شكل تقرير نشرته البيان عام 2013 بعنوان «1.3 مليار درهم عمولات الوسطاء العقاريين في دبي» نقطة فاصلة في مسيرة إسماعيل الحمادي، فبعد أن أمضى 17 عاماً بالعمل في القطاع الحكومي وشبه الحكومي، وإثر مطالعته لخبر فرص سوق العقارات، قرر الاستفادة من هذه الفرصة عبر الاستحواذ على قطعة من كعكة القطاع العقاري وصنع بصمة خاصة له في القطاع والمساهمة في تطويره أيضاً.

لم يكن قرار ترك الوظيفة سهلاً بالنسبة للحمادي، وخصوصاً بعد وصوله إلى مستوى قيادي مرموق، إذ بدأ حياته الوظيفية كمساعد تنفيذي ليصل إلى منصب مدير تنفيذي لتطوير الأعمال والمبيعات، لكنه صمم على الاستفادة من المعارف والخبرات العقارية التي راكمها في سنوات عمله بالدوائر الحكومية ومن ثم في دبي القابضة، مرتكزاً على شبكة العلاقات المهنية التي نسجها مع مختلف الأطراق المعنية وفهمه العميق لأغوار عالم العقار.

فرص ومخاطر

يقول الحمادي إن دخول عالم الأعمال الحرة مسؤولية كبيرة على الجميع إدراكها قبل ترك الوظيفة، فالشخص سيتحول من موظف ذي راتب شهري ثابت إلى رجل أعمال يجب أن يتحلى بالجرأة والشجاعة والخبرات اللازمة وأن يعرف المسؤوليات الكبيرة والمتعددة التي سيأخذها على عاتقه، إذ سيكون مسؤولاً ليس عن نفسه فقط بل عن الموظفين والمنشأة والعائلة، لذا فمن الضروري أن تكون الخطوة مدروسة بعناية فائقة مع الأخذ بعين الاعتبار المخاطر والفرص والإمكانات المالية وغيرها، مع تقدير واقعي للالتزامات، والتركيز دائماً على آفاق استمرارية العمل بشكل مستدام وثابت.

تحول الحمادي إلى القطاع الخاص عابراً بوابة الأعمال الحرة عام 2013 من خلال تأسيس شركة الرواد للاستشارات العقارية، التي سرعان ما تحولت فيما بعد إلى «الرواد للعقارات» في ظل التوسع المدروس والسريع بنطاق تخصصاتها وخدماتها وقاعدة عملائها.

وفي عام 2015، رصد وجود فجوة في السوق وقرر الاستفادة من هذه الفرصة، وأسس شركة بزنت للاستشارات لتقديم حزمة من الخدمات الحكومية المرتبطة بالإجراءات العقارية بما يشمل معاملات تطوير وإدارة المشاريع وغيرها.

بصمة خاصة

يعتبر الحمادي أن أهم عوامل نجاحه كرجل أعمال تتمثل أولاً في شغفه بالنجاح وبعالم العقارات، ويصف بحماس المتعة التي تنتابه عندما يترك بصمته الخاصة على الأبنية والمشاريع العقارية في دبي والتي باتت معروفة لجميع الأطراف المعنية بتلك المشاريع وبسوق العقارات بشكل عام.

ويؤكد أيضاً على أهمية اكتساب المعارف والخبرات اللازمة قبل التحول من الوظيفة إلى ريادة الأعمال، فمن الضروري الإلمام بكل جوانب وتفاصيل وآليات القطاع المعني.

كما ساهمت شبكة العلاقات التي اكتسبها وحرص على توثيقها وتوسيعها خلال عمله في القطاع الحكومي وشبه الحكومي بعامل حيوي في نجاحه بعالم الأعمال الحرة، إلى جانبه قراره منذ البداية بالتخصص في مناطق جغرافية محددة مما ميزه عن باقي العاملين في القطاع العقاري.

يشيد الحمادي بدعم الحكومة لرواد الأعمال المواطنين وتقديم جميع التسهيلات اللازمة لنجاح مشاريعهم، فبفضل هذا الدعم استطاع هو شخصياً الحصول على كل متطلبات نجاح شركتها الناشئة آنذاك بما يشمل البيانات والخرائط والمشاريع المستقبلية وهي أمور ضرورية للنجاح في عالم العقارات وتساعد على اكتساب المعرفة والخبرات الضرورية من ناحية خطط التطوير العمراني وآليات العمل في القطاع العقاري، كما مكنته تلك التسهيلات من تقديم المعلومات الدقيقة والموثوقة للعملاء واكتساب ثقتهم.

ثقة راسخة

وكما خطط منذ البداية، نجح الحمادي عبر «الرواد للعقارات» و«بزنت» للاستشارات بترسيخ موقع مرموق له في القطاع العقاري، وحازت شركاته على ثقة كل الجهات الحكومية المعنية بالقطاع وكذلك كبرى شركات التطوير العقاري في دبي. وواصل هدفه في التركيز على قطاع معين وعدم التشعب في الخدمات، إذ تستحوذ عمليات بيع الأراضي على 80% من أعمال الرواد للعقارات، من خلال العمل مع المستثمرين الباحثين عن مواقع مثالية لتطوير مشاريع نوعية تجارية كانت أم عقارية، بدءاً من مشاريع المستشفيات والمراكز التجارية والمدارس وصولاً إلى المشاريع السكنية.

تطوير متواصل

وحول طموحاته المستقبلية يقول الحمادي: تخرجنا جميعاً من مدرسة القيادة الرشيدة التي علمتنا أن لا نقف عند تحقيق الإنجازات، بل يجب أن نواصل العمل والتطوير والنجاح بشكل دائم، وهناك العديد من الأفكار التي أعمل عليها، وسينصب تركيزي خلال الفترة المقبلة على المناطق الجديدة في دبي، إذ أنظر إلى آفاق الإمارة العمرانية بشكل مختلف عن النظرة العقارية التقليدية، فهناك مثلاً المناطق المحيطة بمطار آل مكتوم الدولي وجبل علي التي تزخر بالفرص المجزية وتتطلب مستثمرين يتمتعون بنظرة مستقبلية ترصد الفرص الواعدة.

آفاق مهنية

يؤكد الحمادي أن القطاع العقاري في دبي يزخر بالفرص للمواطنين، سواء للعمل لدى الشركات المعنية بالقطاع أم في مجال الأعمال الحرة، وتتاح أمامهم فرص التطور المهني واكتساب الخبرات والمعارف الضرورية للنمو والنجاح، وبناء على تجربته الثرية بالإنجازات، يشير إلى أن النجاح أساسه اكتساب المعرفة وتطوير المهارات والخبرات، فمن الضروري الالتحاق ببرامج تدريبية قدر الإمكان لممارسة هذه المهنة بأسلوب محترف ومهني بناء على معلومات علمية، وذلك بالتزامن مع بناء وتطوير شبكة العلاقات المهنية وتوسيع الآفاق المعرفية والمهنية.

نصائح للشباب

وينصح المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة الرواد للعقارات المواطنين بعدم التركيز فقط على مهنة الوساطة العقارية، فهناك العديد من المجالات سواء كوظيفة أم كأعمال حرة، من ضمنها الاستشارات العقارية المبنية على مؤهلات علمية وخبرات عملية، بالإضافة إلى إدارة العقارات وتطوير المشاريع وشركات إدارة المناطق المشتركة وشركات الصيانة وغيرها الكثير.

ويوضح أيضاً أن المواطنين بإمكانهم الاستفادة من الفجوات في الخدمات العقارية، فهناك شح في التخصص بقطاع العقارات والأراضي الصناعية والزراعية وقطاع المكاتب والمناطق الحرة والمتخصصة، إلى جانب قطاع سكن العمال والموظفين والمستودعات، إلى جانب السوق الثانوية أيضاً، وهي جميعاً مجالات لا تلقى الاهتمام الكافي من الوسطاء العقاريين الذين يركزون بشكل رئيسي على بيع المشاريع العقارية على الخريطة.