تحتل دولة الإمارات مرتبة متقدمة جداً ضمن أكبر دول العالم استثماراً في حجم الاستثمار بمشاريع الطاقة النظيفة، فيما تتصدر الدولة إقليمياً في هذه المشاريع التي تستشرف المستقبل لتعزيز الاستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية لصالح الأجيال المقبلة.

وأنجزت الإمارات العديد من مشاريع الطاقة النظيفة الكبرى داخل الدولة وخارجها، ضمن خططها الاستراتيجية لمرحلة ما بعد النفط، في إطار جهودها الاستراتيجية الراسخة لحماية البيئة بالاعتماد على مشاريع الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر والرياح.

وقد كان للإمارات دور كبير خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «كوب27» في مدينة شرم الشيخ المصرية في مواجهة التحديات العالمية المتعلقة بنقص الطاقة التقليدية الناتجة عن النفط والغاز، بسبب العديد من الأزمات التي يمر بها العالم حالياً، والتي حذرت منها مراراً الوكالة الدولية للطاقة، كما تسهم مشاريع الطاقة النظيفة في تهيئة فرص استثمارية ووظائف جديدة بما يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.

وفي السياق أكد تقرير حديث لمركز «إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية»، ومقره أبوظبي، أن العالم يمر حالياً بتحديات غير مسبوقة في ما يتعلق بوفرة المعروض أو تذبذب أسعار الطاقة، ما يعرض التنمية إلى مخاطر جمة في أغلبية دول العالم، لا سيما التي تشهد أزمات، والتي كان آخرها الأزمة الروسية الأوكرانية ودخول أوروبا وأمريكا على الخط مع روسيا.

وأكد الدكتور سيريل ويدرسهوفن، مستشار أمن الطاقة ومؤسس شركة «فيروسي» في هولندا، أن أسعار الطاقة ستستمر في الزيادة خلال الأعوام المقبلة حتى العام 2025، في معرض حديثه عن اتجاهات أسواق الطاقة العالمية وأهم الأزمات التي يواجهها القطاع في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية.

وقال ويدرسهوفن، خلال الجلسة التي نظمها مركز «إنترريجونال»: إن السبب وراء ارتفاع أسعار الطاقة ليس مرتبطاً بالأزمة الروسية الأوكرانية فحسب، وإنما يعود إلى «التأثيرات الشديدة للمضاربة في سوق الطاقة العالمي»، وعدم كفاية المعروض، مشيراً إلى أنه حتى مع انتهاء الأزمة لن تتراجع حدة العجز في أسواق الطاقة، وأن الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة تتعرض للانهيار بسبب تراجع المعروض. 

وخلال الجلسة استعرض خبراء «إنترريجونال» أبرز ما جاء في تقرير الوكالة الدولية للطاقة (IEA) الصادر في أكتوبر 2022 بعنوان «آفاق الطاقة العالمية 2022»، الذي تضمن 3 سيناريوهات، هي: استمرار السياسات الحالية للطاقة، أو تحقيق التعهدات المعلن عنها، أو تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية.

ووصف التقرير أزمة الطاقة الحالية بأنها أول أزمة معقدة وواسعة النطاق في تاريخ الطاقة الحديث، وأن هناك ضغوطاً تضخمية مرتفعة وركوداً اقتصادياً وشيكاً، وفي المقابل هناك أرباح خيالية لمنتجي الوقود الأحفوري بزيادة تريليوني دولار عن العام السابق.

وأوضح التقرير أن التزامات الحكومات في العالم لحماية المستهلكين من الآثار المباشرة لهذه الأزمة سيصل حجمها إلى 500 مليار دولار، وأن ضعف وهشاشة نظام الطاقة الحالي في مواجهة الصدمات سببه ضعف الاستثمارات بالطاقة النظيفة.

وأشار التقرير إلى وجود فرص تاريخية بالطاقة النظيفة المقدرة قيمتها بنحو تريليوني دولار خلال العام 2030، كما أن الاستثمار في الطاقة النظيفة يعد مفتاح الخروج الآمن من أزمة الطاقة التي يشهدها العالم حالياً.

وأضاف التقرير أنه من المتوقع تضاعف الطلب على المعادن لتقنيات الطاقة النظيفة 4 مرات بحلول عام 2050 بعائدات سنوية تصل إلى 400 مليار دولار، وأن الحكومات في العالم بحاجة إلى تسخير موارد هائلة للتحولات الآمنة للطاقة، في حين ستأتي 70 % من الاستثمارات من القطاع الخاص.

وتطرق تقرير الوكالة الدولية للطاقة إلى أهم التوقعات بشأن أوضاع الطاقة في العالم، وأبرزها: بلوغ الطلب على الوقود الأحفوري ذروته بحلول عام 2035، حيث يتوقع ارتفاع الطلب على النفط بنسبة أقل من 1 % سنوياً قبل أن يبلغ ذروته ‏في عام 2035 عند 103 ملايين برميل يومياً، لافتاً إلى أن الوكالة الدولية للطاقة تدعو لتسريع خفض استخدام الوقود الأحفوري للتوافق مع أهداف باريس المناخية‎. 

ولفت التقرير إلى قيام العديد من الحكومات باتخاذ إجراءات وتدابير طويلة المدى لحماية المستهلكين من آثار أزمة الطاقة وتبني نموذج جديد لأمن الطاقة وتوسيع مجال الطاقة النظيفة.