرها».

وتابع: «لدينا أيضاً قانون الصناعة الذي سيوضع حيز التنفيذ قريباً ويلعب دوراً مهماً في تعزيز البيئة الممكنة للصناعة، كما نعمل على موضوع التمويل التنافسي للصناعة وخصوصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب كل ذلك سنطلق قريباً برنامج القيمة الوطنية المضافة الذي يركز على إبراز المنتجات المحلية وزيادة تنافسيتها وفتح أسواق جديدة لها».

مواجهة التحديات
وقال مروان السركال: «تظهر الإمارات مرونة كبيرة في تغيير وتعديل التشريعات لمواكبة المتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية والتطورات الكبرى والمتسارعة بمجال التكنولوجيا، ولمواجهة الظروف الاستثنائية التي تحيط باقتصادات العالم جراء الجائحة، وانطلاقاً من إدراك الحكومة لأهمية القطاع الصناعي باعتباره قاطرة النمو أطلقت أخيراً الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة للنهوض بالقطاع الصناعي وتوسيع حجمه ونطاقه».

وتحدث السركال عن مستقبل الصناعة قائلاً: «الأسواق ستتغير كلياً بفعل توجهات ومخرجات الثورة الصناعية الرابعة من سلاسل الكتل (البلوك تشين) إلى الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والعملات المشفرة والأتمتة الذكية، وشبكات الجيل الخامس، والتكنولوجية المالية، إذ ستعمل التكنولوجيا ونماذج الأعمال المبتكرة على تحفيز الإنتاجية والنمو الاقتصادي الشامل والتنمية المستدامة والمساهمة بإيجاد حلول للتحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الأكثر إلحاحاً في العالم».

وأضاف: «إن كورونا غيّرت من توقعات الخبراء العالميين حول توجهات الأسواق خلال الأعوام العشرة المقبلة، إذ أصبحت عملية التعليم تدار عن بُعد، كما أبدت تجارة التجزئة تفوقاً كبيراً في الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية، وكذلك المصارف وشركات التأمين أصبحت تتعامل مع عملائها من منازلهم عبر التطبيقات الذكية وحتى اجتماعات المسؤولين الحكوميين صارت تدار عن بُعد»، وختم: «إن التطورات التي شهدتها الإمارات، من تشريعات وقوانين جديدة وأخرى معدلة تضمن محافظة الدولة على تنافسية اقتصادها لتبقى في صدارة الدول الجاذبة للاستثمارات».

اقتصاد المعرفة
وأكد حسين المحمودي، أن المجمع يعكس طموح الإمارات بأن تكون دولة صناعية متقدمة تعتمد على الابتكار واقتصاد المعرفة، وتخلق فرصاً جديدة للشركات والمستثمرين ورواد الأعمال، مشيراً إلى أن المجمع يمثل منصة للتواصل بين القطاع الحكومي والخاص والأكاديمي لتنسيق مفهوم اقتصاد المعرفة.

الاستعداد للمستقبل
وأوضح فهد القرقاوي المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، أن استعداد الإمارات للمستقبل من خلال رفد الاقتصاد بالتكنولوجيا المتقدمة والبحوث والدراسات وتوجهها لاستقطاب المواهب ليس وليد اليوم، بل هو استراتيجية راسخة في نهجها، مؤكداً أن الإمارات تتميز ببنيتها التشريعية المرنة، حيث تسعى باستمرار لتطوير وتعزيز هذه التشريعات بما يواكب المتغيرات الاقتصادية، والاستثمارية، والتكنولوجية الإقليمية والعالمية.

وأضاف القرقاوي: «إن مرحلة «كوفيد 19» توفر الكثير من الفرص الاستثمارية على الرغم من وجود بعض التحديات، لكن ما يميز الدول هو الخروج بنتائج الإيجابية للتوجه نحو المستقبل خلال الأزمات، ودولة الإمارات وضعت الجاهزية للاستثمار نصب أعينها من خلال ما تقدمه من استراتيجيات ومبادرات ومنها الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة التي ستكون رافداً مهماً للاستثمارات المستقبلية».

القطاعات الحيوية
وقال محمد جمعة المشرخ، المدير التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة): «تحرص الإمارات باستمرار على تحديث التشريعات الاقتصادية بهدف تخفيف الأعباء على رجال الأعمال والمستثمرين ومواكبة النمو القوي في الاقتصاد ومستجدات سوق الاستثمار العالمي والمحلي واحتياجات المستثمرين بالإضافة إلى رفع مستوى تنافسية الاقتصاد الوطني، وانطلاقاً من حاجة الاستثمار الأجنبي إلى المزيد من التشجيع بعد تأثر الاقتصاد العالمي بالعديد من التحديات التي فرضتها الجائحة شهدت البيئة التشريعية والبنية القانونية الاقتصادية للدولة وإمارة الشارقة حزمة من التشريعات والمحفزات التي أسهمت في زيادة التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة، والتوسع في القطاعات الحيوية التي تلبي اهتمامات المستثمرين فضلاً عن دورها في خلق جو من الاستقرار والثقة لدى المستثمرين الباحثين عن فرص استثمارية لإطلاق أعمالهم وأنشطتهم الاقتصادية».

ريادة الأعمال
وقالت نجلاء المدفع: «أسهم المناخ الاقتصادي غير المسبوق في الدولة خلال الفترة الأخيرة إلى تعزيز الدور الحيوي لرواد الأعمال في دعم الأسواق وترسيخ استقرارها على المدى الطويل إلى جانب تعزيز القدرة التنافسية لاقتصادنا الوطني، حيث حولت المبادرات والسياسات الاقتصادية في إمارة الشارقة ودولة الإمارات التحديدات التي يواجهها هذا القطاع إلى فرص واعدة».

وأضافت: «انطلاقاً من إيمان مركز (شراع) بأن قطاع ريادة الأعمال يمثل العصب الحيوي للاقتصاد، فقد أنشأ صندوقاً تضامنياً بقيمة مليون دولار العام الماضي لدعم الشركات الناشئة المتأثرة بالجائحة كما أطلق هذا العام «استوديو الشارقة للشركات الناشئة»، الذي تدعمه حكومة الشارقة ويعدّ الأول من نوعه في المنطقة، ويقدم لرواد الأعمال منصة متكاملة لتأسيس مشاريعهم وإدارتها وإطلاقها، وسيكون له دور حيوي في دفع عملية التحول الرقمي في المنطقة».

2300 مصنع
وأفاد عبد العزيز شطاف مساعد مدير عام غرفة التجارة والصناعة بالشارقة لقطاع خدمات الأعضاء، مدير مركز الشارقة لتنمية الصادرات، بأن القطاع الصناعي في الشارقة يعد من القطاعات المهمة على مستوى الدولة، إذ تحتضن الإمارة نحو 2300 مصنع تتوزع على قطاعات متنوعة، أهمها الصناعات الغذائية والأجهزة الإلكترونية، مشيراً إلى أن غرفة الشارقة تولي هذا القطاع أهمية خاصة من خلال إطلاق المبادرات والبرامج الداعمة ومنها صندوق «صدّر» الذي أطلقته بداية العام الجاري بهدف تمويل العمليات التصديرية الخاصة بالصناعة، فضلاً عن رفع نسبة الصادرات وفتح أسواق جديدة وزيادة رقعة الخارطة التصديرية لمنتسبي المركز وتوفير السيولة اللازمة للمصدرين وخفض نسبة المخاطر في عمليات التصدير من خلال حماية الائتمان.