أكد خبراء أن التحول الرقمي أصبح شرطاً أساسياً لازدهار الشركات الصغيرة والمتوسطة وتوسعها عبر الحدود انطلاقاً من الإمارات التي تعتبر القاعدة الأقوى إقليمياً للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة في المنطقة، مشيرين إلى أن تبنّى التكنولوجيا الجديدة بشكل فعال يوفر حتى 80 % من التكاليف العرضية في الشركات، كما يساعد الشركات على الابتكار والمحافظة على المرونة وسرعة الاستجابة والتكيف مع بيئة الأعمال دائمة التغير.
ولفت الخبراء إلى أن التحول الرقمي قد يتطلب استثمارات تفوق قدرة الشركات الصغيرة في الكثير من الأحيان، وشددوا على أن البنى التحتية الرقمية مثل التطبيقات الرقمية ومنصات وأنظمة الدفع الإلكتروني المتوفرة في الإمارات تسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة في الدولة بالنمو، وأن تصبح مراكز قوة مؤثرة على صعيدي الاقتصاد الإقليمي، بل والعالمي، مشيرين إلى ضرورة تعزيز الشراكات بين الشركات الكبيرة من جهة والشركات الصغيرة والناشئة من جهة أخرى، لتحقيق ذلك الهدف.
وأوضح الخبراء أن دعم الشركات المتوسطة الحجم لمواجهة تحديات التحول الرقمي التحديات ليست مسؤولية حكومية بحتة، لافتين إلى إمكانية أن تلعب الشركات الكبيرة كذلك دوراً مهماً عندما يتعلق الأمر بدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لجهة بناء المهارات، لا سيما في مجال الرقمنة والمساعدة في إنشاء نظام بيئي للتحول البيئي، بما في ذلك فتح التمويل.
دور محوري
وتلعب الشركات الصغيرة والمتوسطة دوراً محورياً في النمو الاقتصادي لدولة الإمارات وتساهم في تعزيز مكانة الدولة كمركز استثمار عالمي. وبحسب إحصاءات حكومية حديثة، تمثل تلك الشركات أكثر من 94 % من جميع الشركات العاملة في الإمارات وتشكل أكثر من 60 % من الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
وفي دبي وحدها تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة 95 % من جميع الشركات وتوفر 42 % من جميع فرص العمل، وبالتالي فإن هذه الشركات تشكل ركيزة محورية للتنمية الاقتصادية في المنطقة ولفرص العمل والتحفيز على الابتكار.
وبحسب تقرير حديث لشركة «ماكينزي» فإنه وبحلول عام 2025، فإن 70 % من الشركات في العالم ستقوم بأتمتة البنية التحتية المهيكلة فيها لتوفير المرونة والكفاءة، ارتفاعاً من %20 في عام 2021.
مراكز قوة
وقال طارق هنيدي نائب رئيس عمليات منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بشركة «فيديكس» في تصريحات لـ«البيان» إن البنى التحتية الرقمية مثل التطبيقات الرقمية والمنصات وأنظمة الدفع عبر الإنترنت المتوفرة في الإمارات تسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة في الدولة بالنمو وأن تصبح مراكز قوة يمكنها التأثير على الاقتصاد العالمي.
وأضاف هنيدي إن الشركات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى التحول رقمياً لتحسين عدد من العمليات مثل تبسيط سلسلة القيمة للموردين والتعامل مع المدفوعات عبر الحدود وتتبع العملاء لعمليات توصيل طرودهم وتعزيز الكفاءة وتجربة العملاء، لذلك فإن التحول الرقمي يتيح لتلك الشركات فرص الازدهار والنمو لتصبح أصولاً قيمة وشركات مهمة تساهم في خدمة وتنمية المجتمع.
وحول دور الشركات الكبيرة في دعم الشركات الأصغر حجماً في التحول الرقمي، قال هنيدي: «في «فيديكس» لدينا عقود من الخبرة ونحن نشاهد الشركات وهي تنمو وكيف أن الشركات الناشئة تكبر لتصبح مراكز قوة يمكنها التأثير على الاقتصاد العالمي.
ونحن متحمسون لتزويدها الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات بالموارد والأدوات والحلول المناسبة التي تحتاج إليها، ولنبقى الجهة الاستشارية الموثوقة التي تمد لها يد العون لتسريع نمو أعمالها على الصعيد العالمي. على سبيل المثال، يعتبر مركز فيديكس للأعمال التجارية الصغيرة بمثابة مركز شامل يقدم نصائح عملية بما في ذلك عملية التخطيط والبناء وإدارة الشركة عبر الإنترنت».
بيئة داعمة
وتتمتع دولة الإمارات ببيئة قوية داعمة للأعمال من خلال وجود دعم ومبادرات حكومية تشجع على ذلك، مثل السماح بتملك الأجانب للشركات بنسبة 100 %، فضلاً عما توفره من مستويات عالية من الأمن والأمان وأماكن العمل الترحيبية وارتباطها الوثيق الصلة مع جميع أنحاء العالم.
وفي عام 2007، أنشأت الإمارات «صندوق خليفة لتطوير المشاريع» لرفع مستوى الشركات الناشئة في الدولة ومساعدتها على الازدهار من خلال الاستثمارات وورش العمل. ومنذ عام 2019 استثمر الصندوق بأكثر من 1.32 مليار درهم لتشجيع ريادة الأعمال وغرس ثقافة الابتكار.
انفتاح عالمي
وبالإضافة إلى الاستثمار في نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، تعتبر الإمارات الوجهة التجارية المفضلة نظراً لانفتاحها على الأسواق الإقليمية والدولية الكبيرة، وامتلاكها بنية تحتية من المستوى العالمي، وما تتمتع به من طابع جذاب وملائم لإبرام ونجاح الأعمال، فضلاً عن العديد من المطارات والموانئ البحرية والمناطق الحرة التي تزخر بها الدولة.
وهناك أكثر من 1500 شركة أمريكية تعمل في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وآسيا اختارت تأسيس مقراتها العالمية في الإمارات التي أصبحت أكبر سوق في الشرق الأوسط وأفريقيا للصادرات الأمريكية على مدار الـ 12 عاماً الماضية.
نمو وتوسع
وأضاف هنيدي: «إلى جانب ما سبق، يجب أن تركز الشركات الصغيرة والمتوسطة على نقاط القوة لديها لكي تنمو وتتوسع في أسواق جديدة، وأن تترك مهام إنشاء البنية التحتية والخدمات اللوجستية للمتخصصين.
كما يمكن لمزودي الخدمات اللوجستية دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بتجارب عملاء مطورة وتحسين التكاليف، بالإضافة إلى معالجة تحديات التجارة العابرة للحدود، وتوصيل المنتجات في الوقت المحدد.
ومن خلال تحقيق تقدم بخطوات إضافية نحو الأمام، سيكون بمقدور مزودي الخدمات اللوجستية تقديم اقتراحات ذات منافع إضافية، وتحديد الثغرات التي لا تتمكن الشركات من ملاحظتها بالضرورة. ويستطيع أصحاب الشركات التعاون مع مزودي الخدمات اللوجستية لبناء سلسلة توريد قوية وراسخة ومتكاملة، مما يساهم في إتاحة الوصول إلى أسواق جديدة وتعزيز تدفق الإيرادات».
عبر الحدود
ولا تزال العديد من الأنشطة التجارية، خصوصاً تلك التي تتعلق بالشركات الصغيرة والمتوسطة، تتم داخل السوق المحلية نظراً لوجود تعقيدات في إجراءات عبور الحدود وتكلفتها. ولذلك فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى التكيف مع متطلبات أنظمة وإرشادات الشحن الدولية كلما نمت أعمالها في الخارج.
ويعد الامتثال للإجراءات المعقدة لسلاسل التوريد، والأنشطة التجارية عبر الحدود، والأنظمة الحكومية مسار عمل شاق ولا تزال تشكل عوائق قائمة أمام التوسع، وغالباً ما يكون التغلب عليها أمراً بالغ الصعوبة.
وأضاف هنيدي: «لا تزال فيديكس من أبرز الداعمين للشركات الصغيرة والمتوسطة، لذلك فقد طورنا برامج تزود أصحاب الشركات الصغيرة بالأدوات والإرشادات المناسبة لمساعدتهم على توسيع نطاق أعمالهم. كما أننا نساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على التحرك بشكل أفضل في الأسواق العالمية من خلال تزويدها بأدوات الشحن المؤتمتة، مما يسمح لعملائنا بإنشاء الشحنات الخاصة بهم عبر الإنترنت وتبسيط عملية الشحن الخاصة بهم والاستفادة من المزايا المختلفة المضمنة في هذه الأدوات».
خدمات لوجستية
واعتبر سوهام تشوكشي، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «شيبسي» المختصة ببرمجيات الخدمات اللوجستية أن تطوير سلسلة التوريد المحلية أمر بالغ الأهمية لتعزيز النمو الاقتصادي في الإمارات، خصوصاً وأن قطاع الخدمات اللوجستية في الدولة يساهم بأكثر من 14 % في ناتجها المحلي الإجمالي.
وأضاف: مع وجود كل من فرص الاستثمار المواتية، والتوجه الكبير نحو الرقمنة، والموقع الاستراتيجي على خريطة العالم أصبحت الإمارات مركزاً تجارياً عالمياً رائداً وهو من بين المراكز اللوجستية الثلاثة الأولى في الأسواق الناشئة في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن يصل سوق الخدمات اللوجستية إلى 31.4 مليار دولار بحلول عام 2026.