الحدث يوفر منصة فريدة لإطلاق التقنيات الجديدة

التكنولوجيا الرقمية بوابة نجاح «كوب 28»

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتبر رؤساء شركات تقنية وخبراء أن التكنولوجيا هي بوابة نجاح مؤتمر الأطراف «كوب 28» للتغير المناخي المقرر أن تستضيفه دولة الإمارات.

ويقام في مدينة إكسبو دبي نوفمبر المقبل، مؤكدين أن السرعة التي تسير بها التطورات التكنولوجية هي وحدها القادرة على اللحاق بتداعيات التغيرات المناخية المتسارعة.

وقال رؤساء الشركات والخبراء التقنيون في تصريحات لـ«البيان»: إنه يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تساعد في تقليل انبعاثات الكربون في العالم بنسبة 17 %.

كما أن الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد في جعل شبكات النقل الكهربائية أكثر كفاءة، وأضافوا: إن تقنية الـ«بلوك تشين» يمكن أن تسمح للمواطنين المعنيين بتتبع انبعاثات الكربون للشركات، ويمكن زيادة تعزيز استخدام الأقمار الصناعية في مراقبة التغيرات البيئية.

وبحسب شركة التأمين العالمية «سويس ري» فإن تغير المناخ سيكلف الاقتصاد العالمي 23 تريليون دولار في عام 2050، وقد تسببت الكوارث الطبيعية الناجمة عنه على مدى العقد الماضي في خسارة 0.3 % من الناتج المحلي العالمي سنوياً.

كما كشف تقرير صدر خلال الدورة السابقة من «كوب 27» في مصر، أن الدول النامية بحاجة إلى العمل مع المستثمرين والدول الغنية وبنوك التنمية، للحصول على تمويل خارجي حجمه تريليون دولار سنوياً للعمل على تفادي الآثار السلبية لتغير المناخ بحلول نهاية العقد.

وأوضح التقرير أن إجمالي متطلبات الاستثمار السنوي للدول النامية سيصل إلى 2.4 تريليون دولار بحلول عام 2030، نصفها من التمويل الخارجي، والباقي من مصادر عامة وخاصة في تلك البلدان.

وتشير التقديرات إلى أن انتقال الطاقة يحتاج إلى استثمارات تزيد على 250 تريليون دولار على مدار الثلاثين عاماً المقبلة. من الواضح أنه لا توجد دولة بمفردها يمكنها دفع هذه الفاتورة الباهظة.

لذلك برزت الحاجة إلى التفكير خارج الصندوق لإيجاد طرق تكنولوجية أكثر ابتكاراً لتقليل الانبعاثات من ناحية، والبحث عن مصادر بدائل جديدة للطاقة بعيداً عن المصادر التقليدية المتعارف عليها منذ عشرات السنين.

دور كبير

وفي هذا الصدد قال جهاد طيارة، الرئيس التنفيذي لشركة «إيفوتك»: إن التكنولوجيا تلعب دوراً كبيراً جداً، على سبيل المثال، في ترشيد استهلاك الطاقة وتخفيف الانبعاثات، مشيراً في هذا الصدد إلى المنازل الذكية والمكاتب والمدن الذكية والإنارة الذكية وأتمتتها، والاستعمال الذكي لكل شيء يستهلك طاقة، وكذلك استعمال الخدمات الذكية، التي تخفف من الوجود بالمكاتب وطباعة الأوراق واستهلاك الوقود.

وأكد أن «كوب 28» سيوفر حيزاً كبيراً ومنصة فريدة لإطلاق التقنيات الجديدة، حيث إن دولة الإمارات كانت دائماً مشاركاً فعالاً في مختلف الدورات السابقة.

معرباً عن ثقته بأن هذه الدورة المقبلة من «كوب 28» سوف تكون بوابة نجاح أمام الشركات التكنولوجيا لطرح مبتكراتها الجديدة في مجال الطاقات الجديدة والمتجددة، بفضل أن الدولة سباقة في إبراز التكنولوجيا في مثل هذه المؤتمرات، متوقعاً أن يشهد الحدث إطلاق العديد من التقنيات الجديدة في مجال استخدامات الطاقة لتقليل الانبعاثات.

وقال: إنه يجب تبني «التقنيات الرقمية النظيفة»، من خلال بناء شبكات الجيلين الخامس والسادس، والتي تدعم تقنيات الـ «بلوك تشين» والحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي، والتي سوف تغير قواعد اللعبة في مكافحة التغير المناخي.

الذكاء الاصطناعي

وضرب عدداً من الأمثلة على استخدامات تلك التقنيات الجديدة في تقليل الانبعاثات، قائلاً: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في استخلاص البيانات وتحويلها إلى أفكار قابلة للتنفيذ، ويمكن طلب مساعدته في تسريع التجارب اللازمة، للعثور على مادة جديدة للبطاريات الكهربائية.

أيضاً يمكنه تسريع عمليات محاكاة المناخ، واستخدامه في تقليص الوقت اللازم لتشغيل نماذج المحاكاة الكبيرة والمعقدة، والتي تأخذ وقتاً أطول. يمكن كذلك استخدامه في التنبؤ بأحوال الطقس وتتبع مناطق الانبعاثات، ووضع حلول علمية لتقليلها. هناك الكثير من الاستخدامات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوراً مبهراً فيها.

وتقدر شركة «بي دبليو سي» للاستشارات أن زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي في 4 قطاعات رئيسية من الاقتصاد، بما في ذلك الزراعة والنقل، يمكن أن تخفض الانبعاثات العالمية بنسبة 4%، وأضاف: لذلك ليس أمام الشركات إلا أن تزيد من تكثيف أبحاثها الخاصة بتطوير برامج الذكاء الاصطناعي وزيادة التمويل فيه بشكل كبير حتى يمكن الاستفادة من فوائده الجمة، وهو ما حدث بالفعل.

حيث أصبح الذكاء الاصطناعي محل اهتمام شركات التكنولوجيا العملاقة، بل واستثمرت فيه مثل شركة «ميكروسوفت»، التي تقول: إن الذكاء الاصطناعي مثل نقطة تحول في ما يتعلق بتغير المناخ والمسائل البيئية، وقد خصص برنامج «الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض»، الذي أطلقته الشركة أكثر من 40 مليون دولار لتكوين تطبيقات جديدة خاصة بالذكاء الاصطناعي، واختبارها.

«البلوك تشين»

وقال الدكتور محمد الحميري، رئيس مكتب نقل التكنولوجيا في جامعة الشارقة: إن التكنولوجيا الجديدة تلعب دوراً مهماً في مكافحة التغير المناخي في المستقبل، وأكد أنه من خلال التعاون بين الدول والشركات والجهات الحكومية، يمكن استخدام التكنولوجيا الجديدة بشكل فعال لتحقيق التنمية المستدامة ومكافحة التغير المناخي، وأضاف:

من بين المجالات الرئيسية، التي تبرز فيها فرص استغلال التقنيات الجديدة:

- التخزين الكهربائي: حيث يمكن استخدام التكنولوجيا الجديدة لتطوير أنظمة تخزين الكهرباء، وهو ما يساعد على زيادة استخدام الطاقة المتجددة وتقليل انبعاثات الكربون.

- الزراعة الذكية: حيث تعد كذلك من أهم التقنيات الجديدة، حيث يمكن استخدام التكنولوجيا الجديدة في تطوير الزراعة الذكية، وهي زراعة يتم فيها استخدام أحدث التقنيات مثل الاستشعار عن بعد وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي لزيادة الإنتاجية، وتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية والزراعية.

- التصميم البيئي: حيث يمكن استخدام التكنولوجيا الجديدة في التصميم البيئي، وهو تصميم المباني والمدن بطريقة تقلل من استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية، ولفت إلى التكنولوجيا النظيفة، حيث يمكن استخدام التكنولوجيا الجديدة لتطوير التكنولوجيا النظيفة، وهي تكنولوجيا تساعد على تحسين كفاءة استخدام الموارد وتقليل الانبعاثات الكربونية.

- السيارات الكهربائية: من حيث تقليل الانبعاثات الكربونية المرتبطة بحركة المركبات، وتطوير التكنولوجيا النظيفة لتوليد الطاقة الكهربائية وتقليل انبعاثات الكربون من المحطات الكهربائية التقليدية.

- تخزين الطاقة: حيث إن تقنيات تخزين الطاقة المتطورة مثل بطاريات الليثيوم تمكن تخزين الطاقة النظيفة واستخدامها في الوقت المناسب.

- البنية التحتية الذكية: يمكن استخدام التكنولوجيا الذكية في تصميم البنية التحتية مثل الطرق والجسور والمباني لتقليل استهلاك الطاقة وتحسين الاستدامة.

- التحكم في استخدام الطاقة: وذلك من خلال استخدام التطبيقات الحديثة والذكاء الاصطناعي يمكن تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتقليل ‏استهلاك الطاقة في المباني والصناعات والمركبات، مما يقلل الانبعاثات الناتجة عن الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والآلات والمعدات.

- تحلية المياه: حيث يمكن استخدام التكنولوجيا لتحلية المياه وتنقيتها، وهذا يمكن أن يساعد في توفير مصادر ‏المياه النظيفة في الأماكن التي تعاني من نقص في المياه‎.‎

- التخلص من النفايات: حيث يمكن استخدام التكنولوجيا لتحسين عمليات التخلص من النفايات وتحويلها إلى ‏مصادر جديدة للطاقة، وهذا يمكن أن يساعد في تقليل كمية النفايات، التي تنتج في المجتمعات،‎ والتي تزيد معدلات الانبعاثات الكربونية.

وقال: باستخدام هذه التكنولوجيات وغيرها، يمكن تحقيق الكثير من التحسينات في جودة البيئة وتحسين الاستدامة، ومع ذلك يجب أن نتذكر أن التكنولوجيا وحدها لن تكون كافية للتصدي للتحديات المتعلقة بالتغير المناخي، وأنه يجب أن يكون لدينا أيضاً مجتمع يتعاون ويتشارك معاً لتحقيق الهدف المنشود.

وأكد أن «كوب 28» يعد من أهم المؤتمرات الدولية المتعلقة بالمناخ، حيث يجتمع ممثلو مختلف الدول ‏للعمل على تبني إجراءات تساعد في مواجهة تحديات التغير المناخي، وبما أن الدولة تستضيف هذا الحدث ‏العالمي لأول مرة فأنا متأكد أن اللجنة المنظمة سوف تبذل قصارى جهدها لجعل المؤتمر ناجحاً من مختلف ‏المقاييس.

مما يسلط الضوء على دور الإمارات المحوري إقليمياً وعالمياً ودورها الفعال في مختلف ‏الفعاليات والأحداث العالمية.‏

وأضاف: هناك جانب آخر يتعلق بتوقيت المؤتمر، حيث إنه يأتي في وقت حساس من حيث ‏تزايد الاهتمام العالمي بملف التغير المناخي وتصاعد الوعي العام حوله، والظلال التي ألقتها أزمة أوكرانيا على البيئة والمناخ وتداعياتها، حيث يعد تغير المناخ بسبب الكوارث الطبيعية والحروب والاحتباس ‏الحراري وغيرها مشكلة عالمية مؤرقة وتتطلب جهوداً دولية جماعية للتصدي لها.

ولذا نلاحظ تزايد عدد ‏المشاركات من المنظمات الحكومية وغير الحكومية والأفراد وكبار المسؤولين من مختلف دول العالم، مما يزيد ‏في نجاح المؤتمر خصوصاً مع تأكيد الدول المشاركة على التزامها بتنفيذ الاتفاقيات الدولية، واتخاذ مزيد من ‏الإجراءات للسيطرة على التغير المناخي.‏

وحول الميزانيات المطلوبة تقريباً من الحكومات لأخذ خطوة فعلية في تقليل الانبعاثات، قال: تختلف تكلفة خفض الانبعاثات من بلد إلى آخر، وتعتمد على عوامل عدة، منها نوع الاقتصاد والمحرك الرئيسي ‏في الدولة.

وكذلك المجالات الاقتصادية الرئيسية الأخرى التي يعتمد اقتصادها عليها، وبناء على تقديرات ‏دراسات المناخ أنه يجب على الدول تخفيض انبعاثات الكربون بنسبة 45% على الأقل بحلول 2030 ‏وتحقيق الصفرية المطلقة للكربون بحلول عام 2050، للحد من الآثار الخطيرة لتغير المناخ.

وهنا نحن بصدد ‏الحديث عن تكاليف التحول إلى نظام طاقة خالٍ من الكربون، وهي تكاليف هائلة تختلف من بلد يعتمد ‏بشكل أساسي على استخراج النفط إلى بلد يعتمد نشاطه الاقتصادي على الزراعة مثلاً، ووفقاً للبنك الدولي ‏يتطلب خفض الانبعاثات بنسبة 45% على الأقل في الدول النامية في آسيا وأفريقيا إلى نحو 4.4 تريليونات ‏دولار في الفترة من عام 2020 إلى 2030.

كما يمكن أن تتكبد الحكومات مزيداً من التكاليف لتطوير ‏التكنولوجيا اللازمة لتحقيق الصفرية المطلقة لانبعاثات الكربون‎.‎ كما تتضمن التكاليف إجراءات لتعزيز الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة النظيفة في المنازل ‏والمؤسسات والمصانع وتشجيع استخدام وسائل النقل العام الجماعي والمركبات الكهربائية، وتحويل المصانع ‏والصناعات الأخرى إلى استخدام مصادر طاقة خضراء وخالية من الكربون.

دور مطلوب‏

وفي ما يتعلق بالدور المطلوب من شركات التكنولوجيا فعله لأخذ زمام المبادرة في ملف الطاقة المتجددة قال: تلعب شركات التكنولوجيا دوراً حيوياً جداً في تطوير وانتشار تقنيات الطاقة المتجددة، وذلك من خلال:

-1 البحث والتطوير: من حيث تركيز اهتمامها على مشاريع البحث والتطوير في ‏تقنيات الطاقة المتجددة الحديثة وتحسين كفاءتها وجعلها أكثر فعالية واقتصادية، وفي متناول الجميع. ‎‎

-2 الاستثمار: يمكن لشركات التكنولوجيا استثمار المزيد من الأموال والموارد البشرية في شركات الطاقة المتجددة، ‏ودعم تطويرها وتعزيز قدراتها لاستخدام الطاقة المتجددة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

-3 تطوير تقنيات جديدة: مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الحرارية وتحسين كفاءة إنتاج هذه الطاقات بشكل عملي واقتصادي.

-4 ‎الابتكار في تقنيات تخزين الطاقة النظيفة: مثل العمل على تطوير بطاريات جديدة قابلة لإعادة الشحن لتخزين الطاقة المتجددة ‏بشكل أكثر فعالية وكفاءة، وتوفير حلول ذكية ومتكاملة لإدارة الطاقة مثل البرامج الحاسوبية والتطبيقات للموبايل والمستخدمة في تحليل استخدام الطاقة، وترشيد استخدامها بشكل ذكي، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في المباني والمنشآت والمنازل.

-5 ‎الشراكات: يمكن لشركات التكنولوجيا العمل على بناء شراكات مع الحكومات والمؤسسات الأخرى، لتعزيز ‏استخدام الطاقة المتجددة وتحقيق الأهداف المستدامة‎.‎

-6 التثقيف والتوعية: يمكن للشركات التكنولوجية المساهمة في التثقيف والتوعية لأفراد المجتمع بأهمية استخدام الطاقة المتجددة والحفاظ على البيئة، وتعزيز الوعي بأنظمة الطاقة الخضراء والتقنيات المستخدمة فيها.

وأكدت الدكتورة داليا المثنى، رئيس شركة «جنرال إلكتريك» في الإمارات والرئيس العالمي للشؤون الاستراتيجية والعمليات في الأسواق العالمية: إن إزالة الانبعاثات تشكل أحد أكبر التحديات التي يواجهها العالم حالياً، وما هنا تبرز الأهمية الكبرى لتكثيف مواصلة تطوير التقنيات المتقدمة للوصول إلى مستقبل خالٍ من الانبعاثات الكربونية.

رقمنة

بدوره، قال مانيش بانت، نائب الرئيس التنفيذي للعمليات الدولية في «شنايدر إلكتريك»: يركز العالم حالياً على إعطاء أولوية أكبر للرقمنة وفعالية إدارة الطاقة، في ظل السعي إلى تسريع عملية التحول في مجال الطاقة، مشيراً إلى أهمية تعزيز التعاون بين جميع الأطراف، الذين يعملون وفق أولويات متشابهة، من أجل إحداث تحول فكري قادر عل تعزيز النتائج الخاصة بالاستدامة وكفاءة الطاقة.

إنترنت الأشياء

وقال مصطفى الجزيري، المدير التنفيذي لشركة «هيتاشي إنرجي»، لمنطقة الخليج العربي والشرق الأدنى وباكستان: الشركة تجري أبحاثاً حول دور إنترنت الأشياء في رسم ملامح قطاع الطاقة، ووضع عدد من الحلول الذكية، التي توفرها لتعزيز وتسريع عملية الرقمنة، مثل تخزين الطاقة والتنقل المستدام وخدمات الطاقة والدمج بين تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا التشغيلية.

 

Email