أجمع مسؤولون حكوميون وخبراء أجانب متخصصون في تقنية الروبوتات أن دبي تتمتع بإمكانات كبيرة تؤهلها لأن تكون واحدة من اللاعبين الرئيسيين على مستوى العالم في صناعة الروبوتات، مؤكدين أنها مهيأة تماماً للاضطلاع بهذه المكانة، حيث بدأت «واحة دبي للسيليكون» في تطوير نظام بيئي عالمي للروبوتات، كما أنها تتعاون مع مؤسسة دبي المستقبل، لتأسيس مختبر للروبوتات.
جاء هذا خلال فعالية «روبوداي»، وهي الفعالية الأولى من نوعها التي استضافتها «واحة دبي للسيليكون»، ممثلة في «مركز دبي التكنولوجي لريادة الأعمال»، والمعروف اختصاراً باسم «ديتك»، لمناقشة آفاق صناعة الروبوتات على مستوى العالم، وفي الإمارات.
وشارك مسؤولون حكوميون في مناقشات «روبوداي»، في مقدمتهم غانم الفلاسي، نائب رئيس أول «واحة دبي للسيليكون» لشؤون التقنية وريادة الأعمال، وخليفة القامة مدير «مختبرات دبي للمستقبل» التابعة لمؤسسة دبي للمستقبل.
أول خطوة عملية
وقال غانم الفلاسي نائب رئيس أول «واحة دبي للسيليكون» لشؤون التقنية وريادة الأعمال: «تمتلك دبي كل المقومات اللازمة، للاضطلاع بدور عالمي فاعل ومؤثر في صناعة الروبوتات، ونحن بدورنا في «واحة دبي للسيليكون» نخلق نظاماً بيئياً متكاملاً لصناعة الروبوتات، يستقطب الشركات العالمية المتخصصة كي تأتي إلى هنا، وتناقش احتياجاتها، وتبحث في كيفية توفيرها.
لا يزال هذا النظام البيئي قيد الإنشاء، ويعد بمثابة أول خطوة عملية ملموسة، تتخذها دبي على طريق تحقيق طموحاتها العالمية في صناعة الروبوتات».
وأضاف: «التقنية ستتحرك، وتمضي قدماً في طريقها، ونحن في الإمارات لا نلاحقها، بل نستشرفها ونسبقها، ونتبنى في هذا المسعى منهج البحث وتطوير الأعمال، وليس البحث فقط، وكل ما نحتاج إليه فقط، لتنفيذ رؤيتنا وبلوغ مسعانا هو الدعم لتمكيننا من تأسيس مختبرات الروبوتات المطلوبة. يمكننا أيضاً إبرام شراكات مع الجامعات المتخصصة في هذا الشأن».
مناخ جاذب
وأضاف غانم الفلاسي : «تقدم دبي للمعنيين بصناعة الروبوتات في كل أنحاء العالم البيئة المناسبة لتحقيق التقدم في إنتاج الروبوتات بكميات كبيرة، وعلى نطاق واسع».
وأضاف: «تتضمن هذه البيئة ضمن عناصرها البنية التحتية العصرية ذات الطراز العالمي، كما تتضمن أيضاً إتاحة المناخ التنظيمي الملائم والجاذب لشركات الروبوتات من كل أنحاء العالم».
وأردف: «نحن في «واحة دبي للسيليكون» نعمل يداً بيد مع كل الدوائر الحكومية الأخرى ذات الصلة في دبي، ونتصل بهم بصفة مباشرة من أجل حل المشاكل التنظيمية المتعلقة بصناعة الروبوتات. وعلاوة على ذلك، نسعى لخلق نظام تعليمي يطور الروبوتات، كما نتعاون عن كثب مع مؤسسة دبي المستقبل، من أجل تأسيس مختبر للروبوتات في دبي».
مهام لا وظائف
وأشار خليفة القامة إلى حقيقة مهمة، لتوضيح الالتباس السائد لدى الكثيرين، بشأن الدور المستقبلي للروبوتات، وهي أن الروبوتات ستضطلع بمهام، ولن تؤدي وظائف، موضحاً «ستكون الروبوتات في المستقبل خدمة، وليست منتجاً في حد ذاته، ويتعين سداد مقابل هذه الخدمة.
عندما بدأنا «مختبرات دبي للمستقبل»، كانت كلفة الجهاز الواحد تبلغ 25 ألف دولار. والآن، يمكن الحصول على الخدمة نفسها مقابل جزء من جهاز لا تتجاوز كلفته 700 دولار، لذا، فإن الأمور تسير إلى الأفضل».
وأضاف القامة: «ثمة خريطة طريق ستخرج إلى النور في غضون عام أو عامين من الآن، لتحديد المهام، التي ستضطلع بها الروبوتات في المستقبل، وأود التأكيد في هذا السياق أن الروبوتات سترفع من شأن المهام، التي يضطلع البشر بها حالياً، ولن يخفض منه، كما سيجعل البشر يتفرغون للاضطلاع بالمهام الأعلى.
وعلاوة على ذلك فإن الروبوتات سترد الوقت للبشر، بعد أن كانوا يهدرونه في أداء مهام منخفضة المكانة الاجتماعية، وكانوا يؤدونها وهم كارهون، كأعمال التنظيف».
وشارك خبراء أجانب في الفعاليات، كان أبرزهم دينيس ليدينكوف، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «روبوسكالبتور» الناشئة، وهي منصة يقع مقرها الرئيسي في دبي، وتتخصص في استخدام الروبوتات في تقديم خدمات الرعاية والمعالجة المتنوعة للجسم اعتماداً على الذكاء الاصطناعي، وهي أيضاً الجهة المنظمة لفعالية «روبوداي».
وحضر الفعالية الدكتور سليم سعيدي، الرئيس التنفيذي لشركة «زد- ستراتيجي»، المتخصصة في تزويد الشركات الناشئة بالخدمات الاستشارية بشأن حل المشكلات، خصوصاً المستقبلية، ويقع مقرها الرئيسي في دبي.
كما شاركت أنا كوفاليرسكايا، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة «كرييتيف ماشين ليرنينغ تكنولوجيز» الناشئة، التي يقع مقرها الرئيسي في دبي، وتتخصص في تطوير مشروعات تقنية جديدة وتسويق المفاهيم والأفكار الرقمية الجديدة، التي تغطي طيفاً متنوعاً من الصناعات والقطاعات.
اتجاهات عصرية
وأدارت كوفاليرسكايا ضمن أنشطة «روبوداي» حلقة نقاشية، بعنوان «الاتجاهات العصرية في أجهزة الروبوتات»، حيث شارك فيها غانم الفلاسي، الدكتور سليم سعيدي، دينيس ليدينكوف، وبراكاش كيلكار، المدير التنفيذي لشركة «اينوفاتريكس سوليوشنز إف زد سي» لتقنيات الربوتوتات في دبي.
وتطرق غانم الفلاسي خلال الحلقة النقاشية إلى الدور، الذي تتهيأ دبي للاضطلاع به في صناعة الروبوتات.
كلفة مرتفعة
وتحدث سليم سعيدي عن أسباب تحول دون إنتاج الروبوتات بكميات كبيرة حتى الآن في مختلف أنحاء العالم، وأبرزها الكلفة، حيث إن إنتاج روبوت بكلفة قليلة يجعله أقرب إلى الدمية وليس الروبوت. ويتمثل السبب الثاني، حسب سعيدي، في عدم وجود تقييس لصناعة الروبوتات يوضح معاييرها المعتمدة، أما السبب الثالث فيتمثل في مقاومة الروبوتات من جانب قطاعات مجتمعية عديدة ظناً أنها ستحل مكان الإنسان في الوظائف.
ويكمن السبب الرابع في التقنين، الذي يوضح المسؤولية الجنائية حال وقوع حوادث بسبب الروبوتات، فعلى سبيل المثال إذا صدمت سيارة يقودها روبوت شخصاً من المارة فقتلته، فمن نحاسب في هذه الحالة؟ ولدينا سبب خامس، وهو نقص المهارات التي تحتاج إليها هذه الصناعة».
وأضاف سعيدي: «نحن بحاجة إلى الروبوتات كي تجعل حياتنا أسهل وأبسط، ويقتضي هذا أن تقوم الروبوتات بما نكره أن نقوم به نحن من وظائف ومهام».
أجهزة وتطبيقات
وقال دينيس ليدينكوف: «لدينا 3 تحديات تواجهها صناعة الروبوتات، وهي: البرمجيات، الأجهزة، والتطبيقات، ففي ما يخص البرمجيات نحتاج لمهندسين متخصصين في تصميمها وتطويرها، وأود التنويه هنا إلى حقيقة أن تفويض وترخيص الشركات، التي تنتج أجهزة الروبوتات يتطلبان إجراءات طويلة.
وفي ما يتعلق بالأجهزة فنحن بحاجة إلى فرق عمل متخصصة في تعليم المهندسين، والأمر هنا أكثر صعوبة من البرمجيات. وأخيراً، فيما يخص التطبيقات فيتعين إدراك أن كل تطبيق يختلف عن الآخر».
وأضاف ليدينكوف: «ثمة عنصر آخر شديد الأهمية يفرض تحدياً كبيراً في صناعة الروبوتات، ألا وهو النفقات الرأسمالية اللازمة لاستمرارية الصناعة.
وينبغي في هذا الشأن أن تتوافر لدينا الشركات المتخصصة في تصنيع الروبوتات،حيث يتطلب استقطاب شركة لتأسيس مشروع رابح لتصنيع الروبوتات نحو 300 ألف دولار حداً أدنى، بالإضافة إلى 10 ملايين دولار لتأسيس البنية التحتية اللازمة لهذا المشروع على مساحة، تبلغ 100 ألف قدم مربعة على الأقل».
وعن الهدف الذي قامت «روبوسكالبتور» بتنظيم «روبوداي» قال ليدينكوف: «نحاول تجميع الأطراف المعنية بصناعة الروبوتات لخلق مجتمع من الأطراف المؤسسية الحكومية المعنية بالصناعة والشركات الناشئة المتخصصة، ونسعى من خلال «روبوداي» ودوراته المقبلة لتوفير كل الاحتياجات اللازمة لهذا المجتمع».
مستقبل الروبوتات
وقال براكاش كيلكار: «رأينا الروبوتات في «إكسبو 2020 دبي» ترحب بالزوار، وترشد إلى مواقع أجنحة لدول المشاركة».
وأضاف كيلكار: «سيكون للروبوتات مستقبل في كل المهن، التي لا يود البشر ممارستها، كتنظيف الحمامات على سبيل المثال».
وقالت أنا كوفاليرسكايا: «الإمارات صنعت نهضة مذهلة في غضون 50 عاماً، لذا، فليس غريبا أن تسعى إلى الاضطلاع بدور عالمي رائد في صناعة الروبوتات، وأرى جهداً رائعاً من «واحة دبي للسيليكون»، ممثلة في «ديتك»، للمشاركة في هذا الدور».
وأضافت: «نحلم بأن تؤسس دبي في غضون عامين من الآن أول مختبر للروبوتات، ليكون هو اللبنة الأولى في نظام بيئي عالمي للروبوتات، يستقطب الشركات المتخصصة من كل أنحاء العالم».