توقع خبراء ومحللون ماليون أن تحقق الشركات المدرجة أرباحاً سنوية قياسية عام 2023، مدعومة بعوامل عدة، في مقدمتها قوة ومتانة الاقتصاد الوطني، وإعلان الشركات والبنوك المدرجة عن أرباح قياسية وتوزيعات سخية لعام 2022، لتواصل بذلك الصدارة من ناحية الربحية المرتفعة مقارنة بنظيراتها في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا.
كما توقعوا أن تواصل أسهم قطاعات البنوك والعقار والطاقة مكاسبها خلال العام الجاري، مدعومة بالأرباح القياسية التي حققتها خلال العام الماضي، فضلاً عن الانفتاح الاقتصادي واستقطاب الصفقات الخارجية، التي نمت بقطاعي العقار والبنوك، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط التي ستساعد في استمرارية أرباح قطاع الطاقة، متوقعين استمرار نمو الشركات القوية في القطاع العقاري مع توسع أعمالها، فضلاً عن قلة المخاطرة بقطاع البنوك في ظل معدلات الفائدة المرتفعة.
وقال الخبراء الذين استطلعت «البيان» آراءهم: إن الشركات المدرجة حققت أرباحاً فاقت التوقعات العام الماضي، وهو ما يعد دليلاً على نجاحها في تخطي تحديات الاقتصاد العالمي الراهنة مستفيدة من خطط التحفيز التي أقرتها الحكومة لتجاوز التحديات وتسريع التعافي والتأسيس لمرحلة جديدة من النمو والانتعاش الاقتصادي.
وتجاوزت الأرباح الصافية لـ123 شركة وطنية مدرجة في أسواق المال المحلية حاجز 191 مليار درهم خلال 2022، بزيادة 60 % أو ما يعادل 72 مليار درهم مقابل أرباح صافية بلغت 118 ملياراً و983 مليون درهم خلال العام 2021.
وقفزت أرباح 46 شركة مدرجة في سوق دبي المالي إلى 53.5 مليار درهم في العام الماضي، بنمو 38 % مقابل 38.6 ملياراً في العام 2021، بزيادة قيمتها 14.85 ملياراً.
وبحسب مسح «البيان الاقتصادي»، وصلت قيمة التوزيعات النقدية لـ10 بنوك وطنية مدرجة في سوقي أبوظبي ودبي الماليين إلى 18.35 مليار درهم، منها 9.87 مليارات درهم من البنوك المدرجة في سوق أبوظبي، و8.48 مليارات درهم من البنوك المدرجة في بدبي.
وقلصت 4 بنوك بدبي إجمالي مخصصات انخفاض القيمة التي استقطعتها خلال 2022، بما يعادل 2.64 مليار درهم، بتراجع 25.09 %، فيما ارتفع صافي أرباح 6 بنوك 48.4 % إلى 25.47 مليار درهم، بما يعكس قوة القطاع المصرفي بالإمارة، وتحسن الظروف الاقتصادية المحلية، في مواجهة التحديات العالمية.
وأظهرت القوائم المالية لـ4 بنوك وطنية مدرجة في سوق دبي المالي، تراجعاً في قيمة مخصصات انخفاض القيمة خلال 2022 بـ25.09 % لتصل إلى 7.88 مليارات درهم، مقارنة مع مخصصات انخفاض القيمة التي سجلت خلال 2021، بنحو 10.52 مليارات درهم.
أداء قوي
وتوقع الخبير المصرفي حسن الريس، استمرار الأداء القوي للشركات المدرجة خلال٢ العام الجاري وخصوصاً في ظل استمرار الاقتصاد الإماراتي بتحقيق مستويات نمو قوية، وكذلك انعكاس ارتفاع أسعار الفائدة المرتفعة على حجم السيولة العالية للبنوك والتي تعزز من ربحية الشركات واستمرار العديد من القطاعات بتحقيق أداء قوي ونمو مستدام.وأكد أن هناك مجموعة من العوامل لعبت دوراً كبيراً في تعزيز ربحية الشركات الإماراتية في مقدمتها قوة ومتانة الاقتصاد الوطني وخطط التحفيز الحكومي، وهو ما عزز من قدرة العديد من القطاعات على تحقيق قفزة في أرباحها، كذلك فإن أسعار النفط لعبت دوراً مهماً في تعزيز ربحية الشركات.
وقال حسن الريس: «هناك عوامل إيجابية كثيرة أخرى تجذب المستثمرين الجدد للبحث عن الاستثمار في الشركات الإماراتية، حيث توفر الدولة بيئة مثالية للاستثمار طويل الأجل مثل امتلاك أكثر الموانئ والمطارات فعالية، فضلاً عن الطرق والمواصلات ومحطات التخزين، هذا يجعل الشركات العاملة في الإمارات تتمتع بالأفضلية الدائمة».
نمو متصاعد
وأفاد المحلل المالي حسام الحسيني أن الشركات الإماراتية نجحت في التعافي سريعاً من تداعيات الجائحة، وهو ما ظهر جلياً من خلال النمو المحقق في العامين الماضيين، موضحاً أن الشركات الإماراتية تعد الأعلى من ناحية الربحية، مقارنة بنظائرها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.وأضاف أن هناك الكثير من العوامل التي تدعم استمرار وتيرة النمو في أرباح الشركات المدرجة وتحقيق مزيد من النتائج الإيجابية خلال العام الجاري مستفيدة بشكل أساسي من المحفزات المستمرة التي تقرها الحكومة لدعم الاقتصاد ومساندة الشركات، بالإضافة إلى أسعار النفط والذي كان محركاً رئيسياً لمزيد من النمو للشركات.
وأوضح أن هناك عوامل أخرى عدة استفادت منها معظم القطاعات بالدولة منها الانفتاح الاقتصادي واستقطاب الصفقات الخارجية، التي نمت بقطاعي العقار والبنوك، متوقعاً استمرار نمو الشركات القوية في القطاع العقاري مع توسع أعمالها، فضلاً عن قلة المخاطرة بقطاع البنوك في ظل ارتفاع أسعار الفائدة.
وأكد أن أرباح غالبية الشركات الكبرى مرشحة بالارتفاع، خصوصاً قطاعات البنوك والطاقة والعقار، في ظل الأرباح القياسية والتوزيعات السخية خلال عام 2022، التي جعلت شركات الإمارات في الصدارة إقليمياً.
وأشار الحسيني إلى أن نجاح الطروحات الأولية السابقة ستحفز شركات عائلية وخاصة كبرى للدخول إلى أسواق الإمارات خلال الفترة المقبلة.
مرونة كبيرة
وقال الخبير المصرفي أسامة آل رحمة: إن الشركات الوطنية المدرجة أظهرت مرونة كبيرة في التصدي للتحديات العالمية مع تمتعها بملاءة مالية جيدة ومراكز قوية عززت وضعها في مجابهة التحديات، وهو ما ظهر جلياً من خلال النمو القوي في أرباح العام الماضي والتوقعات بنمو قياسي لعام 2023 بأكمله مستفيدة في ذلك من قوة ومتانة الاقتصاد الوطني.وأضاف أن الشركات استفادت من المناخ العام الإيجابي لاقتصاد الدولة، حيث فاق توقعات صندوق النقد الدولي، فضلاً عن عودة القطاعات القوية للعمل بكامل طاقتها من جديد، مشيراً إلى أن قطاع المصارف كان له النصيب الأكبر من الأرباح المحققة خلال العام الماضي، لعوامل عدة في مقدمتها ارتفاع أسعار الفائدة، وضخ الاستثمارات في القطاعات الأخرى، إلى جانب ارتفاع توزيعات الأرباح السنوية بشكل منتظم.
توزيعات مرتفعة
وأفاد الخبير المصرفي حسين القمزي، أنه بعد نتائج الأعمال الإيجابية سوف تسعى الشركات والبنوك بالدولة إلى تعزيز قيمة أسهمها من خلال التوزيعات المرتفعة، مشيراً إلى أن التوزيعات النقدية مفضلة، خصوصاً أنه لا يوجد ضريبة دخل على المستثمرين الأفراد.ولفت إلى أن الشركات المدرجة في أسواق مجلس التعاون الخليجي توزع أرباحاً بنسب عالية مقارنة بالأسواق العالمية.
انتعاش اقتصادي
وتوقع فيجاي فاليشا، كبير محللي الأسواق لدى سينشري فايننشال، أن تحقق الشركات الإماراتية نتائج قياسية العام الجاري بدعم رئيسي من الانتعاش الاقتصادي وزيادة الإيرادات مع انخفاض التكاليف وتحسن الإنتاجية، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تظهر البيانات توسع الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بـ5.9 % في عام 2022، وهذا ما عزز بشكل كبير من الشركات المدرجة في المنطقة، بالإضافة إلى أن دبي كانت قد نمت بـ5 % في عام 2022.
وأوضح أن دبي شهدت موجة ناجحة من الاكتتابات العامة الأولية عام 2022 جعل الشركات الصغيرة والمتوسطة تتطلع إلى الإدراج في سوق دبي المالي، بالإضافة إلى أن القطاع المصرفي في دبي يشهد انتعاشاً في هامش الربح لتحسين الإنتاجية بسبب تحسين التكنولوجيا وانخفاض تكلفة الموظفين والمزيد من الدمج في القطاع.
أرباح قياسية
وقال خبير أسواق المال فادي رياض: إن الشركات الإماراتية المدرجة على موعد مع أرباح قياسية للعام الجاري مدعومة بشكل رئيسي بقوة الاقتصاد الوطني ونجاحه في الخروج بأفضل النتائج من تداعيات الجائحة، التي هزت الأسواق العالمية، في ظل وجود العديد من البوادر والمؤشرات الإيجابية على الانتعاش الاقتصادي في الدولة.وأضاف أن نتائج الشركات أظهرت نمواً قياسياً في العام الماضي مدعومة بعودة الحياة لطبيعتها في الدولة وخطط التحفيز، التي أطلقتها الحكومة والمصرف المركزي لدعم قطاعات الأعمال في مواجهة الجائحة، متوقعاً أن يظل القطاع المصرفي الحصان الرابح مقارنة بباقي القطاعات الأخرى، بسبب الأداء التشغيلي الجيد وتراجع نسبة القروض المتعثرة، وهو ما انعكس بصورة إيجابية على أداء البنوك ودفعها لتحقيق نتائج جيدة، ما يؤكد تحسن أوضاع التمويل والسيولة وقوة الملاءة المالية للبنوك الإماراتية وقدرتها على مواجهة التحديات في أصعب الظروف.
وأكد أن الشركات الإماراتية شهدت ظروفاً اقتصادية جيدة خلال العام الماضي، حيث ظل مستوى النشاط الاقتصادي المحلي في تزايد مستمر وساعدت أسعار النفط المرتفعة في دفع أرباح العديد من القطاعات، بالإضافة إلى تحسن الظروف الاقتصادية العالمية تدريجياً رغم حرب أوكرانيا ورفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة.
وأشار إلى أن نتائج الشركات الجيدة ستجذب مستثمرين جدداً محليين ودوليين إلى السوق الإماراتي، خصوصاً مع التوزيعات السخية على مساهميها، حيث تساهم الأرباح في وضع الأسواق الإماراتية في رتبة جيدة عالمياً. وتوقع أن تستفيد البنوك من الزيادات المتتالية في أسعار الفائدة خلال العام الجاري، حيث من المتوقع أن يستمر الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الخليجية في تشديد سياساتها النقدية طالما معدلات التضخم بعيدة عن مستهدف البنوك المركزية على الأقل، وبالتالي فإن هذه الزيادات في أسعار الفائدة تساعد في توسيع هامش الربح خصوصاً مع استمرار قوة الاقتصاد المحلي.