تعتزم مؤسسة «سانكو»، الفائزة بجائزة زايد للاستدامة في عام 2019 ضمن فئة الغذاء، التوسع في توفير حلولها الغذائية المستدامة حول العالم من خلال إبرام شراكات بارزة، وتمثل مؤسسة «سانكو»، ويشار إليها أيضاً بمشروع الأطفال الأصحاء، إحدى قصص النجاح المميزة التي تحققت في إطار دعم الجائزة للمشاريع المبتكرة في مجال الغذاء. وهي منظمة غير ربحية مقرها دار السلام بتنزانيا.
وتساعد «سانكو» المجتمعات المعرضة لسوء التغذية من خلال توفير نظم غذائية مستدامة، حيث تقوم بتجهيز وتحفيز المطاحن المحلية الصغيرة لتحسين جودة الدقيق لديها باستخدام تكنولوجيا مبتكرة وتبني نموذج عمل قائم على السوق. ومن خلال الشراكة مع «سانكو»، يمكن للمطاحن الصغيرة إضافة مواد مغذية للدقيق، حيث ثبت علمياً أنها تحسن جودة دقيق الذرة الذي يستهلكه الأفارقة أكثر من غيرهم ويعتبر عنصراً أساسياً في النظام الغذائي بمنطقة شرق إفريقيا.
ومن جهة أخرى، تشير تقارير صادرة عن الأمم المتحدة إلى أنه لا يزال هناك 821 مليون شخص حول العالم يعانون من نقص التغذية المزمن، وذلك غالباً نتيجة للتدهور البيئي والجفاف وفقدان التنوع البيولوجي. ويعاني أكثر من 90 مليون طفل دون سن الخامسة من نقص الوزن بشكل خطير مع تزايد نقص التغذية الحاد وانعدام الأمن الغذائي في جميع مناطق إفريقيا تقريباً، وكذلك في دول أمريكا الجنوبية.
وفي إطار دعم مواجهة هذه التحديات، أسهم الفائزون بجائزة زايد للاستدامة بدور فاعل في تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة والمتمثل في «القضاء على الجوع»؛ والذي يهدف إلى القضاء على جميع أشكال الجوع وسوء التغذية بحلول عام 2030.
فمنذ أكثر من 10 سنوات، أدرك مؤسسو «سانكو» أنه على الرغم من أن الدقيق المعالج صناعياً كان معززاً في كثير من الأحيان، إلا أن المطاحن الصغيرة التي توفر الدقيق للمجتمعات النائية غير قادرة على تعزيز الدقيق الذي تنتجه بالعناصر المغذية، حيث لا تمتلك التكنولوجيا المناسبة أو نموذج عمل. وهذا يعني أنه على الرغم من أن المجتمعات النائية لديها ما يكفي من الغذاء لمنع تفشي الجوع، إلا أن العديد منها تعاني من سوء التغذية لافتقار النظام الغذائي للعناصر المغذية المهمة، ما ينجم عنه تبعات خطيرة وطويلة الأمد، بدءاً من فقر الدم وليس انتهاء بمشاكل الجهاز التنفسي.
وضمن نشاطها في منطقة شرق إفريقيا، ساعدت تقنية «سانكو»، المصممة خصيصاً لتحسين جودة الغذاء ضمن منشآت صغيرة، المطاحن الصغيرة على دعم الدقيق بعناصر مغذية من خلال تحديد نسبة المواد المغذية اللازمة لضمان توفير نظام غذائي صحي ومعالجة النقص الحاد من العناصر المغذية الدقيقة.
ومن خلال نموذج الأعمال الخاص بها (برنامج الحقيبة الوردية)، تقوم «سانكو» بشراء كميات كبيرة من أكياس الطحين الفارغة وعالية الجودة، ليتم بيعها بعد ذلك لأصحاب المطاحن بسعر السوق. ويغطي هامش مبيعات الأكياس تكلفة المواد المغذية المضافة، مما يعني أنه يمكن لأصحاب المطاحن الصغيرة في الأرياف بيع دقيق مدعم ذي علامات تجارية بنفس سعر الدقيق الذي لا يحمل اسم علامة تجارية. ويمكن للعائلات أخيراً شراء وتناول طعام صحي مغذٍ يومياً، ومنح الأطفال العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجونها.
وقد تحولت «سانكو» حالياً إلى منظمة غير ربحية متكاملة، تغطي خدماتها مليوني شخص من خلال شراكتها مع أكثر من 500 مطحنة دقيق في شرق إفريقيا، مع التركيز على قاعدتها الرئيسية في تنزانيا وكذلك كينيا وملاوي ورواندا.
ولتحقيق المزيد من النمو، قامت «سانكو» ببناء شبكة قوية من الشركاء الذين تجمعهم رؤية عالمية مشتركة تتمثل في القضاء على الجوع، لتوسع نطاق نشاطها بشكل كبير وتعزز قدرتها على إحداث تأثير إيجابي في حياة الناس من خلال توفير حلول غذائية حيوية واتباع نهجها الخاص بتوفير «كيس واحد من الغذاء المدعم» في كل مرة.
وبناءً على شراكتها التي استمرت لمدة ثلاث سنوات مع برنامج تسريع الابتكار لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، والذي يعتمد على الابتكار كوسيلة مهمة لتحقيق هدف «القضاء على الجوع''، قامت»سانكو«بتعزيز شراكتها هذا الصيف من خلال إطلاق مشروع جديد سيستمر لمدة أقل من عامين، تحت رعاية مؤسسة»بيل وميليندا جيتس«العالمية الشهيرة.
تم تصميم هذا المشروع الذي يركز على التنمية لتوسيع نطاق التأثير الإيجابي لمؤسسة»سانكو«في تنزانيا وشرق إفريقيا ويتركز على ثلاثة مجالات: أولاً، يهدف إلى تحسين تطبيق نموذج أعمال»سانكو«في جميع أنحاء تنزانيا من خلال إضافة ما بين 150 و170 مطحنة إلى الشبكة الحالية وتوسيع نطاق إيصال خدماتها إلى 400 ألف شخص إضافي.
وثانياً، سيتم التركيز على دخول ثلاث دول جديدة في أجزاء مختلفة من إفريقيا، كجزء من التوسع العالمي لمؤسسة»سانكو«من خلال اعتماد برامج تجريبية صغيرة، حيث ستقوم»سانكو«إما بنشر مشروعها الحالي أو مراجعته ليناسب الدولة المستهدفة بشكل أفضل. سوف يعتمد اختيار الدولة على زيارات بحثية مكثفة وورش عمل لتشارك بها الأطراف المعنية ضمن تسهيلات من المكاتب المحلية لبرنامج الأغذية العالمي.
ثالثاً، ستعمل الشراكة مع هاتين الجهتين غير الربحيتين على استكشاف التغيرات التي قد تطرأ على حلول»سانكو«الغذائية، والتي من شأنها تسريع الوصول إلى شريحة أكبر واعتماد أفضل الممارسات، والمساهمة في مساعدة»سانكو«على تحقيق الكفاءة التشغيلية وتعزيز مستوى الجودة بشكل عام. وهذا يشمل العمل على تسريع تلبية حاجة المناطق الجديدة التي ستعمل فيها»سانكو«من الدقيق المدعم، مع مراعاة إمكانية إضافة منتجات جديدة إلى المجموعة الحالية التي توفرها المؤسسة.
وقد تجاوزت النجاحات التي حققتها»سانكو«هذا العام الإنجازات المذكورة، حيث تم اختيار المؤسسة مؤخراً كواحدة من بين 286 منظمة أخرى ذات تأثير كبير لتلقي تمويل غير مقيد من ماكنزي سكوت، إحدى الشخصيات المعروفة بدعم الأعمال الخيرية.
وسيمكن هذا التمويل»سانكو«من تحقيق خطوة كبيرة لتحقيق أهدافها في الوصول إلى 100 مليون شخص من خلال الاستثمار في الأنظمة والبنية التحتية التي ستحقق وفورات في التكاليف، واستدامة ذاتية أسرع، والأهم من ذلك، الوصول للأشخاص الأكثر حاجةً وتوفير طعام مدعّم بالعناصر الغذائية.
وتعليقاً على هذه الإنجازات المهمة، قال فيليكس بروكس- تشيرش، المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة»سانكو«:»لقد كان الفوز بجائزة زايد للاستدامة بمثابة تغيير لقواعد اللعبة بالنسبة لسانكو. لقد أتاح لنا تزويد أصحاب المطاحن بالأدوات التي تمكنهم من توفير أغذية محسّنة، وإطعام ملايين الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية يومياً«.
وأوضح بروكس- تشيرش، بأن الفوز بالجائزة عزز من مكانة»سانكو«على الساحة العالمية، وأسهم في حصول المؤسسة على تمويل إضافي وجوائز مهمة. مشيراً إلى أن المؤسسة توفر العناصر الغذائية حالياً لأكثر من مليوني شخص، وتطمح للوصول إلى 25 مليون بحلول عام 2025. حيث كان لجائزة زايد للاستدامة دور كبير في وصول سانكو إلى هذا النجاح، وأضاف:»نحن فخورون جداً بالحصول على هذه الجائزة التي تحمل اسم الشيخ زايد القائد الذي أسس لإرث عظيم وشكّل مصدر إلهام للأجيال".