أكد سانجيف ماهيشواري، المدير العام في قسم الصيانة والتبريد في «دايكن» الشرق الأوسط وأفريقيا، أن منتجي الأغذية يواجهون تحدياً كبيراً يتمثل في الحد من مسألة تلف الطعام قبل استهلاكه أو حتى قبل وصوله إلى المستهلكين. وقد ساهمت جائحة «كوفيد 19» والانكماش الاقتصادي الحاصل في زعزعة الاستقرار في النظام الغذائي العالمي، حيث يشير بحث صدر حديثاً إلى أن نحو ثلث الطعام المنتج يهدر سنوياً، الأمر الذي يستدعي تغيير سلوك المستهلكين، وأن حوالى 14 % من إجمالي الطعام يتلف قبل وصوله إلى متاجر البيع بالتجزئة.

وقال: يحصل هذا الهدر في الطعام عبر المراحل المختلفة بدءاً من النقل والتخزين والتعبئة وصولاً إلى التغليف. وتعتبر حلول التبريد أو الإجراءات المتخذة لضمان الاحتفاظ بالمنتجات الغذائية القابلة للتلف عند درجة حرارة مثالية بدءاً من مرحلة جني المحاصيل في المزرعة مروراً بمرحلة التخزين وصولاً إلى المستهلك النهائي، مهمة جداً للحد من هدر الطعام.

وأضاف: على خلاف البلدان المتقدمة التي تعتمد حلول التبريد المتكاملة المتقدمة، لا تزال البلدان النامية والناشئة تفتقر إلى الحلول عالية الجودة التي تضمن نقل وتخزين وتوزيع الأغذية القابلة للتلف بطريقة مثالية. وعلى الرغم من أن أنظمة التبريد تعد حديثة ومتطورة في دول الخليج مقارنة بالدول النامية، إلا أن الظروف المحيطة وارتفاع نسبة المواد الغذائية المستوردة تجعل مسألة تجنب إهدار الطعام والحفاظ على جودته أمراً صعباً. لذلك تزداد أهمية توافر حلول تبريد متكاملة لسلسلة الإمداد لا سيما عندما تكون المسافات بعيدة والوقت طويلاً بين مرحلة الإنتاج والاستهلاك، فكيف يمكن لتلك الحلول المتطورة تقنياً والمؤتمتة في الإمارات حماية مستقبل الأمن الغذائي.

وقال: للمساهمة بشكل فعال في تخفيف الهدر الغذائي والحفاظ على جودته، ينبغي فهم السلسلة المحلية وتعقيدات السوق المستهدفة بشكل أعمق. وكي تحقق أنظمة التبريد نتائج قابلة للقياس وفوائد اجتماعية واقتصادية، يجب أن تكون متزامنة مع البنية التحتية الحالية للتخزين. ارتفع سوق أنظمة التبريد في الإمارات بمعدل نمو سنوي مركب إيجابي بلغ 5 % بين عامي 2015 و2020، ويعزا ذلك إلى الاستثمارات الحكومية والأجنبية المكثفة في البنية التحتية للنقل والتخزين. ومن المتوقع أن ينمو الاستثمار خلال السنوات المقبلة في مجال التبريد بهدف تعزيز الأمن الغذائي والحفاظ على معايير مرتفعة لمواكبة الزيادة السكانية.

وينبغي على الخبراء الإماراتيين أيضاً التركيز على تحسين أنظمة التبريد وتوسيعها دون أن ينعكس ذلك سلباً على أزمة المناخ، لأن تقنيات التبريد التقليدية تستهلك الطاقة بكثافة عالية وتضر بمناخنا، ويكمن التحدي في تحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية عبر تعزيز قدرات أنظمة التبريد بسرعة وبتكلفة معقولة، وفي الوقت ذاته الحد من التلوث والآثار البيئية الضارة. وفي حين أن وجود مجموعة مرنة وعالية الكفاءة من أجهزة التكييف التي يتم التحكم بدرجة حرارتها وغرف التعبئة والمركبات والحاويات يساعد في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتعلقة بفقدان الطعام، فإن اعتماد أنظمة حلول التبريد المستدامة ضروري لخفض الانبعاثات من سلسلة التبريد نفسها.

ويجب على أصحاب المصلحة والخبراء تخصيص الموارد المناسبة لزيادة الاستثمارات في البحث وضمان استخدام أفضل التقنيات المستدامة والأكثر كفاءة للطاقة، وتسريع المراقبة الرقمية لأنظمة التبريد، وتطوير برامج تدريبية لتعزيز مهارات القوى العاملة.

ويشكل هدر الطعام عبئاً كبيراً على أنظمة إدارة النفايات ويهدد الأمن الغذائي، بالإضافة إلى أنه مساهم رئيسي في مشكلة التغير المناخي والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي، لكن باستخدام أنظمة التبريد الحديثة والمتطورة، يمكن للعالم الحفاظ على الأغذية القابلة للتلف والحد من هدر الطعام وتوسيع الإمدادات لمعالجة مشكلة الأمن الغذائي والمساهمة في تحقيق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051 لدولة الإمارات لضمان الوصول إلى طعام سليم ومغذي وكافٍ طوال العام حول العالم.