يقصد بالتطبيقات الفائقة تطبيقات ذكية تدمج أكثر من وظيفة داخل التطبيق نفسه. وقد تجمع هذه الوظائف بين أغراض شخصية كالمراسلة والدردشة، وأغراض عملية تجارية بحتة كالتحويلات المالية وسداد المدفوعات. وعليه، يمكن اعتبار التطبيقات الفائقة بمثابة منصات تجارية متكاملة مستقلة قائمة بذاتها.
البداية
يؤرخ رسمياً لظهور التطبيقات الفائقة في العالم لأول مرة في 2011، وهو بداية انطلاق تطبيق «وي تشات» الصيني الشهير متعدد الاستخدامات والوظائف. يقدم «وي تشات» لمستخدميه خدمات التراسل، سداد المدفوعات، التجارة الإلكترونية، وغيرها. وسرعان ما اكتسب «وي تشات» شعبية جارفة، حتى اتسعت قاعدة مستخدميه على نحو هائل، فصار قوامها الآن حوالي 1.2 مليار شخص. وبات «وي تشات» هو باكورة التطبيقات الفائقة عالمياً. وتوالى ظهور التطبيقات الفائقة بعد ذلك، فكان من أبرزها تطبيق «جراب» الشهير في سنغافورة، إندونيسيا وماليزيا، حيث يجمع بين وظائف النقل الذكي حسب الطلب عبر الهاتف، خدمات توصيل الطعام والمدفوعات الرقمية.
جيل الموهوبين
ويرى نمير خان، الاسم الرائد في مجال التقنية المالية «فينتك»، والذي اختارته مجلة «فوربس» الأمريكية الشهيرة ضمن قادة الفكر في هذا المجال، أن ظهور التطبيقات الفائقة كان بمثابة نتاج طبيعي لنشأة ما أسماه «الجيل التالي من المتحديين الرقميين». ويَقصِد نمير خان بالجيل التالي من المتحديين الرقميين الشباب حديث السن من الموهوبين في قطاع الرقمنة، والذين كانوا بحاجة إلى تطبيقات تتناسب مع أحجام مواهبهم وقدراتهم الرقمية، فطوروا التطبيقات الفائقة.
ويتولى نمير خان منصب رئيس جمعية «مينا فينتك أسوسييشن»، وهي منظمة غير ربحية تتبنى الحوار وتشجعه بين أعضاء مجتمع «فينتك» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال نمير خان: «فرض ظهور هذا الجيل من الموهوبين معضلة صعبة على شركات التقنية، سواءً التقنية العامة أم المتخصصة في «فينتك». وإذا تتبعنا التطبيقات الفائقة منذ بداية ظهورها في الصين مع «وي تشات»، سيتبين لنا مدى تأثيرها الهائل. ولقد طال هذا التأثير نماذج العمل التجاري وآليات تسيير الشركات، الأمر الذي فرض مخاطر على العلامات التجارية التقليدية، وفي الوقت نفسه أتاح لها فرصاً. وبالتزامن مع ذلك، خلقت التطبيقات الفائقة بيئة معقدة للجهات التنظيمية المعنية وصانعي السياسات المختصين بالإشراف عليها وتنظيمها».
وأضاف: «يتسم عملاء اليوم بعدم الرغبة في الانتباه طويلاً وتركيزهم على الراحة أكثر من أي اعتبار آخر. وعليه، فهم لا يرغبون بتصفح منصات عدة، وإنما يرغبون بمنصة واحدة تتيح لهم كل التطبيقات التي يحتاجونها في حياتهم اليومية. وهنا تتجلى حقيقة أن التطبيقات الفائقة تحظى بآفاق واسعة للنجاح. ولكن لكي تتمكن التطبيقات الفائقة من الارتقاء إلى هذه الآفاق، يتعين عليها أن تكون ثرية بالوظائف والخدمات، والأهم من ذلك، أن تكون على وعي بالظروف السائدة في الأسواق المحلية، وأن تتحلى كذلك بالقدرة على سرعة التكيف مع هذه الظروف».
وتطرق نمير خان إلى التطبيقات الفائقة في الإمارات، فقال: تعد شركة «كريم» الشهيرة واحدة من أبرز الأمثلة لهذه التطبيقات في الدولة، حيث بدأت بتطبيق للنقل الذكي حسب الطلب، ثم توسعت، فباتت الآن منصة متعددة الوظائف، حيث توسعت في أنشطتها لتشمل توصيل الطعام ومنتجات البقالة، إجراء الفحوصات الطبية، سداد الفواتير، وهي الآن بصدد التوسع في الخدمات المالية من نظير لنظير من خلال التحويلات المالية عبر التطبيق التابع لها.
ولاء العملاء
بدوره، يرى رضوان خان، الشريك المؤسس والمدير بشركة «إيه جيه إم إس غلوبال كونسلتينغ» للاستشارات بشأن الضرائب والحوكمة أن التطبيقات الفائقة حققت نجاحاً سريعاً وما زالت تمتلك آفاقاً واسعة لمزيد من النجاح مستقبلاً، لكونها تحظى بعددٍ من المميزات العملية الملموسة، إلا أن أهم هذه المميزات هي تعزيز الولاء من جانب العملاء والمستخدمين، ذلك أنهم يصبحون أكثر ارتباطاً بالمنصة التي تقدم لهم تطبيقات ذكية، كونها تزودهم بغالبية متطلباتهم الحياتية.
وقال رضوان خان: «تعد التطبيقات الفائقة أشبه بمتاجر متنوعة السلع والبضائع، ومتصلة بعدد من البائعين. إن توافر منصة رقمية ذات تطبيقات متعددة تجعل حياة مستخدميها أسهل كثيراً. وهنا، ينشأ الارتباط. وبالتبعية، يتولد عنه الولاء».
وعن الفوائد التجارية للتطبيقات الفائقة، قال رضوان خان: «تتيح التطبيقات الفائقة لمشغليها تعظيم كفاءة الكلفة وأيضاً خفض كلفة الاستحواذ على تطبيقات أخرى بغية ضمها إلى المنصة نفسها، توليد إيرادات أعلى، والقدرة على تطوير المنتجات والخدمات بصفة مستمرة». واختتم رضوان خان بالحديث عن مناخ التطبيقات الفائقة في الإمارات، فقال: «توفر الإمارات مناخاً مثالياً لازدهار منصات التطبيقات الفائقة، لما تتسم به من ارتفاع معدلات انتشار شبكة الإنترنت وكذلك حيازة الهواتف الذكية بين سكانها، فضلاً عن توجه الدولة بخطى متسارعة صوب رقمنة مختلف أوجه الحياة بصفة عامة».
في ظل النفوذ المتزايد للتقنية الحديثة في الاقتصاد، وانتشار فكرة الاستفادة المادية من التقنية؛ سواء على مستوى اقتصادات الدول، أو على مستوى التعاملات المالية بين الأفراد، ظهر مفهوم «اقتصاد التطبيقات الذكية»، ويعني باختصار توظيف التطبيقات المتاحة على الهواتف الذكية أو شبكات الإنترنت في تسيير أعمال تجارية تولّد أرباحاً لأصحابها. واقتضى هذا المفهوم بالضرورة استحداث التطبيقات الفائقة؛ وهي تطبيقات ذكية ذات وظائف متعددة، تزود مشغليها بخدمات متنوعة. وفي سياق تغطية «البيان» المستمرة لأحدث الاتجاهات الاقتصادية، نسلط الضوء فيما يلي على التطبيقات الفائقة؛ أهميتها الاقتصادية وآفاقها المستقبلية.