أكد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، رئيس مركز دبي المالي العالمي، أن استراتيجية محاكم مركز دبي المالي العالمي تستلهم رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لترسم معايير جديدة في تسوية النزاعات القضائية وترسيخ موقفنا المالي العالمي حسب أجندة D33.
وأضاف سموه: نحرص على التطوير والتحديث المستمر لمحاكم مركز دبي المالي العالمي بما يعزز البيئة التشغيلية والأطر القانونية والتنظيمية الكفيلة بتقديم أفضل مستوى من الخدمات للشركات المالية العالمية الكبرى. ونعمل على مواءمة استراتيجية المحاكم مع مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية (D33) بما يرسخ مكانة دبي واحدة من أهم وأفضل المراكز المالية إقليمياً وعالمياً.
وأصدرت محاكم مركز دبي المالي العالمي، أمس، نتائج الأداء السنوي للعام 2022 حيث بلغ إجمالي عدد القضايا المعروضة أمامها 861 قضية في جميع الدوائر، مسجلة زيادة قدرها 15 % في عدد القضايا مقارنة بالعام 2021.
وخلال العام 2022، بلغ عدد القضايا المرفوعة أمام محكمة الدعاوى الصغيرة 472 قضية، بزيادة نسبتها 31 % مقارنة بالعام 2021، وجاء 59 % من هذه الدعاوى من أطراف اختاروا اللجوء لاختصاص محاكم مركز دبي المالي العالمي لحل نزاعاتهم.
فسخ العقود
وتنوعت القضايا لتشمل بشكل رئيسي فسخ العقود، التي شكلت 49.4 % من مجموع القضايا في 2022، ثم دعاوى العقارات والإيجارات (29.4 %)، والتوظيف (20.6 %)، والخدمات المصرفية والتمويل (0.6 %). وفي إشارة على تزايد الإقبال على محكمة الدعاوى الصغيرة لتسوية المنازعات المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بلغ إجمالي قيمة الدعاوى المسجلة في عام 2022 لدى المحكمة 43.2 مليون درهم، بزيادة نسبتها 17 % مقارنة بالفترة نفسها من العام 2021. وبلغ متوسط قيمة القضية لدى محكمة الدعاوى الصغيرة للعام 2022 مبلغاً وقدره 95,000 درهم.
المحكمة الابتدائية
وفي عام 2022، بلغت القضايا المرفوعة أمام المحكمة الابتدائية 121 قضية قيمتها الإجمالية 4.4 مليارات درهم، مسجلة زيادة سنوية بنسبة 16 %. وبلغ متوسط قيمة القضية 58.3 مليون درهم، بزيادة قدرها 25 % عن عام 2021. وكان الارتفاع الأكبر عام 2022 في القضايا الخاصة بدائرة التحكيم في محاكم المركز؛ حيث بلغت القيمة الإجمالية لهذه القضايا 1.2 مليار درهم، بنسبة زيادة تفوق 700 %، وبلغ متوسط قيمة كل قضية 94 مليون درهم.
وجاءت القضايا المعروضة على المحكمة الابتدائية من مجموعة متنوعة من القطاعات تشمل الخدمات المصرفية والمالية، والعقارات، وتجارة التجزئة، والصناعات التحويلية، والضيافة، وتضمنت نزاعات تتعلق بمخالفة العقود والإعسار واتفاقيات التحكيم والتوظيف. وشهدت قضايا الاختصاص القضائي في محاكم المركز زيادة ملحوظة في العام 2022، إذ جاء 60 % من الدعاوى المرفوعة أمام المحكمة الابتدائية من أطراف اختاروا بأنفسهم اللجوء لمحاكم مركز دبي المالي العالمي لحل نزاعاتهم.
وقد أطلقت محاكم مركز دبي المالي العالمي خارطة طريق جديدة للأعوام 2022 ـ 2024 تضمنت خطة عمل استراتيجية تضفي مزيداً من التناغم على مشاريع المحاكم ومبادراتها بما يوفر دعماً فعالاً للأهداف الاستراتيجية الاتحادية والمحلية ولأهداف المركز.
خدمات تشغيلية
وقال القاضي زكي عزمي، رئيس محاكم مركز دبي المالي العالمي: لم يقتصر إنجاز محاكم مركز دبي المالي العالمي في العام 2022 على الزيادة الكبيرة في عدد القضايا، بل شمل أيضاً تصميم وإطلاق خدمات تشغيلية جوهرية جديدة للجمهور. وتنهض محاكم المركز بدور حيوي في مجال دعم مكانة مركز دبي المالي العالمي ودبي عموماً كواحة مالية رائدة. فسيادة القانون، بما يشمله من آليات تسوية المنازعات التجارية، تمثل محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي. وذلك لأن الآليات الموثوقة والسريعة والشفافة في حال المنازعات التجارية تُعدُّ عاملاً بالغ الأهمية للمستثمرين الدوليين في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، وهو ما يمنح ميزة تنافسية للبلدان التي تتمتع بأنظمة قضائية فعالة وشفافة.
ابتكار
في العام 2022، أكدت محاكم مركز دبي المالي العالمي إطلاق القواعد التخصصية الجديدة لمحكمة الاقتصاد الرقمي التابعة لمحاكم المركز. وسيسهل هذا الجزء الوصول إلى تسوية فعالة وعصرية لنزاعات الاقتصاد الرقمي، موحداً معايير استخدام النماذج الذكية لتقديم المعلومات من خلال منصة ديناميكية تعمل بالذكاء الاصطناعي.
إضافة إلى ذلك، أصدرت محاكم مركز دبي المالي العالمي حكماً في واحدة من أوائل النزاعات الخاصة بالعملات المشفرة على مستوى المنطقة وإحدى القضايا القليلة المسجلة على مستوى العالم، وقد تناول هذا الحكم قضايا مثل التحويل الآمن للعملات المشفرة بين المشتري والبائع والالتزامات المستحقة على أمين العملة المشفرة. وقد أدت هذه القضية إلى طرح العديد من الأسئلة الأخرى المثيرة للاهتمام مثل طبيعة عملات «البيتكوين»، أي ما إذا كانت العملات المشفرة تعتبر سلعاً أم عملات أم ممتلكات أم شيئاً مختلفاً تماماً، وما هو الوقت المناسب لتقييم عملات «البيتكوين».
توقعات مجتمعية
وقال القاضي عمر المهيري، مدير محاكم مركز دبي المالي العالمي: تواصل محاكم مركز دبي المالي العالمي سنة بعد سنة نمو نطاق خدماتها وطاقتها التشغيلية كمحكمة في دولة الإمارات، فلم يعد مفهوم الجودة والتميز أمراً مقصوراً على القطاع الخاص. وتتزايد، في الواقع، التوقعات المجتمعية بأن تتكيف المحاكم مع التطلعات الجديدة والتغيرات السلوكية لدى مستخدمي المحاكم، فقد أصبح تزايد اعتماد المنصات الرقمية والعمليات غير الورقية وجلسات الاستماع الافتراضية هو الواقع الجديد.
وقد بات القطاع الخاص يتطلع أكثر فأكثر إلى مشاركة جريئة من جانب الجهات الخدمية العامة. وفي هذا الإطار، ستواصل محاكم المركز، من خلال الجمع بين البنية التحتية الرقمية الحديثة والمرنة وبين التميز القضائي والخدمي، مواءمة عملياتنا مع الأجندة الوطنية. فمع بدء دولة الإمارات باحتضان قطاعات الاقتصاد الرقمي الجديدة، لا بد أن يزداد عدد المؤسسات والشركات الأجنبية التي ستدخل السوق. وفي هذا الإطار سيكون لمحاكم مركز دبي المالي العالمي دور مهم تنهض به يتمثل بطمأنة هذه الشركات والمؤسسات بأننا سنكون دوماً على أهبة الاستعداد لحل وتسوية ما ينشأ من أنواع جديدة من القضايا والنزاعات. وتنص خطة العمل الجديدة للمحاكم على اعتماد تقنيات رقمية متكاملة، بما يضمن توفير أنظمة محاكم ذكية وسهلة الاستخدام ورشيقة بما يكفي لمواكبة ركب التجارة العالمية. وستعمل التطبيقات المبتكرة لهذه التقنيات على تخطي حواجز اللغة والحدود والاختصاص القضائي والعملات. وسيقلل الذكاء الاصطناعي من الأعباء المكتبية للمحاكم، وسيسهم في تبسيط منهجية مراجعة القضايا، وتوفير حضور افتراضي أقرب للواقع، والاستغناء عن النسخ المتكررة للمستندات، وإتاحة الوقت للقيام بمهام أكثر أهمية وتعقيداً.
الخدمات الرقمية
كما تم تفعيل مبادرة مختبر تقنيات المحاكم في 2022، فدخلت الشركات في مسابقة بالتعاون مع برنامج مسرعات دبي المستقبل في «المنطقة 2071». ومن خلال استكشاف كيفية تعزيز الأنظمة القضائية باستخدام التقنيات الجديدة، سيعمل مختبر تقنيات المحاكم على توحيد جهود الأفراد والشركات في سبيل وضع نماذج أولية وإطلاق عملية تطوير للتقنيات الخاصة بالمحاكم. وتم إنجاز المرحلة الثانية من مبادرة مختبر تقنيات المحاكم، مع إطلاق برنامج الأبحاث والتطوير الخاص بالمشروع بهدف جعل دبي المدينة الرائدة في مجال التقنيات الجديدة الخاصة بعمل المحاكم.
وتضمنت المرحلة الثانية مرحلة إعداد النماذج الأولية لاثنين من مقدمي حلول التقنيات اللذين تأهلا للتصفيات النهائية، موفرة لهما الدعم المالي، إضافة إلى إتاحة إمكانية الوصول إلى محاكم المركز لإجراء البحث عن الحلول واختبارها وتكييفها. وكان المتأهلان للتصفيات النهائية هما شركة «فيس-كي» من البحرين وشركة «كورت-كورِّكت» من المملكة المتحدة، اللذان قدما حلولاً تتعلق بقدرات الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعرف على الوجه.
وفي العام 2022، أطلقت المحاكم أيضاً خزنة رقمية عالمية صممت لمعالجة إشكاليات تخزين وأمن المستندات، حيث بات بإمكان الأفراد الآن نقل هذه البيانات إلى موقع واحد آمن، هو منصة «تجوري»، التي تتيح إمكانية التحميل والتخزين الآمن للمستندات بدءاً من عقود التأمين وسندات الملكية والوصايا والشهادات المالية وصولاً إلى الصور وملفات الوسائط المتعددة، ويمكن لأي فرد في العالم استخدام هذه المنصة والاستفادة منها. وستخضع جميع ملفات إدارة الحياة المحملة لتدابير أمنية تتوافق مع أعلى معايير الأنظمة الأمنية، باستخدام عوامل متعددة في التوثيق وتشفير البيانات والمعلومات الحيوية الخاصة بكل شخص والدفاتر الحسابية لحفظ الخزنة من خلال نظام تشفير متقدم.
وتضمن خزنة «تجوري»، من خلال تقنيات السجلات الموزعة (DLT)، إمكانية نقل محفظتك بكاملها إلى الأطراف المعنيين الذين تسميهم، أو إلى من تحب، في الوقت المقرر. وتؤكد الإحصاءات أن محاكم مركز دبي المالي العالمي لم تحافظ على جميع خدماتها فحسب، بل عملت في الوقت نفسه على زيادة كفاءتها التشغيلية، وزيادة عدد القرارات والأحكام الرقمية زيادة كبيرة، فقد أصدرت أكثر من 1,500 حُكم وقرار بصيغة رقمية في العام 2022، إضافة إلى إجراء أكثر من 95 % من جلسات الاستماع عن بُعد.
كما أن هذا التحول السريع والكامل إلى جلسات الاستماع الرقمية عن بُعد يُشكل ويمثل انسجام عمل محاكم مركز دبي المالي العالمي مع التوجيه الصادر في يونيو 2021 عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، الذي أوعز إلى وزارة العدل بالعمل على عقد 80 % من جلسات التقاضي بواسطة التقنيات الافتراضية بصورة دائمة.