كشف مركز دبي للسلع المتعددة عن نتائج أحدث تقاريره «مستقبل التجارة 2022»، والتي توقّعت أن تواصل التجارة العالمية، التي سجلت في عام 2021 رقماً قياسياً بلغ 28.5 تريليون دولار، نموها المطرد خلال العام 2022 والأعوام القادمة بالتزامن مع دخولها عصراً جديداً من تعددية الأطراف، التي ترتكز على التوجه الإقليمي وتجارة الخدمات والابتكار والتجارة المستدامة، في مواجهة الأثر المتباطئ للاقتصاد العالمي.
بينما يتوقع أن يكون النمو بوتيرة أبطأ خلال العام 2022 بالمقارنة مع العام السابق، لا تزال النظرة التفاؤلية موجودة رغم القضايا التي تتصدر مشهد الساحة العالمية حالياً مثل تداعيات النزاع الروسي الأوكراني وتأثيرات انتشار الوباء.
وقال أحمد بن سليّم، الرئيس التنفيذي الأول والمدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة: إضافة إلى الانتعاش الحاصل في الطلب المكبوت الناجم عن الصدمة بعد الجائحة، ستدعم العديد من التغييرات الحالية طويلة الأجل التجارة عبر الحدود خلال السنوات القادمة، والتي تتضمن تنامي التوجه الإقليمي، والقوة في تجارة الخدمات، والابتكار، وسياسات المناخ. وهناك جهود مشتركة علينا القيام بها من أجل مستقبل التجارة وبناء اقتصادات أكثر مرونة تجاه الأزمات، ألا وهي سد فجوة التمويل في البنية التحتية وتمويل التجارة، ومن المهم أن نُنجز ذلك بطريقة أكثر استدامة من الناحية البيئية. كما أن سد الفجوة الرقمية بين البلدان والقطاعات سيعود بأثر إيجابي على التجارة العالمية لجميع الأطراف.
إطلاق التقرير
وكشف مركز للسلع المتعددة عن التقرير خلال فعالية نظّمها في مركز آسيا هاوس في لندن، بحضور خبراء في مجال التجارة العالمية الذين شاركوا في حلقة نقاشية حول النتائج . وشملت قائمة المتحدثين باسكال لامي، المدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية، وأعضاء اللجان من بنك ستاندرد تشارترد، وأوليفر وايمان، وهيتاشي، وبرنود ريكارد. ويُصدر المركز التقرير كل عامين.
عصر جديد من التعددية
ودائماً ما تحدد العوامل الجيوسياسية مشهد النمو التجاري، وسيستمر هذا في عشرينيات القرن الحالي، وذلك بناءً على التطورات الجديدة في التوجهات الإقليمية، والتجارة الثنائية، وتدفقات الاستثمارات العالمية. ومن المرجح أن تواصل سياسات القومية التجارية – في مقابل الحمائية – هيمنتها على مشهد التجارة العالمية. ومن المتوقع أن تتلاشى أشكال التعددية القديمة ويحل محلها نمط جديد من تعددية الأطراف.
27 اتفاقية
ومع تنامي الصفقات التجارية الثنائية والإقليمية والمتعددة الأطراف، تستهدف حكومة الإمارات توقيع 27 اتفاقية شراكة اقتصادية ثنائية شاملة مع شركاء تجاريين رئيسيين، 8 منها هذا العام، دعماً لمساعيها الرامية إلى تعزيز التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر. وقدمت كل من الصين وتايوان طلباً للانضمام إلى الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ، بينما تجري حالياً عملية انضمام المملكة المتحدة إلى الاتفاقية.
وستسهم التطورات التي طرأت على الأصول الافتراضية، بما في ذلك العملات الرقمية للبنوك المركزية، في إعادة تشكيل التمويل والتجارة والاستثمار على مستوى العالم. ويقدم التقرير عدة توصيات رئيسية للحكومات والشركات، فبالنسبة للشركات:
● زيادة تبادل المعلومات من خلال الاتصالات. ويساعد ذلك في الاستعداد لمواجهة الصدمات غير المتوقعة وإدارتها بأسلوب صحيح، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية والكوارث الطبيعية.
● تبسيط العمليات التجارية ورقمنتها. يجب تبني إجراءات وعمليات جمركية سريعة ومؤتمتة بشكل متنامٍ لتعويض الزيادة المستمرة في تكاليف التجارة.
● توسيع وتنويع الائتمان بين الشركات. ويسهم ذلك في تخفيف التأثيرات المترتبة على المخاطر.
● التركيز بشكل استراتيجي على التنويع الاقتصادي بالتعاون مع الحكومات بهدف دعم المرونة والمبادرات المستدامة في مواجهة الصدمات الناجمة عن تغير أسعار النفط وأوجه عدم اليقين المرتبطة بالمناخ أثناء الإنتاج.
توصيات للحكومات
● مواصلة منح الأولوية لسد فجوات التمويل التجاري، بما في ذلك من خلال وكالات ائتمان التصدير، وتوسيع برامج رأس المال العامل، وتسهيلات جديدة لدعم المصدّرين من الشركات الصغيرة والمتوسطة.
● النهوض بالتجارة والترويج لها كأولوية قصوى. ويجب إعطاء الأولوية للعلاقات التجارية الأقل زخماً لأن زيادة التدفقات التجارية الثنائية، تؤدي إلى تراجع التدفقات مع بلدان أخرى.
● يجب استخدام القروض المصرفية التي تضمنها الحكومة لشراء المستحقات التجارية وضخ النقد في سلاسل التوريد. كما يمكن تحويل هذه القروض المضمونة إلى سندات مالية وتمويلها من خلال البنك المركزي.
● تحسين الأداء اللوجستي وخفض تكاليف التجارة من خلال زيادة كفاءة المعاملات الجمركية والتخليص عند الحدود.
3 تحولات أساسية
أظهر التقرير أن ملامح عصر التعددية الجديد سترسمها ثلاثة تحولات أساسية في الاقتصاد العالمي.
١ ستتجه البلدان بشكل طبيعي نحو رفع الحواجز التجارية بالتزامن مع رغبتها في التقليل من الحمائية بسبب تكاليفها، وهو ما حدث بالفعل عندما أدى الجائحة إلى تجميد التجارة العالمية.
2 سيستمر التضخم بالارتفاع وستصبح البنوك المركزية أكثر تشدداً في سياساتها لمكافحة ارتفاع الأسعار. وهذا يجعل الاقتراض أكثر تكلفة عالميا، ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على الواردات وتدهور تنافسية الصادرات.
3 ستتأثر التجارة العالمية بأزمة المناخ، سواء على صعيد الصدمات الاقتصادية أو الفرص التي ستجلبها. فبينما قد تكون هناك حاجة للتدخل الحكومي للحد من الخسائر الاقتصادية المحتملة، يجب أن نرى زيادة في الطلب على السلع المستدامة ضمن الاقتصادات المتقدمة والنامية.