قال جاك ميوز، الرئيس الإقليمي لشركة «فيديكس إكسبريس» في منطقة الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وأفريقيا، إن افتقار سوق تقنيات «بلوك تشين» إلى قواعد ومبادئ التوجيهية عامة على مستوى القطاع بشكل تحّد يعيق اعتمادها بشكل واسع النطاق ضمن قطاع الخدمات اللوجستية والنقل في هذه الآونة.
وأوضح ميوز في تصريحات لـ «البيان» أن الافتقار إلى تلك الضوابط دعا العديد من الشركات في مختلف القطاعات للجوء إلى تطوير أنظمة «بلوك تشين» المتنوعة بالاعتماد على بروتوكولاتها الخاصة، مؤكداً أنه بإمكان الإمارات، التي قطعت شوطاً كبيراً في تجربة تبني تقنيات «بلوك تشين»، أن تُشارك في إعداد ودعم منهجية متسقة لتمكين هذه الأنظمة من التفاعل مع بعضها، لا سيما وأنّ التوافق فيما بين هذه الأنظمة يُشكل عاملاً محورياً لتحقيق إمكانات تكنولوجيا «بلوك تشين» في تعزيز التجارة العالمية بالدولة.
وتُعد تقنية «بلوك تشين» للتعاملات الرقمية واحدة من أبرز التقنيات الصاعدة في قطاع الخدمات اللوجستية، ويُعزى ذلك إلى قدرتها على تعزيز شفافية العمليات والمساعدة على تتبع الشحنات بسهولة ودورها في التحقق من منشأ المنتجات وجودتها. وتوقعت وكالة «جارتنر» إسهام هذه التقنية في دعم حركة نقل البضائع والخدمات العالمية بحلول عام 2023 بما تصل قيمته إلى 2 تريليون دولار سنوياً.
وأضاف: ستُؤدي المشاركة في برامج ومبادرات «بلوك تشين» العالمية مع الدول الأخرى إلى تطوير سياسات نموذجية محددة وستُشجع على اعتمادها من أجل حوكمة سُبل استخدام هذا النوع من التكنولوجيا.
وستُساعد هذه الخطوة شركات الخدمات اللوجستية والنقل في الإمارات على اختبار مزايا استخدام تكنولوجيا بلوك تشين في مجالات مثل إدارة المدفوعات وتسوية المطالبات التجارية وأتمتة الشروط التعاقدية بين المصدرين والموردين، مما سيُسهم في جهود التحول الرقمي الكامل للأنشطة التجارية العالمية، فضلاً عن تعزيز بساطتها وكفاءتها من حيث الوقت والتكلفة.
تعزيز الشفافية
وأشار ميوز إلى أنه ومع استمرار أزمة «كوفيد 19»، يزداد الطلب على الوصول إلى معلومات تتمتع بالشفافية العالية مثل عمليات الإنتاج ونوع المكونات وبروتوكولات السلامة الخاصة بالمنتجات قيد التسليم، لا سيما اللقاحات ومكوناتها الفعالة، مؤكداً أنه يمكن لتقنية «بلوك تشين» أن تُقدم طريقة موثوقة لتوفير هذه المعلومات، ليس في القطاع الصحي فحسب، بل في قطاعات عديدة وخصوصاً التجارة الدولية. وتساعد تقنية «بلوك تشين» على زيادة الشفافية في التعاملات التجارية العالمية وفي عمليات إدارة سلسلة التوريد، وفي تحري دقة المعلومات وتحويلها إلى شكل رقمي. ومع ازدياد اهتمام المستهلك بمعرفة تفاصيل تصنيع المنتجات وتسليمها، توفر تقنية «بلوك تشين» دليلاً على جودة هذه المنتجات وموثوقيتها، ما يساعد على تعزيز الثقة بين المنتج والمستهلك.
وأضاف: على سبيل المثال، تتطلب رحلة نقل شُحنة تمور عضوية من مزرعة في الإمارات إلى عميل في فرنسا، ضمن عملية تشمل المُزارع والجهة المصنعة وبائع التجزئة وشركة الخدمات اللوجستية بصفتها الرابط المشترك بينهم، عادة قدراً كبيراً من الأعمال الورقية وإدخال البيانات يدوياً في مراحل مختلفة.
وتستغرق هذه العملية مدة زمنية طويلة، لا سيما مع ضرورة حفظ المعلومات، إمّا ورقياً أو عن طريق البريد الإلكتروني أو غيرها من الصيغ الرقمية المختلفة. وسيؤدي عدم توخي الدقة عند التعامل مع هذه المعلومات على اختلاف صيغتها إلى التأخير أو تلف السلعة أو الاحتيال.
واستدرك: لكن باستخدام تقنية «بلوك تشين» سيتم تحويل هذه الخطوات إلى عمليات رقمية، وستكون المعلومات الناتجة عند جميع نقاط البيانات، بدءاً من المزرعة في الإمارات والمعالجة اللوجستية وحركة الشحنة عبر حدود الدول وصولاً إلى العميل في فرنسا، عملية متكاملة لا تتجزأ. كما ستُسهم تقنية «بلوك تشين» في إنشاء مصدر موحد موثوق لجميع هذه الخطوات.
فليس العميل في فرنسا هو الوحيد المعني بالتحقق من جودة التمور التي يشتريها ومصدرها من مزرعة محددة في الإمارات؛ إذ تسعى المزرعة بدورها إلى إثبات تميّز تمورها وجودتها لكي تُتاح لها الفرصة لبيع هذه التمور الفريدة في جميع أنحاء العالم.
سلسلة
وحول ما إذا كانت «فيديكس» تحتاج أن تكون جزءاً من سلسلة «بلوك تشين» التي يتم شراء البضائع عليها لتتمكن من شحن البضائع، قال ميوز: لا يتم استخدام «بلوك تشين» لشراء المنتجات، وإنما تمثل التقنية قاعدة بيانات مخصصة لتسجيل وتخزين ومشاركة المعلومات.
وعلى سبيل المثال، من أجل إتمام عملية تصنيع لقاحات «كوفيد 19» في بلدٍ ما وشحنها إلى بلد آخر، يتوجب وجود عدة أطراف، ومن ضمنهم المصنّع ومزود الخدمات اللوجستية ومنشآت الرعاية الصحية؛ وبالنظر إلى حساسية اللقاحات لعوامل الحرارة ولضمان عدم المساس بجودتها وسلامتها بدءاً من مرحلة الإنتاج لغاية تسليمها، سيقوم النظام القائم على تكنولوجيا بلوك تشين للتعاملات الرقمية بتطوير رابط يتسم بالشفافية بين كافة الأطراف من خلال تبادل المعلومات.
وأضاف: ستكون كافة الأطراف مسؤولة عن تسجيل المعلومات بدءاً من نوع المكونات المستخدمة والعمليات الإنتاجية المعتمدة وتواريخها ودرجات حرارة التخزين.
وصولاً إلى تفاصيل الشحن في موقع رقمي مركزي موحد. وسيجري تزويد كُلّ معلومة يتم تحميلها على نظام بلوك تشين ببصمة زمنية حفاظاً على دقتها. وستساعد هذه المعلومات منشآت الرعاية الصحية على تتبع حالة دفعات اللقاحات أثناء مرورها من عُهدة الجهة المصنعة إلى مزود الخدمات اللوجستية لغاية تسليمها لهم في نهاية المطاف.
وتابع: يمكن لكل طرف من هذه الأطراف أن يكون جزءاً من أنظمة «بلوك تشين» مختلفة طالما يتقيدون جميعاً بنفس القوانين ويشكلون معاً شبكةً مترابطةً تضمن تخزين معلومات موثوقة وذات مصداقية حول اللقاحات، فضلاً عن تسهيل الوصول إلى هذه المعلومات والتحقق منها.
تحالف
قال جاك ميوز، رداً على سؤال حول مساهمات «فيديكس» في مجال دعم «بلوك تشين» بقطاع النقل، وما إذا كانت الشركة تقبل حالياً نقل البضائع التي يتم شراؤها عبر «بلوك تشين»: تشكّل «فيديكس» جزءاً لا يتجزأ من تحالف «بلوك تشين» في مجال النقل، وتتعاون بصورةٍ وثيقة مع رواد القطاع لوضع معايير قياسية لاستخدام تقنية «بلوك تشين» في قطاع النقل والخدمات اللوجستية.
كما أطلقت «فيديكس» أخيراً برنامجاً تجريبياً بالتعاون مع «تحالف بلوك تشين في قطاع النقل» لاستخدام تقنية «بلوك تشين» في تخزين البيانات، وبالتالي زيادة شفافية العمليات. وتتيح التقنية أيضاً إمكانية التحقق من مصدر المنتجات وجودتها، مع عدم وجود أي إمكانية لتعديل أو استبدال هذه المعلومات مطلقاً. ويمكن استخدام تقنية بلوك تشين في قطاعات مختلفة.