شارك معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، في فعاليات الدورة الـ 13 لمنتدى "سيتي ويك 2023"، والتي انطلقت اليوم الإثنين وتستمر لغاية 26 أبريل الجاري في العاصمة البريطانية "لندن"، حيث تركز هذه الدورة خلال قممها الثلاث على قضايا التغير المناخي والتمويل الأخضر والاستدامة، والتبني المؤسسي وتنظيم الأصول الرقمية، والرقمنة والابتكار في أسواق رأس المال.

وقال معالي عبدالله بن طوق، في كلمته خلال مشاركته في قمة "التغير المناخي والتمويل الأخضر والاستدامة، إن رهانات نمو الاقتصاد العالمي مرتبطة بخلق المزيد من الفرص الاستثمارية في قطاعات الاقتصاد الجديد ومن بينها صناعة الفضاء، والطاقة المتجددة، ونماذج الاقتصاد الدائري، والتكنولوجيا المتقدمة، والتي ستعمل جميعها على بناء مستقبل أكثر ازدهاراً للبشرية.

وأضاف معاليه: حققت دولة الإمارات نقلة نوعية في مسيرة تحولها نحو نموذج اقتصادي معرفي أكثر مرونة وتنوعاً، وذلك من خلال الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الجديد ومن بينها الطاقة المتجددة؛ حيث شرعت الدولة في تمويل مشاريع الطاقة النظيفة منذ أكثر من 15 عاماً، وتستثمر بها اليوم أكثر من 40 مليار دولار، وتخطط لاستثمار نحو 160 مليار إضافية على مدى العقود الثلاثة القادمة، لاستكشاف المزيد من الفرص الاستثمارية الواعدة في هذا القطاع المهم، بهدف خلق مسارات جديدة داعمة لنمو اقتصادها الوطني بشكل مستدام، وترسيخ مكانتها كوجهة اقتصادية جاذبة للاستثمار في النماذج الاقتصادية الجديدة، حيث تستهدف الدولة استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 550 مليار درهم في قطاعات الاقتصاد الجديد بحلول عام 2030.

وقال معاليه: أطلقت حكومة دولة الإمارات العديد من المبادرات الاستراتيجية الناجحة لتعزيز اعتمادها على قطاعات الاقتصاد الجديد في دعم نمو اقتصادها الوطني، بتوجيهات القيادة الرشيدة، في ضوء مستهدفات الخمسين ومحددات مئوية الإمارات 2071، ومن بينها سياسة الإمارات للاقتصاد الدائري 2021-2031، والتي أسهمت في دفع مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة في الدولة، وأجندة الإمارات الخضراء 2030 والتي عززت من تنافسية الاقتصاد الوطني، ودعمت الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، حيث انعكس الأثر الإيجابي لهذه المبادرات على مؤشرات نمو الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للدولة بنسبة 7.6% في عام 2022، وبنسبة 3.9% خلال عام 2023 ترتفع إلى 4.3% في 2024، بحسب ما أعلنه المصرف المركزي.

وأوضح معاليه أن دولة الإمارات أيقنت مبكراً أن تحديات التغير المناخي تحمل الكثير من الفرص الواعدة لدفع عجلة نمو الاقتصاد العالمي قدماً، وخلق المزيد من الفرص الاستثمارية أمام الحكومات ومجتمعات الأعمال، لذلك عملت على توظيف التقنيات الحديثة من أجل خلق فرص اقتصادية جديدة في قطاعات الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين، وقطاع السيارات الكهربائية وغيرها من قطاعات الاقتصاد الجديد، بما ينسجم مع جهودها في تبني مشروعات مبتكرة داعمة لخططها الاستراتيجية لبناء اقتصاد نظيف، وذلك في إطار مبادرتها لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.

وأكد معالي بن طوق أن مستقبل التمويل والاستثمار يجب أن يرتكز على الاستدامة، موضحاً أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من أكبر المستثمرين في العالم في مشاريع الطاقة المتجددة حيث استثمرت 50 مليار دولار في أكثر من 70 دولة، كما خصصت أيضاً نحو 50 مليار دولار إضافية على مدى العقد المقبل لتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة، ووقعت مؤخراً شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة بقيمة 100 مليار دولار لتمويل نشر 100 جيجاوات من الطاقة النظيفة على مستوى العالم بحلول عام 2035.

ولفت معاليه إلى أن الإمارات تعمل على تعزيز شراكتها التاريخية مع المملكة المتحدة، مؤكداً أن إطار "الشراكة من أجل المستقبل" الذي أرسى دعائمه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله"، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون، ساعد في تسريع التمويل والابتكار في القطاعات الاقتصادية الجديدة. وقال : كجزء من الشراكة الاستثمارية بين شركة مبادلة للاستثمار ومكتب الاستثمار البريطاني؛ تم تخصيص استثمارات إضافية بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني (12.5 مليار دولار) في مجالات نقل الطاقة، بما في ذلك تخزين البطاريات وطاقة الرياح، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، وعلوم الحياة؛ كما تعد الإمارات من الداعمين لخطة حكومة المملكة المتحدة من أجل ثورة صناعية خضراء، فيما بلغت استثمارات "مصدر" في مشاريع الطاقة المتجددة في جميع أنحاء المملكة المتحدة نحو 4 مليارات جنيه إسترليني، كما أعلنت مؤخراً عن استثمار مليار جنيه إسترليني في تقنية تخزين البطاريات البريطانية، حيث تعد هذه الاستثمارات الحصة الأكبر من محفظة استثمارات "مصدر" خارج دولة الإمارات.

وأكد معالي بن طوق أن تنمية الشراكات الاستثمارية في قطاعات الاقتصاد الجديد والمشاريع الخضراء هي مستهدفات رئيسية في خطط دولة الإمارات لتعزيز أطر التعاون الاقتصادي مع مختلف دول العالم، مشيراً إلى أن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، والذي ستستضيفه الإمارات خلال الفترة ما بين 30 نوفمبر ولغاية 12 ديسمبر 2023، سيمثل منصة مثالية لتعزيز الجهود العالمية من أجل تحفيز المزيد من الاستثمارات في المشاريع النظيفة ودعم التمويل الأخضر، لإنشاء نموذج اقتصادي عالمي منخفض الكربون.

ودعا معاليه، في ختام كلمته، دول العالم إلى ضرورة المضي قدماً في تطبيق سياسات تدعم الاستدامة والتحول الأخضر، وتواجه التحديات المناخية التي نشهدها اليوم، من خلال تعزيز التحول نحو قطاعات الاقتصاد الجديد، بما يسهم في خلق المزيد من فرص العمل الخضراء، وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

يذكر أن "سيتي ويك" منتدى عالمي يعقد كل عام في العاصمة البريطانية لندن، ويشهد حضور أكثر من 1000 شخص من كبار صانعي القرار والمسؤولين الاقتصاديين بالمملكة المتحدة والعالم، بهدف خلق حلول أكثر فعالية تجاه القضايا السياسية والتحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم، ويناقش خلال دورته لهذا العام ثلاث قضايا رئيسية تتمحور حول التغير المناخي والتمويل الأخضر والاستدامة، والتبني المؤسسي وتنظيم الأصول الرقمية، والرقمنة والابتكار في أسواق رأس المال.