اقترنت دبي دوماً بالفخامة والتألق، واقترنت أيضاً بالثروات وبمالكيها، فصارت الإمارة وجهة عالمية تستقطب الأثرياء من أنحاء العالم بفضل مقوماتها ومناخ الأعمال وجودة الحياة . نرصد فيما يلي أسباب هذا الارتباط بين دبي والأثرياء، ونستشرف آفاقه المستقبلية.
صدارة إقليمية
تصدرت دبي مدن الشرق الأوسط وأفريقيا، ونالت المركز 23 عالمياً على قائمة المدن التي تضم أكبر عدد من السكان الأثرياء حتى نهاية الربع الثالث من 2022، والتي صدرت الشهر الماضي عن شركة «هنلي آند بارتنرز» البريطانية المتخصصة في الاستشارات المتعلقة بسياسات المواطنة والإقامة، بالتعاون مع مؤسسة «نيو ورلد ويلث» الجنوب أفريقية المتخصصة في الدراسات المتعلقة بالثروات.
وأفاد التقرير بأن عدد المليونيرات الذين يعيشون في دبي حالياً يبلغ 67900 مليونير، فيما يعيش بها أيضاً 202 شخص من فئة مالكي الثروات الشخصية الصافية التي تقدر بــ 100 مليون دولار فأكثر للشخص الواحد. وفيما يخص عدد المليارديرات المقيمين في دبي حالياً، فقدرهم التقرير بعدد 13 مليارديراً.
وتوقّع التقرير أن يرتفع عدد المليونيرات في دبي بسرعة شديدة، بحيث تدخل دبي قائمة الـ 20 الكبار في عدد السكان الأثرياء بحلول 2030».
وعن أسباب قدرة دبي الفائقة على استقطاب الأثرياء من كافة أنحاء العالم، قال جيروم دروش، الرئيس التنفيذي للخدمات المحلية وخدمات الصحية، في شركة «سيغنا» الأمريكية العالمية لخدمات التأمين الصحي:
ففي غضون أقل من عقدين من الزمن، تحولت دبي إلى إحدى أكثر الوجهات المرغوبة للأعمال والسياحة عالمياً، الأمر الذي ساهم بجذب أصحاب الثروات الفائقة لتصبح الإمارة مقصداً رئيسياً بالنسبة لهم. وبحسب آخر الدراسات، سجّلت دبي نمواً غير مسبوق بنسبة وصلت إلى 18 % في عدد أصحاب الثروات الفائقة، الذين توجهوا إلى الإمارة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022.
وأضاف دروش: «تسهم البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية الاستباقية والمتينة التي تتمتع بها دبي، وسياسات التأشيرات والإقامة المتنوعة المعتمدة، واستراتيجياتها الداعمة للمستثمرين، بجعل الإمارة وجهة جاذبة للمجتمع العالمي من أصحاب الثروات الفائقة للإقامة والاستثمار فيها. كما توفر الإمارة منظومة مزدهرة للشركات الناشئة ورواد الأعمال والعاملين لحسابهم الخاص، مما يجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة المنشودة».
وأكد دروش أن قدرة دبي على استقطاب الأثرياء لا تنفصل عن سياق نفس القدرة التي تتمتع بها دولة الإمارات ككل: يعكس ذلك الاتجاه نتائج «استطلاع سيغنا للصحة والعافية لعام 2022»، الذي أجريناه مؤخراً وأظهر أن الإمارات تعد إحدى أفضل خيارات الانتقال بالنسبة للمغتربين، حيث صُنّفت ضمن أول 10 دول من أصل 197 دولة حول العالم واحتلت المرتبة الأولى بين دول الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
واختتم دروش: «كما يتمتع المقيمون بأسلوب حياة متميز واستقرار مالي والمزيد من الفرص في سوق العمل المتنامي في الدولة».
مكانة
وقال علي رضا فاليزاده، الرئيس التنفيذي لبنك جوليوس باير الشرق الأوسط: «تعمل دبي على ترسيخ مكانتها حلقة وصل مثالية بين الشرق والغرب، كما تسهم البنية التحتية القوية للإمارة وتسهيل النشاطات التجارية إلى جانب الأمن والسلامة التي توفرها دبي بشكل كبير في جاذبيتها وجهة مفضلة للأثرياء وأصحاب الملاءة المالية العالية.
وتتعدد العلامات الفارقة في مسيرة نجاحات وإنجازات دبي، بداية من سرعة الاستجابة والتعامل الفعال مع جائحة «كوفيد19» أو الاستضافة المميزة والناجحة لأبرز الأحداث العالمية وعلى رأسها «إكسبو دبي 2020»، رغم الإجراءات المشددة لمواجهة الجائح».
وأضاف فاليزاده: «وتلعب حكومة دبي أيضاً دوراً بارزاً في دعم تدفق الثروة في الدولة من خلال سياساتها الداعمة للإقامة والاستثمار، واحدة من أكبر وأقدم مؤسسات إدارة الثروات في مركز دبي المالي العالمي، نفخر في «جوليوس باير» بما وصلت إليه دبي وجهة جاذبة للاستثمار ليس للمؤسسات العالمية وحسب، بل لمجموعة مثيرة من الشركات الناشئة».
وتحدث صلاح شما، رئيس استثمارات الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى «فرانكلين تمبلتون»: «لقد عززت الإمارات مكانتها وجهة رائدة في استقطاب الأشخاص من أصحاب الثروات الطائلة من كافة أنحاء العالم، إذ تواصل الدولة البناء على السياسة الناجحة التي انتهجتها في التعامل مع «كوفيد19»، وجهودها المستمرة في الترويج لمناخها الاقتصادي المشجع لريادة ورواد الأعمال.
وعلاوة على ذلك، تتمتع الإمارات بمستوى مرتفع من الأمن، فضلاً عن استثماراتها المُستدامة في البنية التحتية، وتركز حكومة الإمارات على قطاعات بعينها، هي الخدمات المالية، التعليم، الرعاية الصحية، والسياحة لدعم مساعيها الآخذة في النجاح التدريجي لتنويع اقتصادها، وهو الأمر الذي يلقى صدى طيباً لدى المستثمرين العالميين.
وفي حقبة ما بعد الجائحة، حيث تشهد التوجهات العالمية للتحرك والانتقال إلى وجهات أخرى زخماً لافتاً، نجحت الإمارات في وضع نفسها في مكانة الوجهة الصديقة للأعمال التجارية والملاذ الآمن للمواطنين العالميين».
وأضاف : «كانت التغييرات الأخيرة التي أجرتها الإمارات، وبصفة خاصة دبي، على اللوائح المتعلقة بتأشيرات الإقامة للأجانب المقيمين على أرضها مؤثراً ولعبت دوراً حيوياً في استقطاب المزيد من الأثرياء إلى دبي بصفة خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية، فأدخلت الدولة أنواعاً جديدة من الإقامات، ومنها «الإقامة الذهبية» و«الإقامة الخضراء» ومن المفترض أن تعزز هذه التغييرات النمو الاقتصادي في الإمارات ودبي، وهو ما سيجلب بالضرورة المزيد من المستثمرين والأثرياء إلى كليهما».
واختتم صلاح شما: «لقد تعافت نسب الإشغال الفندقي في دبي العام الجاري، كما ارتفعت نسبة حجوزات الطيران المتجه إلى المدينة حتى صارت الآن نسبتها تبلغ 85% من المستوى السائد نهاية 2019 على الرغم من الارتفاع الهائل الراهن في أسعار تذاكر الطيران، ويعكس كل ذلك حقيقة واحدة مفادها: لقد عادت دبي بقوة».
مسيرة
وقال ليام ڤوغن، مدير المحافظ الاستثمارية لدى «براندي واين غلوبال» الأمريكية للاستثمارات وإدارة الأصول: «تبقى دبي وجهة جاذبة للاستثمارات التي يمتلكها أشخاص فائقو الثراء، خاصة أنها تواصل تعزيز مكانتها مركزاً مالياً عالمياً.
لقد خاضت دبي مسيرة نجاح متميزة منذ تأسيس دولة الإمارات قبل نصف قرن، وستواصل مسيرتها بنجاح وستستقطب المزيد من الأثرياء، مدعومة في ذلك بالإنجازات الفارقة التي حققتها في مجالات مثل الرعاية الصحية، وكان لنجاحها في تنظيم «إكسبو دبي 2020» تأثير هائل استطاعت البناء عليه بذكاء».
وأضاف: «وفي ظل تبني الإمارات للعديد من القضايا العالمية وظهورها في صدارة الأحداث المتعلقة بهذه الأحداث، مثل قمة الأمم المتحدة للمناخ، والمعروفة أيضاً باسم مؤتمر الأطراف «COP28»، والمنتظر أن تستضيفها الإمارات العام المقبل، تستفيد دبي ضمنياً ببقاء أنظار العالم متجها صوبها».