«إس أند بي»: المنافسة أبرز تحديات شركات التأمين الإسلامية الخليجية

توقعت وكالة «إس أند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» في أحدث تقاريرها أن يؤدي تحسن الظروف الاقتصادية، واستمرار الإنفاق على البنية التحتية، وخطط التغطية الإلزامية الجديدة، وارتفاع إجمالي الطلب على التأمين إلى استفادة شركات التأمين الإسلامية في الدول الخليجية على مدى العامين المقبلين.

 وأفادت «إس أند بي» في تقريرها أنها تتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 100 دولار أمريكي للبرميل للفترة المتبقية من عام 2022 و85 دولاراً أمريكياً للبرميل في عام 2023. وأضافت الوكالة إنها تتوقع أيضاً أن يؤدي هذا الارتفاع في أسعار النفط إلى تسارع النمو الاقتصادي في الدول المصدرة للنفط. ومن المتوقع أن ينعكس ذلك إيجاباً على قطاع التأمين الإسلامي «التكافلي»، حيث نتوقع أن يترفع إجمالي أقساط التأمين المكتتبة / المساهمات بنحو 10% في عام 2022 و5%-10% في عام 2023.

واستطرد تقرير «إس أند بي» موضحاً أن إلقاء نظرة على سوق كل دولة خليجية على حدة قد لا يعطي صورة إيجابية للغاية، ذلك أن السوق كانت قد حققت ربحاً بشكل عام في منطقة الخليج خلال العام الماضي، إلا أن الأرباح لم توزع بالتساوي. وذكر التقرير أن قطاع التكافل القطري الصغير نسبياً ظل الأكثر ربحية في المنطقة، حيث سجلت شركات التأمين نسبة مجتمعة «الخسارة والمصاريف) أقل من 80% (يشير انخفاض النسبة المجتمعة إلى زيادة في أرباح الاكتتاب». وأضاف التقرير إنه في الوقت نفسه، شهدت السوق السعودية، أكبر سوق في المنطقة، نتائج ضعيفة، حيث سجل حوالي ثلثي شركات التأمين خسائر في الاكتتاب، مما أدى إلى وصول إجمالي النسبة المجتمعة إلى نحو 103% بالمقارنة مع 98% في عام 2020.

وتوقع تقرير «إس أند بي» أيضاً استمرار تأثير المنافسة الشديدة وزيادة وتيرة المطالبات على أرباح شركات التأمين الإسلامية في عام 2022، قبل أن تشهد تعافياً متواضعاً في عام 2023 بفضل تعديلات الأسعار المتوقعة في الأنشطة الخاسرة وارتفاع معدلات الفائدة، والتي من المتوقع أن تعزز عوائد الاستثمار.

وذكر التقرير أن الضغط المستمر على الأرباح ورأس المال أدى بالفعل إلى بعض الزيادة في رأس المال والاندماج في أكبر سوقين - المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - في السنوات الأخيرة. وعليه، فمن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في 2022 و2023. ومن المحتمل أن تؤدي التغييرات التنظيمية والمحاسبية القادمة «مثل المعيار الدولي السابع عشر لإعداد التقارير المالية» إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية، مما يتطلب من شركات التأمين ترقية أنظمة تكنولوجيا المعلومات والعمليات الداخلية الأخرى، وهذا من شأنه أيضاً أن يعزز الحاجة إلى زيادة رأس المال والاندماج.

 

من المرجح أن تظل المملكة العربية السعودية محركاً للنمو:

وأوضح التقرير أنه بعد سنوات عدة من تباطؤ النمو، كان هناك انتعاش في أقساط التأمين الإقليمية في العام الماضي بفضل الزيادة في أقساط التأمين المكتتبة في المملكة العربية السعودية، التي ساهمت بنحو 87% من إجمالي أقساط التأمين المكتتبة / المساهمات لجميع شركات التأمين الإسلامية في الدول الخليجية. كان النمو الإجمالي في المنطقة البالغ نحو 8% مدعوماً بشكل أساسي بزيادة أنشطة التأمين الطبي، بعد إجراء بعض التعديلات على الأسعار وتوسيع التغطيات.

وأضاف التقرير إنه من الملاحظ أن الزيادة المجمعة في إجمالي أقساط التأمين المكتتبة / المساهمات في الأسواق الخليجية المتبقية كانت أكثر تواضعاً، مقارنة بالنمو السعودي المعتدل، حيث بلغت ما يتراوح بين 3.5% و4.0% فقط في عام 2021، في ظل غياب التغطيات الجديدة والضغط المستمر على أسعار التأمين على السيارات وأسعار التغطيات الأخرى.

وأفاد التقرير أن سوق التأمين في الخليج العربي قد شهدت بداية قوية لعام 2022، حيث سجلت شركات التأمين الإسلامية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة نمواً قوياً في أقساط التأمين بنحو 17% و18% على التوالي في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021. ومع ذلك، نتوقع أن يعتدل النمو على مدار العام بسبب الضغط المستمر على أسعار الأقساط. هذا هو الحال بشكل خاص في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث سجل القطاع انخفاضاً سنوياً في دخل الأقساط في النصف الأول بعد بداية قوية في الربع الأول من العام. لذلك، نتوقع أن يتوسع قطاع التأمين الإسلامي بنحو 10% على الأقل في عام 2022، مع بقاء أسواق المملكة العربية السعودية محركاً رئيسياً للنمو وأكبر سوق في المنطقة.

 

تزايد حدة المنافسة

وذكر التقرير أن شركات التكافل وشركات التأمين التقليدية الإقليمية قد استفادت في عام 2020، من انكشافها المحدود أو عدم انكشافها على المطالبات المرتبطة بجائحة «كوفيد 19»، وشهدت تراجعاً في عدد المطالبات في نشاطي التأمين على السيارات والتأمين الطبي بسبب القيود على التنقل. ورصد التقرير بلوغ مطالبات السيارات والمطالبات الطبية أو تجاوزها مستويات ما قبل الجائحة في معظم الأسواق الخليجية في عام 2021 مع انفتاح الاقتصادات وزيادة التنقل. في الوقت نفسه، ارتفعت تكاليف المطالبات، حيث أدت البيئة التضخمية الحالية إلى زيادات في أسعار قطع الغيار والخدمات وتضخيم الضغط على هوامش الأرباح. على سبيل المثال، في المملكة العربية السعودية، ارتفع معدل ضريبة القيمة المضافة إلى 15% من 5% في منتصف عام 2021، زادت تكاليف المطالبات وتكرارها بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، مما أدى إلى ارتفاع معدل الخسارة إلى حوالي 83% من 77% في 2020.

وتوقع التقرير أيضاً أن تظل عوائد الاستثمار متقلبة في عام 2022. بالرغم من أن أداء أسواق الأسهم الخليجية أفضل من أداء العديد من الأسواق العالمية ولا يزال أداؤها إيجابياً هذا العام حتى الآن، إلا أننا نلاحظ أن أسعار السندات / الصكوك قد انخفضت بعد ارتفاع أسعار الفائدة. نتوقع الآن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى ما يزيد على 3.5% بحلول منتصف عام 2023، حيث تواجه البنوك المركزية في الدول الخليجية، التي تربط عملاتها بالدولار الأمريكي، ضغوطاً مستمرة للقيام بخطوة مماثلة ورفع الأسعار لكبح التضخم ومنع هروب رؤوس الأموال. ومع ذلك، نتوقع أن تستفيد شركات التأمين من معدلات الفائدة المرتفعة على المدى المتوسط، نظراً للتأثيرات الإيجابية على عوائد الودائع النقدية والثابتة.

وأضاف التقرير إنه من المتوقع عموماً أن تظل الأرباح الصافية لقطاع التأمين الإسلامي متواضعة في 2022-2023، ويرجع ذلك أساساً للربحية الضعيفة نسبياً في المملكة العربية السعودية. وأفاد التقرير أن السوق السعودية قد سجلت خسارة صافية قدرها 13 مليون دولار أمريكي في عام 2021 مقارنة بصافي ربح قدره 370 مليون دولار أمريكي في عام 2020. في المقابل، انخفض صافي الأرباح المجمعة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى «باستثناء المملكة العربية السعودية» بنحو 9% إلى 111 مليون دولار أمريكي في عام 2021 من 119 مليون دولار أمريكي في عام 2020.

زيادة رأس المال وعمليات الاندماج يمكن أن تؤدي إلى تقوية احتياطيات رأس المال، على الرغم من التحديات المستمرة:

وتوقع التقرير أن تؤدي المنافسة الشديدة وزيادة الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال إلى رفع رأس المال وزيادة عمليات الاندماج. وأضاف التقرير إن هذا ما سيكون عليه الحال بشكل خاص في المملكة العربية السعودية، حيث ما زال عدد كبير من شركات التأمين السعودية يتكبد الخسائر. تم تصميم الحد الأدنى الجديد لمتطلبات رأس المال للبنك المركزي السعودي والبالغ 300 مليون ريال سعودي «من 100 مليون ريال سعودي» على مدى السنوات الثلاث المقبلة لتشجيع الاندماج وتقليل عدد الشركات، مما يؤدي إلى تقويتها، لتلبية أهداف رؤية المملكة 2030. على مدى السنوات الخمس إلى الست الماضية، انخفض عدد شركات التأمين النشطة في المملكة بنسبة 20% تقريباً من 34 إلى 28 شركة. نتوقع أيضاً مزيداً من الاندماج في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تتنافس شركات التكافل مع شركات تقليدية أكبر، بعد الإعلانات الأخيرة بما فيها شركتا «وطنية للتكافل» و«دار التكافل».

وأوضح التقرير أنه من الممكن تساعد زيادة الحجم في التخفيف من التكاليف الثابتة لشركات التأمين، مع تقليل التقلبات في الإيرادات وصافي الدخل. نتوقع أيضاً أن رفع الحد الأدنى لرأس المال وزيادة الاندماج سيدعمان هوامش رأس المال.

وأكدت «إس أند بي» في ختام تقريرها أن تصنيفاتها الائتمانية لشركات التأمين الإسلامية في الدول الخليجية مستقرة بشكل عام على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، بصرف النظر عن بعض الاستثناءات الإيجابية. وعليه، فلا تتوقع الوكالة إجراء أي تغيرات كبيرة على حيثيات التصنيفات الائتمانية على مدى 12 شهراً المقبلة. وهذا يرجع إلى أن «إس أند بي» تراعي في الاعتبار صغر حجمها نسبياً وأدائها التشغيلي المتقلب غالباً في تحليلاتنا. ولكن على الرغم من ذلك، فمن الملاحَظ أن الجمع بين الأرباح الضعيفة والنمو المستمر في الأقساط من المرجح أن يزيد الضغط على احتياطيات رأس المال لدى بعض الشركات، مما يؤدي إلى ضعف اتجاه الائتمان للقطاع على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة.

الأكثر مشاركة