تنسجم أهداف الشراكة الصناعية التكاملية بين الإمارات ومصر والأردن مع «مبادئ الخمسين» لدولة الإمارات التي تتبنى نهجاً يركز بشكل كامل على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم في رؤية مستقبلية تضع التنمية الاقتصادية «عبر بوابة الاستثمار الصناعي» ضمن المصالح الوطنية العليا التي تسعى جميع مؤسسات الدولة لتحقيقها، ويعد التكامل الثلاثي إحدى الخطوات الفعلية الواثقة في هذا الطريق.

وكانت دولة الإمارات أعلنت أمس عن تخصيص صندوق استثماري تديره شركة «القابضة» ADQ بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن الشراكة مع مصر والأردن، والتي حضرها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وبشر الخصاونة رئيس الوزراء الأردني، والدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري.

وتتجاوز أبعاد الشراكة الصناعية التكاملية بين الإمارات ومصر والأردن، في المضمون والأهداف والنتائج المتوقعة، الشق الإنتاجي وإن كان الأبرز، لارتباطه بسلاسل الإمداد، والسعي إلى تحقيق الوفرة المحلية في البلدان الثلاثة، لتشمل العديد من الجوانب الاجتماعية والمعرفية، مثل إنتاج آلاف الوظائف، ونقل التكنولوجيا، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وهي صورة تحقق حالة من الاستقرار الذي يتطور مع الوقت إلى الازدهار النسبي في المنتجات التي تشكل أولوية وطنية، وقيمة مضافة، للإمارات ومصر والأردن.

وفي ضوء المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، والتي تشكل نقصاً في سلاسل الإمداد للسلع الغذائية والدوائية، خصوصاً بعد درس جائحة «كوفيد 19»، وما تبعه من أزمة روسية أوكرانية، تنظر الدول الثلاث إلى الأمر على أنه خطوة متقدمة ومواكبة لتعزيز العمل العربي المشترك، وهو الذي تعتبره الإمارات هدفاً رئيسياً وضرورة، ضمن مستهدفات الدولة للخمسين عاماً المقبلة.

تحديات الغذاء

وتعزز الشراكة جهود الدول الثلاث في مواجهة التحديات المرتبطة بأزمة الغذاء فيما تشكل خطوة متقدمة وفعلية على صعيد التعاضد العربي ومصدراً لحضور وتأثير أكبر للدول الثلاث في العديد من القطاعات ذات البعد الاستراتيجي.

إضافة إلى حجم التأثير الكبير للشراكة في دعم وتعزيز الجانب الاجتماعي عبر خلق فرص وظيفية مباشرة وغير مباشرة في الدول الثلاث، وانتهاءً بما تمثله الشراكة من خطوة متقدمة على طريق تعزيز التعاون بينها بعد أن قطعت أشواطاً متقدمة في العديد من المجالات.

وأثبتت التطورات التي شهدها العالم مؤخراً، من التحديات العابرة للحدود في تأثيراتها وانعكاساتها، أن وجود تكامل عربي لتنمية مستدامة وتوحيد الجهود بين الأشقاء أمر جوهري بمواجهة أية تحديات قد تطرأ في قادم الأيام على المستوى العالمي، حيث تشكل اتفاقية الشراكة قاعدة صلبة على صعيد تعزيز وتمتين القطاعات الاستراتيجية كالغذاء والدواء عبر تسخير المزايا والقدرات التي تتمتع بها أطراف الاتفاقية.

وتركز الاتفاقية على قطاعات بالغة الحيوية تعد ذات تماس مباشر مع متطلبات الحياة اليومية لسكان الدول الثلاث فهي تستهدف رفع إنتاج القمح والذرة من 16.5 مليون طن إلى حوالي 30 مليون طن، وزيادة إنتاج الأسمدة والأعلاف لمواكبة النمو في قطاعات الألبان واللحوم والدواجن وتصنيع الأغذية فضلا عن مشاريع إنتاج الأدوية البديلة وتصنيع المكونات الفعالة للأدوية /المواد الخام/، إضافة إلى الألبسة والمنسوجات وغيرها من المجالات.

تكتسب الشراكة قوتها من الإمكانيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول المنضوية فيها، والتي عقدت العزم على توحيد طاقاتها واستثمار قدراتها المختلفة لمواجهة ما تمر بها المنطقة، والانطلاق من المجال الصناعي نحو مرحلة جديدة من التنمية المستدامة في مختلف المجالات.

الخيارات الاستثمارية

ولا شك أن تنامي القدرات المشتركة للدول الثلاث سيعزز من حضورها الإقليمي والدولي كلاعب أساسي في مختلف الأحداث والتطورات، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، وسيعزز من موقعها نقطة ارتكاز إقليمية، حيث تسهم الشراكة في زيادة تأثير وحضور الدول الثلاث في السوق العالمي اعتماداً على التنوع الذي توفره على صعيد الإمكانيات والخبرات والخيارات الاستثمارية المنوعة.

كما تلعب الشراكة من خلال مجموعة الوظائف وفرص العمل التي ستخلقها في العديد من القطاعات البارزة دوراً مهماً في تعزيز بنيان ومناعة مجتمعات الدول الثلاث التي يصل إجمالي تعدادها السكاني إلى نحو 122 مليون نسمة نصفهم تقريباً من الشباب.

وتسهم المشاريع الأساسية التي ستنفذ بمقتضى الشراكة في دعم جهود توطين الصناعة والزراعة ورفع كميات الإنتاج المحلي في الدول الموقعة عليها، الأمر الذي يمكنها من زيادة الإنتاج وتقليل الواردات، وبالتالي توفير مقدار كبير من الميزانيات المرصودة للاستيراد ليتم استخدامها في مجالات أخرى تعزز من جودة حياة المواطنين.

استكمال الجهود

وتستكمل الدول الثلاث بهذه المبادرة مسيرة طويلة من التعاون المثمر في مختلف المجالات ومن أبرزها تطوير الأداء الحكومي وجودة الخدمات التي تُقدمها المؤسسات الحكومية.

حيث عقدت الإمارات اتفاقيات مع كل من مصر «أبريل 2018» والأردن «يونيو 2018» تقوم بموجبها بنقل خبراتها وتجاربها في تطوير العمل الحكومي إلى البلدين وذلك من خلال أنشطة مختلفة مثل المحاضرات وورش العمل، وتطبيق بعض الأفكار التي سبق لدولة الإمارات أن طبّقتها بنجاح.

وترتبط الدول الثلاث فيما بينها بسجل حافل من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية التي ساهمت في تعزيز وتوطيد العلاقات فيما بينها وارتفاع حجم التبادل التجاري وزيادة حجم الاستثمارات.