تمتلك الإمارات قطاعاً قوياً للخدمات اللوجستية، حيث أثبت قوته على نحو غير قابل للشك إبان تفشي جائحة «كوفيد 19» في العالم مع مطلع 2020.

ففي الوقت الذي عانت فيه غالبية دول العالم من اضطراب سلاسل الإمداد والتوريد، الناجم عن حالات إغلاق الحدود وتوقف مظاهر الحركة اليومية، بسبب السعي لاحتواء الجائحة والحد من انتشارها، كانت الإمارات تتمتع باستمرارية تدفق السلع والخدمات إليها من دون أدنى تأثير، بل إنها كانت تقوم بدورها العالمي المؤثر في ضخ السلع إلى مختلف دول العالم وتزويدها بالخدمات، اعتماداً على شبكتها اللوجستية القوية، بحراً أو جواً.

اضطلعت التقنيات الحديثة والرقمنة وتوافر البيانات بأدوار حيوية في بناء قطاع خدمات لوجستية قوي تفخر به الإمارات في الوقت الراهن، حيث تؤكد المهندسة حصة آل مالك، مستشار وزير الطاقة والبنية التحتية لشؤون النقل البحري، والمتحدثة الرسمية باسم الوزارة، هذا الرأي.

وقالت: «الإمارات دولة رائدة عالمياً في مجال الخدمات اللوجستية بفضل المقومات الفريدة التي تمتلكها، والتي من ضمنها الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي جعل منها مركزاً للتجارة العالمية، وربط دول الشرق بالغرب بالإضافة إلى البنية التحتية القوية والمتطورة، والتي تضم شبكات المواصلات البرية والبحرية والجوية، والتي مكنتها لتكون جسراً حيوياً يربط دول العالم بعضها بعضاً، وأيضًا يعد تبني الإمارات لدمج تقنيات الرقمنة في عمليات قطاع الخدمات اللوجستية، واعتماد منهجية تقوم على الاستفادة من علوم تحليل البيانات وبناء مصدر موحد للمعلومات والبيانات الموثوقة، عاملاً رئيساً في تطوير القطاع وإيجاد حلول مبتكرة وحديثة تسهم في رفع مستوى الخدمة المقدمة لكبرى الشركات العالمية.

وعلى صعيد الإجراءات اللوجستية أسهمت عمليات أتمتة الإجراءات اللوجستية وإحلال النظم القديمة بأخرى حديثة ومتطورة، في تعزيز كفاءة الخدمات المقدمة.

وتأتي المرونة في اتخاذ القرار، والعمل على إيجاد أفضل الممارسات المتبعة لمواكبة التطورات المختلفة، وخلق بيئات عمل داعمة للابتكار، والاستفادة من تجارب وخبرات الدول الأخرى في قطاع الخدمات اللوجستية، كعناصر فاعلة في قوة القطاع، وأيضاً إبرام الشراكات مع النظراء الدوليين، وفتح قنوات الاتصال المختلفة التي يمكن من خلالها مشاركة الرؤى مع المختصين والأكاديميين والخبراء والشخصيات القيادية ما يسهم في البقاء على اطلاع بالتوجهات العالمية والفرص المتاحة».

الشحن البري

وتطرّقت حصة آل مالك إلى مساهمة قطاع الشحن البحري في قوة قطاع الخدمات اللوجستية بالإمارات، فقالت: «تعد الإمارات من بين أكبر 20 دولة من مالكي أساطيل السفن في العالم حيث تمتلك أكبر المراكز الرئيسة للموانئ في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، ولا تزال الإمارات تتصدر قائمة الدول الأكثر ارتباطاً في مجال شبكات التجارة البحرية العالمية في المنطقة، بحسب مؤشر الربط البحري، حيث تم تصنيفها في المرتبة الحادية عشرة عالميًا في مؤشر مناولة الحاويات، وجاءت في المركز الثالث عالمياً في تيسير التجارة المنقولة بحرًا وتزويد وقود السفن، وفي المركز الخامس عالميًا ضمن أهم المراكز البحرية الدولية، فيما بلغ عدد السفن التي وصلت موانئ الإمارات أكثر من 25 ألف سفينة تجارية في 2021، وتخدم جهود الإمارات في مجال التجارة البحرية والبضائع العابرة نحو ملياري نسمة من الصين والهند ودول الخليج إلى دول آسيا الوسطى، وصولًا إلى أوروبا الشرقية».

دور

وتحدّثت عن دور وزارة الطاقة والبنية التحتية في بناء قوة قطاع الشحن البحري بالإمارات، كما استعرضت سعادتها آليات تنفيذ هذا الدور، فقالت: «نظرًا لإيماننا بالدور الكبير الذي يلعبه قطاع الشحن البحري في الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات وأيضًا أهميته كركيزة أساس للتنمية المستدامة جاء دور الوزارة في تعزيز كفاءة القطاع في الدولة من خلال تبني أفضل الحلول المبتكرة على التوازي مع الحفاظ على الاستدامة كأولوية لنا، ونظرًا للمكانة التي تحظي بها دولة الإمارات دوليًا في القطاع البحري، ومنذ إعادة انتخاب الإمارات لعضوية مجلس للمنظمة البحرية الدولية ضمن الفئة ب للمرة الثالثة على التوالي، وحصولها على أكبر عدد من الأصوات ضمن هذه الفئة.

وكجزء من عملنا بالمجلس، لعبنا دورًا نشطًا في تطوير الاستراتيجيات والسياسات البحرية والاتفاقيات التي تعزز كفاءة القطاع ووضع المعايير التي تنظم عمل القطاع البحري، وتعزز التشريعات واللوائح البحرية بما يخدم قطاع الشحن والتجارة الدولية، من خلال التعاون الوثيق مع الدول الأعضاء في المنظمة».

وأضافت: «وأثناء انعقاد الدورة رقم 109 لاجتماعات اللجنة القانونية للمنظمة البحرية الدولية، قمنا باقتراح على النظام القانوني للمنظمة من أجل تطوير الصناعة البحرية العالمية، وتعزيز قدرتها التنافسية، كما قمنا بإطلاق العديد من المبادرات التي تهدف إلى حماية حقوق البحارة وتعزيز الأمن والسلامة البحرية وحماية الأرواح مثل مبادرة «دعمًا لجيشنا الأزرق» ومبادرة «إبحاركم بأمان» وفي إطار قرار مجلس الوزراء رقم 71 لعام 2021، والخاص بالتعامل مع الحطام البحري والسفن المخالفة الموجودة في مياه الدولة، تم بذل الكثير من الجهود المتواصلة لحماية المياه الإقليمية للدولة والحفاظ على البيئة البحرية من أجل الحد من أضرار الحطام البحري وما قد يتسبب به من حوادث بحرية».

خدمات

ويؤكد القطاع الخاص في الإمارات استفادته الهائلة من قوة قطاع الخدمات اللوجستية بالدولة.

ويرى د. مهندس إبراهيم بحيري، العضو المنتدب والمدير التنفيذي في منطقة الشرق الأوسط لشركة «وين جي. دي»، الدولية المتخصصة بتزويد محركات سفن الحاويات وناقلات النفط العملاقة، أن الإمارات تحظى بقطاع لوجيستي متشعب ومتعدد القطاعات الفرعية، التي تتمتع جميعها بمستويات رائعة من القوة والمرونة.

وقال بحيري: «يُعد القطاع اللوجستي واعداً ومن أهم الأعمدة الفقرية للتجارة الدولية. ويتعين علي القول في هذا السياق إن الإمارات تمتلك مجموعة واسعة النطاق من القطاعات الفرعية ضمن قطاع الخدمات اللوجستية، كخدمات التوصيل الجوي والتوصيل السريع، الشحن البري، وبصفة أكثر خصوصية، الشحن البحري.

وقد أسهمت الشعبية المتزايدة لمنصات التجارة الإلكترونية كعامل رئيسي في تعزيز سوق الخدمات اللوجستية بالإمارات. وعلاوة على ذلك، فإن الأطراف اللاعبة الرئيسية تركز على تبني التقنيات المتقدمة المتكاملة كالذكاء الاصطناعي، سلاسل الكتل «بلوك تشين»، إنترنت الأشياء، وغيرها.

ومن المتوقّع أن تؤدي هذه العوامل، بالتزامن مع ظهور مُعدّات المناولة المتقدمة وتبني نظام التموضع العالمي «جي بي إس» وتقنية التعرف وتحديد الهوية عن طريق تردد موجات الراديو، في المزيد من التحفيز لنمو سوق الخدمات اللوجستية بالإمارات».

نقل بحري

وتحدث بحيري عن أهمية النقل البحري للتجارة العالمية وتجارة الإمارات، فقال: «يستأثر النقل البحري بنسبة 70% من التجارة العالمية من حيث الحجم، و80% منها من حيث القيمة. وعلى مستوى الإمارات، كان النقل البحري عنصراً شديد الأهمية والتأثير في الاقتصاد الإمارات على مدى سنوات طويلة، ولا يزال».

واختتم بالحديث عن استفادة «وين جي. دي» من قوة قطاع الخدمات اللوجستية في الإمارات، فقال: «في ظل التوسع المستمر من جانب الإمارات في بنيتها التحتية الخاصة بالنقل البحري والخدمات اللوجستية، سنحت الفرصة لنا في «وين جي. دي» للمزيد من الارتقاء بمستويات الخدمة التي نقدمها. ومن خلال محركات «إكس- دي إف» ذات الأشواط الثنائية والسرعات المنخفضة التي نزود بها سفن الحاويات، نتيح أقل مستويات ممكنة من انبعاثات الغازات والجزئيات الضارة بالبيئة والمناخ.

ونواصل العمل بشكل مستمر من أجل تعزيز قدرتنا على الابتكار والوصول إلى أحدث التقنيات، كي نتمكن من تحقيق أهداف «المنظمة البحرية الدولية» لعام 2050، فيما يتعلق بالحد من الانبعاثات».