أكد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، أن رؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تعد منطلقاً للاستراتيجية الصناعية الوطنية وخطط الاستعداد للمستقبل، والمساهمة في تنويع واستدامة الاقتصاد والاستفادة من المزايا التنافسية للدولة في بناء قطاع صناعي قوي، وصولاً إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي وزيادة الاعتماد على المُنتج المحلي.

جاء ذلك خلال الكلمة الرئيسية التي ألقاها في افتتاح منتدى «اصنع في الإمارات: استثمار.. شراكة.. نمو»، الأول من نوعه، بحضور ومشاركة قادة الصناعة وكبرى الشركات الصناعية المحلية والعالمية، والجهات الحكومية والمؤسسات التمويلية، في دولة الإمارات وخارجها.

وقال: جائحة كورونا والأحداث الجيوسياسية كان لها انعكاسات واضحة على سلاسل التوريد وتداعيات على الاقتصاد العالمي، لكن هذه التداعيات شكلت في الوقت نفسه مجموعة من الدروس المستفادة، ومن أهمها ضرورة زيادة الاعتماد على النفس، وتوطين القطاعات الصناعية الحيوية، خاصةً المرتبطة بأمن الغذاء والدواء، والاحتياجات الأساسية اللازمة لضمان استدامة الأعمال، واستمرارية نمو الاقتصاد.

ولفت إلى أن الوزارة ركزت من خلال هذا التوجه على الالتزام بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عندما قال: دولة الإمارات، بما لديها من إرادة قيادية، وموارد وإمكانات وسياسات فاعلة، قادرة على بناء قاعدة اقتصادية عالمية وأن تطوير القطاع الصناعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من الصناعات الحيوية، يشكل حصانة لاقتصادنا في مواجهة الأزمات العالمية.

وأوضح أن المنتدى سوف يشهد إعلان بعض الخطط والجهود المعنية بممكنات قطاع الصناعة، وخلال الأيام والأسابيع القادمة، سوف نسمع المزيد من الأخبار حول تفعيل مبادرات صناعية وتحفيزية جديدة.

وجهة لصناعات المستقبل

وقال: انطلاقاً من رؤية القيادة الرشيدة، عمِلنا على وضع استراتيجية وطنية للصناعة، بالتشاور مع كل الأطراف ذات العلاقة، سواء كانت شركات حكومية أو قطاعاً خاصاً أو مستثمرين أو ممولين.

وركزت الوزارة على مجموعة من المحاور الاستراتيجية وفي مقدمتها: تهيئة بيئة أعمال جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين في القطاع الصناعي، ودعم نمو الصناعات الوطنية وتعزيز تنافسيتها، وتحفيز الابتكار وتبنّي التكنولوجيا المتقدمة في الأنظمة والحلول الصناعية، وتعزيز مكانة الإمارات وجهة عالمية لريادة صناعات المستقبل.

كما شجعت الوزارة المؤسسات المالية على تقديم التمويل التنافسي والخدمات الإدارية بأعلى معايير الجودة والكفاءة والشفافية، وساهمت في وضع التشريعات والقوانين التي تساعد في دعم منتجاتنا الوطنية وحمايتها.

وأضاف: وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة تحرص على المساهمة في حماية المكتسبات الوطنية والاستفادة من المنظومة القانونية والتشريعية المحفّزة والجاذبة للاستثمارات في الدولة، إلى جانب خلق فرص ذات جدوى اقتصادية لنمو القطاع الصناعي الوطني، ودعم المُنتَج المحلي، وتقليل الاعتماد على الواردات، وتمكين الاقتصاد الوطني من خلال زيادة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر 300 مليار درهم في 2031 كخطوة أولى.

قطاع صناعي واعد

وقال: تماشياً مع توجيه سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، خلال الدورة الماضية من القمة العالمية للحكومات، بضرورة تطوير وتنمية القطاع الصناعي، ضاعفت الوزارة جهودها لتوفير الظروف الداعمة لنمو القطاع الصناعي الوطني، واستمرت في تقديم المزيد من المبادرات، والتي شملت توحيد الإجراءات، وتقليل الازدواجية، وخفض الرسوم للقطاع الصناعي، وتوفير بيئة تجريبية وتطويرية لرواد الأعمال والشركات الصغيرة، وفتح أسواق جديدة لمصنّعينا بالتعاون مع زملائنا في وزارة الاقتصاد والدوائر الاقتصادية المحلية.

وأضاف: ضمن نهج الإمارات بمدّ جسور التعاون، وبدعم من القيادة الرشيدة، أطلقنا في مايو «شراكة صناعية تكاملية» بين الإمارات ومصر والأردن للاستفادة من المزايا الموجودة في هذه الدول لتعزيز نمو الصناعات المحلية، والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتوفير فرص توسعية للمصنعين ومنتجاتهم في سوق كبيرة وواعدة.

وتم التركيز مبدئياً على 5 مجالات صناعية واعدة، تشمل الزراعة والأغذية والأسمدة، والأدوية، والمنسوجات، والمعادن، والبتروكيماويات. وقال: ضمن جهودنا المستمرة، أطلقت الوزارة برنامج «القيمة الوطنية المضافة» على المستوى الاتحادي، والذي يهدف إلى إعادة توجيه أكبر قدر من قيمة مشتريات الشركات الكبرى والجهات الحكومية إلى الاقتصاد المحلي، من خلال إعطاء أولوية للموردين الذين يستثمرون ويصنعون منتجات ويقدمون خدمات محلية.

ويتم تطبيق البرنامج في الوقت الحالي من قبل 45 جهة حكومية و6 شركات وطنية رائدة، وتشارك فيه 5500 شركة صناعية محلية، كما نجح البرنامج، خلال العام الأول من تطبيقه على المستوى الاتحادي، بإعادة توجيه أكثر من 40 مليار درهم إلى الاقتصاد الوطني.

وأوضح أن أحد أهم أهداف الوزارة هو الاستفادة من القوة الشرائية المحلية لتطوير قطاع الصناعة، خاصةً عن طريق برنامج»القيمة الوطنية المضافة«، لذلك تعاونت الوزارة مع الجهات الحكومية ذات الصلة، والشركات الوطنية الكبيرة، والمستثمرين، والمُصنّعين، ومختلف الأطراف المعنية، في الإعداد لهذا المنتدى، والذي تقدم من خلاله مجموعة من الشركات الوطنية الرائدة التي تملك قوة شرائية كبيرة، مثل «أدنوك»، والقابضة ADQ، ومبادلة، والإمارات العالمية للألمنيوم، وطاقة، واتصالات، والاتحاد للطيران، وإيدج، وحديد الإمارات، وبيور هيلث، وستراتا، والدار، ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية، والاتحاد للقطارات، ومصدر، وغيرها من الشركات المشاركة، والتي ستعرض من خلال المنتدى أكثر من 300 من المنتجات والمواد التي تحتاجها، والتي من الممكن تصنيعها محلياً بأسعار تنافسية، وجداول زمنية معتمدة، مع اعتماد معايير ومواصفات الجودة كفرص تصنيعية إضافية للمستثمرين الحاليين والجدد.

وأشار أنه بالتعاون مع جميع الأطراف، تم توفير بيانات واضحة تساعد المُصنّعين على إنتاج هذه المنتجات محلياً لتلبية احتياجات الشركات الوطنية الكبيرة.

وقال خلال كلمته الرئيسية: يسعدنا أن نعلن أن الشركات الوطنية الكبيرة التزمت بتوفير ما يقارب 110 مليارات درهم من خلال اتفاقيات الشراء المحتملة للمصنعين المحليين، وسيتم الإعلان عن هذه المنتجات وتفاصيل طلبها على مدار يومي المنتدى والمعرض المصاحب له. وهذه الخطوة ستساهم في خلق فرص جديدة لنمو الصناعة الوطنية، وإضافة ما لا يقل عن 6 مليارات درهم سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي للدولة.

مزايا تنافسية

وأكد الدكتور سلطان الجابر أن الإمارات لديها الكثير من المزايا التنافسية، وعلى رأسها أن القيادة الرشيدة في الدولة داعمة لتنمية قطاع الصناعة، وتنظر دائماً للمستقبل بإيجابية، وتركز على ضمان الاستقرار، وتوجه بتوفير البيئة المرنة والمشجّعة على تحقيق أفضل النتائج.

وأشار إلى أن الدولة تتميز ببيئة استثمارية جاذبة، وموارد بشرية بكفاءة عالية، وموارد الطاقة، والمواد الخام، وموقع جغرافي استراتيجي، وبنية تحتية متطورة، وقوانين تشريعية شفافة، والموثوقية والمصداقية، والتمويل التنافسي، وجودة حياة مثالية في مجتمع متنوع ومتسامح وآمن، وقال إن وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة تعمل حالياً مع الجهات المعنية على المزيد من الممكّنات والمزايا الإضافية لتعزيز سهولة ممارسة الأعمال وخفض تكلفتها.

ودعا جميع المشاركين من قادة الصناعة وكبرى الشركات الوطنية والدولية للاستفادة من الفرص التي يوفرها المنتدى، والمشاركة في تحقيق المزيد من النمو والتقدم في القطاع الصناعي بما يحقق المنفعة والفائدة للجميع.

قطاعات ذات أولوية

تم تحديد قطاعات صناعية ذات أولوية تشمل: الأغذية، والأدوية، والبتروكيماويات، والصناعات الثقيلة مثل الألمنيوم والحديد، والصناعات الدفاعية والزراعية، والمعدات والأجهزة الكهربائية، إضافة إلى صناعات مستقبلية في مجالات الفضاء، والطاقة النظيفة مثل الهيدروجين. ويعتبر التمويل أحد أهم عوامل النجاح.

وفي هذا الإطار، عملت الوزارة مع «مصرف الإمارات للتنمية» على توفير حلول تمويل تنافسية لدعم نمو الشركات الصناعية، حيث وفر المصرف حتى الآن 2 مليار درهم لتمويل القطاعات الرئيسية ذات الأولوية الاستراتيجية لاقتصاد الإمارات. وتتطلع الوزارة إلى المزيد من البرامج التمويلية التنافسية من قبل المصارف في الدولة والجهات التمويلية المختصة.