استضافت بي دبليو سي الشرق الأوسط مؤخراً، قمة آفاق الخدمات المالية - وهي قمة سنوية تجمع قيادات من دول مجلس التعاون الخليجي.
وقد شارك فيها المتحدث الضيف بريت كينغ - وهو عالم أسترالي متخصص في دراسة المستقبل، وأحد المؤلفين الأكثر مبيعاً، والشريك المؤسس لشركة Moven - الذي قدّم معطيات حول ضرورة التحول الرقمي، والحاجة إلى إجراء تغييرات جذرية في قطاع الخدمات المالية، والتوجّهات الرئيسة التي ترسم معالم قطاع الخدمات المصرفية في الشرق الأوسط.
وعلى مدار ثلاثة أيام، قدّمت القمة، والتي استضافها قسم الخدمات المالية في بي دبليو سي الشرق الأوسط، منصة فريدة للمهنيين العاملين في مجال الخدمات المالية والمصرفية، لمناقشة التطوّرات الجديدة في قطاع الخدمات المصرفية العالمي، والتداول بشأن مجالات نمو المصارف في المنطقة. كما ركّزت القمة على التحوّل الذي يشهده قطاع الخدمات المالية، وأهمية التكامل على صعيد العملاء، وتطوّر المدفوعات والمحافظ الرقمية، والتحديات التي تترافق مع النمو في مجال الرقمنة.
وقد تطّرق مهريار غزالي، الشريك المسؤول في قطاع الخدمات المالية في بي دبليو سي الشرق الأوسط، وبريت كينغ خلال كلماتهما الرئيستين، إلى مقاربات العمل الجديدة، وإلى التغيير الذي يجب أن يطرأ على هيكلية وثقافة الشركات في الشرق الأوسط. ويشمل ذلك تحديد المتطلبات على صعيد القوى العاملة المستقبلية.
وتدريب المواهب، والاستعانة بالأشخاص الملمّين بالمجال الرقمي، وترسيخ ثقافات مؤسسية مبتكرة، من القمة إلى القاعدة، وتقبّل تحمّل بعض المخاطر لغرض الاختبار والتجربة، والالتزام بالخدمات السحابية (وكيف أن السحابة الإلكترونية ستصبح أكثر أماناً واستدامةً في ضوء التطوّر التقني).
والحرص على جاهزية منصات العمل، في ظل الخدمات المصرفية المفتوحة، وتكامل المحفظة الرقمية، وإعادة تصوّر عالم الميتافيرس والتوائم الرقمية واقتصاديات المستقبل لعام 2050.
وقال مهريار غزالي، الشريم المسؤول عن قطاع الخدمات المالية في بي دبليو سي الشرق الأوسط: «سُررنا هذا العام، خلال القمة السنوية لقيادات دول مجلس التعاون الخليجي، باستضافة بريت كينغ، العالم المرموق والمتخصص في الدراسات المستقبلية، الذي انضم إلى زملائنا وعملائنا عبر المنطقة، لتقديم المعطيات حول المسار الذي يسير فيه قطاع الخدمات المصرفية.
هذا، وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط تقدماً كبيراً في منظومة التكنولوجيا المالية، مدعوماً بتركيزنا على الاستثمار في الشراكات الاستراتيجية، والتقنيات الناشئة، وكوادرنا البشرية، من أجل حل أبرز المشاكل التي يواجهها عملاؤنا. كما أننا نعتقد أن مستقبل القطاع واعد جداً، وينطوي على مستوى كبير من الابتكار والشمول».
إلى ذلك، تطرّق بريت كينغ خلال القمة، إلى المنظومة العالمية للتكنولوجيا المالية، وناقش النجاحات والتحديات في القطاع، واستجابة العملاء التجاريين والمؤسسيين إلى القدرات المتغيّرة، وكيف ساهمت جائحة «كورونا» في إسراع وتيرة التوقعات المحيطة بالخدمات الرقمية.
كما شارك معطيات قيّمة حول بعض المقاييس الكامنة خلف أفضل شركات التكنولوجيا المالية في العالم.
وكيف يتكيّف السوق مع التغييرات الواسعة النطاق، المتعلّقة بعمليات الاستحواذ الرقمية على العملاء، وسقف السوق، والقيمة على مدى العمر الإنتاجي، والكفاءة التشغيلية الأساسية، وكيف تؤثر كل هذه التغيّرات في أسعار أسهم البنوك التقليدية.
قال الدكتور سانديب سريفاستافا، الشريك المسؤول في قطاع استشارات الخدمات المالية في بي دبليو سي الشرق الأوسط:
«وقد برزت منطقة الشرق الأوسط بشكل فعال، من منظور الإصلاح التنظيمي والتكنولوجيا المالية في السنوات الأخيرة.
وقد رأينا كيف تحولت المنطقة إلى اقتصاد مرن، ما ساعد في تحول النظام البيئي المصرفي. كما سيكون أمراً مميزاً حقاً، أن نرى كيف ستُطور المنطقة قدراتها المصرفية الرقمية في السنوات القادمة».
وجرى خلال القمّة مشاركة معطيات رئيسة حول أبرز 4 توجهات وعوامل تقود قطاع الخدمات المصرفية في المنطقة، وهي:
1. القوانين:
يعتبر القطاع الوحيد الذي من المحتمل أن يظل في طور النمو، هو قطاع الخدمات المالية في المنطقة، وهو الهيكل التنظيمي حول الخدمات السحابية.
وتتطلب اللوائح الحالية، أن يكون مقدمو الخدمات السحابية مقيمين في الدولة، الذي يخططون فيه لتقديم خدماته. وتدرك السلطات في المنطقة هذا التحدي، وتمضي قدماً على هذا الصعيد. فمجرد حل هذا القيد على الخدمات السحابية، يصبح بإمكانه توسيع نطاق الخدمات المالية بشكل كبير في المنطقة.
2. ارتفاع مستوى الخدمات المصرفية التجريبية:
تمتلك المصارف في منطقة الشرق الأوسط، حظوظاً كبيرة في اكتساب حصة سوقية في المجال الرقمي. وتحتاج المصارف بهدف التحوّل من عقلية الخدمات المصرفية القائمة على التحويلات، إلى خدمات تركّز على تجربة العميل، أن تصّب تركيزها التشغيلي على تحقيق الكفاءة المطلوبة، وفهم بيانات العميل.
وتوظيف التحليلات والذكاء الاصطناعي إلى أقصى حدّ ممكن، لتوقّع احتياجات العميل، وتلبيتها بشكل أفضل من الجهات المنافسة، إلى جانب التركيز على تضمين الذكاء الاصطناعي في صميم الخدمات الرقمية.
3. الشمول المالي الرقمي:
أدى إطلاق الخدمات المالية الرقمية ونموها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى زيادة غير مسبوقة في عدد الأفراد القادرين على الوصول إلى الخدمات المالية.
بالنسبة إلى الشريحة السكانية ممن لا يمتلكون حسابات مصرفية، قد يكون الوصول إلى خدمات الائتمان مسألة صعبة للغاية. ولكن بفضل المحافظ الجوالة، وبطاقات المدفوعات الرقمية، هناك إمكانية كبيرة لتعزيز الشمول المالي في المنطقة - وكل ذلك، بضغطة زر.
4. ازدهار قطاع التكنولوجيا المالية:
تعمل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بخطى ثابتة على بناء قطاع التكنولوجيا المالية. وقد نشأ في المنطقة عدد من مراكز التكنولوجيا المالية، التي توفّر التمويل اللازم لشركات التكنولوجيا المالية الصغيرة في القطاع.
وتلقّت الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تمويلاً بأكثر من 2.5 مليار دولار أمريكي في عام 2021 وحده. وتشير التوجّهات في النصف الأول من عام 2022، إلى أن الرقم هذا العام سيكون أعلى، في ضوء مبلغ 1.73 مليار دولار أمريكي، الذي تمّ جمعه حتى الساعة.
وقد شرع عدد متزايد من هذه الشركات في عمليات اكتتابات عامة أولية ناجحة. والجدير بالذكر، أن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تحديداً، تشهد انتقالاً كبيراً نحو التكنولوجيا المالية. فبعض مراكز التكنولوجيا المالية في منطقة دول مجلس التعاون، باتت كبيرة، لدرجة أنها اتخذت مكانة لها في الخارطة العالمية للتكنولوجيا المالية.
أمّا التحدي الرئيس الذي تواجهه التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحديداً دول مجلس التعاون، فهو المحافظة على ميزاتها التنافسية في قطاع سريع التطوّر. ويمكن لدول المجلس، عبر التركيز على العوامل الضرورية للمدى الطويل لتوسيع نطاق التكنولوجيا المالية، وأسواق رأس المال الأكثر تنوعاً، وتنمية المواهب، أن تصبح لاعباً حيوياً وأساسياً في قطاع التكنولوجيا المالية العالمي.