تعزز دبي مكانها قطباً عقارياً مرموقاً وتنافس العديد من المدن العالمية كونها مركزاً للنشاط العقاري مثل نيويورك، لندن، سنغافورة، وهونغ كونغ، إن لم تكن قد بدأت تتفوق عليها ولدى دبي طموح صوب الريادة في كل ما يتعلق بالتقنية لذا، فعندما يعرف العالم «التقنية العقارية» أو «تقنية الممتلكات» PropTech فمن الطبيعي أن نتوقّع لدبي مستقبلاً متميزاً كونها تجمع التفوق العقاري والطموح التقني.
الطباعة الثلاثية
إذا كانت تطبيقات التقنية العقارية متنوعة، وتشمل على سبيل المثال لا الحصر طباعة البيوت باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، نمذجة معلومات المباني BIM، وتطبيقات العقارات الذكية، وغيرها، فلا ينسى العالم أن دبي كانت صاحبة السبق في إنشاء أول مبنى مطبوع باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على مستوى العالم، وكان ذلك منذ ما يزيد على ست سنوات، وتحديداً في مايو من عام 2016 عندما بنت «مكتب المستقبل» في غضون 17 يوماً فقط، بالإضافة إلى يومين آخرين لتركيب مبنى المكتب.
آفاق واعدة
وأكد المهندس فادي مرقص، مدير عام نمو الأعمال لدى «إيه جي فاسيليتيز» للمرافق، التابعة لمجموعة «الغرير للاستثمار»، أن دبي تمتلك آفاقاً واعدة للنجاح في تطبيق التقنية العقارية في تحقيق قفزة هائلة في نتائج قطاع الإنشاءات بالإمارة، موضحاً تفوق دبي دوماً بخطوة على أي منافس آخر فيما يتعلق بتطبيق التقنيات الجديدة والتوافق معها، ولا تُعد التقنية العقارية استثناءً من ذلك. وتستخدم العديد من شركات الإنشاءات في دبي بالفعل العديد من أدوات وتطبيقات التقنية العقارية في تبسيط عمليات القطاع، وتحسين مستويات التجربة التي يتمتع بها العميل وخفض كُلفة العمليات.
وأضاف أنه علاوة على ما سبق، تبدو التقنية العقارية أيضاً بمثابة حل ناجع لتحسين مستويات الاستدامة في صناعة الإنشاءات وتحقيق الأهداف المتعلقة بالصحة على مستوى الصناعة، وأيضاً التخفيف من حدة الآثار السلبية لأنشطة الصناعة على البيئة والمناخ، وهي توجهات تتبناها دبي، ودولة الإمارات بصفة عامة، على نحو حثيث خلال الفترة الأخيرة.
مشاريع كبرى
وشارك فادي مرقص مع عدد من الخبراء في قطاع الإنشاءات في جلسة نقاشية بعنوان «إعادة تعريف مستقبل قطاعي العقارات والضيافة»، وذلك في ضوء التطورات التقنية المتلاحقة التي يشهدها القطاعان في الوقت الراهن.
وانعقدت الجلسة ضمن فعاليات «مؤتمر المشاريع الكبرى وقمة البنية التحتية المستدامة»، والذي نظمه «معهد إدارة المشاريع PMI»، فرع الإمارات العربية المتحدة، أكبر مؤسسة دولية في العالم تختص في إدارة المشاريع، وذلك على مدار يومين، حيث أكد الخبراء المشاركون أن صناعة الإنشاءات، في دبي، تُلاحق التغييرات المُتلاحقة الناجمة عن التطورات التقنية، بل إنها توظف هذه التطورات على نحو جيد، بما يضمن لها مسايرة المستجدات التي تطرأ على صناعة الإنشاءات العالمية، إن لم يكن استباقها.
ذكاء اصطناعي
وقال مرقص «بدأت حلول الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة تنتشر على نطاق موسع في كافة عناصر صناعة الإنشاءات على مستوى العالم. وتتماشى الصناعة في دبي مع هذه التطورات التقنية وتسايرها على نحو جيد».
وأضاف مرقص: «فعلى سبيل المثال، بعد تفشي جائحة «كوفيد 19»، بدأنا نستخدم الطائرات المُسيّرة «درونز» في الرقابة على كيفية سير العمل بالمشروعات الإنشائية. كنا في بداية الأمر متأخرين في هذا الشأن، إلا أننا اليوم نُلاحق هذه التقنية على نحو جيد، بل نأمل يوماً في استباقها». وتابع مرقص: «إن التقنية بشكل عام توفر كثيراً من الوقت. وينطبق هذا بصورة أشد وضوحاً في قطاع الإنشاءات باعتبارها قطاعاً بطبيعته يستغرق وقتاً طويلاً في تنفيذ أعماله. ولقد ساعدتنا التقنيات المتطورة كثيراً بالفعل في خفض الوقت اللازم، لإنجاز المشروعات، فصارت لدينا كاميرات لمراقبة العمل في المواقع الإنشائية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، بحيث تنقل لنا ما يجري في المواقع بصورة فورية».
وأضاف مرقص: «لدينا أيضاً التوائم الرقمية، والتي بدأت تنتشر على نطاق واسع، وهي تتيح لنا الاتصال والتباحث في التطورات، فيما يتعلق بسد الفجوة بين العالم المادي والافتراضي، لبث البيانات من الأول إلى الثاني بسهولة على النحو الذي يتيح للكيان الافتراضي أن يتواجد في وقتٍ واحد مع الكيان المادي».
مبانٍ جاهزة
واستعرض عيسى العلي، نائب الرئيس لشؤون إدارة المشروعات لدى شركة «نورث 25»، ذراع إدارة المشاريع التابعة لشركة «دبي القابضة للعقارات»، البناء المعياري، ويُقصَد به إنشاء مبانٍ جاهزة، بحيث يتكون كل مبنى من أقسام متكررة تسمى وحدات. وتتضمن الوحدة إنشاء أقسام بعيداً عن موقع البناء، ثم تسليمها إلى موقع المبنى. وقال: «بدأ استخدام البناء المعياري في تشييد العديد من المشروعات، ومنها فنادق عالمية، وبنايات ذات ارتفاعات شاهقة. ولكن على الرغم من ذلك، فلا يزال تطبيق هذا النمط المتقدم من البناء غير منتشر على نطاق واسع في منطقة الشرق الأوسط. عندما شاهدت بدء استخدام البناء المعياري في المنطقة، كان ذلك منذ نحو 13 عاماً، لم يكن جديدا تماماً في كافة قطاعات الإنشاءات، ذلك أن بعض القطاعات كانت قد حققت تقدماً فيه بالفعل، كقطاع الضيافة على سبيل المثال». وأضاف عيسى العلي: «يتيح لنا تطبيق البناء المعماري مميزات عديدة بالفعل كخفض الوقت والكلفة، وأيضاً خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة التي تنجم عن أعمال البناء. وفيما يخص الوقت، فإن 80 % من العناصر اللازمة لبناء فيلا فخمة يمكن تنفيذها باستخدام البناء المعياري داخل مصنع. وعليه، فبدلاً من الانتظار لمدة عام أو عامين من أجل بناء فيلا، يتيح لنا البناء المعماري الانتهاء من إنشائها في غضون شهرين فقط».